ترجمة وتحرير: نون بوست
على مدى عقدين من الزمن، أثقلت كاهلنا الصورة المزدوجة “للحرب على الإرهاب”. في الواقع، لا تبدو أي نسخة أخرى من الإسلام مفهومة في أذهان عامة الناس.
في 17 أيلول/سبتمبر 2001، بعد أيام من الهجمات الإرهابية المروعة في الولايات المتحدة، أدى جورج دبليو بوش زيارة حظيت بتغطية إعلامية واسعة للمركز الإسلامي بواشنطن. في ذلك الوقت، استهدفت أعمال عنف المسلمين والشيوخ في جميع أنحاء البلاد، حيث بلغ عدد جرائم الكراهية المئات بالفعل. وشملت هذه الاعتداءات الجسدية الوحشية وإحراق عدة مساجد وجريمتي قتل على الأقل.
أوردت التقارير أن زيارة بوش زار لمسجد واشنطن كانت تهدف إلى وقف انتشار مثل هذه الكراهية. وعلى مر السنين، وقع الاشارة إلى هذه الزيارة في مناسبات عديدة بطريقة تكاد تكون صوفية. في 2002، وصفت صحيفة نيويورك تايمز الزيارة بأنها “ذكرى سنوية أخرى تستحق التكريم”. في 2016، أشارت إليها مجلة فورين بوليسي على أنه “استعراض للقيادة ودعم للتسامح”. في 2020، نعتها مساعد سابق في البيت الأبيض في عهد بوش، على موقع أن بي سي نيوز، بأنها لحظة “تضامن مع الأمريكيين المسلمين”.
أي نسخة من جورج دبليو بوش ينبغي تصديقها: الرئيس صاحب العبارات المتعاطفة مع المسلمين، أم الذي يتعامل بقسوة مع نفس المسلمين؟
في الواقع، لا يُنظر إلى الحدث على أنه مثال على الجانب التعاطفي لبوش فحسب، بل تعبير بارز عن الشمولية الأمريكية في وقت الأزمات. لكن إذا بدا أن الجميع يتذكر بوش وهو يقول “الإسلام هو السلام” في مسجد واشنطن، فكم شخص يتذكر أن إدارته قد بدأت بالفعل في اعتقال واحتجاز المئات، إن لم يكن الآلاف، من المهاجرين المسلمين، غالبًا في ظروف قاسية للغاية ومسيئة؟ كم من شخص يتذكر الخط الساخن الذي أنشأه مكتب التحقيقات الفيدرالي مباشرة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، والذي تلقى أكثر من 96000 إكرامية في أسبوعه الأول؟
كنت أعيش في مدينة نيويورك في ذلك الوقت، وأقيم في الولايات المتحدة بتأشيرة عمل وأتذكر بوضوح الذعر والقلق اللذين سيطرا على الكثيرين منا، خوف من أن أي إيقاف عشوائي من قبل السلطات سيؤدي إلى احتجازنا وترحيلنا. لم تنشر الحكومة حتى أسماء الأشخاص الذين اعتقلتهم. هنا تكمن صعوبة الأمر.
في هذه البيئة، انتشرت الروايات بسرعة، مثل القصة الحقيقية للرجل المصري الذي اتهم بالتعدي على ممتلكات الغير في نفس الفندق الذي كان يقيم فيه وتم ترحيله. لقد تعلمنا بسرعة الخضوع والتحدث بصوت منخفض، كما قمنا بتغطية سيارات الأجرة وجدران متاجرنا بالأعلام الأمريكية.
في هذا السياق، أي نسخة من جورج دبليو بوش ينبغي تصديقها: الرئيس صاحب العبارات المتعاطفة مع المسلمين (“المسلمون هم أطباء ومحامون وأساتذة قانون وأعضاء في الجيش ورجال أعمال وأصحاب متاجر وأمهات وآباء وهم بحاجة إلى أن يعاملوا باحترام)”، أم الذي يتعامل بقسوة مع نفس المسلمين؟
إن السؤال يتجاوز بوش ويتناول ما يعنيه كونك أميركيًا مسلمًا لمدة 20 سنة، لأن “الحرب على الإرهاب” تعتمد على هاتين النسختين للمسلم – المواطن الاستثنائي والغريب الخطير – في الواقع، كلا النسختين بحاجة إلى الوجود في وقت واحد.
