في هذا التقرير الجديد ضمن ملفّ سلاح العراق، الذي فصّل فيه موقع “نون بوست” الجهات التي تملك السلاح بالعراق، من قوات أمنية وفصائل مسلّحة وميليشيات وبيشمركة وشرطة وغيرها، تتناول الأسطر التالية ملف السلاح الذي تمتلكه الجماعات الخارجة عن القانون، والتي تضمّ الجماعات المتطرِّفة والأيديولوجيّة كتنظيم “داعش” وحزب العمال الكردستاني التركي (PKK).
بداية التنظيمات المتطرِّفة
لم يعرف العراق التطرُّف الفكري المرتبِط بالدين الإسلامي على مدى تاريخه الذي يسبق الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، إذ ومع اكتساح القوات الأميركية للأراضي العراقية، حلّت سلطةُ الائتلاف المؤقَّتة الأميركية جميعَ الأجهزة الأمنية العراقية، وبدأت بتشكيل نواة جديدة للقوات الأمنية في البلاد.
غير أن هذا القرار أدّى لتسريح مئات الآلاف من القوات الأمنية في الجيش والشرطة والقوات الخاصة والحرس الجمهوري والفدائيين، ومع عدم نيل كثير من هؤلاء حقوقهم المالية التقاعدية، ومع حملة الاعتقالات التي طالت الكثير منهم، اضطرّ آلاف من الضبّاط إلى هجرة البلاد خوفًا على حياتهم، كما إن آخرين فضّلوا مقاومة الغزو الأميركي بالسلاح والقوة.
ومع إعلان الكثير من الجهات عن بدء مقاومة الغزو الأميركي عام 2004، وإعلان التنظيمات عن نفسها علانية من خلال البيانات وتبنّي العمليات، ظهرت الجماعات المتطرِّفة في البلاد.
يقول الخبير الأمني العراقي حسن العبيدي في حديثه لـ”نون بوست”، إن أول ظهور علني للجماعات المتطرفة في البلاد كان عام 2004، عندما أسّسَ الأردني الجنسية أبو مصعب الزرقاوي تنظيمًا أطلق عليه “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”، حيث قاد تمرّدًا مسلّحًا دمويًّا ضد الحكومة العراقية والقوات الأميركية والعراقيين بمختلف توجهاتهم.
يرى العبيدي أن تنظيم الرزقاوي المتطرف ومختلف الفصائل المسلحة حينها، استفادت في تسليحها من الأسلحة التي تركها الجيش العراقي.
ورغم أن غالبية ما كان يُعرَف حينها بـ”فصائل المقاومة العراقية”، كانت تتجنّب استهداف المدنيين العراقيين والأجهزة الأمنية الحكومية، إلا إن العبيدي يؤكّد أن تنظيم الزرقاوي أوغل في دماء العراقيين من خلال مئات السيارات المفخَّخة التي فجّرها التنظيم في مختلف المدن العراقية، وأوقعت آلاف القتلى من مختلف الأطياف.
ويرى العبيدي أن تنظيم الرزقاوي المتطرف ومختلف الفصائل المسلحة حينها، استفادت في تسليحها من الأسلحة التي تركها الجيش العراقي، فضلًا عن استفادتها من ضبّاط الجيش السابق الذين التحق بعضهم بهذه الفصائل، مع ما يمكلونه من خبرة عملياتية ميدانية وتدريب عالي المستوى على مختلف أنواع الأسلحة.
لم يعش الزرقاوي طويلًا، إذ تمكنت القوات الأميركية بمساعدة قوات الصحوة السنّية الي شكلتها الولايات المتحدة، من الإطاحة بالزرقاوي في يونيو/ حزيران 2006، حيث قُتل في غارة جوية، ومن ثم حلَّ محله القيادي في التنظيم أبو أيوب المصري الذي أعلن بعيد توليه المسؤولية عن تأسيس “دولة العراق الإسلامية”.
