يستعد أولياء الأمور هذا الشهر بتحضير أبنائهم تدريجيًا للعودة إلى المدرسة، فبعد أيام العطلة الصيفية يصبح من الصعب على الطفل استيعاب الروتين المدرسي الجديد بما يتضمنه من مذاكرة واستيقاظ مبكر ومشاهدة التلفاز بمواعيد محددة، وما قد يجعل الأمور أصعب هو عودة المدارس بشكل طبيعي في بعض البلدان بعد انقطاع الطفل عن الذهاب للمدرسة ومقابلة معلميه وأصدقائه لمدة دامت أكثر من عام لظروف انتشار جائحة كورونا السنة الماضية، ما قد يُشعر الطفل ببعض التوتر النفسي والارتباك هذا العام إثر هذا التحول المفاجئ من الدراسة في المنزل إلى الدراسة في المدرسة.
التطور السلوكي والنفسي للطفل
التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال يبدأ من قدرتهم على الاندماج وتكوين الصداقات في المدرسة
أثبتت الدراسات أن التطور السلوكي للطفل لا يقل أهمية عن التطور الدراسي، ورغم ذلك قد نجد أن الكثير من أولياء الأمور لا يولون اهتمامًا كبيرًا لهذا الشأن، ففي دراسة أجرتها جامعة جونز هوبكنز الأمريكية هذه السنة على 9000 طفل لدراسة مدى استعدادهم نفسيًا واجتماعيًا للعودة إلى المدرسة، كانت النتيجة أن اكثر من نصف الأطفال لم يكن لديهم المهارات التي تؤهلهم نفسيًا واجتماعيًا للعودة إلى المدرسة.
التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال يبدأ من قدرتهم على الاندماج وتكوين الصداقات في المدرسة بشكل سليم، وبحسب ما جاء في تسلسل “هرم ماسلو” للاحتياجات الإنسانية الذي أسسه العالم الأمريكي أبراهام ماسلو، يأتي الاحتياج الاجتماعي والشعور بالانتماء إلى مجموعة من الأصدقاء في الترتيب الثالث بعد الاحتياج للمأكل والمشرب والشعور بالأمان.
قدرة الطفل على تكوين الصداقات داخل المدرسة
هناك مجموعة من الأنشطة التي يمكن تطبيقها مع الأطفال للتأكد من قدرتهم على التعبير عن أنفسهم وتكوين الأصدقاء في المدرسة.
يجب تشجيع الطفل على أن يعرّف نفسه بكل ثقة عندما يُطلب منه ذلك في المدرسة، بالإضافة إلى تشجيعه على اكتشاف الأشياء التي يحبها
في البداية، يمكن شرح معنى الصداقة للطفل وإعطائه أمثلة لصفات الصديق الجيد التي يجب أن يتحلى بها، فمثلًا يمكن أن نقول له إن الصديق الجيد لا يجب أن يؤذي الآخرين أو يتنمر عليهم، ولا يجب أن يمنع أصدقاءه من الجلوس بجانبه أو اللعب معه، فهو يساعد أصدقاءه ويحبهم، ويعتذر عندما يخطئ.
ثانيًا يجب تشجيع الطفل على أن يعرّف نفسه بكل ثقة عندما يُطلب منه ذلك في المدرسة، بالإضافة إلى تشجيعه على اكتشاف الأشياء التي يحبها والأشياء التي ينزعج منها وتعليمه التعبير عن هذه الأشياء لأصدقائه بطريقة لطيفة، ومنح الفرصة له لتوجيه نفس الأسئلة لأصدقائه والتعرف على شخصياتهم، فذلك يعزز مقدرة الطفل على إجراء حوار ناجح ويزيد من ثقته بنفسه.
يمكن للأم تطبيق هذا النشاط عن طريق سؤال الطفل عن طعامه المفضل على سبيل المثال أو الشخصية الكرتونية المفضلة بالنسبة له، وإتاحة الفرصة له للتفكير في الإجابة.
تعلق الطفل الشديد بوالديه
لا شك أن تعلق الطفل بوالديه أمر طبيعي، إلا أنه في بعض الأحيان قد يكون هذا التعلق أكثر من المعدل الطبيعي بشكل يؤثر سلبًا على نفسية الطفل عند ترك عائلته والذهاب الى المدرسة.
