“إنني أدعوه دينيًّا ذلك الإنسان الذي يوقن أن هناك أشياء هي خير في ذاتها وأن الوجود الفيزيائي ليس من بينها، فيسعى على حساب الوجود الفيزيائي إلى ما يبدو له خيرًا؛ ومن ثم فإن كل أولئك الذين يعتقدون بإخلاص عنيد أن الحياة الروحية أهم من الحياة المادية، هم في فهمي دينيّون. لقد رأيت في باريس على سبيل المثال رسامين صغارًا، مفلسين ضامرين مقرورين مهلهلي الثياب.. رأيتهم طيلة يومهم في نشوة محمومة منغمسين في رسم لوحات لا أمل لها بالرواج، ومن الجائز تمامًا أنهم كانوا حريّين بأن يقتلوا أو يصيبوا أي شخص يقترح عليهم التوفيق بين فنّهم ومتطلَّبات السوق.. لقد كانوا دينيين بامتياز؛ فجميع الفنانين دينيون، وكل اعتقاد عنيد هو اعتقاد ديني”.
يحملُ هذا الاقتباس من كتاب “الفن” للناقد الإنجليزي كلايف بيل، في طياته تأكيدًا على التماسّ بين الفن والدين، وليس فيلم Saint Maud سوى معالجة لهذا التناص الخفي ولكن في هيئة انخراط كليّ، يظهر فيه المرء منغمسًا في شهوة الافتتان التي توازي بشكل ما روح المخلِّص.
يصبح الدين والفن قوتَين هائلتَين تتصارعان بسموّ فوق جبل الأوليمب، وفي دخيلة كل منهما التفوّق على الآخر، متمثلتَين في مرأتَين لكل منهما مثلها العليا، وقِيَمها الخاصة وروحها المجنونة، واحدة خالقة تتميز بحضور ميتافيزيقي شامل لكل الموجودات، والأخرى مخلوقة وموجودة في كل شيء أمامنا.
يقع عالم المخرجة روز غلاس عند حافة العالم، على طرف مخفي خلف تخمة بَحريّة، كأنه نقيصة أو سوءة تداريها كثافة البحر اللانهائي، ومن أفضل من البحر في إخفاء المثالب وأخذ الأضاحي؟ على شطآنه شهادات خزي، ونظرات مخطوفة من أعين كامدة، ومآسٍ مضحكة مبكية.
وعند البحر تختفي كل الحدود ولا يبقى سوى حدّه هو، واضح وصارم، أما كل الحدود الأخرى تتجرد من حصانتها، وتصبح مجرد شعرة هاوية، يدوّرها الهواء كيفما شاء، وعندها تتلاشى الحدود، أو تستفحل أحدها ضد الأخرى، ويستوحش منها من تغذّيه العقول، حتى الثنائيات القيمية، من الخير والشر، والجنة والنار، تصبح باهتة وتفقد قيمتها وينتزع عنها -أحد الأطراف المتعاركة- صرامتها.
يكتسب الفيلم منحى شاعريًّا من خلال تكثيف المشاهد، بحيث تكون ثقيلة الوطء، تعطي شعورًا بالانقباض، أن شيئًا رهيبًا على وشك الحدوث، وينفلت Saint Maud من نمطية أفلام الرعب عبر صنع نوع من التوازن بين ما هو شاعري وروحي، وما هو جسدي هوائي.
يخلق الفيلم جوّه المتحفز عن طريق استهلال حكايته على شَفا حدث غامض، لا نعرف منه سوى مشهد قصير لبطلة الفيلم مود (الممثلة مورفيد كلارك)، تجلس في إحدى زوايا غرفة في مشفى، وفي الزاوية الأخرى تتمدّد امرأة ميتة تقطر دمًا على الأرض، فيما تنظر مود إلى السقف نظرة فيها خليط من الدهشة والريبة، حينما تجد صرصورًا يسير ببطء على السقف.