تنظيم الدولة الإسلامية
كان الإعلان عن تأسيس ما يُسمّى بـ”تنظيم دولة العراق الإسلامية” مرحلة جديدة في الصراع الدموي داخل العراق، إذ تسبَّب الصراع الدموي الذي قاده التنظيم بمقتل عشرات آلاف العراقيين، على يد التنظيم أو على يد فرق الموت الشيعية التي انتقمت من العرب السنّة في سعيها للانتقام من التنظيم الذي نكّل بالسنّة أكثر من الشيعة، بحسب الباحث السياسي محمد عزيز.
وعن كيفية تطوُّر الفكر المتطرف في العراق، يقول عزيز في حديثه لـ”نون بوست”: “لم يكن العرب السنّة متطرفون في العراق في جميع الحقب الزمنية التي سبقت الغزو الأميركي عام 2003، إلا إن التطرف انتشر في أوساط السنّة بسبب التهميش الكبير الذي مارسته حكومة نوري المالكي الأولى والثانية بين عامَي 2006 و2014”.
ويضيف أن التهميش الحكومي للسنّة، والاعتقال العشوائي للشباب والإعدامات من قبل الشرطة الاتحادية والميليشيات، أدّت لانخراط الكثير من الشباب في التنظيمات المتطرفة، ومنها ما يُسمّى بتنظيم الدولة الإسلامية الذي استفاد كثيرًا من مقتل قائده أبو أيوب المصري عام 2010 وتولّي أبو بكر البغدادي قيادة التنظيم.
لم تكن الثورة السورية بمعزل عمّا يجري في العراق، فمع انطلاقتها في مارس/ آذار 2011 وتأسيس العديد من التنظيمات المسلحة المقاوِمة للنظام السوري، ظهرت جبهة النصرة التابعة للقاعدة كتنظيم جهادي استغل الفوضى الأمنية لإعلان نفسه.
وجدت جبهة النصرة نفسها على وفاق مع الأفكار المتشدِّدة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق، ليعلِنَ التنظيم بالعراق عن اندماجه مع جبهة النصرة السورية وتأسيس ما بات يُعرَف بالدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” في 9 مايو/ أيار 2013، وذلك بحسب ما أكّده الباحث في الشأن الأمني رياض العلي.
ويفصِّل العلي في حديثه لـ”نون بوست” عن الظروف التي تهيّأت للطرفَين للإعلان عن اندماجهما، إذ يرى أن الوضع الأمني في العراق الذي كان متدهورًا وعدم وجود قوات حرس حدود عراقية مع سوريا، فضلًا عن سيطرة فصائل مسلحة (أبرزها النصرة) على الجانب الآخر من الحدود والمتمثِّلة بالحدود السورية، إضافة إلى سهولة العبور بين جانبَي الحدود وتوفُّر السلاح لدى النصرة من المستودعات التي تركها الجيش السوري؛ كل هذه الظروف ساعدت على اندماج التنظيمَين المتطرّفَين وإعلان تأسيس تنظيم “داعش”.
دولة “داعش”
كان لاندماج التنظيمَين في العراق وسوريا تأثير كبير على الوضع بالعراق، إذ ومع اتِّساع التظاهرات الشعبية في المناطق السنّية بالعراق المطالِبة بالإصلاحات الحكومية، استغلَّ التنظيم تذمُّر المدن السنّية العراقية من القوات الحكومية والبطش الذي مارسته القوات الأمنية حينها.
لم يتأخّر تنظيم داعش في السيطرة على مدينة الرقة السورية، التي حوّلها بعد أيام من المعارك مع فصائل المعارضة السورية إلى مقرٍّ لقيادة التنظيم.
وبعد 7 أشهر على تأسيس التنظيم، يقول العلي إنه وفي 4 يناير/ كانون الثاني 2014، استطاع تنظيم داعش السيطرة على مدينة الفلوجة العراقية التي تبعُد عن العاصمة العراقية بغداد قرابة 70 كيلومترًا نحو الغرب.
ويؤكد العلي أن التنظيم استفاد من سمعة الفلوجة في مقاومة القوات الأميركية، حيث كانت المدينة على امتداد السنوات بين 2003 و2014 مركز التمرد المسلح ضد القوات الأميركية في العراق، وشهدَت معركتَين ضاريتَين عام 2004 مع القوات الأميركية.
