يمثِّل المرور عبر حاجز قلنديا الاختبار الصعب الذي لا بد منه، إذ يعاني المواطنون، سواء أكانوا من حَمَلة الإقامة المؤقتة (هوية زرقاء) أو تصاريح عمل، أو حتى فلسطينيي الداخل، من تبعات هذا الحاجز العسكري، عدا عن التعطيل المستمرّ الذي يتسبّب في أزماتٍ خانقة تدوم ساعات.
وقد تكرّرَ عبر السنوات الماضية حالات إعدام ميدانية ضد مواطنين فلسطينيين موثّقة بالصوت والصورة، في سياسة واضحة تنتهجها “إسرائيل”.
أصبح الحاجز قصة المواطنين اليومية، لما يسبِّبه من إرباك نفسي ومجتمعي، خاصة ممّن يعملون في القدس المحتلة (حَمَلة البطاقة الزرقاء) ويعيشون في بلدات خارج الجدار (أي لا تتبع للإدارة الإسرائيلية) مثل كفر عقب، فهم مضطرّون يوميًّا للوقوف عند الحاجز ساعات للانتظار حتى يُسمَح لهم بالعبور، وفي كثير من الأحيان يُغلَق الحاجز بشكلٍ متواصل، ما يؤدّي إلى توقف حركة السير تمامًا.
عن الحاجز
يُعتبر حاجز قلنديا العسكري الإسرائيلي، المُقام على أراضي قريتَي قلنديا والرام، أحدَ أبرز الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة المؤدّية إلى مدينة القدس المحتلة.
يشكّل معلمًا هامًّا من معالم المعاناة للمواطنين الفلسطينيين المتوجِّهين من مدينة القدس المحتلة إلى مدينة رام الله وبالعكس، واتّخذ الحاجز اسمه من مخيم قلنديا، إذ يبعد الحاجز عن المخيم مسافة 200 متر.
أقامت “إسرائيل” حاجز قلنديا مع بدء الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، وذلك للفصل بين مدينة رام الله ومدينة القدس المحتلة، حيث تمَّ بناء الحاجز بشكلٍ بدا كأنه شبيه بمَعبَر إيرز، الذي فصل الضفة الغربية المحتلة عن قطاع غزة المحاصر.
ويعدّ حاجز قلنديا واحدًا من بين 11 حاجزًا دائمًا يحيط بمدينة القدس المحتلة، بالإضافة إلى ما بين 400 و500 حاجز عسكري بين دائمة ومؤقّتة، منتشرة داخل الضفة الغربية المحتلة.
ويُدار الحاجز من عدة مجموعات تابعة لسلطات الاحتلال الإسرائيلية، من الجيش والشرطة والإدارة المدنية وشركات حماية خاصة، على مدار 24 ساعة يوميًّا، ويضمّ اليوم منشآت موسَّعة ويُعرّف إسرائيليًّا كـ”مَعبَر حدودي”.
يحيط حول حاجز قلنديا جدار الفصل العنصري، وجدران إسمنتية وسياج، بالإضافة إلى أبراج وممرّات إلكترونية وكاميرات مراقبة.
تفتحُ البوابات ضمن أيام وساعات محدَّدة، وبحسب الحالة الأمنية، فقد يُغلَق الحاجز في أي لحظة بسبب شكوك لدى جنود الاحتلال، بينما يُسمَح للمركبات والحافلات التي تحملُ لوحات تسجيل إسرائيلية بالعبور، بعد أن يتم تفتيشها والتدقيق في هويات مَن فيها.
ينقسمُ حاجز قلنديا إلى قسمَين: أولهما لحَمَلة هوية القدس، وآخر لحَمَلة هوية الضفة، وفي القسم الأول مسلك واحد للمشاة وثلاثة للمركبات، أما القسم الثاني فخمسة مسالك للمشاة فقط، يتحكم جنود الاحتلال في فتحها وإغلاقها، فقد يفتحون مسلكًا ويغلقون البقية، متسبّبين في أزمة شديدة.
الاحتلال الإسرائيلي يعطِّل حركة الفلسطينيين عند حاجز قلنديا.
الأزمات المرورية الخانقة كذلك تزيدُ من معاناة المواطنين الفلسطينيين، الذين يمرّون بجانب هذا الحاجز (أي الذين لا يدخلونه)، من يقصدون مدينة رام الله عبر المدخل الجنوبي للمدينة، فتشكّل منطقة قلنديا البوابة الجنوبية للقادمين من جنوب الضفة الغربية المحتلة.
حيث تلتقي سيارات الفلسطينيين مع سيارات المقدسيين عند محيط حاجز قلنديا، ما يسبِّب إرباكًا وأزمات وضغوطًا نفسية وعصبية على المواطنين، ويزيد من الأعباء الاقتصادية بسبب حرق الوقود والتوقف لعدة ساعات كاملة.
تتسبّب هذه الأزمات المرورية الخانقة بالتعطيل على الفلسطينيين، خاصة المرضى وممّن يعانون من مشكلات صحية، فحتى لو كان الشخص يصارعُ الموت لن يسمحوا له بالدخول، وتمَّ رصد أحد الفيديوهات لمواطن يتّجه نحو الحاجز وهو يحملُ طفله الرضيع الذي يختنق، دون أن يُسمَح له بالمرور.
تسبِّب إغلاقات الحاجز أيضًا تعطيلًا لحياة المواطنين، والتأخُّر على أعمالهم، وإعاقة وصولهم إلى الخدمات الصحية والتعليمية بشكل يومي، وهناك آلاف الحالات لطَلَبة يعيشون في القدس المحتلة ويدرسون في جامعة بيرزيت، وعليهم المرور من الحاجز حتى يتمكّنوا من الوصول إلى جامعتهم، إلّا إن كثيرين يتأخّرون بسبب إغلاق الحاجز.
ويعدّ هذا الحاجز مصدرَ معاناة للفلسطينيين، وأداةً لتمزيق أوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ يتعيّن على كل فلسطيني يرغبُ في التوجُّه إلى القدس المحتلة أو القدوم منها إلى وسط الضفة الغربية، المرور به، حيث يخضع للتفتيش، ويستغرق عبوره أحيانًا عدة ساعات.
معاناة متواصلة للفلسطينيين عند معبر قلنديا.