ترجمة وتحرير: نون بوست
عندما ألف ألدوس هكسلي كتابه بعنوان “عالم جديد شجاع” في سنة 1932، صوّر مجتمعا يُلقّن فيه الأطفال دروسًا حول أهمية التخلص من الملابس القديمة (“التخلص منها أفضل من إصلاحها، وكلما أصلحت أكثر قل الاستهلاك”) – إذ كان من الضروري للغاية التشجيع على استهلاك كل ما هو جديد. وتدور أحداث روايته في المستقبل بعد حوالي 600 عام، لكنه اقترح فيما بعد أن “الرعب قد يحل بنا في غضون قرن واحد” ولم يكن مخطئا بشأن ذلك.
لقد أصبحت مدة صلاحية أي منتج أقصر، وتنصح إحدى شركات الأزياء في المملكة المتحدة المشترين بالعمل وفقًا لمعايير الجودة التي تفترض أن الفستان سيبقى في خزانة ملابس مالكته لمدة تقل عن خمسة أسابيع. ولا يتعلق الأمر بالملابس فقط، بل يمكن أن يكون استبدال الأجهزة المنزلية بأخرى جديدة أرخص من إصلاحها؛ وغالبا ما تكون قطع الغيار متاحة فقط إذا وقع الحصول عليها من الآلات المعطلة. إن شيئا بسيطًا مثل البطارية المستنفدة كثيرا ما يشير إلى نهاية صلاحية الأجهزة الإلكترونية محكمة الإغلاق اليوم، حتى أن محاولة إصلاحها يمكن أن تجعل الضمانات باطلة.
ربما يمكننا الابتعاد عن تبجيل الحداثة التي تتجلى في فتح صناديق المنتجات الجديدة في مقاطع الفيديو على “يوتيوب”، وبدلا من ذلك تعلم الاحتفاء بالأشياء العتيقة التي تأتي مع الرعاية والإصلاح.
لكن قانونا جديدا – “قانون الحق في الإصلاح” – دخل حيز التنفيذ مؤخرًا، وهو يهدف إلى إنهاء دورة “صُممت للكسر” من خلال مطالبة المصنّعين بتوفير قطع الغيار ومعلومات الصيانة اللازمة لمنتجاتها. ويتمثل الهدف من ذلك في التغلب على مبدأ التقادم الوظيفي المخطط له، وإتاحة الصيانة، وإطالة العمر الافتراضي للسلع. وتتوقع الحكومة حاليًا أن تستمر الأجهزة المنزلية في العمل لمدة تصل إلى عقد من الزمان، بدلا من متوسط عمر سبع سنوات الذي أبلغت عنه جمعية التجارة للأجهزة الرئيسية.
لكن نشطاء مثل المؤسسة المشاركة في مشروع “إعادة التشغيل”، جانيت غونتر، يجادلون بأن هذه الإجراءات ليست كافية. وعلى حد تعبير غونتر، فقد “تم الإبلاغ عن هذا الأمر على نطاق واسع بوصفه “مشكلة قد حُلت”، ولكن هذه القواعد تنطبق فقط على أجهزة الإضاءة وآلات الغسيل وغسالات الصحون والثلاجات – ناهيك عن أنهم لا يقدمون قطع الغيار ووثائق الإصلاح إلا للمحترفين”. وأضافت “نحن نريد أن نرى قانون التصميم الإيكولوجي يُطبّق على المنتجات التقنية الأخرى التي يصعب إصلاحها ونقدم الحق في الإصلاح للجميع”.
في الوقت الراهن، يقود الفنانون والمصممون الطريق في استكشاف ما يعنيه إصلاح الأشياء حقا. قد لا يعرضون إصلاح جهاز محمصة الخبز المعطب، وإنما من خلال استكشاف فن الإصلاح يضعون الأساس لمنظور جديد لرؤية الأشياء التي نحيط أنفسنا بها. وربما يمكننا الابتعاد عن تبجيل الحداثة التي تتجلى في فتح صناديق المنتجات الجديدة في مقاطع الفيديو على “يوتيوب”، وبدلا من ذلك تعلم الاحتفاء بالأشياء العتيقة التي تأتي مع الرعاية والإصلاح.