على الجانب الآخر من الحدود، لم يتأخّر تنظيم داعش في السيطرة على مدينة الرقة السورية، التي حوّلها بعد أيام من المعارك مع فصائل المعارضة السورية إلى مقرٍّ لقيادة التنظيم في 14 يناير/ كانون الثاني 2014، وبذلك استطاع التنظيم بسطَ سيطرته على مساحاتٍ شاسعة من البلدَين، ما هيّأ للتنظيم فرصته في اكتساح المدن العراقية والسورية في يونيو/ حزيران 2014.
انتشار التنظيم وسلاحه
مع احتلال تنظيم “داعش” لمدينة الموصل في 10 يونيو/ حزيران 2014، وانسحاب 40 ألف جندي من الحكومة العراقية -كانوا يشكلون 3 فرق عسكرية-، سيطرَ التنظيم على المدينة التي تُعدّ ثانية كبريات المدن العراقية في عدد السكان، حيث تركَ الجيش أسلحته المتنوِّعة وهربَ إلى مدن أخرى دون أية مقاومة.
وبالعودة إلى الخبير الأمني حسن العبيدي، يؤكد أن قيمة ما تركه الجيش والشرطة في الموصل يضاهي 1.5 مليار دولار، ويشملُ قرابة ألفَي عربة هامفي عسكرية مدرَّعة، إضافة إلى عدد كبير من الدبابات الروسية و15 دبابة أميركية من طراز أبرامز، فضلًا عن مئات الآلاف من البنادق الروسية والأميركية، وعدد لا يُحصى من العتاد والقنابل وقاذفات الصواريخ RBG7، فضلًا عن طائرتَين مروحيتَين روسيتَين لم يستطع التنظيم استخدامهما، بسبب عدم توفر الوقود الخاص اللازم لتشغيلهما.
ويرى العبيدي أن قيمة هذه الأسلحة تقتصر على الموصل فقط، وأن الرقم قد يكون 3 أضعاف إذا ما احتُسِبَت كمية الأسلحة التي سيطر عليها التنظيم خلال سيطرته على محافظات الأنبار وصلاح الدين، وأجزاء من كركوك وديالى وأطراف العاصمة بغداد.
أما رياض العلي فيرى من جانبه أن الأسلحة التي استولى عليها “داعش” من العراق، جعلته يصمد 3 سنوات في قتاله القوات العراقية، مشيرًا إلى أن الفساد في الجيش العراقي كان حاضرًا في تسليح “داعش”، إذ إن سقوط مدينة الرمادي عام 2015 بيد التنظيم كان متوقعًا، إلا إن قيادة الجيش حينها ووزارة الدفاع العراقية لم تفعلا الكثير لأجل عدم تكرار سيناريو سيطرة “داعش” على أسلحة القوات الأمنية في الموصل، حيث تركت الأسلحة في الرمادي كهدية للتنظيم، بحسبه.
انتهاء المعارك واستمرار “داعش”
استطاعت القوات الأمنية العراقية، بمساعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، وعلى مدى 3 سنوات، من استعادة المدن واحدة تلو الأخرى، رغم الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي تكبّدتها تلك القوات والمدنيين في مناطق القتال على حدِّ سواء.
ورغم إعلان رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي تحرير جميع الأراضي العراقية من سيطرة التنظيم في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2017، إلا إن التنظيم لا يزال يشنُّ عمليات عسكرية تستهدف القوات الأمنية العراقية والمدنيين في مختلف المناطق العراقية، مستفيدًا من الخلايا النائمة للتنظيم في مختلف المناطق.
ووفق مصادر أمنية، هرب المئات وربما الآلاف من عناصر التنظيم إلى المناطق الصحراوية والجبلية الوعرة في مناطق متفرقة من العراق، حيث أعاد التنظيم الانطلاق من تلك المناطق لشنِّ هجمات خاطفة بأسلوب حرب العصابات ضد القوات الأمنية، التي بدورها شنَّت حملات عديدة على هذه العناصر خلال العامَين الأخيرَين وقتلت عشرات منهم، دون الحد الكلي من الهجمات.