هذا هو ما نعرفه عن ماضي مود، التي تعمّدت المخرجة روز غلاس إخفاءه وعدم استغلاله بشكل فجٍّ في التأثير على سير الأحداث، رغم أن السرد يتأثر بشكل أو بآخر بحقيقة كون مود ممرِّضة في الأساس، قامت بفعل جسيم من قبل، بيد أن الفيلم يصدح بنغمة صارمة، فحواها أن مود هي ابنة اليوم، وما تقدَّم من ذنب فهو مغفور.
وانطلاقًا من حقيقة تلاشي الماضي بشكل نهائي، تتوحّد مود مع مخلِّصها، لتدخل هي نفسها في عباءة المخلِّص، وتكرِّس حياتها في هداية الآخرين، خصوصًا أن في عملها كممرِّضة منفعة وخير للناس، لذلك الروح الدينية حاضرة باستمرار حتى لو أنكرها الآخرون.
ومن هنا تسكن روح دينية شفافة جسد مود، وتبدأ بالتصرف من خلال إرادة دينية، منعزلة عن إرادتها ووعيها، بدوافع دينية تعطيها شرعية كافية لاجتراح تلك الأفعال بضمير مرتاح، دون أن تفكر في تصاريف العالم، لأنه قدر مكتوب لا مفرّ منه، متتبّعة صوت سماوي، لشبح تصدّق أنه الإله.
الإرادة الدينية والمخلِّص
عمدت المخرجة في صنعها لشخصية مود أن تكون عائمة، تتميز بسيولة كافية حتى ليخطئ المشاهد في إلقاء الأحكام، فيقول في نفسه: “أهو مسّ شيطاني، أم معجزة ملائكية ترفعها لمنزلة تحدِّث فيها مندوب الإله، أم هو مجرّد مرض نفسي طاغي يسلبها إرادتها؟”.
حركات وأفعال الشخصية لا تنبئ بشيء يرجّح كفة على الأخرى، ولكنها تظل شخصية استثنائية لأنها خليط من كل شيء، إنها شيطان ومخلِّص ومريض وضحية في الوقت نفسه، هذا ما يخلق الهالة التي تحيطها، هالة ظلامية، يقف فيها الهواء، تتكثف المشاعر، يتسرب الخوف من فوق الملابس، وينسلّ التوجُّس من تحت الجلد، إنها شخصية إعجازية ضائعة في بلدة صغيرة يلفّها بحر عظيم.
تتميز شخصية مود بتركيبها المعقّد، فهي حصيلة نوبة جنون، ولم يمدَّ لها أحد يدَيه سوى الدين كشيء ميتافيزيقي قادر على التأثير في الإنسان من خلال منهجية معيّنة، بيد أن شخصية مود لم تكتفِ بالديانة كمرشد لها بل دمجتها بوصاية أخلاقية.
تعاني مود ممّا يُسمّى فرط التديُّن (Hyperreligiosity)، وهو اضطراب نفسي يعاني فيه الشخص من معتقداته الدينية أو الإلحادية أو حتى الفنية، بحيث تصيبه نوبات تعصُّب لعقيدته ومنهجه، تجعله يرتكب أفعالًا من أجل إرساء مبادئه وترسيخها كخير مُطلَق.
يمكن أن يسفر عن ذلك الاضطراب نوبات صرع مشابهة لنوبات مود المقدسة، التي تتوحد فيها مع روحها الدينية جسديًّا، وتبدر عنها انفعالات وتقلصات جسدية تشبه الذروة الجنسية.
تحوِّر مود نوبات الصرع -أو ما يشبه الصرع- ولا تتعاطى معها كنقيصة نفسيّة أو داء يلزم علاجه، بل تمارِس الفعل كنشاط روحي تستدلّ به على وجود الإله حولها، تستقبلُ من خلاله رسائل يقين وحب من الشبح الميتافيزيقي.
تحتجز مود نفسها في وظيفتها كممرِّضة، مهنة مؤسَّسة على فطرة الإحسان والعطاء، صُنعت لمساعدة المرضى ومن مسّهم الضرر، لذلك هي في أصلها خير، ولكن في حالة مود يستحيل هذا الأصل إلى هوس، ووسواس أفقدها صوابها، لتتعاطى مع المجتمع كمخلِّصة لا كضحية مستنزَفة تستمسكُ بالدين كفلك ينجيها من لجّة البحر.
