ضمن سلسلة التقارير المنضوية في ملف “سلاح العراق”، والذي يتناول ملف امتلاك السلاح في العراق من قبل مختلف الأطراف الرسمية وغير الرسمية والخارجة عن القانون، تتناول الأسطر التالية لـ”نون بوست” الحشد الشعبي، لتعرِّف القارئ العربي إليه وإلى وألويَته وأهم الفصائل المنضوية تحت رايته، والاتهامات الموجَّهة له من بعض الكتل السياسية العراقية والمراكز الحقوقية الدولية والمحلية، بما يتعلق بملف الاغتيالات والمختطفين.
التعريف والتأسيس
قانونيًا يعتبر الحشد الشعبي قوات نظامية عراقية، وجزء من القوات المسلحة العراقية، حيث تأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي، تشكلت إثر فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها رجل الدين الشيعي علي السيستاني في 13 يونيو/ حزيران 2014.
وجاءت فتوى السيستاني بعد 3 أيام على اكتساح تنظيم “داعش” لمدينة الموصل، ثانية كبريات المدن العراقية في عدد السكان، ليتبع ذلك سيطرة التنظيم على مساحات شاسعة من محافظتَي صلاح الدين والأنبار.
يقول الخبير الأمني العراقي رياض الزبيدي في حديثه لـ”نون بوست”، إن الحشد الشعبي جاء استجابةً لفتوى مرجعية الشيعة لحماية العاصمة العراقية بغداد من خطر تنظيم “داعش”، إلا إن الحشد الشعبي في تشكيله الحقيقي لم يتشكّل إلا لاحتواء الفصائل الشيعية المسلحة التي وصفها بـ”الموالية لإيران”.
ويضيف الزبيدي أن الحشد الشعبي قنّنَ هذه الفصائل وجعلها قوات رسمية تتلقّى دعمًا من الحكومة العراقية، سواء بالمال أو السلاح أو الدعم اللوجستي، مشيرًا إلى أن النواة الأولى للحشد الشعبي تشكلت من كل من فصائل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق ومنظمة بدر وقوات التيار الصدري المعروفة بجيش المهدي أو سرايا السلام.
ثم وبحسب الزبيدي، تبعَ ذلك انضمام آلاف الشباب الشيعة إلى صفوف الحشد، وزجّهم في معارك الدفاع عن المدن المهدَّدة من قبل التنظيم، ثم توالى انضمام وتشكيل الفصائل المسلحة الأخرى، كالحشود التابعة للعتبتَين الحسينية والعباسية، ثم ونتيجةً للخلافات البينية، وطمعًا في الحصول على المزيد من الدعم الحكومي، تشكلت عشرات الفصائل الأخرى ككتائب الإمام علي والنجباء وعلي الأكبر وسرايا الخرساني وعاشوراء وكتائب سيد الشهداء وجند الإمام وأبو الفضل العباس وغيرها.
وبعد أكثر من عامَين على تشكيل النواة الأولى للحشد، تحوّل الأخير رسميًّا إلى قوة رسمية لها قانون مُشرَّع في مجلس النواب، حيث صوّت مجلس النواب العراقي بأغلبية الأصوات لصالح قانون الحشد الشعبي في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016، في ذروة المعارك التي انطلقت لاستعادة مدينة الموصل (شمال بغداد) من سيطرة تنظيم “داعش”، بحسب الزبيدي.
أعداد فصائل الحشد وتوزيعها
تزايدت أعداد المقاتلين في قوات الحشد الشعبي على مدى السنوات الماضية، وكانت آخر زيادة لقوات الحشد قد أُكِّدت قانونيًّا في شهر أبريل/ نيسان الماضي، حيث مرّر البرلمان العراقي بندًا ضمن موازنة عام 2021 يُلزم الحكومة بقبول 30 ألف عنصر جديد ضمن صفوف الحشد.