يُقدَّر عدد مسلّحي التنظيم حاليًّا في العراق بنحو ألف عنصر فقط، لكن هذا الرقم يبدو أقل بكثير من تقديرات الأمم المتحدة التي تشير إلى وجود نحو 10 آلاف عنصر من التنظيم في سوريا والعراق، غالبيتهم داخل الأراضي العراقية.
مناطق انتشار “داعش”
بحسب مصادر أمنية عراقية، تنتشر خلايا تنظيم “داعش” في العديد من المناطق داخل البلاد، ومن أهمها ما يُعرَف بـ”مثلث الموت”، وهي المنطقة الممتدة من شمال محافظة ديالى شرقاً على حدود إيران إلى جنوب محافظة كركوك وشرق محافظة صلاح الدين في الشمال.
ويضمّ مثلث الموت سلسلة جبال حمرين ذات الطبيعة الجغرافية الوعرة، فضلًا عن انتشار الأحراش والبساتين، ما يشكّل بيئة مثالية لمسلّحي “داعش” للاختباء والتخفي وشنّ هجمات مباغِتة ضد أهداف مدنية وأمنية.
ورغم أن القوات العراقية وعلى مدى السنوات الأربع الماضية شنّت العديد من العمليات العسكرية، والتمشيط الناري الجوي والبرّي، إلا إنها لم تتمكن حتى الآن من اقتلاع فلول التنظيم، وغالبًا ما تلجأ القوات العراقية للتحالف الدولي لشنِّ غارات جوية مكثَّفة ضد أهداف التنظيم هناك.
يعدّ تنظيم “داعش” واحدًا من العديد من التنظيمات الأيديولوجية المتطرفة التي نشطت في المناطق السنّية، إلا إن جميع التنظيمات الأخرى لم تستمر مثله.
ليس مثلث الموت وحده الملاذ الذي يتّخذه تنظيم “داعش” في العراق، إذ إن صحراء الأنبار القاحلة تشكل الغالبية العظمى من مساحة المحافظة، وتمتد من حدود سوريا والأردن غربًا وصولًا إلى الحدود السعودية نحو الجنوب.
كما أن بادية الجزيرة كذلك تعدّ معقلًا للتنظيم، إذ تمتدّ بين محافظتَي الأنبار ونينوى إلى الشمال الغربي وصولًا إلى حدود محافظة صلاح الدين إلى الشمال، وهي منطقة شبه صحراوية لا يكاد يوجد فيها انتشار سكّاني إلا بعض القرى التي هجرَها أهلها منذ سنوات بسبب سوء الوضع الأمني.
وبالإضافة إلى كل ما سبق، لا تزال الحدود السورية تشكّل هاجسًا كبيرًا للقوات الأمنية، بسبب عدم سيطرة قوات النظام السوري على الحدود من جهة العراق، إذ لا يزال عناصر التنظيم يحاولون التسلُّل إلى العراق من الطرف السوري رغم الانتشار الكبير لقوات الجيش العراقي وحرس الحدود.
في غضون ذلك، يقول الخبير الأمني رياض العلي في حديثه لـ”نون بوست”، إن تنظيم “داعش” يعدّ واحدًا من العديد من التنظيمات الأيديولوجية المتطرفة التي نشطت في المناطق السنّية، إلا أن جميع التنظيمات الأخرى لم تستمر مثله.
ويتابع العلي أن تنظيم “أنصار الإسلام” كان له انتشار كبير في مناطق شمال العراق، وتحديدًا في مناطق محافظة السليمانية الكردية وبعض مناطق شمال محافظة ديالى، إلّا إن التنظيم انتهى منذ سنوات بفعل الجهد الأمني الكردي ضده.
ويشير العلي كذلك إلى بعض التنظيمات المتطرفة الأخرى كأنصار السنّة وغيرها، التي ذابت بعد عام 2014 ضمن تنظيم “داعش” بعد سيطرته على مساحات شاسعة من العراق، جرّاء سيطرته على الموصل في يونيو/ حزيران من ذلك العام.