إنها تفرض قوانين الوحي الروحي وتنفِّذ أوامر الصوت الميتافيزيقي بثقة لا حدود لها، تتوحّد مع شخصية المخلِّص، لتتحول إلى مسيح صوريّ، وتنزلق فيما يُسمّى عقدة المسيح (Messiah Complex /Savior Complex)، والتي تلثمُ كائنها بذيول تبدو في ظاهرها رحمةً، ولكنها تتنامى لتصبح قيودًا غليظة.
تطوِّر مود شعورًا بالمسؤولية الشديدة اتجاه الفنانة والراقصة أماندا (الممثلة جينيفر إيلي)، القعيدة بسبب سرطان الغدة اللمفاوية من الدرجة الرابعة، وتستقوي مود بالسيدة أماندا التي تعمل عندها كممرِّضة خاصة تهتم بها، حيث تشعر أن رسالتها في الحياة هي هداية أماندا الفنانة، والتأثير عليها، أي تقويمها مرة أخرى بحيث تصبح سعيدة، وتتغلّب على مرضها.
مع الوقت تشكِّل مود علاقة جيدة مع أماندا، ومع تطور العلاقة تحاول مود مد براثنها على حياة أماندا، تغلق قنواتها الممتدة مع العالم الخارجي بحجّة أنها علاقات فاشلة وفاسدة، أي أنها مبنية على المال والشهوة والاستغلال أكثر من الإخلاص والصداقة والإيمان.
تتحول مود إلى ما يشبه المسيح داخل نفسها، حتى لو رآها الجميع كشيطان ترى هي نفسها على الطريق الصحيح، وتتمادى في عقدتها، بيد أن الجهة الأخرى لا تتوافق مع منهجيتها الإيمانية وروحها الدينية.
أماندا الضائعة المتمرِّدة
أماندا، الراقصة المبدعة، مصمِّمة الحركة وخالقة الإيقاع، قبل مرضها تلوّى جسدها خفّاقًا يتحرك بمحاذاة صدى نغم ينكمش وينفرد، كأنه يشابه انفراجة ذراعَيها وانثناء ركبتَيها، تملك منزلًا فارهًا ولكن قلبًا فارغًا، تعيشُ حالة من ضياع الوعي الخارجي، والانحباس -قسرًا بسبب مرضها- داخل أسوار قصرها المتأثِّر بنزعة قوطية ولمسة ظلامية.
الانحباس هذا لم يكن فقط داخل المنزل، إنما كان أيضًا داخل الجسد، فالروح المحلِّقة، والراقصة العالمية، أضحت مكبّلة بقيود المرض، لا تستطيع حتى الاعتناء بنفسها، هذا الانهيار الذاتي أدّى إلى انحلال في التعاطي مع المجتمع، وحقيقة كونها ذاهبة في طريق بلا عودة، وكل ما تملكه في الحياة هو بعض الوقت، ما كان له عظيم التأثير في رفع الشأن الحسيّ فوق الروحي، وتقديس الشهوة فوق السمو من الجسدي إلى الأخلاقي.
كل ذلك كان يمثّل الضد بالنسبة إلى مود، لذلك بعد تطور علاقتهما حاولت أماندا هي الأخرى التأثير على نزعة مود الطوباوية الدينية، بإهدائها كتاب يشملُ الأعمال الفنية للشاعر والرسام والكاتب الإنجليزي ويليام بليك، لتقرأ في مقدمته أن بليك نفسه يرفض الديانات بشكلها الحالي، ويرى فيها مجرد تشوّهات للروح الحقيقية الشاملة.