ويقول مسؤولون عراقيون إن معظم هؤلاء موزّعون على نحو 25 فصيلًا مسلحًا، معظمها حليفة لإيران وموالية لها، ومن أبرزها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق والنجباء، ما رفع من أعداد مقاتلي الحشد إلى نحو 160 ألف عنصر موزّعين في مختلف الأراضي العراقية.
الفصائل الكبيرة وخاصة قوات بدر والعصائب وحزب الله والنجباء والإمام علي، تحظى بالسيطرة على المناطق ذات الأهمية العالية أمنيًّا واقتصاديًّا.
يقول الخبير الأمني العراقي حسن العبيدي في حديثه لـ”نون بوست”، إن الحشد الشعبي في عام 2016 كان مكوّنًا من 67 فصيلًا مسلحًا، وبعد أن قنّنَ البرلمان وضع الحشد في أواخر عام 2016 شهدت أعداد مقاتليه زيادة كبيرة، ثم ما لبث عدد الفصائل أن ازداد حتى وصل إلى قرابة 80 فصيلًا مسلحًا.
وعن توزيع وانتشار مقاتلي الحشد، أوضح العبيدي أنهم منتشرون في جميع المحافظات العراقية، وأن تمركزهم الرئيسي يتمحور في العاصمة العراقية بغداد، وفي جنوب العاصمة في منطقة جرف الصخر التابعة لمحافظة بابل، إضافة إلى انتشار كثيف لهذه الفصائل في جميع المحافظات السنّية التي كانت تقبع تحت سيطرة تنظيم “داعش”، حيث أن انتشار الحشد في كل محافظة يكون على أساس التقسيم المناطقي، إذ لكل فصيل منطقة نفوذ خاصة به.
ويتابع العبيدي أن الفصائل الكبيرة، وخاصة قوات بدر والعصائب وحزب الله والنجباء والإمام علي، تحظى بالسيطرة على المناطق ذات الأهمية العالية أمنيًّا واقتصاديًّا، خاصة في العاصمة بغداد وفي مناطق كركوك ونينوى وصلاح الدين والأنبار، وعلى طول الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وسوريا.
الفضائيون
باتت أعداد مقاتلي الحشد الشعبي مثار جدل كبير منذ سنوات، وتحديدًا منذ ولاية رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، الذي كشف بعض المقرّبين منه أن جميع المؤسسات الأمنية تعاني من وجود مقاتلين وهميين يُطلَق عليهم محليًّا لقب “الفضائيين” وهي أسماء وهمية تصرف لهم رواتب من الدولة العراقية لتذهب في جيوب الفاسدين وقادة تلك الفصائل.
ويؤكد الباحث بالشأن السياسي العراقي عبد الله الركابي، وجود كثير من الفضائيين داخل منظومة الحشد الشعبي، حيث إن قادة الألويَة يتسلّمون رواتب هؤلاء المقاتلين دون أن يكون لهم وجود على أرض الواقع.
وأوضح الركابي في حديثه لإحدى وسائل الإعلام، أن قائد كل فصيل مسلح يستلم مستحقّات عشرات المقاتلين الذين لا وجود لهم على أرض الواقع، لافتًا إلى أنه وبسبب ذلك، باتت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تمارِس ضغطًا متسارِعًا من أجل توطين هذه الرواتب وجعل استلامها عبر بطاقات ماستركارد الشخصية، في محاولة لكشف الفضائيين.
ولفت الركابي إلى وجود قسم كبير من مقاتلي الحشد على أرض الواقع لكنهم لا يخدمون في العراق، وهم أولئك الذين يقاتلون إلى جانب قوات النظام السوري، مؤكّدًا على أن عدد العناصر المنضوين في الحشد بات 160 ألف مقاتل أو أكثر على الورق، لكنه فعليًّا أقل من ذلك بكثير.
أما النائب في البرلمان العراقي فائق الشيخ علي، فقد هاجم قادة الحشد متّهمًا إياهم بالفساد ووجود عشرات آلاف المقاتلين الوهميين، موضحًا أن أعداد مقاتلي الحشد الفعليين لا تتعدى 48 ألف عنصر.
