ترجمة وتحرير: نون بوست
تتعرّض القوات الأمريكية في العراق، التي لطالما كانت هدفا للصواريخ، بشكل متزايد، للهجوم من قبل نوع أكثر حداثة من التهديد المحمول جوا، وهي الطائرات دون طيار. وتصاعد استخدام هذه الطائرات من قبل القوات شبه العسكرية الشيعية في العراق جنبا إلى جنب مع وكلاء إيران الآخرين، مثل جماعة الحوثي في اليمن. ويبدو أن إيران نفسها تستخدم طائرات هجومية مسيّرة، حيث برز ذلك خلال الهجوم الذي شنّته الأسبوع الماضي على سفينة الشحن ميرسر ستريت التي تديرها “إسرائيل” في خليج عمان. لكن حتى الآن، تبدو قدرات الطائرات دون طيار المستخدمة في العراق ضد الأهداف الأمريكية أقل فتكا بكثير من تلك التي أُطلقت من اليمن.
مع ذلك، يحذّر قادة الجماعات شبه العسكرية والضباط العسكريون العراقيون موقع “ميدل إيست آي”، من قدرة العديد من الفصائل المسلحة على شن هجمات بطائرات مسيّرة أكثر فتكا مما شهدناه حتى الآن. كما صرّحوا أن سبب عدم رؤيتنا لمثل هذه الاعتداءات يتمثّل في تردّد الفصائل في استفزاز واشنطن خوفا من ردّها القوي. وبالفعل، تختبر الهجمات الروتينية بطائرات مسيّرة على القواعد العسكرية العراقية التي تستضيف القوات الأمريكية والبعثات الدبلوماسية في بغداد والمرافق الحكومية الحيوية صبر الحكومتين العراقية والأمريكية والمجتمع الدولي.
منذ نيسان/أبريل، شنّت طائرات مسيّرة ما لا يقل عن 10 هجمات طالت أهدافا في جميع أنحاء البلاد، وخلّف معظمها خسائر بشرية ومادية قليلة. في المقابل، أثارت هذه الهجمات أسئلة شائكة حول أمن الأهداف وقدرات الفصائل المسلحة المدعومة من إيران. فضلا عن ذلك، تواصل هذه الهجمات الضغط على القوات الأمريكية، التي تسعى الفصائل جاهدة لرؤيتها تنسحب وتصر على مغادرتها العراق قبل أن تتوقف الهجمات.
أفاد قادة القوات شبه العسكرية وضباط الجيش العراقي والمراقبون لموقع “ميدل إيست آي” أن ما لا يقل عن ثلاثة فصائل مسلحة عراقية لديها القدرات التقنية والأسلحة اللازمة لشنّ هجمات ضخمة ووحشية باستخدام طائرات مسيّرة. في المقابل، قال العديد من قادة الفصائل المسلحة البارزين إنهم يتجنبون الكشف عن قدراتهم الفعلية ويحدون عمدا من الأضرار التي تخلّفها.
شمل العرض معظم الأسلحة والقوات الموجودة تحت تصرّف سلطة قوات الحشد الشعبي
قال أحد القادة إن القوات شبه العسكرية قادرة على شنّ هجمات بطائرات مسيّرة بأهمية الهجمات نفسها التي يشنها الحوثيون على منشآت النفط والمطارات السعودية، لكنها لا تقدم على القيام بذلك لعدة أسباب. في هذا الإطار، ذكر القائد أن: “الهجمات الضخمة والوحشية تؤدي حتما إلى ردود فعل قاسية. لذلك، لا تريد الفصائل إيذاء الأمريكيين خوفا من هجماتهم المدمّرة”. وأضاف القائد أن “الضغط النفسي” و “الصدى الإعلامي” الناجمين عن تنامي الهجمات المحدودة بطائرات دون طيار هما كل ما تحتاجه الفصائل في الوقت الراهن.
الاستعراض
قد تبدو الحجة القائلة إن الجماعات المسلحة المدعومة من إيران لا تريد الكشف عن القدرات الحقيقيّة لطائراتها المسيّرة سخيفة في البداية إلى حد ما، حيث بدا، منذ شهر، أن الفصائل تبذل كل ما في وسعها لاستعراض قوّة ترسانتها. وفي 26 حزيران/ يونيو، نظّمت قوات الحشد الشعبي، وهي مجموعة حكومية تضمّ القوات شبه العسكرية، عرضا عسكريا في معسكر أشرف في محافظة ديالى، على بعد 70 كيلومترا شماليّ شرقيّ بغداد.
