طرح النائب بالبرلمان العربي والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين “علي فتح الباب” مبادرة جديدة للحوار بين السلطات المصرية والجماعة التي أطيح بها من السلطة في يوليو 2013، في محاولة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.
ودعا “فتح الباب” الذي أفرجت عنه السلطات المصرية مؤخرا، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجماعة الإخوان المسلمين، إلي تقبل إجراء حوار شامل، عبر وسطاء من الشخصيات العامة، مشيرا إلي أن دعوته شخصية ولا تمثل جماعة الإخوان رسمياً.
وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان والذي تم حله في أعقاب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي)، إنه يدعو السيسي وجماعة الإخوان المسلمين، والجميع أحزابا وساسة وإعلاميين إلى إجراء حوار جاد “يمكن أن يكون تحت وساطة أطراف محل تقدير وثقة من الطرفين، بضمانات لتنفيذ ما تم التواصل إليه”.
ووجه فتح الباب رسالة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قائلا: “أنت من أبناء القوات المسلحة، وتربيت علي عقيدة أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وننتظر منك خطوة مهمة ومطلوبة وضرورية، بأن تعلن إجراء حوار ومصارحة ومكاشفة تعلي بها مصلحة الوطن وتنقذه”.
كما وجه رسالة أخرى لجماعة الاخوان، قال فيها: “تاريخك لا أحد ينكره، من معاناة علي مدار عشرات السنين، والملاحقة والسجن، وفي نفس الوقت تمدين يد الخير من خلال مؤسسات خيرية تعليمية نقابية صحية، وأطالبك بما طالبت به السيسي بإجراء حوار والتحلي بالمسؤولية وتقديم مصلحة الوطن”.
وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، حدد “فتح الباب” 3 مبادئ أساسية تسند إليها المبادرة، التي تعد أول مبادرة للحوار تصدر من قيادي بالإخوان، وأولها إبداء جميع الأطراف استعدادها الدخول في حوار يهدف لإعلاء مصلحة الوطن، وثانيها وجود ضمانات لتنفيذ ما تسفر عنه المحادثات، أما ثالث المبادئ فهو تدخل أطراف ثالثة لتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة؛ السلطة والإخوان.
ويعتقد “فتح الباب” أن الحوار هو الطريق الوحيدة للخروج من الأزمة الحالية في مصر، مضيفاً “الحوار وإعلاء مصلحة الوطن يؤديان إلي حل الأزمة التي نمر بها”، مؤكداً أن هذه المبادرة هي مبادرة لا تعبر عن الإخوان، ولا أي طرف آخر، وأعلم أنها قد لا ترضى طرفا هنا أو هناك، وقد تلحق بي اتهامات عديدة، ولكني لا أبتغي إلا مصلحة الوطن”
وحول السؤال عن تفاصيل أخرى عن الخطوط العريضة للمبادرة، قال “فتح الباب”: “لا أستطيع أن أطرح تفاصيل أكثر من ذلك في هذا التوقيت والموقف، فلابد أن نتفق علي المبدأ قبل التفاصيل، ولا أستطيع أيضا أن اتكلم باسم النظام الحالي، ولا باسم الإخوان، ولا باسم المعتقلين، ولا الشهداء .. لا استطيع أن أتكلم باسم كل هؤلاء، أنا فقط أطرح مبادئ عامة”.
أما عن الأطراف المعنيين بالحوار حسب المبادرة فهم الإخوان ومؤسسة الرئاسة.. وأضاف حول ذلك: “ويجب أن يعلن الجميع أنهم جادون في إجراء حوار لإعلاء مصلحة الوطن. وفي النهاية نحن نري الأعداء يجلسون سويا فلماذا لا نجلس نحن؟ .. ففي الحرب العالمية سقط ملايين القتلى، وبعدها بـ 10 سنوات عقدت اتفاقية سلام بين فرنسا وألمانيا وصار هناك الاتحاد الأوربي والبرلمان الأوروبي، رغم اختلاف العقائد والمصالح، ونحن أبناء شعب واحد ووطن واحد وينبغي ألا نضيع جهودا وأوقاتا ودماء ذكية لأن المتضرر هو الوطن العزيز والجميع مسؤول عما حدث ويحدث”.
وحمل “فتح الباب”بشكل محدد (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي والإخوان المسؤولية عن الوضع الراهن، بقوله: “الطرفان مسؤولان بشكل أساسي عما حدث في الفترة الماضية بما تضمنته من ايجابيات وسلبيات. وإعلان كل طرف مسؤوليته عما حدث سيهيئ مناخا للحوار”، مضيفاً: “الأمر لا يقتصر فقط على السيسي والاخوان، فهناك أجهزة كثيرة ووسائل إعلام وكتاب والأزهر والكنيسة وكثير من الجهات تتحمل المسؤولية، لكن نحن نحمل الطرفيين الأساسيين والمؤثرين.”.