وفي الوقت الذي لا تعرف الدولة العراقية حقيقة أعداد مقاتلي الحشد، تشير مصادر حكومية خاصة لـ”نون بوست” أن أعداد مقاتلي الحشد الفعليين لا تتجاوز 25 ألف مقاتل، منتشرين في مختلف المناطق العراقية.
وتشير المصادر ذاتها -اشترطت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية- أنه، وبالإضافة إلى هؤلاء، يوجد نوعان آخران من مقاتلي الحشد، الأول يتمثل بالمقاتلين الحقيقيين الذين لا يتواجدون في المعسكرات ويتقاضون نصف رواتبهم فقط، ويذهب النصف الآخر لمسؤولي الفصائل، بينما النوع الآخر يتمثل بالمقاتلين الفضائيين الذين لا وجود لهم على أرض الواقع.
تسليح الحشد
يحظى الحشد الشعبي بتسليح كبير يضاهي الجيش العراقي من ناحية العدة والعتاد، باستثناء امتلاكه للطائرات الحربية والمروحيات، إذ تؤكد الأحداث التي مرَّت على العراق منذ مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في يناير/ كانون الثاني 2020، أن الفصائل المسلحة المنخرِطة في الحشد الشعبي باتت لديها قدرة صاروخية كبيرة.
زوّدت الحكومة العراقية الحشد الشعبي بمختلف أنواع الأسلحة منذ تشكيله.
وجاء قصف السفارة الأميركية وقواعد التحالف الدولي في العراق، ليؤكد أن لهذه الفصائل قدرات تسليحية وصاروخية كبيرة، وهو ما أكده ضابط بارز في مديرية الاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع العراقية، في أن بعض الفصائل حصلت على صواريخ يصلُ مداها إلى نحو 40 كيلومترًا، ومنها كتائب حزب الله والعصائب وبدر.
وأشار الضابط إلى أن ترسانة الصواريخ لدى الفصائل التابعة للحشد، تعدّ من ضمن الصواريخ التي زوّدتها بها إيران أو التي طوّرتها الفصائل محليًّا من خلال زيادة أمدائها، ومنها صواريخ “زلزال 1″ و”زلزال 2″ و”فجر 1” و”فجر 5″، إضافة إلى الطائرات المسيّرة ثابتة الجناح إيرانية الصنع، والتي بدأت هذه الفصائل استخدامها قبل نحو 4 أشهر في عملياتها ضد مطارَي بغداد وأربيل وقاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار، التي تتواجد بها قوات التحالف الدولي.
وعن بقية أنواع الأسلحة، أفاد تقرير نشره موقع “ميدم كواوبريشن” الأميركي أن فصائل في الحشد الشعبي استولت على 9 دبابات أميركية من طراز أبرامز، كانت “داعش” قد استولت عليها خلال سيطرتها على الموصل، واستطاعت قوات الحشد الشعبي الاستيلاء عليها بعد استعادة المدينة من سيطرة التنظيم.
كما بات الحشد يمتلك عشرات الناقلات المدرَّعة من طراز بي إم بي-1، والدبابات السوفييتة من طراز تي-72، فضلًا عن كتائب من الدبابات المطوَّرة إيرانيًّا في العراق من قِبل كتائب حزب الله، في منطقة جرف الصخر جنوب بغداد.
أما عن الأسلحة الخفيفة، فقد زوّدت الحكومة العراقية الحشد الشعبي بمختلف أنواع الأسلحة منذ تشكيله في يونيو/ حزيران 2014، حيث يمتلك مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، إضافة إلى قاذفات القنابل وراجمات صواريخ كراد المطوَّرة من قبل الحشد وغيرها من الأسلحة.