على مدى عقدين من الزمن، كانت هذه الصورة المزدوجة معضلة المسلمين الأمريكيين. لا يفسر ذلك فقط بعدم وجود نسخة أخرى من المسلم الأمريكي تكون واضحة للعامة – يمكنك أن تكون مسلمًا وتعارض حروب أمريكا وإرهاب القاعدة على سبيل المثال – وإنما لأن كلتا النسختين وقع اختيارهما لخدمة احتياجات “الحرب على الإرهاب”.
“إعادة تعريف” الولايات المتحدة في الخارج
أن تكون مسلمًا في أمريكا يعني أن ترى نسخة مشوهة منك تنعكس باستمرار من خلال مواضيع لا تتفق معها في كثير من الأحيان. لست أنا فقط من يعتقد ذلك. رنا عبد الحميد، التي ترشح نفسها كنائبة ديمقراطية ضد كارولين مالوني الحالية في منطقة الكونجرس الثاني عشر في نيويورك ، غردت مؤخرًا: “كنت في التاسعة من عمري عندما شاهدت عضوة الكونغرس ترتدي البرقع في الكونغرس لتبرير غزو أفغانستان”.
رنا عبد الحميد، التي تعرضت للهجوم في سن الخامسة عشر من قبل رجل حاول نزع الحجاب عن رأسها (كل امرأة أمريكية مسلمة ترتدي الحجاب عاشت حادثة مماثلة ما بعد 11 أيلول / سبتمبر)، كانت تشير إلى سنة 2001 عندما ارتدت مالوني البرقع الأزرق على أرضية الكونجرس للدفاع عن الحرب.
تساءلت رنا عبد الحميد: “بعد ذلك ولبقية حياتي، عرفت أن هويتي كامرأة مسلمة ستُستخدم سلاحا لتبرير الحروب الأمريكية. بعد عشرين سنة من الحرب، ما الذي أنجزناه؟”
في الحقيقة، سبب السخط في كلماتها واضح ومفهوم. منذ سنة 2001، لطالما اعتُبرت أجسادنا في الولايات المتحدة وحول العالم مصدر خوف وتساؤل وبمثابة وقود للحرب.
في 2002، على سبيل المثال، عينت إدارة بوش المديرة التنفيذية في ماديسون أفينيو شارلوت بيرز “لإعادة ترتيب” الولايات المتحدة بالنسبة للمسلمين في الخارج. كان التفكير هنا بسيطًا بشكل مذهل. إذا استطاعت الولايات المتحدة أن تُظهر للعالم كيف أن مسلمي أمريكا سعداء وراضون، فيجب إسكات جميع الأصوات المنددة بالحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الإسلام. فكيف يمكن لأي شخص أن يعترض على غزو عسكري أمريكي إذا كانت الولايات المتحدة قد أثبتت أنها مجتمع حرّ ومتعدد الأديان والثقافات؟ (كان نفس التفكير واضحًا عندما شرح بوش الأساس المنطقي لهجمات 11 سبتمبر بقوله: “إنهم يكرهون حرياتنا”).
لكن الأمر يتطلب نوعًا معينًا من النرجسية التي يتخللها الوهم، للاعتقاد بأن مستنقع السياسة الخارجية يمكن حله عن طريق إدارة “الصور”، وقد أدت مبادرة القيم المشتركة لشركة بيرز التي بلغت قيمتها 15 مليون دولار إلى سلسلة من مقاطع الفيديو المسيئة والمضحكة. أظهر معظمها مسلمين بارعين يتحدثون عن إنجازاتهم الأمريكية ويكررون، بالعبارات ذاتها تقريبا، كيف لم يواجهوا أي أحكام مسبقة في البلاد. بطريقة مماثلة، أصدرت وزارة الخارجية مجلة لامعة باللغة العربية تسمى “هاي”، التي مُنعت من كتابة قصص تلمّح حتى إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
كان مآل هذه المشاريع الدعائية الفشل منذ البداية. لسبب واحد وهو أنها غضت الطرف عن عمد عن العنف الحقيقي الذي كان يستهدف المسلمين في البلاد. من ناحية أخرى، تجاهلت حقيقة أن السياسة الخارجية الأمريكية كان لها آثار مباشرة وضارة على حياة العديد من المسلمين في الخارج واختارت بدلاً من ذلك رؤية منمّقة لحياة المسلمين الأمريكيين.
