وقعت القوى والأطراف السياسية في اليمن وبحضور مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن “جمال بن عمر”، اتفاقية تقضي بتفويض الرئيس هادي ورئيس الحكومة خالد بحاح لتشكيل حكومة كفاءات وطنية وفق المعايير المتفق عليها في وثيقة السلم والشراكة، بعد تعثر تشكيلة حكومية سابقة، والتزمت القوى والأطراف الموقعة بما فيها الأطراف التي تمسكت في البداية بحصتها وكذلك المعارضة للحصص الوزارية التي كانت من نصيبها في التشكيلة السابقة للحكومة، بعدم الطعن في الحكومة القادمة.
وقال “جمال بن عمر” في مؤتمر صحفي إنه “يتمنى أن يلي هذا الاتفاق إجراءات لتعزيز الأمن والاستقرار، والعمل على تفعيل كافة الجوانب وخاصة الأمني منها”، ويأمل بأن يعمل هذا التوقيع على تجنيب اليمن الصراعات.
تفاءل سياسيون بهذا الاتفاق ووصفوه بالممهد للوصول إلى حكومة كفاءات، كون المعيار الرئيسي فيه هو الكفاءة وليس الانتماء، معتبرين ذلك انتصارًا لقيم الدولة المدنية الحديثة ووضع لبنات حقيقية للاستمرار والنهج نحو ذلك، مطالبين رئيسي الجمهورية والحكومة بسرعة تشكيل الحكومة وفق المعايير التي وُضعت.
فيما يرى أخرون أن هذا الاتفاق سيكون كأسلافه من الاتفاقات التي وقعت دون تطبيقها، وأضافوا: بل على العكس عقب كل اتفاق نفاجأ بتحركات من بعض القوى ولاسيما جماعة الحوثي التي تعمل على خرق واضح وصريح للاتفاقيات التي يوقع عليها، وكأنها تأتي بمثابة مشرعن له للقيام بما يحلو له في خلق بؤر الخلافات وإنشاء صراعات جديدة، وعزى مراقبون احتمال فشل هذا الاتفاق إلى تفويض الرئيس هادي بتشكيل الحكومة، متهمين إياه بتسليم الدولة وعتادها العسكري إلى يد الحوثيين، وأن سيطرة الأخيرة على صنعاء وبعض المدن اليمنية جاء باتفاق وتسهيل من الرئيس هادي ذاته، حسب قولهم.
وجاء هذا الاتفاق بعد يومين من تلويح شيخ مشائخ محافظة صعدة – شمال اليمن – “ضيف الله رسام” بتشكيل مجلس عسكري ومجلس إنقاذ وطني في حال لم يشكل الرئيس هادي الحكومة خلال عشرة أيام، وذلك في اجتماع ما يسمى باجتماع “حكماء اليمن” الذي عُقد بصنعاء ودعا له زعيم جماعة انصار الله “الحوثيين” عبد الملك الحوثي.
أُبرم الاتفاق أمس الأحد صباحًا، في حين كان مساء الأحد موعدًا لاغتيال السياسي اليمني البارز الدكتور “محمد عبد الملك المتوكل”، أحد مؤسسي تكتل اللقاء المشترك، والذي تعرض لعملية الاغتيال في أحد الشوارع الحية والمزدحمة بالعاصمة صنعاء، ووفقًا لشهود عيان فإن مسلحان يستقلان دراجة نارية، أطلقا عليه النار ولاذا بالفرار.
لم يكن اغتيال الدكتور المتوكل في هذه اللحظات – حسب محللين -، إلا تعقيدًا للمشهد السياسي وخلط للأوراق وتفاقم للاضطرابات، وأن هناك قوى ستستفيد من ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، على حد قولهم.
في ظل أوضاع تزداد سواءً في اليمن، ترى هل سيلقى هذا الاتفاق طريقه للنور؟ وهل سيستسيغه المواطن اليمني كحل أو ككارثة؟ أو أن بوتقة الاتفاقيات هي من ستفرض نفسها بين الحين والآخر كسلاح لطرف ضد طرف آخر لوضع شروط وقبول أخرى؟ ويظل لا شيء يزهو في اليمن، إلا الدم!!