آية حيدر
يعتبر مصطلح الإصلاح بمثابة استعارة بالنسبة لآية حيدر. تضم مجموعة ذكرياتها صورا للمباني التي دمرتها الحرب في بيروت، حيث تقوم بتطريز خيوط متعددة الألوان “لإصلاح” ثقوب الرصاص. وعلى حد تعبيرها، فقد “كان الأمر يتعلق بملء هذه الفراغات – تلك الثقوب التي هي عبارة عن ندوب وبقايا وآثار لذكرى قاتمة وقبيحة وصادمة، بشيء ملون ومبهج”.
فرت عائلة آية من لبنان من الحرب في سنة 1982، وانتقلت أولا إلى المملكة العربية السعودية ثم إلى لندن. وأوردت آية قائلة: “بالنسبة لعائلتي، فإن تلك المباني المتضررة تذكرهم بشيء مرعب، ولكن ينبغي لهذه الذكرى أن تبقى حية”.
تقول آية إن “الأحذية حملت أجساد اللاجئين عبر الحدود وعبر الأراضي كانت مهترئة وممزقة لدرجة أنها لم تكن صالحة للارتداء. لم أتمكن من إصلاح تلك الأحذية، لكن يمكنني سرد قصتها وإظهار قيمتها”.
تركز آية على تجميل الشقوق وتغطيتها بخيوط جميلة وملونة، حتى لا تُنسى الحرب التي تسببت فيها. يقوم عمل حيدر بالأساس على الأشياء التي عُثر عليها والمعاد تدويرها، كما يستكشف موضوعات مثل الخسارة والهجرة والذاكرة. وفي مجموعة “عديم الروح”، قامت آية بتطريز صور رحلات المهاجرين على باطن أحذيتهم البالية.
في هذا الصدد، تقول آية إن “الأحذية حملت أجساد اللاجئين عبر الحدود وعبر الأراضي. لقد كانت هذه الأحذية مهترئة وممزقة لدرجة أنها لم تكن صالحة للارتداء، ولكن بدلا من التخلص منها، قمت بتطريز صور رحلات من ارتدوها على باطن هذه الأحذية، لإضافة طبقة أخرى ذات معنى. لم أتمكن من إصلاح تلك الأحذية، لكن يمكنني سرد قصتها وإظهار قيمتها”.
تدير حيدر ورش عمل للشباب وتستخدم الحِرف كوسيلة لمساعدتهم على إدارة التجارب المؤلمة. وتوضح قائلة “إن فعل الإصلاح المادي يساعد على الإصلاح النفسي. ونظرا لأن الحرفية تتسم بالبطئ ناهيك عن كونها معتبرة وتكرارية وتتطلب تفكيرا عميقا، تُترك النساء اللواتي يشاركن في ورشتي مع أفكارهن الخاصة ويأخذن الوقت اللازم لمعالجتها في عملية التطريز. إنها عملية فردية، ولكنها تعتبر أيضا تجربة جماعية. فالمحادثات التي تخرج من ورشات العمل حقيقية وصادقة ومفيدة للغاية. ويبدأ شعور جميل بالشفاء بالتطور”.
جاي بليدز
بالنسبة إلى جاي بليدز، مقدم برنامج “متجر الإصلاح” على قناة “بي بي سي”، فإن الإصلاح يتعلق بالمجتمع. وقد وصفته هيئة الإذاعة البريطانية بأنه “ترياق يثلج الصدر لثقافة الإقصاء”. ويصور البرنامج أفرادًا من الجمهور يجلبون أشياء مكسورة إلى حظيرة في أراضي “متحف ويلد وداونلاند ليفينج”، ويصلحونها ثم يأخذونها مرة أخرى.
يضحك بليدز قائلا “نظريا، لا يبدو الأمر مثيرا للاهتمام”. مع ذلك، يتابع 7 ملايين شخص كل حلقة من البرنامج. وربما يكمن سر نجاح البرنامج غير المحتمل في قصة نشأته. فذات مرة، أخذت كاتي ثوروغود، المديرة الإبداعية لشركة الإنتاج “ريكوشيت”، كرسيا كان يخص والدتها الراحلة لترميمه. وعندما سلمها العامل نموذجا مؤطرا من القماش الأصلي كتذكار، أجهشت في نفس الوقت بالبكاء ومن هناك خطرت ببالها فكرة برنامجها التلفزيوني التالي.
يقول بليدز “لم يكن العامل مجبرا على القيام بذلك، لكنه فعل ذلك ببساطة كرما منه. وما يجعل برنامج “متجر الإصلاح” مميزا للغاية هو مجتمعه – وحبه المتبادل. إن الأمر يتعلق بفعل شيء لطيف لشخص لا تعرفه”.
