بعد 65 يومًا من الإضراب، انتزع الغضنفر أبو عطوان (28 عامًا) حريته بعد أن كان رهن الاعتقال الإداري من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
تعدّ سياسة الإضراب عن الطعام، المتعارَف عليها فلسطينيًّا بمعركة الأمعاء الخاوية، أبرز أدوات المقاومة التي يستخدمها الأسرى لانتزاع حقوقهم من إدارة سجون الاحتلال، فيما انتهجها عشرات الأسرى الإداريين بشكلٍ فردي في سبيل الحصول على الحرية.
يخوض الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي معاركهم عبر الامتناع عن تناول الطعام، والاكتفاء بشرب الماء المخلوط بالملح لتحقيق مطالبهم العادلة، المتمثِّلة بالحد الأدنى من العيش الكريم والحرية.
كما يتنوّع الإضراب عن الطعام ما بين الجماعي المنظَّم المطالِب بحقوق الأسرى، والفردي المرتبِط بالأسير نفسه.
تاريخ الإضراب الجماعي
يُتّخذ قرار الإضراب الجماعي من مجموع الأسرى ويتمّ بأعداد كبيرة، وقد يشمل كلَّ سجون الاحتلال، ويتعلق عادةً بمطالب عامة ترتبط بمتطلِّبات معيشية.
خاض الأسرى في سجون الاحتلال أول إضراب جماعي عن الطعام في 11 سبتمبر/ أيلول عام 1967، لمدة 65 يومًا، ووفق إحصاءات وزارة الأسرى فإن عدد الإضرابات الجماعية بلغ 23 إضرابًا، آخرها كان عام 2019.
ويقول الباحث في شؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، إن إضراب سجن عسقلان عام 1970، كان الأكثر تنظيمًا وتأثيرًا، وخلاله استشهد عبد القادر أبو الفحم أول شهيد في الإضرابات عن الطعام.
مضيفًا: “توالت الإضرابات الجماعية، فكان أبرزها إضراب عام 1976 وهو الأطول، وإضراب سجن نفحة الشهير عام 1980 الذي استشهد فيه أسيران”.
ووُصف إضراب عام 1992 بـ”أمّ المعارك”، حيث بدأ بسجن نفحة ثم شملَ كل السجون وشارك فيه ما يزيد عن 10 آلاف أسير، ثم عادت الإضرابات أعوام 1998 و2004 و2012 وغيرها، إلى حد أن زادت الإضرابات الجماعية الأساسية عن 22 إضرابًا.
عالجت الإضرابات الجماعية الكثير من قضايا الأسرى، وغيّرت الواقع الاعتقالي للأفضل، على صعيد تحسين الحياة المعيشية.
وأكّد فروانة أن الإضرابات شكلٌ من أشكال المقاومة السلمية، واعتبرته الحركة الأسيرة إحدى أدوات إثبات الذات وتحدي السجّان وانتزاع حقوق المعتقل.
ويعتبر فروانة أن الأسرى حقّقوا الكثير من وراء الإضرابات، فإضراب الأسرى اليوم يختلف عن حقبة السبعينيات، مؤكّدًا أن الإضراب خيار أخير للأسرى لأنه مؤلم وقاسٍ.
كما نبّه إلى أن الإضرابات الجماعية عالجَت الكثير من قضايا الأسرى، وغيّرت الواقع الاعتقالي للأفضل، على صعيد تحسين الحياة المعيشية.
ووفق وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا”، فإن أبرز الإضرابات عن الطعام التي نفّذها الأسرى جاءت على النحو الآتي:
– في العام 1968، خاض الأسرى الفلسطينيون في سجن نابلس أول إضراب عن الطعام في السجون الإسرائيلية، استمرّ 3 أيام، احتجاجًا على سياسة الضرب والإذلال التي يتّبعها الاحتلال الإسرائيلي، وللمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية.
– في العام 1969، خاض الأسرى في سجن كفار يونا إضرابًا استمرّ 8 أيام، للمطالبة بتغيير الأفرشة البلاستيكية التي ينامون عليها، والتي تُعرَف باسم “الجو مي”، وتحسين نوعية الطعام وكميته، وإدخال القرطاسية إلى السجن، ورفض مناداة السجّان بعبارة “حاضر سيدي”.
ونجح الإضراب في السماح بإدخال القليل من القرطاسية لكتابة الرسائل، وإلغاء كلمة “سيدي” من قاموس السجون، وقد تزامن ذلك مع إضراب سجناء معتقل الرملة.
