يقرّ خبراء صحّة الأطفال والتعليم بالفوائد التعليمية والاجتماعية والعاطفية للتعليم بالمدارس، لكنهم يدركون أيضًا أنه يتعيّن على الآباء الموازنة بين إيجابيات حضور الطلاب إلى المدرسة، وإمكانية إصابة الطلاب بالفيروس ونشره.
وكما تعلّمنا خلال جائحة كوفيد-19، فإن الذهاب إلى المدرسة شخصيًّا هو أفضل طريقة لتعلُّم الأطفال والمراهقين، حيث يحصل العديد من الطلاب على موارد حيوية يحتاجون إليها للنجاح في المدرسة واكتساب التعلّم بصورة أفضل في أغلب الحالات، إلا إنه مع بدء العام الدراسي الجديد 2022، لن يكون العديد من الطلاب مؤهّلين بعد للحصول على اللقاحات ضد كوفيد-19.
ومع استمرار العالم في مواجهة جائحة كوفيد-19 في الأشهر الأولى من عام 2021، أصدر الكثير من مسؤولي الصحة بالدول بعض الإرشادات المصمَّمة خصيصًا لمساعدة الطلاب على العودة إلى الفصول الدراسية بأمان، ومع ذلك لا يزال العديد من المعارضين يجادلون بأن المدارس يجب أن تظلَّ مغلقة حتى تقلّ فرصة انتشار الفيروس في المجتمع، أو حتى يتم تطعيم جميع المعلمين.
إيجابيات وسلبيات
قد يكون اتخاذ القرارات، خاصة تلك التي تنطوي على خطورة كبيرة والمتعلقة بالصحة الشخصية، أمرًا صعبًا للغاية بالفعل، وعندما لا يكون القرار خيارًا واضحًا وسهلاً، يكون الأمر أكثر صعوبة.
ومن الأمثلة على ذلك القرار الذي يجب اتخاذه بشأن إعادة فتح المدارس، فهناك عدد لا يحصى من النقاط التي يجب التفكير فيها سواء مع أو ضدّ فكرة وجود أطفال في المدارس، خلال هذا الوقت من الأزمة الصحية العالمية.
وفي النقاط التالية سنحدِّد إيجابيات وسلبيات فتح المدارس وإعادة الطلاب إلى وقت التدريس التقليدي، حيث يجب أن يعود القرار النهائي لإعادة فتح المدارس المحلية إلى حكومتك المحلية، لكن قرارك بإعادة طفلك إليها سيعتمدُ على كيفية إعطاء الأولوية لهذه الإيجابيات والسلبيات.
سلبيات إعادة فتح المدارس
1. سلامة الطلاب
كوفيد-19 هو فيروس لا يزال قيد الدراسة، وبينما يفهم العلماء الكثير عن الطريقة التي يعمل بها الفيروس ويصيب البشر، إلا إنهم لا يعرفون كل شيء.
كان يُعتقَد في البداية أن الأطفال لا يمكن أن يصابوا بكوفيد-19، بعد ذلك تمّ اكتشاف أن بعض الأطفال يصابون بالفعل ولديهم ردود فعل شديدة تجاه الفيروس.
ومن المؤكد أن فكرة إعادة الأطفال إلى المدرسة، دون معرفة مدى تعرُّض الطلاب للخطر بسبب الإصابة بالفيروس، أمر مثير للقلق.
2. صحّة ورفاهية المعلمين والإداريين
منذ بداية تفشي المرض، كان من المعروف أن كوفيد-19 يؤثّر على كبار السن بشكل أكثر حدة من الشباب، ويمكن أن يكون المعلمون بالتأكيد من كبار السن ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، ولذلك يجب مراعاة صحّة الموظفين وأعضاء هيئة التدريس والإداريين، قبل اتخاذ قرار بإعادة فتح المدارس.
3. تفشّي الفيروس
لا تؤدي إعادة الأطفال للمدرسة إلى تعريض الأطفال والموظفين للإصابة بالعدوى فقط، إلا إنها تؤثر أيضًا على كل هؤلاء البالغين الذين يتعامل معهم الأطفال.