إشكالية الحشد داخليًّا
وعن تسليح الحشد، يقول الباحث السياسي محمد عزيز في حديثه لـ”نون بوست”، إن الحشد الشعبي مؤسسة واحدة ظاهريًّا، لكنه يعاني من انشقاقات كبيرة في صفوفه، حيث برزت خلافات كبيرة بينية بين تلك الموالية لإيران والأخرى الموالية للحكومة العراقية، ما دفع بحشد العتبات (حشدا العتبة الحسينية والعتبة العباسية) إلى إعلان رغبتهما بالانفكاك عن هيئة الحشد، بذريعة عدم التوزيع العادل للموارد المالية من قبل رئاسة الحشد الشعبي.
ويضيف عزيز أن خلافات أخرى تبرز بين فصائل الحشد، حيث إن فصائل سرايا السلام التابعة لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، على خلاف كبير مع بقية الفصائل كالعصائب وكتائب حزب الله، ما ينذر بأن احتمالية تطور الصراع على الموارد والولاء، وتحوّله من لفظي إلى مسلح غير مستبعَد قبيل الانتخابات.
وعن التبعية والنفوذ السياسي لهذه الفصائل، يتابع عزيز أن فصيل عصائب أهل الحق له تمثيل نيابي في البرلمان العراقي تحت مسمى “كتلة صادقون”، المنضوية ضمن تحالُف الفتح الذي يتزعّمه هادي العامري، لافتًا إلى أن محاولة هذه الفصائل توسيع نفوذها من العسكرة إلى السياسة، وحيازتها على عدد مقاعد أكبر في البرلمان في الانتخابات المبكِّرة، ينذر بحرب بينية بين هذه الفصائل التي لها أيديولوجيات ومصالح اقتصادية متباينة ومتناقضة.
اتهامات للحشد
أُسِّس الحشد الشعبي في منتصف عام 2014، ليكون رديفًا للجيش العراقي وقوات وزارة الداخلية في الدفاع عن المدن التي يهدِّدها تنظيم “داعش”، فضلًا عن المحاولات التي كان العراق قد بدأها لاستعادة المدن التي سيطر عليها التنظيم، وهي مدن الموصل وتلعفر وتكريت وبيجي والفلوجة والرمادي، ومدن كثيرة أخرى تتبع محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى، وصولًا إلى التخوم الشمالية للعاصمة العراقية بغداد.
ومع أن الحشد يعدّ قوة رسمية تتبع الحكومة العراقية، إلا أنه اتُّهم على مدى السنوات الماضية باختطاف مئات العراقيين على أساس مذهبي، خلال عمليات استعادة المدن المحتلة من “داعش”، فضلًا عن دور فصائل الحشد في قمع التظاهرات الشعبية التي اجتاحت مدن وسط وجنوب العراق، والتي بدأت في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
وفي هذا الصدد، اتهمت منظمة العفو الدولية فصائل الحشد بارتكاب جرائم حرب خلال العمليات العسكرية لاستعادة المناطق المحتلة من “داعش” عام 2017، من اختطاف وقتل وتعذيب آلاف العراقيين على أساس طائفي، في المناطق التي كانت خاضعة لداعش، أو خلال محاولة هروب المدنيين من سيطرة التنظيم باتجاه المناطق التي تسيطر عليها القوات العراقية.
وقالت المنظمة في بيان سبق أن وزّعته لوسائل الإعلام: “قامت الميليشيات شبه العسكرية، التي تضم أغلبية شيعية، وتعمل تحت مظلة الحشد الشعبي، بعمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وتعذيب واختطاف آلاف الرجال والفتيان، وارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك جرائم حرب دونما أدنى خشية من العقاب”.
وتابع التقرير، وعنوانه “العراق: غضّ الطرف عن تسليح ميليشيات الحشد الشعبي”، أن هذه الميليشيات لديها أسلحة مصنَّعة في 16 بلدًا على الأقل، بما فيها أسلحة صغيرة وخفيفة وصواريخ وأنظمة مدفعية ومركبات مصفّحة صينية وأوروبية وعراقية وإيرانية وروسية وأميركية”، بحسب المنظمة التي طالبت بتوقُّف الدول عن توريد الأسلحة إلى العراق، في حال لم تضمن الحكومة العراقية عدم وصول تلك الأسلحة لهذه الميليشيات.