يشمل هذا الموضوع قصة بليدز الخاصة أيضا. فقد أسس مؤسسة “الخروج من الظلام” مع زوجته السابقة التي تُدعى جايد في هاي ويكومب في سنة 2000 لتمكين الشباب المحرومين من تعلم المهارات العملية من الجيل السابق من صانعي الأثاث في المنطقة. وأوضح قائلا “كان الأمر يتعلق بتحويل الأثاث الذي تخلص منه شخص ما إلى شيء مرغوب فيه، وشرح للشباب العلاقة بين ذلك وبين تعلّمهم المهارات التي يحتاجونها لحضور مقابلة عمل والظفر بالوظيفة الشاغرة”.
عندما انهار هذا المشروع بسبب عاصفة عاتية من مشاكل التدفق النقدي وانتهاء زواجه، سانده المجتمع مرة أخرى. كان بليدز يعيش في سيارته لمدة أسبوع عندما عرض عليه أحد الأصدقاء وظيفة ومكان للإقامة – وهو يعيش مع عائلة ذلك الصديق منذ ذلك الحين.
بعد أن استعاد قوته، كان بليدز يدير بالفعل شركة “جاي وشركائه”، المؤسسة التجارية لترميم الأثاث الخاصة به، عندما تواصلت معه قناة “بي بي سي”. ويقول بليدز: “بالطبع، يعتبر برنامج “متجر الإصلاح” بمثابة احتفاء بالمهارات الحرفية، ولكنه في جوهره يتعلق برعاية الناس من خلال إصلاح الأشياء التي تهمهم”.
كريس ميلر
بالنسبة لكريس ميلر، فإن الإصلاح بمثابة استجابة مباشرة لأزمة المناخ. يتخصص مشروع “سكين فلينت“، وهو موقع إلكتروني للمصابيح القديمة شارك ميلر في تأسيسه، في البحث عن سبل الإنارة التي استُخدمت في الفترة الممتدة من عشرينيات القرن الماضي إلى السبعينيات خاصة في المستشفيات أو الكنائس أو المصانع. أنقذت الشركة 50 ألف مصباح من مكبات النفايات، ثم جعلتها آمنة وعملية، وأعطتها ما يسميه ميلر بترميم ذو “لمسة خفيفة”، مع ضمان الحفاظ على مظهرها العتيق الذي يميز تاريخ صنعها.
يتعلق قرار اقتناء المصابيح الصناعية بشكل أساسي بمدى توفرها وكمياتها، أما الفترة الزمنية للمصابيح المستهدفة فقد حُددت بناءً على ظهور الإضاءة الكهربائية السائدة في عشرينيات القرن الماضي ووُضعت نهايتها مع استحداث استخدام البلاستيك في السبعينيات.
يبين ميلر “كانت الكنائس أول المباني التي زُوّدت بالكهرباء وما زلنا ننقذ أضواء الكنائس التابعة لعشرينيات القرن الماضي، لأنها كانت تعيش حياة سهلة للغاية – حيث اقتصر استخدامها على يوم واحد في الأسبوع وكانت توضع على أسقف مرتفعة جدًا. بعد السبعينيات، يصبح بالإمكان رؤية التقادم المخطط له وحالات الإخفاق الهندسي، وتداعيات عمل المهندسين مع مادة لم يفهموها تمامًا”.
إلى الآن، قد تبدو حكاية المشروع واقعية للغاية لكن الدافع الأساسي لاتخاذ ميلر القرار بإنشاء شركة يتمحور عملها حول البيئة كان في الواقع نابعا من تجربة شخصية مأساوية. في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2004، كان ميلر في سريلانكا وشهد ضرب تسونامي للبلاد، وتحدث عن ذلك، قائلا: “اعتدنا على أن نسافر دون استعدادات مسبقة، ولكننا حجزنا أماكن مختلفة مسبقًا في هذه المناسبة – وهذا ما أنقذ حياتنا”.
في 24 كانون الأول/ ديسمبر، غادر هو وزوجته الكوخ المجاور للمياه الذي كانا يقيمان فيه وتحركا على مضض بعيدا عن المياه إلى نزل في الغابة محجوز مسبقًا للاحتفال بيوم عيد الميلاد. بعد 48 ساعة، دمرت أمواج تسونامي تلك الأكواخ التي تقع قرب المياه، مما أودى بحياة العديد من الأشخاص الذين كان الزوجان معهم قبل بضعة أيام فقط. لقد كانت هذه التجربة بمثابة صيحة تنبيه لميلر.
