ترجمة وتحرير: نون بوست
غالبا ما تُسمع كلمات التمييز والإقصاء والقمع في الأوقات التي يكافح فيها الناس من أجل الحصول على حقوقهم والتصدي لتجاوزات الأشخاص الأكثر القوة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ورغم أن هذه المصطلحات لا تعتبر من المترادفات، إلا أن تعريفاتها تكمل بعضها البعض في جوانب معينة. لذلك، سنسلط الضوء على الفروق بين التمييز والاستبعاد والقمع.
الاختلافات الرئيسية بين التمييز الإقصاء والقمع
كثيرا ما تُقال عبارات التمييز والإقصاء والقمع في السياقات التي نشهد فيها نوعا من النضال من أجل الحصول على الحقوق أو انتقاد سلطة وامتيازات الطبقات الأكثر ثراء. ورغم عدم استخدام هذه المصطلحات الثلاثة كمترادفات، إلا أنها قد تكون مربكة في بعض الأحيان. إلى أي مدى يعتبر التمييز قمعا؟ وهل يعد الإقصاء نتيجة للتمييز؟
في الواقع، هناك علاقة بين العبارات الثلاث، ومن المثير للاهتمام أن نرى أن الفروق الرئيسية بينها لا تخلو من الفهم العميق لما تعنيه كل منها.
ما هو التمييز؟
التمييز هو المعاملة المختلفة لشخص أو مجموعة من الأشخاص على أساس هويتهم الاجتماعية. تتكون هذه الهوية من عوامل مختلفة، مثل الدين والعرق والجنسية والجنس والتوجه الجنسي والعمر والمستوى التعليمي والسجل الجنائي والحالة الاجتماعية.
على الرغم من أنه من المفهوم عادة أن التمييز يعني معاملة شخص بشكل غير عادل لكونه مختلفا، يمكن القول إنه لا يتضمن في الحقيقة سوى معاملة تفاضلية قد تكون سلبية، والعكس صحيح (على سبيل المثال، التمييز الإيجابي).
في معظم الحالات، يكون التمييز نتيجة للتحيز. عادة، يعني التحيز الاعتقاد بأن شخصا ما هو أقل شأنا أو أنه يشكل خطرا بسبب امتلاك خاصية تميزه عن البقية، مما يعني ضمنا إمكانية معاملته بشكل غير عادل. يمكن أن يؤدي هذا إلى الرفض والإقصاء، وهما وجهان رئيسيان للتمييز يمكن أن يؤديا إلى اضطهاد.
هناك طريقة أخرى للتمييز وهي العنصرية. يعتبر الاعتقاد بأن الناس أفضل أو أسوأ بناء على عرقهم مثالا كلاسيكيا على التمييز. ورغم أنه غير ظاهر بوضوح في الولايات المتحدة اليوم، إلا أنه حتى وقت قريب كان السبب الرئيسي لعدم تمكن المواطنين الأمريكيين من أصل أفريقي من استخدام دورات المياه بحرية أو الجلوس حيث يريدون في الحافلات.
ما هو الإقصاء؟
بشكل عام، الإقصاء هو الحالة التي يتم فيها فصل فرد أو مجموعة من الأفراد أو تهميشهم على أساس بعض الخصائص المعينة مثل العرق أو الدين أو الجنسية أو الأيديولوجية السياسية أو الإعاقة أو جوانب أخرى. يعني هذا أن بعض الأفراد أو المجموعات لا يمكنهم الارتباط ببقية المجتمع أو التمتع بنفس الحقوق.
يمكن أن نقول إن شخصا أو مجموعة يعانون من الإقصاء عندما يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على الوظائف أو التدريب أو الفرص الثقافية أو السياسية في المجتمع الذي يعيشون فيه. يمكن أن يتجلى الإقصاء أيضا في الحرمان من الخدمات الأساسية، مثل مياه الشرب أو الكهرباء، أو عدم الاعتراف في النظام الصحي أو عدم الحصول على الحماية الاجتماعية.
بالنسبة للمجموعات المستبعدة، نظرا لعدم تمتعها بالعديد من المزايا مثل بقية أفراد المجتمع، فهي عرضة للمعاناة من الفقر أو التمييز، ولديها متوسط عمر افتراضي أقل بسبب عدم حصولها على وظائف جيدة أو تمتعها بنظام صحي ملائم. لا يمكن للشخص المُستبعَد أن يتمتع بشكل كامل بوضعه كمواطن، ولا يمكنه التمتع بحقوقه على هذا النحو.
