ترجمة حفصة جودة
كتب نويمي بيسيرب وماثيو دالتون
مرر البرلمان الفرنسي يوم الجمعة قانونًا يهدف إلى تعزيز الرقابة الحكومية على المساجد والمؤسسات الدينية الأخرى ومواجهة تأثير الحركات الإسلامية التي قال عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنها تقوض قيم الدولة العلمانية.
مررت الجمعية الوطنية – أو ما يُسمى مجلس النواب – التشريع الذي أطلق عليه اسم “قانون تعزيز احترام مبادئ الجمهورية” بـ49 صوتًا مقابل 19 صوتًا وحاز دعم مشرعي القانون في صفوف ماكرون إضافة إلى أحزاب الوسط.
وضع ماكرون ومؤيدوه في الهيئة التشريعية إطارًا للقانون ردًا على انتشار الانفصالية الإسلامية التي وصفها الرئيس بأنها مشروع سياسي وديني لخلق مجتمع موازٍ يصبح لقواعد الدين فيه أولوية على القواعد المدنية.
هذه الإيدولوجية – كما تقول حكومة ماكرون – تقوض قيم الجمهورية الفرنسية من الحرية والمساواة والإخاء، بالإضافة إلى مبادئ العلمانية حيث الفصل الصارم بين الدين والدولة في فرنسا.
يحظر القانون ممارسات مثل الزواج الإجباري الذي تقول الحكومة إن الإيدولوجية الانفصالية تغذيه.
يقول رجال الدين إن خطوة الحكومة تتجاوز الفصل بين الدين والدولة الذي أقره قانون 1905، فهذا القانون صاغ مبادئ العلمانية بمنع الجماعات الدينية من الحصول على مساعدات من الدولة باستثناءات قليلة واستبعاد رجال الدين من أي مناصب حكومية، كما أسس أيضًا لحرية الضمير وحرية الممارسات الدينية في إطار النظام العام.
يمنح القانون الجديد الحكومة القدرة على غلق دور العبادة بشكل دائم وحلّ المؤسسات الدينية دون حكم قضائي إذا وجدت أن أي من أفرادها يثير العنف أو يحث على الكراهية، كما أنه يسمح بالإغلاق المؤقت لأي جماعة دينية تنشر أفكار تثير العنف أو الكراهية.
ستحتاج المؤسسات الدينية إلى الحصول على تصريح الحكومة كل 5 سنوات لمواصلة عملها وتوثيق حساباتها سنويًا إذا تلقت أي تمويل أجنبي.
إضافة إلى ذلك؛ يعتبر القانون أن الضغط على موظفي الخدمة المدنية أو مقدمي الخدمات العامة للانحراف عن القيم العلمانية جريمة جنائية سواء باسم الإيدولوجية أم التطرف الديني، ووفقًا للقانون فإن الرجل الذي يرفض السماح للطبيب الذكر بفحص زوجته قد يواجه عقوبة تصل إلى 5 سنوات في السجن وغرامة تصل إلى 75 ألف يورو.
صوّت الحزب الفرنسي المحافظ “Les Républicains” ضد القانون قائلًا إنه لم يقدم ما هو كاف لحل المشكلة، عارض الاشتراكيون وحزب فرنسا الأبية (اليساري المتطرف) القانون كذلك قائلين إنه يمنح الحكومة الكثير من السلطة على الجماعات الدينية والمدنية.
يقول المشرع الاشتراكي آلان ديفيد: “بهذا القانون لا نحصل على شيء ونخسر الحريات”.
يتطلب القانون كذلك أن يحصل الوالدان اللذان يمارسان التعليم المنزلي مع أطفالهما على تصريح من الحكومة، وهو نص يهدف إلى ضمان تعليم الأطفال قيم العلمانية الفرنسية
يأتي التصويت في أعقاب سلسلة من الهجمات الإرهابية في فرنسا التي مزقت أوصال المجتمع الفرنسي خاصة الدور الذي من المفترض أن يلعبه النظام التعليمي في دمج الأطفال الفرنسيين المسلمين ليصبحوا مواطنين في الجمهورية العلمانية.
في أكتوبر/تشرين الأول ذُبح المعلم الفرنسي صامويل باتي الذي يعمل بالمدرسة المتوسطة في هجوم إرهابي بعد أن نشر والد أحد طلابه مقطع فيديو على الإنترنت يشكو فيه من قرار المعلم بعرض أفلام كارتون عن النبي محمد أمام الفصل كجزء من درس التربية المدنية.
بحسب تصريحات الحكومة فإن المهاجم – لاجئ شيشاني يبلغ من العمر 18 عامًا – قام بفعلته بعد رؤية الفيديو، بعد أسبوعين من ذلك قتل رجل تونسي 3 أشخاص بالسكين في كنيسة بمدينة نيس في منطقة الريفيرا.
بموجب هذا القانون فإن نشر بيانات شخصية غير مصرح بها عن أحدهم بما يعرضه للضرر يعرض الناشر إلى عقاب يصل إلى غرامة قدرها 45 ألف يورو وسجن يصل إلى 3 سنوات.
شنت السلطات الفرنسية حملة قمع شاملة في أعقاب الهجمات الإرهابية وأغلقت بعض المدارس الإسلامية قسرًا وبدأت التحقيقات في عشرات المساجد، أمرت السلطات بإغلاق مؤقت لعشرات المساجد والمؤسسات ومن بينها جماعة مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا “Collective Against Islamophobia in France” تلك الجماعة التي توفر تمثيلًا قانونيًا للمسلمين الذين يعانون من التمييز بسبب عقيدتهم.
لم يُضف المشرعون في الجمعية الوطنية بعض التعديلات التي طلب مجلس الشيوخ إضافتها، خاصة الأحكام التي تمنع مرافقي جولات المدراس الميدانية من ارتداء أي ملابس ذات رموز دينية وكذلك منع ارتداء البوركيني في حمامات السباحة العامة.
يتطلب القانون كذلك أن يحصل الوالدلن اللذان يمارسان التعليم المنزلي مع أطفالهما الحصول على تصريح من الحكومة، وهو نص يهدف إلى ضمان تعليم الأطفال قيم العلمانية الفرنسية، سعى مجلس الشيوخ إلى إلغاء هذا الإجراء لكن الجمعية الوطنية رفضت ذلك.
في فرنسا؛ يملك المشرعون في الجمعية الوطنية القول الفصل في حالة الخلاف مع مجلس الشيوخ.
يحظر القانون الزواج القسري أو الممارسة التي تقوم بها بعض العائلات المسلمة بطلب خضوع النساء للفحص الطبي للتأكد من عذريتهم قبل الزواج، يمدد القانون كذلك الحظر المفروض على موظفي الخدمة المدنية الذين يظهرون رموزًا دينية واضحة في وظائفهم، سيُطبق القانون الآن أيضًا على الموظفين الذين يقدمون خدمات عامة مثل النقل حتى لو لم توظفهم الحكومة بشكل مباشر.
المصدر: وول ستريت جورنال