شمل العرض معظم الأسلحة والقوات الموجودة تحت تصرّف سلطة قوات الحشد الشعبي، بما في ذلك عدد من الطائرات المسيّرة التي حاولت القوات لاحقا أن تنكر أنها كانت جزءا من العرض. مع ذلك، حصل موقع “ميدل إيست آي” على صور حصرية للأدوات الموجودة في العرض، التي كانت جميعها إيرانية الصنع، بينما وقع تجميع بعضها داخل العراق، بناء على ما صرّح به ضباط عراقيون متصّون وقادة من قوات الحشد الشعبي. وشمل العرض طائرات من نوع مهاجر 6 وسحاب 1 وسحاب وباز وسفير، التي يمكن التعرّف عليها بسهولة نظرا لأن قوات الحشد الشعبي تكتب اسمها على المركبات التي كانت تقلّها في معسكر أشرف.
قال مسؤول كبير في قوات الحشد الشعبي لموقع “ميدل إيست آي” إن “هذه الطائرات تُستخدم لغاية الاستطلاع وهي متاحة لمعظم القوات العراقية، باستثناء طائرة مهاجر، نظرا لأنها من الجيل الجديد من الطائرات المسيّرة الإيرانية القاذفة للقنابل”. وتُعتبر مهاجر 6 طائرة مسيّرة إيرانية الصنع مصمّمة ومجهزة بصاروخين جويين ذكيّين موجّهين بدقة. تقوم هذه الطائرات بمهام الاستطلاع والمراقبة والقتال مع نطاق تشغيلي واسع وقدرة طيران لمدة تصل إلى 12 ساعة.
بالمقارنة مع الطائرات المسيّرة الأخرى التابعة للقوات شبه العسكرية، لفتت هذه الطائرات الأنظار عندما ظهرت في العرض. مع ذلك، قلّل عدد من قادة قوات الحشد الشعبي والضباط العسكريين والسياسيين الشيعة من أهمية طائرات مهاجر، وأصروا على أنها عُرضت لغايات دعائية، وقالوا إن معظم الطائرات لم تكن تعمل في الواقع.
قال مسؤول قوات الحشد الشعبي لموقع “ميدل إيست آي”: “قُدّمت هذه النماذج في الغالب لغايات العرض والتصوير، حتى أن بعضها لا يعمل نظرا لأن الإيرانيين لم يزودونا بإكسسواراتها. لدينا فريق خاص يقوم بتصنيع طائرات مسيّرة، بالإضافة إلى الطائرات التي نستوردها بموجب عقود رسمية من إيران والصين، لغايات الاستطلاع”.
صّرح قادة الفصائل المسلحة وضباط الجيش العراقي لموقع “ميدل إيست آي”، أنه على الرغم من أن هذه الطائرات المسيّرة المستوردة مصمّمة لغاية الاستطلاع، إلا أنه يقع تعديل العديد منها لتصبح قيد العمل. بعد مقابلات مع ضباط الجيش والشرطة الفيدرالية وأعضاء القوات الجوية وقادة القوات شبه العسكرية والسياسيين والمسؤولين الأمنيين، تأكد موقع “ميدل إيست آي” من استخدام نوعين رئيسيّين من الطائرات المسيّرة من قبل الفصائل المسلحة، التي وقع اقتناؤها أو تجميعها في العراق ولم تُعرض خلال موكب معسكر أشرف.
يعدّ النوع الأول عبارة عن طائرات دون طيار تعمل بمحركات مصمّمة في الأصل لالتقاط الصور الجوية. في المقابل، تحوّلت في الوقت الراهن إلى طائرات مقاتلة. ويتمثّل النوع الثاني في طائرات شراعية “عادة ما تكون بسيطة للغاية و/ أو بدائية”، وذلك وفقا لما صرّح به قائد سلاح الجو. وكانت الطائرات المسيّرة المخصّصة للتصوير السينمائي التي عُدّلت لأداء مهام قتالية من نوع فانتوم 3 وفانتوم 4 وإنسباير 1 وإنسباير 2.