في الوقت ذاته، تفاجَأ مود بنوبات انقباض جسدي شديد، ولكنها تأخذ شكلًا ماديًّا، أو بمعنى أوضح شكلًا جنسيًّا، وكانت هذه النوبات دليلًا قاطعًا بالنسبة إلى مود على حضور الإله بالقرب منها، حيث حينما تشعر بحضور هذا الكيان، ينتابها ما يشبه النشوة الجنسية، أي أنها تنتقل من الروحي إلى الجسدي في لحظات معيّنة هي الأخرى.
كما أنها تنطلق من العام إلى الخاص، ومن العمومي: أي المنظومة الدينية، إلى الفردي والشخصي: أي النوبات والمحادثات الذاتية مع الروح الدينية، بعكس أماندا التي تمتلكُ روحًا فنية كونية في الأساس، وتخاطبُ الفرد بلُغة عالمية، وتستشهد بتجربتها الفنية وخبرتها في الحياة وصدق طريقتها في العيش.
ولكن رغم تفضيل كلتاهما التجربة الذاتية لنفسها على التجربة الأخرى، إلا أن كلتيهما تتشاركان الظروف نفسها تقريبًا، فكلتاهما منبوذ من المجتمع، وكلتاهما ضائع، ولكن الفرق أن مود أعطت نفسها للروح الدينية وتحولت إلى مخلِّص، بينما فضّلت أماندا الحياة ككائن هشّ قابل للانكسار، وقضاء الباقي لها من الوقت داخل منزل في مدينة تقع على البحر.
محاولة لاستكشاف الداخل
تقولُ المخرجة روز غلاس عن الممثلتَين، مورفيد كلارك وجينيفر إيلي:
“هناك شيئًا جميلًا حدث في عملية اختيار الممثلتَين، حقيقة أن كلتيهما من مكانَين مختلفَين، مثل أميركا وويلز، وانتهى بهما المطاف على هذه المدينة الإنجليزية الساحلية الغريبة. تبدوان من على السطح مختلفتَين، قادمتان من مناحٍ مختلفة، بسلوك متباين، بيد أن كلتيهما -في الفيلم- تشعران بالوحدة، فردان منعزلان يحاولان الهروب من واقعهما”.
توضّح هذه النقطة الأداء الممتاز للممثلتَين في الفيلم، كلتاهما توحّدتا مع شخصيتَيهما بشكل لحظي مكانيًّا، لأن هذه المدينة الصغيرة على البحر لا تثير أي ذكريات ولا تربطهما بها أي تجارب أو خبرة سابقة، لذلك التماسّ بين الشخصيتَين والمؤديتَين كان قويًّا، بجانب الإخراج القوي الذي سمح للرتم البطيء أن يستحوذ على الفيلم، ويؤسِّس بزخم لذروة هائلة في النهاية.
القصة في متنها هي محاولة لاستكشاف الهوس، الهوس بما هو قطعي وضروري، الانخبال بغير المعقول واكتناف تهيّؤات مغلولة بعقل الشخص وإعادة تشكيلها لتمسّ الجسدي، وتصبح لوثةً مبارَكة تستدعي اتّباعها دون سؤال أو ردّ.
الصدمة التي استقبلتها مود في ماضيها، والتي لا نعرفُ عنها شيئًا، كانت ذريعة لتبرير منهجيتها الجديدة، وباعثًا لاعتناقها المذهب الكاثوليكي المحافظ، وهذه المنهجية دفعتها للتدخُّل في حياة أماندا بحجّة المساعدة، ما دفع أماندا للسخرية منها في إحدى حفلاتها الليلية، لتردّ عليها مود بصفعة على وجهها أمام الجميع، وتغادر.
في تلك اللحظة حدث انهدام لكل شيء، انهيار تامّ لكُلِّ القِيَم التي جاهدت مود لإحلالها في نفسها، وتيقّنت كم هي وحيدة، حتى أنها حاولت اقتحام الدوائر الاجتماعية الجاهزة، ولم تجد لها مكانًا، ففرضت على نفسها علاقة جنسية لعلّ النشوة الجنسية تنتشلها من الوحدة والاكتئاب.