هناك بعض الأنشطة التي يمكن أن تخفف من حدة توتر الأطفال عند الذهاب إلى المدرسة خاصة خلال الأسبوع الأول من العودة إلى المدارس، فمثلًا هذا النشاط يطبق في المدارس البريطانية ومتاح للجميع على موقع توينكل التعليمي البريطاني، إذ تقوم الأم بتنزيل رسمة القلب من على الموقع وطباعتها وقصها إلى نصفين، نصف يلونه الابن والنصف الآخر تلونه الأم، ثم يتبادلان أنصاف القلب، فيصبح الطفل لديه رسمة على شكل نصف قلب لونته أمه له، كلما شعر بالقلق في المدرسة يمكنه النظر إليه.
وهناك نشاط آخر، إذ تطبع الأم مجموعة من الأساور الورقية الملونة، مكتوب على كل منها عبارة تشجيعية للأطفال، يمكن أن يرتدي الطفل كل يوم واحدة من هذه الأساور لتظل معه خلال اليوم الدراسي.
تحفيز الطفل على العودة إلى المدرسة
يمكن التحدث إلى الطفل ووضع خطة معًا تتضمن وقتًا للمذاكرة ووقتًا للراحة واللعب، فضمان وجود وقتٍ للترفيه عن النفس وسط الأجواء المدرسية والمذاكرة له تأثير إيجابي لتشجيع الطفل على إنجاز مهامه المدرسية، فقد أثبتت الدراسات أن هناك أهميةً كبيرةً لتهيئة الطفل نفسيًا للعودة إلى المدرسة.
وأشار موقع توينكل التعليمي في إحدى دراساته إلى بعض النقاط الأساسية التي يجدر بأولياء الأمور الاهتمام بها، مشيرًا إلى أن بعض الأطفال يصيبهم التوتر وأحيانًا الخجل من المواقف الاجتماعية العديدة إثر عودة الدراسة، خصوصًا مع انقطاع الذهاب للمدرسة لمدة طويلة بسبب جائحة كورونا، لذلك لا بد أن تتم تهيئة الطفل نفسيًا للموقف ومن الضروري الحديث معه عن تفاصيل اليوم الدراسي بشكل مبسط بل وتحويل الأمر إلى لعبة مسلية بين أفراد الأسرة.
توجد العديد من الأنشطة والألعاب التعليمية التي من شأنها أن تكون مثالًا بارزًا على ذلك، على سبيل المثال هناك نشاط جدول الروتين اليومي الذي يمكن استخدامه مع الطفل لتهيئته لترتيب الأحداث المختلفة التي سيفعلها في أثناء اليوم الدراسي، ولا شك أن هذا الروتين اليومي سيساعد كثيرًا في الحفاظ على حياة طبيعية وإيجاد طريقة لإنجاز الأمور بسهولة والإحساس بالأمان.
ممارسة الرياضة وتأثيرها على التطور الدراسي
تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة إلى جانب المذاكرة له تأثير عظيم على التطور الدراسي للطفل، فقد أكد موقع إنسباير سبورت المتخصص في التدريب الرياضي للأطفال أن ممارسة الرياضة تزيد من نسبة الأكسجين بالدم وبالتالي تحسن من معدل التركيز عند الأطفال وترفع من تحصيلهم الدراسي، بالإضافة إلى تنمية قدراتهم السلوكية، إذ ترفع الرياضة من ثقة الأطفال بأنفسهم داخل وخارج المدرسة وتقلل من حدة التوتر لديهم.
الذهاب معًا لشراء الأدوات المدرسية
لا شك أن ذهاب الطفل لاختيار وشراء الأدوات المدرسية الجديدة بصحبة والديه يؤهله نفسيًا لاقتراب موعد بدء الدراسة، كما أنه يشعره بالبهجة والحماس لدخول المدرسة واستخدام هذه الأدوات الجديدة، بالإضافة إلى ذلك يمكن القيام ببعض الأنشطة الفنية المرتبطة بالعودة إلى الدراسة، مثل تصميم حافظة الأقلام الخاصة بالطفل أو تلوين بعض الرسومات الخاصة بالتباعد الاجتماعي في أثناء اليوم الدراسي، فقد أثبتت الدراسات أن الأعمال الفنية وخاصة الرسم والتلوين لها أثر إيجابي كبير على الصحة النفسية للأطفال.