– في العام 1970، شرعت الأسيرات الفلسطينيات في سجن نفي تريتسا في تنفيذ إضراب عن الطعام لمدة 9 أيام، تعرّضن على إثره لعددٍ من العقوبات، منها عزلهن في زنازين منفرِدة، ولكنهن استطعن تحقيق بعض المطالب، مثل تحسين التهوية، وزيادة وقت النزهة (الفورة)، وإدخال بعض الحاجات الخاصة بهنّ عبر الصليب الأحمر.
– إضراب سجن عسقلان بتاريخ 5 يوليو/ تموز 1970، الذي استمرَّ لمدة 7 أيام، طالب فيه الأسرى إدخال القرطاسية والملابس من الأهل وزيادة وقت النزهة، إلا إن إدارة السجن تنصلت من تلبية المطالب.
– في العام 1976، شرع أسرى سجن عسقلان بإضراب عن الطعام استمرّ 45 يومًا، للمطالبة بتحسين ظروف اعتقالهم، وقد استطاعوا تحقيق بعض المطالب، مثل السماح بإدخال بعض القرطاسية، ومراسلة الأهل، وتحسين نوعية الطعام وكميته، واستبدال أفرشة “الجو مي” المهترئة.
– في العام 1980، نفّذ أسرى سجن نفحة الصحراوي إضرابًا استمرَّ 32 يومًا، بالتنسيق مع أسرى سجنَي عسقلان وبئر السبع، على خلفية ظروف الاعتقال القاسية، التي تمثّلت بتقديم طعام فاسد ومليء بالأتربة لهم، ووضع عدد كبير من الأسرى في زنزانة واحدة وبفتحات تهوية صغيرة، وحُرموا من القرطاسية، والسماح لهم بساعة واحدة من أجل النزهة، فضلًا عن المعاملة السيّئة.
وقد واجهت إدارة السجن الأسرى المضربين عن الطعام بالعنف، وعمدت إلى اتّباع أسلوب الإطعام القسري معهم.
واستشهد في هذا الإضراب 3 أسرى، هم راسم حلاوة وعلي الجعفري وأنيس دولة، وبعد وفاتهم نفّذ الأسرى في سجون أخرى إضرابًا.
ومع تواصُل إضراب الأسرى تشكّلت لجنة “كيت” الإسرائيلية للبحث في ظروف اعتقالهم، وأوصت بإدخال الأسرّة إلى الزنازين، وتوسيع مساحات الغُرف والساحات، وتقليص عدد الأسرى في الزنزانة الواحدة، وإدخال ألبومات الصور والقرطاسية.
– في العام 1984، خاضَ أسرى سجن جنيد إضرابًا استمرّ 13 يومًا، ثم انضم إليهم الأسرى في سجون الاحتلال الأخرى.
اعتبِر هذا الإضراب نقطة تحوُّل استراتيجية في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة، وأعلن الأسرى وقف إضرابهم بعد أن زار قائد الشرطة الإسرائيلية حاييم بارليف السجن، وتحدّث إليهم، واضطرّ إلى تحسين شروط حياتهم (الطعام والعلاج)، وسمحَ لهم باستخدام الراديو والتلفاز وارتداء الملابس المدنية، وعلى إثره استجابت السجون الأخرى وأوقفت إضرابها.
بعد 63 يومًا، علَّق الأسرى الإداريون إضرابهم، بناءً على اتفاق يقضي بإلغاء كل العقوبات التي فُرضت عليهم مع بداية الإضراب.
– في العام 1987، شارك أكثر من 3 آلاف أسير فلسطيني من مختلف السجون الإسرائيلية في إضراب عن الطعام لمدة 20 يومًا، بعد منعهم من تلقّي الملابس من أهاليهم، ومنعهم من زيارات الغُرف، وتقليص مدة النزهة وكميات الطعام، إضافة إلى التعامل السيّئ معهم.
– في العام 1992، شاركَ حوالي 7 آلاف أسير في إضراب عن الطعام، استمرّ 18 يومًا في غالبية السجون، احتجاجًا على الهجمة الإسرائيلية الشرسة عليهم.
أدّى الإضراب إلى صدام بين وزير الشرطة ومدير مصلحة السجون غابي عمير، وانتهى بنجاح كبير، بعد أن تمَّ تحقيق الكثير من الإنجازات، مثل إغلاق قسم العزل في سجن الرملة، ووقف التفتيش العاري، وإعادة زيارات الأقسام، وزيادة وقت زيارة الأهل، والسماح بالزيارات الخاصة وشراء المعلّبات والمشروبات الغازية، وتوسيع قائمة المشتريات في “الكانتينا”.