حتى لو كانت هذه الصور فعالة تماما مثل فعالية لعب الجولف بالكرة اللينة، إلا أن التركيز لا يكون إلا على صور مصممة خصيصًا لمواطنين أمريكيين مسلمين جيدين بشكل استثنائي للترويج “الحرب على الإرهاب” في الخارج.
تصور السوء في الوطن
في غضون ذلك، كانت الأمور مختلفة على الجبهة الداخلية. بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، كانت الصورة السائدة للمسلمين الموجهة للرأي العام المحلي لا تتعدى كونها صورة لربات بيوت سعيدات بالحجاب.
زعم جون بودوريتز، الذي كتب في صحيفة نيويورك بوست يوم 20 أيلول / سبتمبر 2001، بلهفة، دون تقديم أي دليل، أن هناك “دليلًا دامغًا” على وجود “طابور خامس” خطير نشأ في الخارج وينشط على الأراضي الأمريكية “. كتب أن هؤلاء الخونة للحضارة كانوا “يجدون العون”، “وهم راسخون في المجتمعات العربية والإسلامية في الأحياء الأمريكية”.
رغم أنه لم يظهر أبدا بين المسلمين الأمريكيين أي تعاطف مع القاعدة، هيمنت صورة المسلم الخائن التي ترتكز على أدبيات معاداة السامية، على ذهن الرأي العام الذي ساند منذ البداية أهداف “الحرب على الإرهاب”.
على مر السنين، كرّر السياسيون فكرة أن “الحرب على الإرهاب” كانت ضرورية للحفاظ على الوطن في وجه التهديد الإسلامي المستمر والمتعاظم. سنة 2007، قال بوش: “سنقاتلهم هناك حتى لا نضطر إلى مواجهتهم في الولايات المتحدة الأمريكية”، وسط تصفيق صاخب من حشد من القوات الأمريكية.
كانت مثل هذه التصريحات تنتهي دائما بتهيئة الجمهور للقبض على إرهابيين من المسلمين في الولايات المتحدة. وقد عملت البرامج التلفزيونية مثل “24” و”الخلية النائمة، ولاحقا “هوم لاند”، على تصوير المسلمين دون غيرهم على أنهم مخادعون ومناوئون للمجتمع، ما لم يتعاونوا مع الحكومة.
استمرت “الحرب على الإرهاب” لسنوات طويلة، وفرضت على المسلمين ما يجدر بهم التفكير به وقوله وفعله. وحين تحيد عن الطريق، يعتقد الجميع أنك إما متطرف راديكالي أو متعاطف مع الإرهاب.
في كل مكان ذهبنا إليه، كان علينا كمسلمين أمريكيين أن ندين مجددا أفعالا لم نؤيدها من قبل، وفي بعض الأحيان كانت الإدانة نوعا من العبث. قبل سنوات، عندما كنت بصدد إعداد كتابي “كيف تشعر ولديك إحساس أنه مشكلة؟”، حضرت اجتماعًا مغلقًا بين مكتب التحقيقات الفدرالي وعدد من قادة الجالية الإسلامية والعربية في بروكلين. توجه المسؤول رفيع المستوى في مكتب التحقيقات الفدرالي الذي كان يدير الاجتماع إلى أحد الأئمة بسؤال محرج: إذا تعرف إماما يجند الشباب “للذهاب إلى الخارج لتعلم الجهاد”، فهل ستُبلغ عن ذلك؟
ما الذي كان من المفترض أن يقوله الإمام أمام سبعة من عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي؟ كانت الإجابة معروفة، وكان عليه أن يقولها رغما عنه.