يقول: “جميعنا يمر بلحظات يقظة؛ معظمها نغفل عنه، وبعضها نراه ولا نفعل شيئا حياله، والبعض الآخر يوجه لنا صفعة مباشرة. تركت [أنا وزوجتي] وظائفنا في لندن وانتقلنا إلى كورنوول مع رضيعنا البالغ من العمر ثلاثة أشهر. وبعد ذلك بسنتين، تم إطلاق سكين فلينت”.
بالنسبة لميلر، فإن “المحرك الرئيسي لمشروعنا هو البيئة – لا يمكننا المضي قدمًا باعتماد النهج الذي اتخذناه على مدار المئة سنة الماضية، فالموارد لفعل ذلك لم تعد متوفرة”.
بريدجيت هارفي
قد تعرض عليك بريدجيت هارفي، وهي فنانة مقيمة سابقة في متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، أن تصلح جهاز تحميص الخبز الخاص بك. إلى جانب ممارساتها الفنية، فهي المنظمة المشاركة لـ “هاكني فيكسرز“، وهي جماعة محلية على غرار المبادرة الهولندية “ريبير كافيه” التي تجمع بين مالكي الأشياء المكسورة والمتطوعين الذين يمكنهم إصلاحها. لكن عملها كفنانة يتمحور حول ما نصنعه وكيف نصنعه وأين تكمن أهمية ذلك”.
أوضحت الفنانة: “أنا مهتمة بكيفية تنقّلنا عبر هذا العالم، وكيفية تفاعلنا مع الأشياء، وما إذا كان إصلاحها أمرا مرحبا به أو مرفوضا أو شيئا ما بين ذلك. يشكل كل ذلك نافذة مثيرة للاهتمام لإدراك آلية تفكيرنا، وكيفية عمل المجتمع، وحيثيات تحديد الممتلكات لهوياتنا”.
يشمل عمل هارفي الملابس والسيراميك وكل ما يحتضن كليهما. إن “الكنزة الزرقاء” التي امتدت دورة حياتها من 2012 وحتى 2019، على وشك الانضمام إلى مجموعة متحف فكتوريا وألبرت الدائمة كجزء من معارض الأزياء في المتحف والتي يتم تنسيقها حول دورات حياة الملابس، ولكنها بدأت حياتها كقطعة من الصوف المستعمل في خزانة ملابس هارفي. عندما أتلفها العث، استمرت هارفي في ارتدائها، وغطّت الثقوب برقع ذات ألوان متباينة. وعندما هجم عليها العث مرة أخرى، قامت ببساطة بإعادة ترقيعها، واستمرت في ارتدائها، واصفة نفسها بأنها “المالكة المتمردة لقطعة لباس متمردة”.
انطلاقا من الإلهام، ومع عدم قيام هارفي بتصميم الطبق أو الصمغ أو صنع أي منهما بنفسها، تبحث الفنانة في مفاهيم الأصالة داخل الأشياء التي تم إصلاحها.
تعبر كنزتها التي أطلقت عليها اسم “ميند مور” (“أصلح أكثر”) عن رسالة أكثر وضوحا: فقد صُنعت في شكل لافتة لمسيرة ضد تغير المناخ، وزُينت الكنزة ذات اللون الأزرق الداكن بعبارة “أصلح أكثر، وقلل من الإتلاف” على جانب واحد، وعبارة “أصلح أكثر، وقلل من الشراء” على الجانب الآخر. وقامت هارفي بلصق الحروف على الكنزة باستخدام بقايا قصاصات قماش صفراء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن “طبق كينتسو غلو”، وهو قطعة فنية صنعتها هارفي في 2019، يعد تعليقا على الشعبية المتزايدة لتقنية الإصلاح اليابانية المرئية عمداً المسماة “كينتسوغي“. بدلاً من استخدام ورنيش الأوروشي التقليدي والذهب المسحوق، استخدمت هارفي صمغ “كينتسو” – وهو منتج مقلد يحاكي “سوغرو” وهو “غراء” قابل للتشكيل يمكن التلاعب به مثل البلاستيسين لمدة 30 دقيقة قبل أن يتماسك.