– في العام 2000، دخل الأسرى إضرابًا عن الطعام استمرّ حوالي 30 يومًا، وقد استشهد جرّاءه 8 فلسطينيين، وتضامنًا معهم أضرب العشرات من الأسرى المحرَّرين عن الطعام في خيمة التضامن التي نُصبت قرب جامعة الأزهر في غزة.
كانت مطالب الأسرى تتمثّل بالسماح لهم بالاتصال الهاتفي، والتعلُّم في الجامعات العربية، ووقف التفتيش العاري وإخراج المعزولين، وقد حقّقوا بعض الإنجازات، مثل إخراج المعزولين بشكل فوري ووقف التفتيش العاري، وتمّ وعدهم بحلّ مشكلة الهواتف العمومية والتعلُّم في الجامعة العربية المفتوحة بعد أشهر، ولكن لم يتم تحقيق ذلك.
– في العام 2006، خاض أسرى سجن شطة إضرابًا استمرّ 6 أيام، احتجاجًا على تفتيش الأهل المذلّ خلال الزيارات، وللمطالبة بتحسين الظروف المعيشية.
– في العام 2012، شارك أكثر من 1500 أسير في سجون الاحتلال بإضراب عن الطعام استمرّ 28 يومًا، تمّ تعليقه بعد تحقيق أبرز مطالبهم، منها إلغاء العزل الانفرادي، والحدّ من سياسة الاعتقال الإداري، والسماح بالزيارات لأسرى غزة، وإلغاء قانون “شاليط”.
– في العام 2014، أعلن أسرى في سجون مجدو وعوفر والنقب إضرابًا عن الطعام، احتجاجًا على استمرار اعتقالهم الإداري، مطالبين بإلغاء هذه السياسة، ثم انضمَّ إليهم 5 آلاف أسير وأسيرة فلسطينيين، في خطوة تضامنية.
بعد 63 يومًا، علَّق الأسرى الإداريون إضرابهم، بناءً على اتفاق يقضي بإلغاء كل العقوبات التي فُرضت عليهم مع بداية الإضراب، وإعادتهم بعد انتهاء فترة الاستشفاء إلى السجون التي نقلوا منها خلال الإضراب، واستمرار الحوار مع مصلحة السجون بشأن الاعتقال الإداري.
– في العام 2017، شرع 1500 أسير في سجون الاحتلال بالإضراب، لاستعادة الحقوق التي نالوها في الإضرابات السابقة ثم سلبتها إدارة السجون منهم، وقد أُطلق عليه “معركة الحرية والكرامة”.
في اليوم السابع من الإضراب، انخرط بعض الأسرى في سجنَي مجدو وريمون في الإضراب، وبعد 41 يومًا علّق جميع الأسرى إضرابهم، بعد محادثات استمرّت 20 ساعة بقيادة الأسير مروان البرغوثي، بعد رضوخ الاحتلال لإعادة الزيارة الثانية للأسرى، والسماح بتركيب هاتف عمومي في أقسام الأطفال والنساء، وتخفيف القيود والمنع الأمني عن أبناء عائلات الأسرى.
– في العام 2019 نفَّذ حوالي 150 أسيرًا في سجنَي ريمون والنقب، إضرابًا مفتوحًا عن الطعام والماء استمرّ 8 أيام، في معركة أطلقوا عليها اسم “معركة الكرامة 2″، للمطالبة بوضع حدٍّ لعمليات القمع التي اشتدّت ذروتها منذ مطلع ذلك العام.
وقد علّقوا إضرابهم إثر انتزاع عدد من مطالبهم، بعد أن توصّلوا إلى اتفاق مع مصلحة السجون الإسرائيلية، يقضي تركيب أجهزة هواتف عمومية في أقسام السجون كافة، يستخدمها الأسرى 3 أيام في الأسبوع، وإعادة جميع الأسرى الذين نُقلوا من سجن النقب خلال الاقتحام الأخير قبل أكثر من 20 يومًا، وإنهاء عزل الأسرى المعزولين في سجن النقب، ورفع العقوبات التي فُرضت عليهم منذ العام 2008، وخفض الغرامات التي كانت مفروضةً عليهم.