استمرت “الحرب على الإرهاب” لسنوات طويلة، وفرضت على المسلمين ما يجدر بهم التفكير به وقوله وفعله. وحين تحيد عن الطريق، يعتقد الجميع أنك إما متطرف راديكالي أو متعاطف مع الإرهاب. في مثل هذه البيئة، اضطر كثيرون، حتى من غير المسلمين، إلى التبرؤ من تهم التطرف، والبعض كان يعلن عن ميولاته السياسية الراديكالية لإبعاد الشبهات.
خلال حملته الرئاسية سنة 2008، ذكر موقع باراك أوباما الرسمي على الإنترنت أن وصف المرشح بأنه “مسلم” يعد تشويها. لم يستطع أوباما أن يتعامل بشكل جيد مع هذه القضية خلال حملته، لكن وزير الخارجية السابق كولن باول فعل ذلك خلال مقابلة تلفزيونية: “هل هناك شيء خاطئ في أن تكون مسلما في هذا البلد؟ الجواب لا”.
بدا أوباما كأنه كان يدلي بشهادة أمام لجنة الأنشطة غير الأمريكية في مجلس النواب عندما قال لإحدى شبكات الأخبار المسيحية سنة 2008: “أنا لا أنتمي للديانة الإسلامية ولم أكن كذلك أبدا”. كان أوباما في قفص الاتهام رغم أنه لم يكن مسلما، إذن تخيّل أن تكون مسلمًا بالفعل.
أعباء الشك
تعاظمت الشكوك سنة بعد سنة. إذا أردنا بناء مسجد، نُتّهم بالعمل على تطبيق الشريعة، وإذا تقدمنا بطلب للحصول على الجنسية، تتأخر الإجابة على طلباتنا أو تُرفض دون أي تبرير، وإذا حملنا صندوقًا كرتونيا على متن طائرة، قد نُتّهم بإخفاء قنبلة.
في حادثة وقعت سنة 2015، أُجبر راكب مسلم على متن طائرة “ساوث ويست إيرلاينز”، وهو ماهر خليل، على فتح علبة الكرتون التي كان يحملها في يديه، وكانت بها قطع بقلاوة، وشرع في تقاسمها مع الركاب الذين طلبوا قبل ذلك إخراجه من الطائرة. تظهر هذه الحادثة الطريقة أنه كان يُتوقع منا كمسلمين أن نتجنب تعصب الآخرين بأي وسيلة ممكنة. لكن لماذا يُتوقع منا أن نتعامل بودّ مع شخص غير متسامح؟
إضافة إلى كل ذلك، كانت السلطات الأمريكية تطبق القوانين بأشكال متعسفة خلال العقدين الماضيين بهدف العثور على المؤامرات المزعومة التي يدبرها المسلمون. وعندما لا يجدون تلك المؤامرات، يتم بكل بساطة تلفيقها. هناك الكثير من الأمثلة على ذلك، حيث تقوم السلطات بتجنيد مخبرين لتوريط المسلمين في حوادث إرهابية، وغالبا ما يكون المتورطون من أبناء الطبقات الفقيرة والذين يعانون مشاكل نفسية.
كانت السلطات تعلن بشكل روتيني وعلني عن كل عملية اعتقال، إلى أن غذت فكرة أن حكومة الولايات المتحدة تحارب جحافل من الإرهابيين المسلمين على الأراضي الأمريكية. مع ذلك، توضح قاعدة البيانات المتخصصة في هذه القضايا بموقع إنترسبت، أن الغالبية العظمى من الذين تم اعتقالهم بسبب اتهامات متعلقة بالإرهاب منذ سنة 2001 لم يكونوا على وشك ارتكاب أعمال عنف. ورغم أن مكافحة العنف السياسي مهمة مشروعة لأي حكومة، إلا أن القيام بذلك من خلال خلق قصص كاذبة لا يؤدي فقط إلى تأجيج العنصرية في الداخل والخارج، بل أيضًا إلى تقليص فرص اكتشاف التهديدات الحقيقية.