صرّح قائد فصيل مسلح تدعمه إيران إن: “بعض طائرات التصوير السينمائي دون طيار صُمّمت لحمل كاميرات تزن 15-26 كيلوغراما. كنتيجة لذلك، يُمكن تعديلها لاستبدال الكاميرا بصاروخ أو جسم متفجر من الوزن نفسه أو أقل”. عادة ما تكون هذه الأنواع من الطائرات متوفرة ورخيصة الثمن، حيث لا يتجاوز ثمنها في الأسواق المحلية، 1500 دولار أو 2000 دولار. وتستطيع هذه الطائرات التحليق على ارتفاعات منخفضة دون أن تصدر صوتا قويّا أو تنبعث منها حرارة، ما يجعل من الصعب اكتشافها. وفي هذا الشأن، قال الضباط والقادة العسكريون إن هذه الأسعار تجعل من السهل اقتنائها.
تُصنّع أبسط الطائرات المسيّرة المنتجة محليا باستخدام الألياف الزجاجية والمحرّكات التي تتوفر بسهولة في العراق. وقالت المصادر إن هذه الطائرات يمكن شراؤها مقابل ما يتراوح بين 700 و1000 دولار حيث أنها قادرة على حمل عبوات ناسفة يصل وزنها إلى كيلوغرامين. وقال ضباط الجيش العراقي والقوات الجوية إن بناء طائرات مسيّرة بدائية يُعدّ أمرا بسيطا نسبيا، وإن جميع القوات النظامية وغير النظامية في البلاد قادرة على تجميعها معا. وأضاف الضباط أن التحدي الأكبر يتمثّل في السيطرة بإحكام على الطائرة مع زيادة وزن حمولتها، أي التأكد بشكل أساسي من أن الطائرات المسيّرة مميتة ودقيقة وبعيدة المدى.
كانت الطائرات المسيّرة غائبة عن سماء العراق إلى حد كبير بعد هزيمة تنظيم الدولة
من جهته، صرّح قائد في قوات الحشد الشعبي “لموقع ميدل إيست آي” قائلا: “لهذا السبب، استخدمت الطائرات المسيّرة الانتحارية في معظم الهجمات التي نُفِّذت في العراق. وخلال الهجوم الأخير الذي استهدف أربيل في تموز/يوليو، باستخدام أربع طائرات شراعية انتحاريّة مسيّرة”.
سلاح جديد
كانت الطائرات المسيّرة غائبة عن سماء العراق إلى حد كبير بعد هزيمة تنظيم الدولة في كانون الأول /ديسمبر سنة 2017. بعد ذلك بعامين، بدأت طائرات مسيّرة مجهولة الهوية تستهدف مستودعات أسلحة تابعة للفصائل المدعومة من إيران. وقال عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء آنذاك، إن التحقيقات تشير إلى أن إسرائيل كانت وراء هذه الهجمات. صرّح أحدهم لموقع “ميدل إيست آي” أن قادة الفصائل المسلحة أدركوا في هذه المرحلة أن ترسانة أسلحتهم كانت تفتقر بشدة إلى مثل هذه المعدات.
صرّح القائد قائلا: “كانت الطائرة دون طيار واحدة من أهم التقنيات التي زوّدنا بها الإيرانيون طوال سنوات 2015 و2016 و2017، خلال معاركنا ضد تنظيم الدولة”. وتابع القائد حديثه قائلا: “تعدّ الطائرات المسيّرة من الأسلحة التي ضمنت لنا التفوّق الاستخباراتي خلال العشرات من المعارك التي نشبت ضد تنظيم الدولة في ذلك الوقت. وأصبحنا أهم عنصر استخباراتي للجيش ووحدات الشرطة الفدرالية التي كانت تقاتل إلى جانبنا على الجبهات نفسها”.
في هذا السياق، أفاد سياسي شيعي بارز مقرّب من إيران لموقع “ميدل إيست آي” أن طهران حافظت في المقابل على سيطرتها المشددة على استخدام الطائرات المسيّرة. ولم تكن الإمدادات الإيرانية لبعض الأسلحة والتكنولوجيا متاحة طوال الوقت لجميع الفصائل المسلحة، حتى لتلك المرتبطة بها بشكل وثيق، نظرا لأنها كانت “دائما معدات محسوبة ومشروطة”.
لم تكن البدائل المتاحة محليّا قريبة من التطور الذي تطمح إليه الجماعات المسلحة العراقية. لذلك، بدأت هذه الجماعة بالتفكير في كيفية تحويل الطائرات دون طيار خفيفة الوزن من أدوات لجمع المعلومات وتنفيذ عمليات محدودة النطاق إلى “أدوات يمكن أن تمثّل الحل في المعارك سواء لصالح هذا الحزب أو ذاك”، وذلك على حدّ تعبير السياسي.