ونظرًا إلى أن الأطفال معروفون بأنهم حاملون للفيروس، حتى عندما لا تظهر عليهم أعراض، فإن إعادة فتح المدارس يمكن أن تعيد تعريض الأجداد المسنين ومقدّمي الرعاية للفيروس من خلال الأطفال الذين يذهبون إلى المدرسة، وهذه مشكلة إرسال ثانوية، ولكن يجب أخذها بعين الاعتبار.
4. التأثير العقلي بسبب الاحتياطات
الأطفال مرنون ولديهم القدرة على التكيُّف والازدهار في العديد من البيئات، ومع ذلك هل من المعروف حقًّا كيف سيتفاعل الأطفال مع فصل دراسي بعيد اجتماعيًّا، حيث لم يعد يُسمَح للطلاب باللعب معًا، أو تناول الطعام على الطاولة نفسها، أو حتى النظر إلى وجه معلمهم (بسبب قناع تغطية الوجه)؟
هل يمكن أن تكون هناك عواقب نفسية على الطلاب العائدين إلى الفصل، في ظل هذه القيود الصارمة الموضوعة للحماية من الانتشار غير المقصود للعدوى؟
إيجابيات إعادة فتح المدارس
لنلقي ألان نظرة على حجج المؤيّدين لإعادة فتح المدارس.
1. التأثير العقلي على بقاء الطلاب في المنزل
البشر مخلوقات اجتماعية، والعزلة هي نقيض حياتنا المجتمعية، والمدرسة هي مكان يمكن للأطفال أن يتواجدوا فيه مع أطفال آخرين يعيشون ويعملون في المجموعة الاجتماعية التي ينتمون إليها.
ويمكن أن يتسبّب الانفصال لفترات طويلة عن روابطنا الاجتماعية في حدوث ضغط عاطفي، وإعادة فتح المدارس يمكن أن يخفِّف من هذا التوتر.
2. الرفاه الأكاديمي
بعض الناس يزدهرون بالتعلُّم عن بعد، حيث هناك أشخاص لديهم قلق اجتماعي، إلا إن هؤلاء الأفراد ليسوا الأغلبية.
ينجح العديد من الطلاب في التواصل وجهًا لوجه مع معلميهم، ويؤدي الطلاب الصغار، على وجه الخصوص، أداءً أفضل عندما يكونون في فصل دراسي مع معلم متفاعِل لمساعدتهم وتوجيههم خلال عملهم، والتعلم عن بعد لا يوفِّر للمعلمين القدرة على إشراك الطلاب بالمستوى نفسه، كما هو الحال عندما يكونون في الفصل الدراسي.
هناك طُرُق لخلق بيئة تعليمية آمنة للطلاب العائدين إلى المدارس، ويمكننا أن نفترض أنه طالما يتم التعامل مع بيئة التعلم بطريقة صحية وآمنة، فسيتم حماية الطلاب والموظفين من التعرض للفيروس.
3. الرفاه الاقتصادي
أثّر إغلاق المدارس على الاقتصاد بطريقتَين: على وظائف أكثر من 6.5 مليون موظف بالمدارس العامة، وكذلك الطلب من مقدّم رعاية واحد على الأقل البقاء في المنزل (غير قادر على العودة إلى عمله/ عملها) لرعاية الأطفال غير القادرين على العودة إلى المدرسة.
وإعادة فتح المدارس سيعيد توظيف طاقم الدعم المطلوب للحفاظ على العائد المادي (أولئك الذين لا يستطيعون العمل من المنزل)، وكذلك تحرير الآباء ومقدّمي الرعاية الذين يقيمون في المنزل مع الطلاب.
4. التعلُّم الآمن ممكن
من المهم مراعاة السلامة، ولكنّ هناك طرقًا لخلق بيئة تعليمية آمنة للطلاب العائدين إلى المدارس، ويمكننا أن نفترض أنه طالما يتم التعامل مع بيئة التعلُّم بطريقة صحية وآمنة، فسيتم حماية الطلاب والموظفين من التعرض للفيروس.
احتياطات السلامة المستخدَمة
قامت بعض المدارس التي تمَّ افتتاحها بالفعل بتنفيذ العديد من احتياطات السلامة للحفاظ على سلامة الطلاب والموظفين، وبعض هذه الاحتياطات هي:
– يجب على جميع الأشخاص (الموظفين والطلاب) ارتداء الأقنعة في جميع الأوقات.
