في خطوة جديدة تزيد من الشكوك بشأن تواطؤ إدارة بارك أوباما مع الديكتاتور بشار الأسد، وضعت واشنطن خطة لوقف تمويلها السنوي الموجه لمنظمة تعني بجمع الأدلة والوثائق التي تثبت تورط الأسد في جرائم حرب وارتكاب مجازر جماعية.
وفي تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، فإن وزارة الخارجية الأمريكية تعتزم قطع التمويل السنوي الموجه إلى “لجنة العدالة الدولية والمساءلة” (CIJA)، والذي يعادل 500 ألف دلاور، بدءًا من مطلع العام القادم 2015.
وكانت اللجنة خلال العامين الماضيين قد حصلت على تمويل أمريكي بمقدار مليون دولار، من أجل جمع وثائق وأدلة تثبت تورط بشار الأسد ونظامه في الجرائم التي تشهدها سوريا منذ حوالي 4 سنوات.
وعكفت “CIJA” عبر ناشطيها والمتعاونين معها على جمع الأدلة والمستندات الرسمية من السجون والثكنات والمرافق التي انسحب منها النظام في سوريا، تمهيدًا لتقديمها إلى أي محكمة دولية محتملة.
وقالت “فورين بوليسي” إن قطع التمويل عن ملف جرائم بشار، جرى بالتزامن مع رفع مقدار التمويل الخاص بجمع أدلة حول انتهاكات تنظيم “الدولة الإسلامية”، موضحة أن “تجيير” التمويل بين النظام والتنظيم أثار القلق لدى المهتمين بحقوق الإنسان، متهمين الولايات المتحدة بمحاباة بشار الأسد لأن مصالحها تقاربت معه عبر بوابة القتال ضد تنظيم “الدولة”.
وأظهر التقرير أن “CIJA” تضم ممثلي ادعاء متخصصين في جرائم الحرب الدولية، وقد واظبت اللجنة على إرسال الباحثين المحليين والمحامين وطلاب القانون في سوريا إلى مناطق القتال لجمع واستخراج الملفات والأدلة التي يمكن أن تساعد في رسم خريطة لهيكل القيادة السورية، والتعرف على سلسلة الأوامر العسكرية التي تشرعن القيام بأنشطة “غير قانونية”، ومن بين تلك الأنشطة حملات القصف بالبراميل المتفجرة، وتجويع المدن المحاصرة، وعمليات القتل الجماعي التي تكرست حتى وصلت إلى قرابة 200 ألف ضحية، منذ 2011.
وكشف التقرير أن “CIJA” لديها “مخزون” من الأدلة ينمو باستمرار، حيث يتم جمعه داخل سوريا قبل نقله إلى الخارج لحفظه، انتظارًا للحظة قد يتم فيها إنشاء محكمة تعني بالفظائع المرتكبة في سوريا.
وأكدت “فورين بوليسي” وقف التمويل الأمريكي كليًا، ناقلة عن كبيرة المتحدثين باسم اللجنة “نيرما جيلاسيك” قولها: “نحن لا نعلم ما هي سياسة الولايات المتحدة بشأن هذه المسألة، ولكن بعد مفاوضات مكثفة أُبلغنا مؤخرًا أننا لن نتلقى بعد اليوم الدعم من وزارة الخارجية (مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل) لمواصلة أنشطتنا في عام 2015”.
وتابعت “جيلاسيك”: “أخبرونا أن التحقيقات الجنائية (بشأن جرائم بشار) لم تعد أولوية لديهم في عام 2015″، مؤكدة أن نشاط “CIJA” في جمع الأدلة والوثاثق سيتوقف، وسيتم أيضًا إهدار الفرص لجمع مزيد من البراهين خلال العام المقبل.
“جيلاسيك” التي كانت تشغل منصب المتحدثة باسم المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا، قالت إن “CIJA” تختلف عن جماعات حقوق الإنسان الأخرى التي تعمل على خط الأزمة السورية، موضحة: “ليس هناك منظمة تشابه CIJA، التي تعمل على إعداد الملفات الجاهزة لرفعها إلى جهات الادعاء، مدعومة بأدلة تشير إلى المسئولية الجنائية للمسئولين الكبار والأكبر داخل النظام”.
وفيما قطعت واشنطن التمويل عن “CIJA”، فقد عمدت إلى تخصيص 1.6 مليون دولار كتمويل جديد للمساعدة على توثيق “جرائم الحرب” التي يرتكبها تنظيم “الدولة”.
ريتشارد ديكر، خبير في العدالة الجنائية الدولية بمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، علق على خطوة واشنطن المزدوجة (قطع التمويل عن ملف جرائم بشار ورفعه في ملف تنظيم الدولة)، قائلاً: “أدى ظهور التنظيم إلى تقليل الولايات المتحدة من أهمية المساءلة عن أشد الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في سوريا على مدى 4 سنوات تقريبًا، لقد كان الصمت من المستويات العليا في إدارة أوباما حيال سياسة الإفلات من العقاب عن هذه الجرائم التي ترتكبها حكومة الأسد وعدد من المتمردين المسلحين يصم الآذان”.
المصدر: فورين بوليسي / ترجمة زمان الوصل