حزب العمال الكردستاني
منذ عقود من الزمن وحزب العمال الكردستاني التركي المعارض، يشكّل هاجسًا أمنيًّا واقتصاديًّا لتركيا التي تأسّسَ فيها، إذ كان الحزب قد تأسّس في سبعينيات القرن الماضي ثم تحوّل للعمل المسلح، وما لبث أن صار له تأثير كبير في عدة دول إقليمية كالعراق وسوريا.
ومع دخول الصراع المسلّح في سوريا مراحل متقدمة عام 2014، استطاعت القوات الكردية المعارضة للنظام السوري من استعادة العديد من مناطق شمال شرق سوريا، بمساعدة من حزب العمال الكردستاني الذي عبرَ الحدود التركية السورية لمساعدة أكراد سوريا.
ويرى الباحث السياسي أحمد الياس أن حزب العمال الكردستاني كان له وجود في العراق منذ تسعينيات القرن الماضي، غير أن تواجده هناك لم يكن مؤثِّرًا، لافتًا إلى أن التحول النوعي في وجود مقاتليه في العراق حدثَ عام 2014، بعد اكتساح تنظيم “داعش” مناطق قضاء سنجار (شمال غرب العراق)، وبالتالي دخل الحزب إلى هناك لمحاربة التنظيم، واستطاع فرض أجندته على المنطقة من خلال تعاونه مع المقاتلين الإيزيديين.
ويرى الياس في حديثه لـ”نون بوست” أن العمال الكردستاني استفاد من منطقة سنجار لتوسيع نفوذه في العراق، معلِّلًا ذلك بأن سنجار لديها حدود جبلية وعرة مع المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في الجانب السوري، وبالتالي باتَت أحد أهم معاقل الحزب في العراق بعد جبال قنديل الفاصلة بين الحدود العراقية التركية من جهة محافظة دهوك، التابعة لإقليم كردستان العراق.
الانتشار وحجم
بحسب مصدر أمني عراقي، فإن حزب العمال الكردستاني يتواجد في العديد من المناطق العراقية في شمال البلاد، وأوضح المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن هويته في حديثه لـ”نون بوست”، أن التواجد الرئيس لمقاتلي الحزب يتمثّل في سلسلة الجبال الطبيعية الفاصلة بين العراق وتركيا.
وتابعَ المصدر أن ثاني أهم معقل للحزب يتمثل في منطقة سنجار، وعلى طول الحدود العراقية السورية في تلك المنطقة، إضافة إلى تواجد مقاتلي الحزب في منطقة مخمور جنوب شرق مدينة الموصل، إضافة إلى تواجد كبير للحزب في محافظة السليمانية شمال شرق العراق.
لا يكاد يمرّ شهر في العراق دون إثارة ملف حزب العمال الكردستاني في سنجار، وانتشاره فيها وعرقلة عودة النازحين او استغلال مواردها، إذ يكشف قائد مقام سنجار السابق محما خليل، في حديثه لـ”نون بوست”، أن سنجار باتت خارج سيطرة الحكومة العراقية منذ سنوات، بسبب تواجد مقاتلي العمال الكردستاني وسيطرتهم على مناطق واسعة.
وأوضحَ خليل أنه وبحسب الإحصاءت، تبلغ أعداد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في مناطق سنجار وغرب نينوى نحو 6 آلاف مقاتل من الأكراد والإيزيديين.
ملف حزب العمال الكردستاني وتواجده داخل العراق يعدّ خرقًا للسيادة العراقية.
وعن مناطق انتشار العمال الكردستاني في سنجار، أوضح خليل أن مقاتلي الحزب ينتشرون في مناطق واسعة غرب مدينة الموصل، وهي مدينة سنجار وناحيتا سنوني والقحاطنية والطريق الرابط مع سوريا، لافتًا إلى أن مقاتلي الحزب يهرِّبون البضائع والسلع الممنوعة والأسلحة من وإلى سوريا.
وأكّد أن مقاتلي الحزب باتوا يتحكمون بالأوضاع السياسية والاقتصادية في تلك المناطق، ولهم اليد الطولى في تنصيب مدراء الدوائر، فضلًا عن منعهم عودة النازحين إلى ديارهم في مركز القضاء والنواحي والقرى التابعة له.