إلا أن رسائل الروح الإلهية لا تتوقف، حتى في خضمّ العملية الجنسية، ومحاولة الاندماج، تسيّر أفعالها بمحاذاة ماضيها، فيختلط عليها الأمر بتذكُّر الماضي، ويضطرب خيالها لتدمج الحاضر مع الماضي، وتصوِّر لها نفسها أنها تؤذي الشخص الذي تمارِس معه الجنس، فتنخلع عنه.
تعرف مود أن هذه الإشارات ليست فارغة، بل لكل شيء حساب دقيق، وبكل فعل يهيّئ لها الإله قيمة وهدفًا معيّنَين حتى لا تضيع في العدم جهودها، وتتيقن مود أنها مذنبة، وإذا خسرت روحها الدينية فستخسر كل شيء.
لا تتوفر لها رفاهية الاختيار، فالمجتمع ينبذها ولا يوجد سوى العقيدة الدينية المضطربة لتتلقّفها بين ذراعَي الخلاص والإيمان، ولكن رغم كل ذلك كانت هذه اللحظة فرصة أخيرة لمود حتى تتجاوز تلك المنطقة الدافئة التي تعيش فيها، لكي تتجاوز تلك اللحظة الزمانية التي تعيد نفسها كل يوم، والتي تزداد مود تورُّطًا فيها مع مرور الأيام واجتراح الأفعال.
ولكنها تترك الفرصة في مهبّ الريح، وعند عودتها للمنزل تُصاب بنوبة غريبة، ويرتفع جسدها في خفّة، إشارة من السماء إلى فرصة ثانية، علامة على أن الروح الدينية لم تتخلَّ عنها، وحتى أنها تجرّدها من كل خطيئة ثقيلة، وتمنحها الخفة.
تنسحب مود من نزوتها نحو غطاء المغفرة، وتعاقب نفسها مثل شخص مخبول -طريقة القدماء-، حيث على المؤمن الحقيقي أن يحاسب نفسه قبل أن يتمادى في الشرور، فتأخذ أشواك مدبّبة وتضعها في الحذاء، وتمشي مشية المغفرة تحت أنظار الناس في الشارع، كأن في الخطيئة خجل يجب مداراته، ولكن العقاب يجب أن يكون أمام الجميع.
هناك نقطة أخرى مهمة يجب التحدث عنها، هي الاستعارة، فالحشرة (الصرصار) كانت ممثّلة للإله أو مندوبة عنه، فالعالم الروحي لا يخضع للمنطق المادي، ولا يلتزم بقواعده وقوانينه، بل يضع قوانينه الخاصة التي لا تسمح الجدال، ولكنها تقبل التأويل، ووارد جدًّا أن تكون الحشرة رمزًا للشيطان وليس الإله، وهذا يمكن أن يلاحظه المُشاهد في مشهد النهاية الاستثنائي.
الفيلم كوحدة فنية
الفيلم هو تجربة المخرجة روز غلاس الأولى في الأفلام الروائية الطويلة، وقد لاقى استحسان النقّاد والمهرجانات، حيث تميّز الفيلم بصنعته البصرية القوية، والتكثيف اللوني للغامق، والتأسيس الهادئ لذروة قوية.
استخدمت المخرجة الكثير من اللقطات القريبة، لكي تمنح المشاهد شعورًا بالعالم الشخصي، لأن ذلك النوع من الأفلام، والذي يوازي نوعًا ما أفلام دراسة الشخصية، يتميز بعوالم شديدة الخصوصية، ويحتاج إلى أداء نموذجي من الأبطال، وحركة كاميرا مدروسة بعناية شديدة، لأن أغلب لقطات الفيلم تمّ تصويرها في غُرف داخلية ضيّقة.
أدت الممثلة مورفيد كلارك أداءً مثاليًّا، حركات جسدها والانتقال من المادي إلى الروحي، نظرات العيون القاطعة والحالمة في الوقت نفسه، رفعت نسق الفيلم في الكثير من الأوقات.
هذا النوع من أفلام الرعب يتميّز بالجودة الفنية، والحِرَفية العالية، والهدوء القاتل، وهو ما نحتاجه أكثر من أفلام الرعب التجارية المستهلكة.