ترجمة حفصة جودة
اشتهر شمال سوريا دائمًا بخيوله العربية الأصيلة، ورغم أن الحرب التي دامت عقدًا حتى الآن في البلاد أثّرت على تلك الصناعة، إلا أن مربّي الخيول في إدلب -آخر منطقة خاضعة للثوار في سوريا- ما زالوا ملتزمين برعاية حيواناتهم وتشجيع ركوب الخيل.
أسّس أسامة الزعيم نادي الزعيم للفروسية عام 2018، وهو الأول في إدلب، يقول أسامة اللاجئ الفلسطيني الذي فرّ من حلب إلى إدلب: “لقد أسّسنا هذا النادي لنعلِّم الناس من جميع الأعمار، وقد تمكنا من تدريب أكثر من 1500 شخص حتى الآن”.
أضاف الزعيم أن النادي يعقد بشكل دوري سباقات تصل إلى 50 مشارك يأتون من كل أنحاء سوريا، ويقول: “هناك إقبال جيّد على تلك السباقات، لأن تلك الرياضة لم تكن متاحة للناس تحت حكم النظام السوري للرئيس بشار الأسد”.
لكنّ إطعام الخيول ورعايتها عملية مكلفة، خاصة للسوريين الذين فقدوا ممتلكاتهم ومدّخراتهم أثناء الحرب، حيث يقدّر الزعيم أن هناك الآن حوالي 600 خيلٍ في إدلب، ويقول: “تربية الخيول مكلفة للغاية هذه الأيام، ما يدفع الكثير من الناس إلى عدم تربيتهم، بالإضافة إلى قلة العلاج المناسب لهم ونقص الأطباء البيطريين المتخصصين بالخيول”.
مثل أصحابها، عانت الخيول من آثار الحرب، سواء النزوح المتكرر أو الحرمان أو الضربات الجوية، حيث يقول الزعيم: “معظم هذه الخيول في النادي نازحة من القرى الواقعة تحت سيطرة النظام مع أصحابها”، حتى الزعيم نفسه عانى من خسائر فادحة بسبب القتال.
ويضيف: “كان لدي 35 خيلًا، لكن بعضهم ماتوا بسبب القصف أو المرض ولم يبقَ لي الآن سوى 19 خيلًا فقط، ومنذ شهر فقط تسبّب القصف بالمنطقة في قتل خيلَين”.
يقول محمد خير الحق، سوري من حلب ويملك حصانًا، أنه رأى بنفسه كيف تتأثر الخيول وتُصاب بالتوتر في أوقات الحرب، وأضاف: “عندما يستعدّ مالك الخيل للنزوح بسبب القصف والحرب، تشعر الخيول بذلك وتتأثر تمامًا مثل البشر”.
لا تخلو تربية الخيل من تحديات إدارية كذلك كما يقول الزعيم، فالحفاظ على أنسابها في سجلّ رسمي أمر ضروري للغاية بالنسبة إلى الخيول الأصيلة، لكنها مهمة شبه مستحيلة في زمن الحرب.
يقول الزعيم: “أكثر مشكلة عامة تواجه تربية الخيول في شمال سوريا هي الحفاظ على نسبها، فمكتب المنظمة العالمية للخيل العربية في دمشق لا يسجّل الخيول التي تعيش في المناطق الخاضعة للثوار، وهناك أكثر من 300 خيل غير مسجّل في إدلب، إنها مشكلة خطيرة تؤدي إلى فقدان نسبهم بعد عدة سنوات”.
يعدّ نسب الخيول مصدر فخر خاص لأصحابها، حيث يقول الزعيم: “الخيول العربية الأصيلة في شمال سوريا من أفضل الخيول العربية في العالم، فمن المعروف أن أفضلَ الخيول سوريةٌ لأن دمها نقي، لذا نحاول الحفاظ على هذا النسل”.
تُعرَف الخيول العربية بأنها من ذوات الدم الحار، ما يعني أنها طويلة نسبيًّا ونشيطة وذات قوة تحمُّل عالية، ما يجعلها مناسبة للركوب، يقول الزعيم بكل فخر: “حصاني الخاص نجم حقيقي، فوالدته سورية ووالده مصري”.
ويضيف: “ما يميّز الخيول العربية شكل وجهها وقوة تحمُّلها، لأن الخيول العربية تولد في الصحراء، ما يمنحها الكثير من قوة التحمل بالإضافة إلى السرعة”.
بالنسبة إلى خير الحق، فحصانه رفيق ثمين أيضًا، حيث يقول: “عندما يملك أحدهم حصانًا، فإنه يصبح كأحد أفراد الأسرة، كلما اهتممت بحصانك أكثر وأطعمته جيدًا ودلّلته، كلما تحسّن مزاجه ومظهره”.
كما يقول أن حصانه يمنحه القوة وسط كل هذه الفوضى والشكّ، ويضيف: “ما دفعني لتربية الخيل الغريزة العربية وحبّ الخيول، عندما يملك أحدهم حصانًا فإنه يشعر بالفخر والشجاعة لأن الخيول كريمة وجميلة بطبيعتها، إنها تمنحك راحة البال عندما تكون بقربها، وبالأخص عندما تكون ملكًا لك”.
المصدر: ميدل إيست آي