و وجه “فتح الباب” رسائل للسيسي والجيش المصري والإخوان المسلمين فقال:
“المشير السيسي: أنت من أبناء القوات المسلحة وتربيت علي عقيدة أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وننتظر منك خطوة مهمة ومطلوبة وضرورية؛ أن تعلن بشجاعة إجراء حوار ومصارحة ومكاشفة تعلي بها مصلحة الوطن وتنقذه مما يمر به الآن.
الجيش المصري: كلنا نضع ما نملك من أرواح وإمكانيات في سبيل أن تكون أقوي الجيوش، ولك مهام رئيسية هي حماية الوطن والأمن القومي، فلا تنزلق لمعترك السياسية.
الإخوان المسلمون: تاريخكم لا أحد ينكره من معاناة علي مدار عشرات السنين وملاحقة وسجن، وفي نفس الوقت مد يد الخير من خلال مؤسسات خيرية، وتعليمية، ونقابية، وصحية، ولا أحد ينكر هذه الأدوار. وكما طالبنا عبد الفتاح السيسي بالدعوة للحوار، نطالب الإخوان بقبول الحوار والتحلي بالمسؤولية، وتقديم مصلحة الوطن”.
وذكر “فتح الباب” بأنه لم يتحدث مع أي الأطراف بشأن المبادرة بعد، مضيفاً “أنا أتحرك بوجهة نظر شخصية بالمعلومات المتاحة لديّ، وفي ظل رؤيتي دماء أبناء الوطن تسيل.. هذا يؤذيني ويؤذي كل صاحب ضمير، ولذا أكرر لابد أن نتفق علي المبدأ قبل الخوض في تفاصيل الحوار الذي يجب أن يعلن بشكل متزامن من الجميع”.
وأكد القيادي أن الشعب المصري تحمل الكثير خلال السنوات الماضية وعانى عناءً شديدا، وسقط من أبناءه الألاف من شباب طاهر، وكل هذه الأشياء توضع في الاعتبار بشأن المبادرة، ولكن لا يصح أن نقف محلك سر، ونستمر في استنزاف مزيد من قدرات الوطن وتسقط دماء المصريين الذكية في سبيل صراع سياسي داخلي.
معلقاً بأن التخوين وإقصاء الأخر مصطلحان لا يسمحان بتهيئة المناخ المناسب للحوار، وأنا أقدر انفعالات أهالي الشهداء، ولكن إذا تركنا الأمر إلي انفعالاتنا فقط، لن تتوقف، ومن ثم لابد أن يعلو صوت العقل والضمير.
ولو قامت ثورة، فلابد أيضا من الحوار، لأنه لو قامت ثورة لإسقاط النظام الحالي سيخرج من يحاول إسقاط النظام المقبل وسيظل المجتمع في حالة صراع.
وعن ما إذا كانت الظروف الحالية تساعد على الحوار قال: “للأسف.. لا تهيئ للحوار لأسباب منها الإعلام الموجه، ومعروف أن الاعلام قادر على لعب دور كبير في انجاح أو افشال الحوار، بجانب الحملات الأمنية والاقصاء والتخوين ومعاداة شباب الثورة والجامعات”.
وأما عن الشباب ورفضهم من عدمه للمبادرة قال: “أنا أقدر انفعالاتهم وغيرتهم علي وطنهم ورفضهم للممارسات الأمنية، إلا أنهم إذا استشعروا أن هناك نية جادة للإصلاح والحوار وأخذ حق كل الشهداء الذين سقطوا علي أرض الوطن دون تميز، فأتصور أنهم سيتقدمون الصفوف المؤيدة لذلك الحوار”.
وعن فشل المبادرة السابقة، ويأسه من عدمه قال “فتح الباب”: “أنا لا أفقد الأمل في أن يكون هناك حوار، ولا يوجد طريق آخر غير الحوار، والمبادرات السابقة للأسف لم يتم التحضير لها بشكل جيد، ولهذا تأتي أهمية وجود أطراف قريبة من الطرفين مع التحضير الجيد لهذا الحوار، وهما مسألتان يحتاجان لجهد”.
وعن فرصة ترشحه في انتخابات البرلمان المقبلة، قال فتح الباب بأنه لا يفكر بخوض الانتخابات المقبلة، خاصة بأن لديه أزمة صحية معقدة في القلب ويحتاج لإجراء جراحة في الخارج، إلا أنه يبحث عن خبير يزور مصر ويجرى العملية على أرضها، لأني لا يريد أن يموت إلا على أرض وتراب بلاده، حسب قوله.