– يتم وضع المكاتب في خطوط مواجِهة للأمام لتقليل العمل وجهًا لوجه.
– احتفظَ بعض المدرِّسين بمجموعات التعلُّم بأسلوب الكبسولات الخاصة بهم، عن طريق تثبيت جدران زجاجية بين كل مكتب وجهًا لوجه كحاجز للفيروس.
– تمَّ ترتيب أوقات الغداء على فترات متقطعة لتقليل عدد الأشخاص المتجمّعين في منطقة واحدة في كل مرة.
– تقوم بعض المدارس بتوجيه الطلاب بالتناوب حتى يتم شغل نصف المدرسة فقط.
– يجب على جميع المعلمين توفير معقّم اليدين وفرض استخدام الطالب للمعقِّم.
– يتم تنظيف المساحات العامة ذات الحجم الكبير بشكل متكرِّر.
كما هو الحال مع جميع القرارات التي يجب اتخاذها، يمكن أن يساعد سرد إيجابيات وسلبيات الموقف في توضيح ما يتم اتخاذ قرار بشأنه، فالأمر متروك لكل شخص لتقييم تفضيلاته، حيث قد تشعر أن جانبًا ما أكثر أهمية من الآخر، بينما قد يضع صديقك قِيَمًا معاكسة لتلك العناصر نفسها.
خطوات للحفاظ على سلامة الطلاب في المدرسة قدر الإمكان
لضمان بقاء الطلاب والموظفين في صحّة جيدة، إليك توصيات السلامة الرئيسية:
لقاحات كوفيد-19
يجب أن يتم تحصين جميع البالغين والأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 عامًا، المؤهّلين حاليًّا للحصول على لقاحات كوفيد-19، بشكل كامل بحلول بداية العام الدراسي، حيث يُعتبر الأشخاص ملقحين بالكامل بعد أسبوعَين من الجرعة الثانية في سلسلة من جرعتَين، مثل لقاح Pfizer أو Moderna، أو بعد أسبوعَين من لقاح جرعة واحدة مثل لقاح Johnson.
أقنعة الوجه
يجب على كل شخص يزيد عمره عن عامَين ارتداء أقنعة تغطّي الأنف والفم، هذه أداة بسيطة ومثبّتة لحماية الطلاب غير القادرين على الحصول على اللقاح بعد، أو الذين اختاروا عدم الحصول عليه.
وعندما تكون مناسبة بشكل جيّد ويتم ارتداؤها بشكل صحيح ومتّسق، تكون أقنعة الوجه فعّالة وآمنة للارتداء لفترات طويلة من الوقت، مثل أثناء اليوم الدراسي.
والغالبية العظمى من الأطفال، حتى أولئك الذين يعانون من حالات طبية، قادرون على ارتداء أقنعة الوجه بأمان وفعالية من خلال الممارسة والدعم وتمثيل الأدوار من قبل البالغين، فقط تحدّثْ مع طبيب الأطفال الخاص بطفلك حول بعض الحالات الطبية التي قد تحظر استخدام القناع.
التباعُد الجسدي
يجب أن يظل الطلاب على مسافة 3 أقدام على الأقل داخل الفصول الدراسية عندما يكون ذلك ممكنًا، وبشكل عام يوصي مركز السيطرة على الأمراض (CDC) الأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم بشكل كامل، بالحفاظ على مسافة مادية لا تقل عن 6 أقدام من الأشخاص الآخرين الذين ليسوا في منازلهم.
ومع ذلك تُظهر العديد من الدراسات من العام الدراسي 2020-2021 انخفاض مستويات انتقال كوفيد-19 بين الطلاب في المدارس التي لديها مسافة أقل من 6 أقدام، عندما استخدمت المدرسة استراتيجيات وقائية أخرى مثل استخدام الأقنعة.
وعندما يكون ذلك ممكنًا، يجب على المدارس استخدام المساحات الخارجية والمساحات غير المستخدمة للتعليم والوجبات للمساعدة في التباعد، فالأنشطة مثل الغناء والتمارين الرياضية، على سبيل المثال، هي أكثر أمانًا في الهواء الطلق.