شهداء الأمعاء الخاوية
وخلال الإضرابات الجماعية تدهورت صحّة العشرات من الأسرى، فيما استشهد بعضهم خلف القضبان في سبيل الكرامة والحصول على أدنى متطلبات الحياة، ووفق المعلومات الفلسطينية فإن الأسير الفلسطيني عبد القادر أبو الفحم كان أول شهداء الحركة الأسيرة.
اعتُقِل أبو الفحم عام 1969 إثر تنفيذه عملية عسكرية، وأصيب بجروح بالغة في الصدر والبطن، وحُكم عليه بالسجن المؤبَّد عدة مرات.
في العام 1970 قرَّر أسرى سجن عسقلان خوض إضراب عن الطعام، وكان أبو الفحم لا يزال يعاني آلام جراحه، ولكنه أصرَّ على خوض معركة الأمعاء الخاوية، ورفضَ إعفاءه من الإضراب معتبرًا ذلك “خيانة”، فتدهورت حالته الصحية وارتقى شهيدًا.
في العام 1980، استشهد الأسرى علي الجعفري وراسم حلاوة وإسحق مراغة في سجن نفحة، إثر اتّباع الاحتلال أسلوب التغذية القسرية بحقّهم، بعد خوضهم إضرابًا عن الطعام.
في العام 1984، استشهد الأسير محمود فريتخ في سجن جنيد، إثر تنفيذ إضراب عن الطعام.
وخلال إضراب سجن عسقلان عام 1992، استشهد الأسير حسين نمر عبيدات.
الإضرابات الفردية
في المقابل، وضمن محاولة انتزاع الحقوق من الاحتلال، استحدث الأسرى الإضرابات الفردية التي تتعلق بحقٍّ خاصّ بالأسير، وبرزت تلك السياسة ضمن محاولات إنهاء ملف الاعتقال الإداري.
بدأت الإضرابات الفردية عام 2011 نتيجة ظروف موضوعية، بحسب الباحث في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، الذي أشار إلى أن الإضرابات الفردية بدأها خضر عدنان رفضًا لاعتقاله الإداري، ثم توالت فخاض عشرات الأسرى الإضرابات حتى اليوم.
ويعدّ الأسير سامر عيساوي من القدس المحتلة صاحب أطول إضراب في التاريخ، عندما خاض عام 2013 إضرابًا لأكثر من 280 يومًا متواصلة.
وذكر فروانة أن في عامَي 2012 و2013 وصلت الإضرابات الفردية ذروتها، وقد حقّقت نتائج مهمة منها تناقص الاعتقالات الإدارية حتى وصلت حوالي 130 فقط، من عدد كان يتمحور حول 400 حالة اعتقال إداري.
ويعدّ الاعتقال الإداري أسوأ نهج لا إنساني حول العالم، إذا لا يحق للأسير معرفة مصيره لأشهر وربما سنوات، ويفرِج الاحتلال عنه بين الوقت والآخر، ثم يعاود اعتقاله الذي يتجدّد كل 3 أشهر دون توجيه تهمة واضحة.
وأسوأ ما في الاعتقال الإداري هو أن العمر يضيع انتظارًا لقدر لم يحدَّد، تتلاعبُ فيه منظومة الظُّلم الإسرائيلية من خلال أحكامها الجائرة.
ووفق موقع ويكيبيديا، فإن الاعتقال الإداري موروث من الانتداب البريطاني قبل العام 1948، وتضع “إسرائيل” بموجبه المُعتقل في السجن دون توجيه تُهمة واضحة له، وتتراوح مدته بين 3 إلى 6 أشهر، وفي كثير من الأحيان يتم تمديد الاعتقال لأكثر من 6 أشهر.
ويقول الاحتلال إن هذا الإجراء يسمح لها بتفادي حصول اعتداءات إلى حين تنتهي من تحقيقاتها، لكنَّ منظمات حقوقية تعتبرُ الإجراء انتهاكًا لحقوق الإنسان.
وتقول مؤسسة “الضمير” لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، إن الاعتقال الإداري إجراء لا يطبَّق في أي مكان في العالم سوى “إسرائيل”، و”يستخدَم بناءً على أمر تعليمات الأمن رقم 1651، الذي يمنح قائد المنطقة العسكرية الحق في احتجاز شخص أو أشخاص لمدة تصل إلى 6 أشهر”.
وتطول المدة بعض الأحيان وتصل إلى سنوات، فالأسير محمد الحلبي الموظَّف في إحدى المؤسسات الإغاثية الدولية العاملة في قطاع غزة المحاصر، يواجه أطول فترة اعتقال في التاريخ، دون أن تثبت عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي أي تهمة تدينه بالسجن.
