ترجمة حفصة جودة
يوافق هذا الأسبوع الذكرى السنوية السبعين لاتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، التي وضعتها استجابةً للإخفاق المروع في أثناء الهولوكوست، ما يسبب لي حزنًا كبيرًا هو أن بريطانيا التي منحتني ملاذًا آمنًا وكرمتني بعدة طرق مختلفة، تريد الآن أن تدير ظهرها لكي شيء حاربت الاتفاقية من أجله.
عندما تفر من حرب أو عنف فإنك لا تتوقف عن الهرب حتى تشعر بالأمان، قبل عقدين من الزمان فررت إلى بريطانيا من أفغانستان التي مزقتها الحرب، وبينما قضيت معظم طفولتي مختبئًا من الصواريخ ومحاولًا التغلب على الظروف غير الإنسانية في مخيمات اللاجئين حيث نجوت من مرض السل، وصلت إلى بريطانيا كمراهق مصاب بالصدمة في عمر الـ15، ولأنني انفصلت عن عائلتي لم أكن حاصلًا إلا على القليل من التعليم الرسمي ولديّ 100 دولار باسمي.
عندما جلست في أمان تمكنت من إعادة بناء حياتي، كنت فخورًا بتكريمي لإنجازاتي في الرعاية الصحية والابتكار من بريتي باتل – وزيرة داخلية بريطانيا الآن – ومن رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك تريزا ماي.
لا يملك غالبية الناس الذين يفرون من الحرب أو الاضطهاد رفاهية الحصول على موافقة رسمية مسبقة
الآن تريد الحكومة البريطانية أن تغلق أبوابها في وجه آخرين مثلي يحملون آمالهم وأحلامهم، وفقًا لمشروع قانون “الجنسية والحدود”، هذا المشروع المناهض للاجئين يريد أن يصنع نظامًا من مستويين، فالشخص الذي يفر من الحرب أو الاضطهاد سيُجرم أو يُسجن إذا كانت رحلته غير رسمية (مُوافق عليها مسبقًا)، وهو ما يدمر الأساس المنطقي للاتفاقية الذي يؤكد بشكل متعمد عدم السؤال عن كيفية وصول اللاجئ إلى البلاد بل لماذا اضطر للهرب من وطنه بالمقام الأول.
وفقًا لهذا التشريع المقترح لم يكن ليتاح لي الفرصة لتعلم الإنجليزية ودراسة الطب في جامعة كامبريدج وأن أصبح طبيبًا يحارب فيروس كورونا في المملكة المتحدة، إذا كنت أهرب لأنجو بحياتي اليوم كنت سأحُرم من جلسة استماع اللاجئين وأتعرض للترحيل في فترة وجيزة.
لا يملك غالبية الناس الذين يفرون من الحرب أو الاضطهاد رفاهية الحصول على موافقة رسمية مسبقة رغم أنه أمر مرغوب فيه، بالعودة إلى أفغانستان، لم يكن هناك طريق رسمي للهرب متاح أمامي أو أمام المدنيين المحاصرين وسط طلقات النيران والقذائف.
هذا هو الوضع الآن لنسبة 1% من سكان العالم الذين اضطروا للنزوح قسرًا بسبب الصراعات، وقد انتهى الوضع بنسبة ضئيلة منهم على شواطئ المملكة المتحدة.
لم تكن اتفاقية اللاجئين التي شاركت فيها بريطانيا بعد فظائع الحرب العالمية الثانية، لتصبح أكثر وضوحًا: الحق في طلب اللجوء، لكن بالتركيز على كيفية دخول الأشخاص الضعفاء إلى المملكة المتحدة وتجاوز الواجب الأساسي لحمايتهم، فإن بريطانيا تهدد بمخالفة التزامها الدولي وتدير ظهرها للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.
التهديد الآخر لهذا القانون هو خطر وجودي، فقد انسلت المشاعر المعادية للأجانب واللاجئين إلى سياسات المملكة المتحدة، وهو ما يبتعد عن الرحمة والشفقة اللتين أظهرتهما لي الحكومة البريطانية والشعب في العقود الماضية.
فصور الأشخاص اليائسين المؤلمة في أثناء عبورهم القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة، أصبحت تُعرض على الأمة كأزمة لاجئين، ومع ذلك سجلت وكالة الأمم المتحدة للاجئين أنه في 2020 استقبلت بريطانيا أقل من ثلث طلبات اللجوء التي استقبلتها ألمانيا وخُمسيّ العدد الذي استقبلته فرنسا.
يجب أن تكون الذكري الـ70 لاتفاقية اللاجئين تذكيرًا لبريطانيا بتاريخها المشرف في تقديم الحماية للاجئين
مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان تواجه عائلتي وأصدقائي عنفًا متصاعدًا، ولا يسعني إلا أن أقول إن التاريخ يعيد نفسه، غير أنني أخشى أن الأشخاص الذين ينظرون إلى بريطانيا كملاذ آمن سيُحرمون من ذلك بأقسى طريقة.
لقد كان اللاجئون دائمًا جزءًا من النسيج الوطني في بريطانيا، فقد عززوا النظام الصحي والتعليمي وكذلك الثقافي والاجتماعي، بعد فترة وجيزة من تأهيلي أنشأت مؤسسة “Arian Teleheal” وهي مؤسسة خيرية تستخدم التكنولوجيا لمنح الأطباء في مناطق الحرب ذات الموارد المنخفضة اتصالًا مع الأطباء في خدمات الصحية الوطنية بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات الطبية.
لقد جسّد ذلك بعدة طرق “بريطانيا العالمية” التي وُعدنا بها بعد “البريكست”، لقد أوضحت شيئًا واحدًا: تنوع الخبرات والمعارف يفيد الجميع، وفي بعض الأحيان ينقذ الأرواح.
يجب أن تكون الذكري الـ70 لاتفاقية اللاجئين تذكريًا لبريطانيا بتاريخها المشرف في تقديم الحماية للاجئين مثلي، يجب أن تتقدم الآن وتلعب دورها في هذا العالم الذي أصبح خطيرًا بشكل متزايد.
إن الطريقة التي نعامل بها الناس ترمز إلى الوطن الذي نأمل أن نكونه، في هذه الذكري يجب أن تكون الرسالة الموجهة للحكومة البريطانية واضحة: قدمي لنا طريقة عادلة ورحيمة للجوء، تلك الطريقة التي تليق ببريطانيا العالمية.
المصدر: الجزيرة الإنجليزية