خلال سنة 2015، أدرك بعض القادة أن الحلّ يمكن أن يأتي من الإرث الذي خلّفه صدام حسين، الذي أنفق مبالغ طائلة على القطاعات الصناعية العسكرية خلال الثمانينات والتسعينات. وتجدر الإشارة إلى أن هيئة التصنيع العسكري التي أنشأها صدام حسين خلال الحرب الإيرانية العراقية تعاقدت مع المئات من العلماء والباحثين والخبراء المختصّين في تطوير أنواع مختلفة من الأسلحة. في الواقع، كانت نجاحات الهيئة مُلفتة، قبل أن يقع حلّ السلطة في سنة 2003 خلال غزو الولايات المتحدة. حينها، وقع إما تسريح موظفين الهيئة أو قتلهم أو ملاحقتهم باعتبارهم أعضاء في نظام صدام.
في هذا الصدد، صرّح قائد بارز لإحدى الفصائل المسلحة لموقع “ميدل إيست آي” قائلا: “لقد كانوا أمامنا طوال الوقت. وكان هناك عشرات من الخبراء في كهرباء الصواريخ وتصنيعها وصيانة الطائرات والذخيرة وتعديل الدروع”. وتابع القائد حديثه قائلا إن: “تنظيم الدولة استقطب البعض منهم في السابق للاستفادة من خبراتهم. لقد تعرضوا للاضطهاد والتشريد بسبب علاقاتهم بالنظام السابق، ولم يرغبوا في أكثر من الحصول على الحماية والموارد المالية التي من شأنها تأمين حياة كريمة لأسرهم”. وأضاف القائد قائلا: “تواصلنا معهم وقدّمنا لهم كلّ ما يحتاجونه. في المقابل، بدؤوا بالعمل معنا. في الواقع، حقّقوا العديد من النجاحات في مجالات تطوير المدرعات وتصنيع الصواريخ والطائرات دون طيار”.
تعدّ كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، أقوى الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بالإضافة إلى فرقة العباس القتالية، وهي جماعة شبه عسكرية مرتبطة بآية الله العظمى علي السيستاني، الذي يمثّل السلطة الدينية الشيعية العليا في العراق، من أبرز الفصائل التي استقطبت خبراء ومهندسين من هيئة التصنيع العسكري السابقة. ووفقا للقادة، زوّدت هذه الفصائل الخبراء بميزانيات ومعدات من أجل تصنيع وتطوير الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة.
في الحقيقة، أفاد ضبّاط عسكريّون وسياسيّون شيعة أن كتائب حزب الله، التي تستخدم خبراء إيرانيين ولبنانيين إلى جانب الخبرات العراقية، حقّقت تقدّما كبيرا في تطوير الأسلحة والطائرات دون طيار، تليها فرقة العباس القتالية. من جانبه، قال مسؤول في قوات الحشد الشعبي لموقع “ميدل إيست آي”، إن “كتائب حزب الله تمتلك صناعة عسكرية متطورة”. وتابع المسؤول حديثه قائلا: “لقد بدؤوا العمل على هذه المسألة في وقت مبكر، واتّصلوا بالمهندسين والباحثين العراقيين الذين كانوا يعملون مع حسين كامل وصدام حسين، وقدّموا لهم عروضا مغرية”.
في الواقع، كان أغلبهم عاطلين عن العمل عندما تواصل معهم الفصيل المسلّح. وفي هذا الإطار، قال المسؤول إن “الخبرة التي يتمتّعون بها كبيرة، حيث استُخدمت في تصنيع بعض الأسلحة وتركيب وتجميع وتطوير أسلحة اخرى”. ووفقا لقادة الفصائل وضباط الجيش، يبدو أن فرقة العباس القتالية هي القوات شبه العسكرية الوحيدة غير المرتبطة بإيران التي نجحت في تطوير طائرات مسلحة دون طيار.
في شأن ذي صلة، صرّح قائد فرقة العباس القتالية لموقع “ميدل إيست أي”، قائلا: “عملنا على تطوير بعض الصناعات العسكرية بموافقة ومعرفة رئيس الوزراء. ولم يكن عملنا سريّا. ونجحنا في تطوير وتصنيع بعض أنواع الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة. في المقابل، لا يزال إنتاجنا يُستخدم لأغراض الاستطلاع، ولا نستبعد أن نُصنّع نماذج قتالية قريبا”.