في غضون ذلك، يقول الصحفي العراقي زياد السنجري، إنه وبعد أحداث عام 2014، ظهرت ميليشيات مسلّحة تحت غطاء الجهاد الكفائي الذي أطلقه مرجع الشيعة علي السيستاني، وساعدت هذه الميليشيات في استعادة الأراضي العراقية، إلا إن قسمًا منها ارتكبَ جرائم بشعة بحقّ المدنيين.
لا تزال العديد من الكتل السياسية السنّية والكردية وبعض الشيعية تطالب بضبط سلاح هذه الفصائل، التي تعدّها خارجة عن القانون وعن سيطرة الحكومة.
ويتابع السنجري أن هناك اختطافًا وإخفاءً لسكّان بالمئات، فضلًا عن التهجير القسري للمدنيين في ناحية جرف الصخر والمخيسة وغيرها، دون السماح لأهلها بالعودة حتى الآن، كاشفًا في حديثه لـ”نون بوست” عن وجود نحو 25 ألف عراقي -من مختلف المحافظات العراقية- لا يزالون مغيّبين وفي عداد المفقودين.
لم يقتصر اتِّهام الحشد الشعبي على المناطق السنّية، إذ شهدت التظاهرات العراقية التي انطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 مقتل ما لا يقلّ عن 600 متظاهر مدني عراقي، في مختلف مدن وسط وجنوب العراق، حيث يتّهِم النشطاء العراقيون فصائل في الحشد بقتل واختطاف المتظاهرين والناشطين وإخفائهم.
ويقول الناشط المدني من بغداد هاشم كريم، في حديثه لـ”نون بوست”، إن الفصائل المسلحة التابعة للحشد والموالية لإيران، ارتكبت ولا تزال انتهاكات بشعة بحقّ المتظاهرين والناشطين، حتى بعد انتهاء التظاهرات قبل أشهر من الآن.
ويوضِّح كريم أن هذه الميليشيات استشعرت خطر التظاهرات على النفوذ الإيراني في البلاد، واستطاعت قمع المتظاهرين من خلال اختلاطها مع القوات الأمنية في ساحات التظاهر، حيث استخدمت مجموعات مدرَّبة من كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وغيرها مختلف أنواع الأسلحة، كالقنّاصة والقنابل والأسلحة الرشاشة لتفريق المتظاهرين والتنكيل بهم.
ولا يخفي كريم خوفه من هذه الميلشيات، بعد أكثر من عام ونصف على انطلاق التظاهرات، حيث يؤكِّد أن مدن وسط وجنوب البلاد لا تزال تشهد أسبوعيًّا اغتيالات واسعة لنشطاء التظاهرات، كما حدث في اغتيال الناشط إيهاب الوزني في كربلاء، وأحمد عبد الصمد في البصرة وغيرهما.
هذا ولا تزال العديد من الكتل السياسية السنّية والكردية وبعض الشيعية، تطالِب بضبط سلاح هذه الفصائل التي تعدّها خارجة عن القانون وعن سيطرة الحكومة، في ظلّ وضع أمني وسياسي يعيشه العراق بات يكبِّل الحكومة العراقية في التعامل مع هذه الفصائل، التي تحظى بدعم إيراني كبير.
لا يزال الجدل مستمرًّا حول الحشد الشعبي وفصائله المختلفة، بين مطالبات دولية بضبطه وتذويبه ضمن المؤسسات الحكومية، وبين كتل سياسية داخل البرلمان العراقي، ومن ورائها إيران، تصرُّ على بقاء الحشد وتعزيز قوته، في محاولة على ما يبدو لتأهيله كقوة تضاهي الحرس الثوري الإيراني.