انطلاقا من الإلهام، ومع عدم قيام هارفي بتصميم الطبق أو الصمغ أو صنع أي منهما بنفسها، تبحث الفنانة في مفاهيم الأصالة داخل الأشياء التي تم إصلاحها. في قطع أخرى لها، قامت الفنانة بترقيع بطانية بعلب من الصفيح، وسد فجوة بين نصفين من وعاء مكسور بقسم مزخرف بالخرز، مما جعله مصلحًا، ولكنه عديم الفائدة. إنها تلعب على هامش الإصلاح، وتطلب منا أن نتساءل متى يُعد شيء ما مكسورا بالفعل، وماذا يقتضي إصلاحه حقًا.
هانز تان
يريد المصمم والمعلم والمنسق المقيم في سنغافورة هانز تان أن يدافع عن دور الإصلاح في مجال التصميم المعاصر، حيث يقول: “في معظم الثقافات الآسيوية، يُنظر إلى الإصلاح على أنه عمل لا يقدم المرء على فعله سوى عند عدم القدرة على استبدال شيء ما. إن شراء شيء جديد مهم لأنه يرمز للرفاهية، ولا يعتبر الإصلاح مهنة. أريد تعديل مكانة الإصلاح كنشاط طموح من شأنه توليد نتائج ملهمة”.
لقد شرع في القيام بذلك من خلال مشروع “آر إز فور ريبير”، وهو معرض فنيّ أقيم في مركز التصميم الوطني لسنغافورة في مطلع هذه السنة. وبتكليف من مجلس “ديزاين سنغافورة”، اقترح المعرض أن إحدى الطرق لتقليل حوالي 0.74 كيلوغرام من النفايات (الكمية التي تعادل ما يلقيه كل فرد من النفايات يوميًا، حسب تقديرات البنك الدولي) تكمن في إطالة عمر الأشياء عوضا عن التخلص منها.
يوضح تان: “غالبا ما ننظر لممارسات الاستدامة على أنها مصحوبة بشيء من الإزعاج أو التكلفة أو التضحية، ولكن يمكن صياغة الاستدامة وممارستها بطريقة جذابة وهادفة.
دعا تان عشرة أفراد من الجمهور العام لتقديم بعض ممتلكاتهم المعطوبة، ثم قام بتوزيعها على عشرة مصممين معاصرين. أعطِيت تيفاني لوي، وهي فنانة سنغافورية مدربة على التصميم الصناعي وأعمال النسيج، حقيبة من “كالفن كلاين” اشتراها أرنولد جوه بأول راتب له. كانت الحقيبة تمثل مصدر فخر وسعادة بالنسبة لها فيما سبق، إلا أنها اهترأت ولم تعد سوى حقيبة يستخدمها لحمل البقالة. من جهتها، قامت لوي بقلب الحقيبة من الداخل للخارج، مستفيدة من البطانة السليمة، وأضافت شبكة من السلك – لتقويتها وتشكيل جيب خارجي سهل الاستخدام.
حصل هون واي وفرانشيسكا لانزافيكيا، مؤسسا “لانزافيكيا بلس واي“، على ساعة قيمتها 15 دولارًا ذات رباط مكسور تحمل قيمة عاطفية لمالكها. ويقول واي: “كلانا مصممان رومانسيان تمامًا – نسعى إلى إعادة إضفاء الطابع الإنساني على المواقف والأشياء وإيجاد أنماط سلوكية جديدة، لذلك كنا سعداء حقًا بالحصول على ساعة للعمل عليها. تعد ساعة اليد غرضا ذا قوة كبيرة – فهي تحمل الكثير من الحكايات وتصبح جزءًا من هويتك لاإراديًا بعد فترة من الزمن. على الرغم من أن هذه الساعة كانت رخيصة الثمن، إلا أنها صُنعت بشكل جيد وما زالت تعمل”.
قام المصممان بوضع الساعة – التي تُنتج بكميات هائلة – في علبة من خشب الجوز مصممة خصيصا مع مثبتات نحاسية يتماشى موقعها مع كل ربع ساعة، وجعلاها بذلك ساعة قيّمة.
يوضح تان: “غالبا ما ننظر لممارسات الاستدامة على أنها مصحوبة بشيء من الإزعاج أو التكلفة أو التضحية، ولكن يمكن صياغة الاستدامة وممارستها بطريقة جذابة وهادفة. وبصفتنا مصممين، فنحن في وضع فريد يسمح لنا بتعديل النظرة تجاه الإصلاح وجعله عملا ملهما. نريد أن نأتي بغرض ونحوله تدريجيا إن لم يكن أساسيًا إلى شيء أفضل من هيئته الأصلية. حتى يرى الناس الإصلاح كعمل يحبون القيام به، وليس مصدر إزعاج”.
المصدر: الغارديان