هل بدأ شباب حراك “25 جويلية” يوليو/تموز في القفز من سفينة الانقلاب؟
حراك 25 يوليو الذي تشكل يوم 21 من يوليو/تموز عبر دعوات افتراضية للتظاهر ضد المنظومة الحاكمة والمطالبة بحل البرلمان، اجتمع ممثلوه أمس الأول السبت في ندوة بالعاصمة تحت اسم “المجلس الأعلى للشباب” شهدت خلافات أسفرت عن طرد أحد أعضائه وسط موجة من الانتقادات لممثلي الحراك، وطرق تعاملهم مع المتغيرات السياسية لما بعد الانقلاب الدستوري وشكل التحركات المستقبلية.
طرد أحد الأعضاء
تطورت الخلافات التي عرفتها جلسة شباب الحراك الداعم للرئيس التونسي قيس سعيد التي تعود معظم أفكارها إلى التنسيقيات الشبابية التي قادت الحملة الانتخابية للرئيس، تطورت إلى مرحلة متقدمة انتهت بطرد أحد الأعضاء واتهامه بالاندساس داخل الحراك كونه كان من أشد الداعمين للمرشح الرئاسي المنافس لسعيد، نبيل القروي، وخرج عضو الحراك المطرود على القناة التي يملكها القروي وهدد بإضراب جوع إذا لم يقع إخراج القروي من السجن لخوض الانتخابات الرئاسية.
كذلك عرفت ظروف انعقاد الجلسة انتقادات العديد من المتابعين لأنشطة الحراك وتنسيقيات الرئيس الذين كانوا شبابًا بسطاء وأغلبهم من الأرياف انخرطوا في حملة سعيد بشكل تلقائي وتطوعي، فإذا بهم يعقدون ندوتهم في أحد الفنادق الفخمة بالعاصمة، وهو مأخذ جديد أرجعه البعض إلى إخفاقات سابقة آخرها عدم الاستجابة لدعوات التظاهر يوم 31 من يوليو/تموز، إضافة إلى فشل الحراك في تحشيد بعض الأحزاب للنزول إلى الشارع يوم 25 من يوليو/تموز وهو يوم إعلان الرئيس انقلابه الدستوري.
حراك شباب أم كهول؟
أتاح ظهور جميع الأعضاء أو القيادات البارزة لحراك 25 بشكل غير مسبوق وفي أول ندوة معلنة لهم، معرفة الوجوه المؤثرة وطبيعة أفكارها وتوجهاتها، فعلى خلاف اسم الحراك الذي ينسبه أنصاره إلى فئة الشباب فإن أغلب الذين ظهروا في الجلسة من فئة الكهول ما فوق عمر الأربعين عامًا.
كما وصف البعض النشطاء أعضاء المجلس الأعلى للشباب بمجموعة من المرتزقة والانتهازيين يحاولون الركوب على الأحداث وسرقة ثورة الشعب برعاية الدولة العميقة ومنظومتها الإعلامية، مؤكدين أن أنصار الرئيس غير متحزبين وليس لهم تمثيل ولا ناطق رسمي باسمهم لإصدار البيانات، كما لم يدعوا لأي انتخابات مبكرة كما صدر في ختام ندوة المجلس.
الكيل بمكيالين
إضافة إلى رفض حزب العمال الشيوعي الانخراط في تظاهرات الحراك والانتقادات التي ترتبت على الجلسة، أثار اجتماع الشباب الداعم للرئيس التونسي وانقلابه، غضب أنصار الحزب الدستوري الحر ورئيسته عبير موسى التي ظهرت بعد الانقلاب وهددت بعقد مؤتمر حزبها بعد حرمانها من ذلك نتيجة الإجراءات الاستثنائية التي تمنع اجتماع أكثر من ثلاثة أشخاص ناهيك بعقد اجتماعات عامة، ما جعل أنصار موسى يتشبثون أكثر من أي وقت مضى بانعقاد مؤتمرهم، وأطلق نشطاء الحزب وسومًا مثل #سيب_المعارضة و#مؤتمرنا_استحقاق_مش_مزية (بمعنى ليس منة من أحد) واتهموا رئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للشباب الذي يقوده نزار الشعري، بانتهاك قوانين الحجر الصحي خلال تجولاته، وهو ما يعتبر كيلًا بمكيالين.
انقسام داخلي
فتحت الخلافات بين أعضاء الحراك بابًا يصعب إغلاقه بشأن تصورات المرحلة السياسية الحاليّة والمقبلة، فبعد ما كان الحراك مؤيدًا لقيس سعيد في كل قراراته وخاصة الذهاب بعيدًا في حل البرلمان وتطبيق أفكار الرئيس خلال حملته بشأن تنفيذ نظرية الحكم المحلي إلى المطالبة بالاستفتاء على نظام حكم جديد وإجراء انتخابات مبكرة، وهو المطلب الذي جاء في ختام الاجتماع.
لكن أصوات عدة تعالت رافضة التمثيل الشبابي ونتائج الندوة، واصفة المجتمعين بالراكبين على الأحداث، وأعلنوا تبرأهم من الندوة الصحفية وقياداتها، ما يفسر حالة الانقسام التي بات عليها أنصار الرئيس.
ولئن كان قيس سعيد يزعم باستمرار رفضه الأجندات الخارجية “وما يُحاك في الغرف المظلمة” التي تعمل مع سفارات الدول لضرب مصلحة البلاد، فإن شكوكًا أشار إليها مدونون وجهوا أصابع الاتهام إلى أعضاء الحراك الشبابي الموالي له بالارتباط بمخططات واستخبارات أجنبية، لكنها اتهامات لا يمكن التثبت من صحتها في الوقت الراهن.
ليس معلومًا إلى أين ستصل حدة الخلافات بين شباب حراك “25 جويلية” وما مآلاتها، وما إن كانت ستأثر على المشهد الانقلابي أم لا، وإن كان هذا الأخير مستبعدًا.. الأيام القليلة المقبلة ستكشف عن مدى حدة هذه الخلافات وشدتها، وبالتالي قد يطفو على السطح بعضًا “مما حيك في الغرف المغلقة”.