تعدّ قضية حميد حياة مثالا جيدا. وُلد حميد في الولايات المتحدة سنة 1982، وعاش في باكستان من سن السابعة إلى الثامنة عشر، وأصيب بالتهاب السحايا سنة 2000 وتعرض لإعاقة إدراكية، وعاد الولايات المتحدة في تلك السنة. كان حياة يعمل في جمع الكرز في لودي بكاليفورنيا، وأصبح صديقا لنسيم خان، أحد مخبري مكتب التحقيقات الفيدرالي.
نقل خان معلومات عن حميد إلى الحكومة مقابل 200 ألف دولار، وقد أدت إلى اتهامه في البداية بأنه جزء من خلية نائمة تابعة للقاعدة، ثم اتهامه بالتخطيط لشن هجوم في الولايات المتحدة والمشاركة في معسكر تدريب إرهابي في باكستان.
ارتكزت معظم التهم الموجهة لحميد حياة حول قطعة ورق تم العثور عليها في محفظته، حيث يقول ممثلو الادعاء العام والمخبر نسيم خان إنها تثبت أن الشاب كان جهاديا. لكن كل ما كُتب على الورقة هو دعاء فسرته السلطات على طريقتها الخاصة. لم يكن ذلك مخالفا للقوانين، بل كان الأمر مجرد إدانة عن طريق ترجمة خاطئة، وقد حُكم على حياة في 2006 بالسجن لمدة 24 سنة.
بعد سنوات، بدأ طالب صحافة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي بالنظر بجدية في القضية، حيث وجد أن حياة لم يكن موجودا في المعسكر التدريبي بباكستان، كما أكد الشهود أنه كان بعيدا عن إطلاق النار بالبنادق وتفجير القنابل في تلك الفترة. ومع وجود أدلة جديدة، حكم القاضي ببراءة حميد حياة سنة 2019، وأسقطت الحكومة القضية نهائيًا سنة 2020، لكن حياة خسر 14 سنة من حياته في السجن.
توضح قصة حياة كيف أن مروجي الإسلاموفوبيا لديهم القدرة على تدمير حياة الأبرياء، وقد عاش المسلمون في الولايات المتحدة منذ 11 أيلول/ سبتمبر في أجواء معادية، مع بعض الاستثناءات، منها توجّه آلاف الأشخاص إلى المطارات في جميع أنحاء البلاد في أوائل 2017، احتجاجًا على قوانين حظر السفر التي فرضها دونالد ترامب ضد مواطني عدد من الدول الإسلامية.
التأمل في أخطاء الماضي
كيف يمكننا جميعًا الحفاظ على الأمل وحماية الأبرياء؟ ستكون البداية بمواجهة الفشل الذريع المتمثل في “الحرب على الإرهاب” نفسها. بعد 20 سنة من الحرب، يجب على كل أمريكي أن يسأل نفسه السؤال التالي: ما الهدف من كل هذا؟ إهدار تريليونات الدولارات على الميزانيات العسكرية، وقتل مئات الآلاف من الناس، وتدمير وتشريد مجتمعات بأكملها. ما الذي أحدثته هذه الحرب العالمية غير المزيد من البؤس والدمار والعنف السياسي في كل مكان؟ وعلى مدى العقدين الماضيين، امتد منطق الحرب اللاإنساني أيضا إلى داخل الولايات المتحدة وألحق بالمسلمين الأمريكيين أضرارًا عميقة.
لا تقدم لنا الاحتفالات السنوية فرصة التأمل في الماضي فحسب، بل تشكل أيضًا فرصة للتفكير في المستقبل. تحقيقا لهذه الغاية، يمكننا أن نتذكر جميع ضحايا 11 أيلول/ سبتمبر وكل شخص بريء قُتل في “الحرب على الإرهاب” منذ ذلك الحين.
حاليا، بعد عقدين من الزمن، وبعد فقدان الكثير من الأرواح، هل سنعمل على حشد قدراتنا والعمل من أجل عالم أكثر عدلا وإنصافا وسلامًا؟ بالتأكيد أتمنى ذلك، ويبدو أنه ليس من المبالغة القول إن مستقبلنا جميعا يعتمد على ذلك.
المصدر: الغارديان البريطانية