يذكر أن فتح الباب، مثل جماعة الإخوان لمدة 15 سنة، في عدة دورات برلمانية بمجلس الشعب (البرلمان)، في أعوام (1995-2000)، و(2000-2005)، و(2005-2010)، عن دائرة حلوان (جنوبي القاهرة). وعقب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، تم اختياره زعيما للأغلبية الممثلة لحزب الحرية والعدالة الذارع السياسي للإخوان في مجلس الشوري، الذي تم حله بعد عزل مرسي في 3 يوليو/ تموز العام الماضي.
كما أن فتح الباب، تم إلقاء القبض عليه من منزله بحلوان (جنوبي القاهرة) ، يوم 28 أغسطس بتهم منها تحريض على العنف، قبل أن يتم إطلاق سراحه واستبعاده من القضايا في إبريل الماضي، واختفى عن الإعلام منذ ذلك الحين قبل ظهور في البرلمان العربي الأسبوع الماضي، مشيدا بالجيش المصري واعتباره خط أحمر لا يجب إضعافه.
وتشهد مصر مبادرات من ساسة مصريين ومبعوثين دبلوماسيين بالخارج للخروج من الأزمة المصرية منذ إطاحة قيادة الجيش وقيادات شعبية وسياسية، بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، غير أن تلك المبادرات لم تنجح في إحداث أي تقدم لحل الأزمة، في ظل استمرار اعتبار أنصار مرسي ما حدث “انقلابا عسكريا” ورأي المناهضين له “ثورة شعبية”.
وكتب البعض في تعليقهم على المبادرة:
عجوزر قارب القبر يخيب و يخور و يبيع دم الشهداء:علي فتح الباب، و شاب يضحي بمستقبله و يرفض السفر ليقاوم الانقلاب: أنس القاضي: قبض عليه اليوم
— Ali Zalat (@ALIZALAT) November 2, 2014
#مبادرة_علي_فتح_الباب
يطالب #سيسي_السفاح بإعلاء مصلحة الوطن!
لوكان يعرفها ماخان وماقتل ومااعتقل وماحرق المساجد وماتآمرمع الصهاينةوالأمريكان!
— بدر محمد بدر (@badr58) November 2, 2014
#علي_فتح_الباب أخرج و خد الباب في إيدك#مصر
— حسام أفندي البنا (@h_elbanna) November 2, 2014
مثلا عرض فتح الباب إن صدقت الأخبار دليل علي خطأ جماعتنا في اختيار من يمثلها سياسيا كرئيس الكلتة البرلمانية لمجلس الشوري …
— محمود خلف الله (@MKhalafAllah) November 2, 2014
هو ليه كل الاخوان اللي السيسي بيفرج عنهم أول ما يطلعو يعملو مبادرات مصالحة؟ محمد العمدة وبعدين علي فتح الباب.. ولا دا كان شرط الافراج عنهم؟
— سي سلامة عبد الحميد (@salamah) November 1, 2014
شاهد الرد الناري للدكتور جمال عبدالستار علي مبادرة فتح الباب هدفنا القصاص لدماء الشهداء https://t.co/zjTmBeHKKf
— Mohamed Sabry (@mohamedsabry709) November 2, 2014
من جانب تنظيم الإخوان، أكدّ “محمد سودان” الأمين للجنة العلاقات في حزب “الحرية والعدالة “والقيادي في الجماعة أن المبادرة التي أطلقها علي فتح الباب لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن الجماعة، بل هي مبادرة شخصية بحتة، لافتاً إلى أن “فتح الباب” أوضح ذلك بشكل جلي.
وأضاف سودان: “أخي علي فتح الباب كلامه واضح بأن مبادرته شخصية تماما، وهو فقط مسؤول عما يدلى به من تصريحات أو مواقف، فالإخوان جماعة مؤسسية وقرارها يتم اتخاذه في مؤسسات الجماعة المختلفة، كما أن هذا الأمر ليس بيد الإخوان أو التحالف الوطني لدعم الشرعية، بل لابد من الرجوع لشركاء الكفاح ضد النظام الانقلابي، لأنهم فقط أصحاب القرار الأول والأخير”.
ونقل موقع عربي 21 عن سودان تصريحه أن “جماعة الإخوان أعلنت موقفها من كافة المبادرات السياسية في بياناتها الرسمية، وأنه لا يوجد أي تراجع علي الإطلاق عن هذه المواقف المعلنة، لأننا نسير علي طريق الثورة ونسعى لتحقيق مطالب الشعب ومصالح الوطن العليا بغض النظر عن أي مصالح ضيقة”، موضحاً أن الجماعة قد تصدر بيانا رسميا في وقت لاحق لتوضيح موقفها من تصور “فتح الباب”.