بحسب القائد، سعت إحدى الفصائل المدعومة من إيران إلى إبرام شراكة مع فرقة العباس القتالية لتطوير خط إنتاج مشترك للطائرات دون طيار. في المقابل، رفضت القوات شبه العسكرية هذا العرض. وأضاف القائد أن “[الفصيل] أرسل فريقا فنيّا لرؤية ورش التصنيع الخاصة بإنتاج الطائرات المسيّرة، لكننا رفضنا ذلك. إننا مستعدون للتعاون مع أيّة مؤسسة عسكرية أو غير عسكرية شرط أن تكون مؤسسة حكومية”.
الفخّ الإيراني
بحسب خبراء في الشؤون العسكرية العراقية وضباط في الجيش، حاولت الفصائل المسلحة، فيما يتعلّق بتطوير صناعاتها العسكرية الخاصة، تقليد الصناعات الإيرانية والصينية والأمريكية بالإضافة إلى تعديل الأسلحة لتتناسب مع متطلباتها الخاصة. ولا تعدّ الطائرات المسيّرة استثناء من هذه السياسة المتّبعة.
أورد باحث عسكري عراقي مختصّ في مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة العراقية قائلا: “لم تجتز [الفصائل المسلحة] بعدُ مرحلة استنساخ النماذج الرخيصة المتاحة في السوق، بالإضافة إلى النماذج التي قدّمتها إيران لهم كامتياز لحلفائها. في المقابل، لا يمنع ذلك تفوّقهم في مجال [الطائرات دون طيار]”. وتابع الباحث حديثه قائلا: “على سبيل المثال، سيُلحقون خسائر كارثية إذا ما سعوا إلى شنّ هجمات باستخدام الطائرات المسيّرة التي يصنعونها محليا بأعداد كبيرة في وقت واحد”.
أشار الباحث إلى أن الفصائل تتجنّب بدلا من ذلك إلحاق خسائر كبيرة عند شنّها لهجمات تستهدف القوات الأمريكية. وأفاد الباحث أن “[قادة الفصائل المسلحة] مُتجانسين في اتّباع التكتيك التدريجي فيما يتعلّق بنوع الهجمات وإبقاء الأضرار الناجمة عنها ضمن الحدود الخاضعة للرقابة. ويعني وجود ضرر محدود، القيام بردّ فعل محدود”.
في الحقيقة، لم يشارك رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في العرض الذي أقيم داخل معسكر أشرف إلا بعد فرض شرط يتمثّل في عدم إدراج الطائرات المسيّرة التي سبّبت الأرق لكل من حكومته والولايات المتحدة في العرض. مع ذلك، سارت الفصائل حول المنشأة بطائرات إيرانية الصنع، واختارت تجاهل رغبات رئيس الوزراء. عموما، قرّرت الفصائل عرض الطائرات المسيّرة الإيرانية عوضا عن تلك الأكثر تطوّرا والمُنتجة محليّا. وقال مسؤولون عراقيّون وضبّاط وقادة فصائل مسلحة إن هدف العرض تجاوز تسليط الضوء على الهجمات التي استهدفت القوات الأمريكية.
قال مسؤول عراقي رفيع المستوى مقرّب من الكاظمي إن “إظهار أيّة تكنولوجيا عسكرية أو غير عسكرية يعني الكشف عن هوية الشركة المصنعة لها بالإضافة إلى قدرات مالكها. وكان إشراك الطائرات دون طيار إيرانية الصنع في ذلك العرض يهدف إلى لفت الانتباه إليها، بعيدا عن واقع الترسانة التي تملكها الفصائل أو قوات الحشد الشعبي، والتي صُنعت محليّا”، وقد نجحوا في ذلك”. وأضاف المسؤول قائلا: “تُشير كل المعلومات المتاحة لنا إلى أن عددا من الفصائل المسلحة تمتلك بالفعل طائرات مُسيّرة لشنّ هجمات واسعة داخل العراق وخارجه. في المقابل، لم تقرّر حتى الآن القيام بذلك”.
عندما سُئل عمّا إذا كان الأمر كذلك، قال قائد بارز في إحدى الفصائل المسلحة: “لا يوجد في الوقت الراهن أي اهتمام بشن هجمات كبيرة ضد القوات الأمريكية أو غيرها، سواء باستخدام طائرات دون طيار أو صواريخ. لدينا القدرة على شن هجمات كبيرة، ولكن لا يوجد في الوقت الراهن قرار في هذا الاتجاه”. وأضاف القائد أن “الأمريكيين يعلمون تماما حقيقة القدرات التي نملكها، ولسنا بحاجة الى إثبات أي شيء سواء لهم أو لأي شخص آخر”
المصدر: ميدل إيست آي