أما الصحفي رياض الحمداني، فيؤكد أن حزب العمال الكرستاني أسّسَ عام 2014 قوة مسلحة من الإيزيديين، وبات يُطلَق عليهم “اليبشة”، وباتت هذه القوة هي الحاكمة في المنطقة، إذ عيَّنوا إدارة محلية خاصة بهم بعد الاتفاق مع الحشد الشعبي.
كما يضيف الحمداني في حديثه لـ”نون بوست” أنه ومنذ عام 2015، بات لحزب العمال مقرّات وقواعد عسكرية خاصة في عمق جبل سنجار، مؤكّدًا أن قوات اليبشة (متحالفة مع العمال الكردستاني) لا تتجاوز أعدادها الـ 1500 إيزيدي، أما بقية المقاتلين والذين يقدَّر عددهم بالآلاف فهم من جنسيات أخرى تركية وسورية وإيرانية، ويمتكلون سيارات دفع رباعي حديثة يقدّر عددها بنحو 700 سيارة مجهَّزة بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
ورغم الرفض العراقي لتواجُد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في العراق، إلا إن الحكومة العراقية لم تفعل الشيء الكثير لطرد الحزب من البلاد، ما أعطى ذريعة لتركيا في شنِّ عشرات العمليات العسكرية والغارات الجوية داخل الأراضي العراقية.
وفي هذا السياق، يرفض عضو البرلمان العراقي المنحدر من سنجار، ماجد شنكالي، والمنضوي ضمن الحزب الديمقراطي الكردستاني، استمرار وجود الحزب في سنجار، مؤكدًا أن وجودهم غير منطقي ولا يمكن تبريره، مشيرًا إلى أن العمال الكردستاني هو حزب تركي، وإذا كان الحزب يسعى للحصول على حقوق الشعب الكردي في تركيا، فعليه أن يعمل على ذلك داخل الأراضي التركية، بحسب تعبيره.
أوضح شنكالي أن استمرار وجود العمال الكردستاني في سنجار وغيرها من المناطق، أعطى ذريعة للقوات التركية لتنفيذ كثير من الهجمات الجوية والمدفعية التي ذهب على إثرها الكثير من الضحايا المدنيين، سواء في سنجار أو مناطق أخرى في إقليم كردستان العراق.
وتشنُّ القوات التركية منذ سنوات عمليات عسكرية مستمرّة ضد مقاتلي الحزب في العراق، ومؤخّرًا توغّلَتِ القوات التركية لما يقارب 40 كيلومترًا داخل الأراضي العراقية، وأقامت قواعد مؤقتة وثابتة في محافظة دهوك لأجل ضمان عدم عودة مقاتلي الحزب، غير أن ملفَّ الحزب لا يزال عصيًّا على الحلّ، بحسب الباحث السياسي محمد عزيز.
ويتابع في حديثه لـ”نون بوست” أن ملف حزب العمال الكردستاني وتواجده داخل العراق، يعدّ خرقًا للسيادة العراقية، لافتًا إلى أن بعض الجهات المسلحة في العراق ممّا يُعرَف بـ”الفصائل الولائية”، تعمل مع مقاتلي الحزب بمبدأ التخادُم المصلحي والعسكري والاقتصادي.
ويكشف عزيز أن قواتًا من الحشد الشعبي والفصائل الولائية منتشرة في مناطق مخمور وفي مناطق سنجار كذلك، وتشير المعلومات أن هناك تعاونًا بين الجهتَين على اعتبار أن حزب العمال الكردستاني يحظى بدعم من قبل إيران، التي تواليها الكثير من الفصائل المسلحة المنتشرة في مخمور وسنجار.
بعد 18 عامًا من غزو العراق وإنفاق عشرات مليارات الدولارات على ملف التسليح للقوات الأمنية العراقية، لا يزال ملف الجماعات المسلحة المتطرِّفة والقومية والخارجة عن القانون يشكّل هاجسًا أمنيًّا داخل البلاد، ما يضع جميع احتمالات الحرب واردة في تلك المناطق، خاصة أن تركيا لا تنفكّ تهدِّد بعمليات عسكرية واسعة في الشمال العراقي، وتحديدًا في سنجار للقضاء على مقاتلي الحزب هناك.