إجراءات الفصل الدراسي
للمساعدة في الحد من تفاعل الطلاب خارج الفصل الدراسي، يجب على المدارس مراعاة ما يلي:
– جعل المعلمين يتنقلون بين الفصول الدراسية، إن أمكن، بدلاً من جعل الطلاب يملأون الممرات أثناء فترات المرور.
– السماح للطلاب بتناول وجبات الغداء في مجموعات صغيرة في الهواء الطلق بدلاً من غرف الغداء المزدحمة، نظرًا إلى الحاجة لإزالة أقنعة الوجه أثناء تناول الطعام، فمن الأفضل إبقاء الطلاب غير المطعّمين على مسافة 6 أقدام أثناء الغداء.
– ترك أبواب الفصل الدراسي مفتوحة للمساعدة في تقليل الأسطح عالية اللمس، مثل مقابض الأبواب.
– عندما يسمح الطقس وجودة الهواء بذلك، افتح النوافذ والأبواب لتحسين دوران الهواء، ويمكن استخدام المراوح التي تعمل على تقليل الهواء الراكد، لتعزيز دوران الهواء الخارجي.
– يوصى بتقديم اختبارات الفحص للطلاب الذين لم يتم تطعيمهم بالكامل، عندما تكون هناك مستويات أعلى من حالات كوفيد-19 في المجتمع. فيمكن أن يوفِّر فحص الاختبار أيضًا حماية إضافية للمدارس غير القادرة على توفير مسافة فعلية مثالية بين الطلاب. ويجب تقديم اختبار الفحص لجميع المعلمين والموظفين الذين لم يتم تطعيمهم بشكل كامل لكي تكون فعّالة، ويجب أن يتم الفحص مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، وبسرعة في غضون 24 ساعة.
– يوصى بإجراء الاختبارات التشخيصية عندما يكون لدى شخص ما أعراض كوفيد-19، أو تعرّض حديثًا له أو مشتبه بحمله للفيروس.
– فحوصات درجة الحرارة؛ قد لا يكون قياس درجات حرارة الطلاب في المدرسة ممكنًا، ومع ذلك يجب على العائلات مراقبة صحة الطلاب وإبقائهم في المنزل إذا كانت درجة حرارتهم 100.4 درجة فهرنهايت أو أكثر، أو تمّت ملاحظة أي أعراض للمرض.
– يجب على ممرضات المدارس قياس درجة حرارة أي شخص يشعر بالمرض أثناء اليوم الدراسي، ويجب أن تكون هناك منطقة محدَّدة لفصل أو عزل الطلاب الذين لا يشعرون بأنهم على ما يرام. وللبقاء في أمان، يجب على ممرِّضات المدارس استخدام معدات الوقاية الشخصية، مثل أقنعة N95 والأقنعة الجراحية والقفازات ودروع الوجه.
– التنظيف والتطهير والنظافة. يجب أن تتّبع المدارس إرشادات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، بشأن التطهير والتعقيم المناسب للفصول الدراسية والمناطق المشتركة. ويجب تشجيع الطلاب والموظفين على غسل اليدَين بالماء والصابون أو استخدام معقِّم اليدَين بانتظام.
بالمحصلة؛ تُعتبر المدرسة الآمنة بيئة هامة جدًّا للمتعلِّم، إذ تقدِّم المدارس أكثر من مجرد تعليم أكاديمي للأطفال والمراهقين، فبالإضافة إلى القراءة والكتابة والرياضيات، يتعلم الطلاب المهارات الاجتماعية والعاطفية، ويمارسون التمارين ويتاح لهم الوصول إلى خدمات الصحة العقلية وخدمات الدعم الأخرى.
المدارس بالعموم أماكن آمنة ومحفِّزة ومثيرة للأطفال والمراهقين للتعلُّم، ويمكن للعائلات والمدارس والمجتمعات العمل معًا للمساعدة في ضمان عودة الطلاب بأمان، والبقاء معًا في المدرسة هذا العام، هذا مع مراعاة ظروف كل دولة ومدى انتشار الفيروس فيها، بالخصوص مع سرعة انتشار المتحور دلتا.