الجدير بالذكر أن الإقصاء متأصل بعمق في العديد من المجتمعات وتغذيه الجوانب الثقافية. في معظم الحالات، فإن إقصاء مجموعة معينة من الأشخاص داخل المجتمع يحدث استجابة لمنظومة القيم والقواعد التي بموجبها يجب أن يكون هؤلاء الأشخاص الذين لا يتوافقون مع فكرة “المواطن المثالي” أو “الشخص العادي” مرفوضين أو مستبعدين.
من بين الأمثلة البارزة على الإقصاء تعليم فئات معينة بشكل منفصل مثلما يحدث مع أصحاب الإعاقات الذهنية، حيث يتم إبقاؤهم منفصلين عن الطلاب الآخرين.
ما هو القمع؟
يعني القمع المعاملة غير العادلة والقاسية بشكل متواصل أو محاولة السيطرة على فئة معينة داخل المجتمع. عندما يسلط القمع على مجموعات معينة من الناس، دون الإضرار بالمجتمع بأسره، فنحن نتحدث عن التمييز.
إلى جانب ذلك، يتغذى القمع على التمييز، ويساهم التمييز بدوره في خلق مستويات مختلفة من القوة داخل المجتمع.
الأشخاص الذين يشعرون بالقوة داخل المجتمع ويعتبرون الآخرين أدنى منهم يمكن أن يطبقوا أساليب قسرية تؤذي الفئات الأضعف
عندما يكون لمجموعة من الناس سلطة على الآخرين، فإن هذا يخلق وضعا مفيدا لبعض الفئات، حيث يمكن للمجموعة الأكثر قوة أن تضطهد المجموعة الأقل قوة. أفضل مثال على ذلك هو التمييز العنصري الذي حدث في الولايات المتحدة، والذي لم يظهر فقط في كراهية الأمريكيين من أصل أفريقي، ولكن أيضا في حرمانهم من التمتع بالحقوق التي يمتلكها البيض.
عندما يكون هناك قمع، يُحرم الناس من الفرص والحرية، ويمكن أن يؤثر ذلك على الجميع، أي أن المجتمع بأكمله، باستثناء أولئك الذين يحكمونه، قد يكون مضطهدا، كما هو الحال في الديكتاتوريات. يمكن للحكومة الاستبدادية أن تستخدم القمع لإخضاع مواطنيها وحرمانهم من حقوقهم وامتيازاتهم.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تطبيق القمع على مجموعة اجتماعية معينة، مثل النساء والفقراء والمثليين جنسيا، والمتحولين جنسيا، أو المسلمين.
مفاتيح التمييز بين هذه المفاهيم
يعني التمييز معاملة شخص ما بشكل مختلف من جانب معين، وهو أمر نجده أيضا فيما يتعلق بالإقصاء. الفرق هو أن التمييز لا يعني بالضرورة إقصاء شخص ما، في حين أن الإقصاء يعني ضمنيا التمييز ضد شخص ما بناء على خصائصه.
يمكن أن يشمل التمييز القمع، بمعنى أن الأشخاص الذين يشعرون بالقوة داخل المجتمع ويعتبرون الآخرين أدنى منهم يمكن أن يطبقوا أساليب قسرية تؤذي الفئات الأضعف.
ومع ذلك، فإن القمع لا يعني دائما التمييز لأن القمع يتمثل في حرمان الناس من الحقوق والحريات، وقد يُطبّق ذلك على المجتمع ككل وليس على جزء منه.
يمكن ممارسة التمييز والإقصاء بشكل غير ضار. ينطوي التمييز على معاملة شخص ما على أساس خاصية تميزه عن البقية، دون الحاجة إلى أن يتم ذلك بشكل ضار أو بقصد خبيث (على سبيل المثال، التحدث ببطء إلى شخص مصاب بمتلازمة داون). يمكن أن يتم الإقصاء على أساس أنه التصرف “الأفضل” لذلك الشخص أو المجموعة، كما هو الحال سابقا مع مثال تعليم ذوي الإعاقات الذهنية. في المقابل، يعتبر القمع أمرا سيئا بطبيعته، ويتم عن بشكل مقصود بهدف إلحاق الأذى بفرد أو مجموعة أشخاص.
المصدر: بسيكولوخيا إي منتي