من الجدير بالذكر أن أعداد الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال، ارتفعت خلال الشهرَين الأخيرَين لتصلَ إلى ما يقارب 520 أسيرًا فلسطينيًّا، وذلك بعد إصدار العشرات من القرارات الإدارية الجديدة بحقّهم، وذلك حسبما ذكر مركز فلسطين لدراسات الأسرى.
تجربة أسير
الأسير المحرَّر أيمن شراونة، صاحب ثاني أطول إضراب بعد الأسير سامر العيساوي، حيث بلغت عدد أيام إضرابه 261 يومًا، قال لـ”نون بوست” إن الأسير يلجأ لقرار الإضراب كورقة أخيرة بعد حوارات ومحاكم مع الاحتلال لوقف الاعتقال الإداري، وعندما تفشل كل الطُّرُق يتوجّه للإضراب مجبرًا على الألم والجوع.
وذكر أن الأسير يتخذ الخطوة بعد مشاورات مع الأسرى وأيام من التفكير، ما بين اختيار تجديد الاعتقال الإداري لأعوام أو اللُّجوء إلى الإضراب ومصاعبه، مشيرًا إلى أنه قرّر خوض الإضراب متوقعًا ألا يتجاوز الشهرَين وفق التجارب السابقة.
وبيّنَ شراونة أن انتصارات الأسرى السابقة بالإضراب عن الطعام كانت محفِّزًا له، لكنه واجه مؤامرة من الشاباك تخلّلتها جولات على المستشفيات، ومحاولات للضغط عليه في سبيل وقف الإضراب.
ويشير إلى أن القانون يسمح للمضرِب بتناول الملح والفيتامينات، لكن الأسرى مع الأيام يبدؤون برفضها ضغطًا على مصلحة السجون.
ووفق الأسير المحرَّر فإن التعب يبدأ بعد 3 أيام من الإضراب، موضحًا أن أول 20 يومًا هي الأصعب بسبب الضغط النفسي والجسدي والصراع الداخلي للأسير.
ويؤكد أن كل يوم يُضاف على الإضراب بعد الـ 20 هو تعريضٌ لحياة الأسير للخطر، موضحًا أنه واجه تحذيرًا من الشاباك بأن قلبه من الممكن أن يتوقف في أي لحظة، للضغط عليه وإحباط معنوياته لكن الهدف الأسمى جعله يستمرّ في إضرابه.
وبيّنَ الشراونة أن الإضراب يتخلّله جلسات مع مصلحة السجون والشاباك، ووعود بأن الأحكام سيتم إيقافها، عدا عن تقديم المغريات من الطعام لكسر نفسية المضرِب من خلال حفلات الشواء لتصل الروائح للأسرى المضربين.
ولد الشراونة عام 1976 في بلدة دورا جنوب الخليل، وبدأ إضرابه عن الطعام في 1 أغسطس/ آب 2012، احتجاجًا على إعادة اعتقاله في يناير/ كانون الثاني 2012 بعد تحرُّره في صفقة شاليط، حيث صدرَ بحقه حكم بالسجن الفعلي 38 عامًا وأمضى منها 10 أعوام، وكان إطلاق سراحه مشروط بمنعه من الخروج من منطقة سكنه، أي مدينة الخليل، وعليه مراجعه المخابرات الإسرائيلية كل شهرَين.
في فبراير/ شباط 2013 تمَّ عزله في السجن، في الوقت الذي رفضت المحكمة العليا في “إسرائيل” طلب التدخل في قضيته، وفي منتصف مارس/ آذار 2013 أفادت وزارة الأسرى أنه فقدَ 80% من بصره.
في 17 مارس/ آذار 2013، وبعد 260 يومًا من الإضراب، تمَّ إبعاده إلى قطاع غزة المحاصر بعد التوصُّل إلى صفقة مع السلطات الإسرائيلية، تقضي إبعاده إلى غزة لمدة 10 سنوات مقابل الإفراج عنه.
من الجدير ذكره أن اثنَين من الأسرى الفلسطينيين يواصلان إضرابهما عن الطعام، رفضًا لاعتقالهما الإداري، وهما: الأسير بسام جبر من قلقيلية يواصل إضرابه لليوم الـ 20 على التوالي، والأسير الناشط محمد الزغير من الخليل الذي بدأ صباح الاثنين الماضي إضرابه عن الطعام، رفضًا لاعتقاله الإداري.