تمكن موقع نون بوست من الوصول إلى معلومات حصرية تفيد بأن السبب الحقيقي خلف اعتقال السلطات السعودية للداعية “محمد العريفي” يتمثل في مشروع قدمته له السلطات السعودية وقبل العريفي العمل ضمنه قبل أن ينسحب منه بسبب بعض التفاصيل التي عملت السلطات على إخفائها عنه.
واعتقل العريفي منذ حوالي 20 يومًا دون أن يصدر أي توضيح رسمي حول أسباب اعتقاله ودون السماح للمحامين ولأفراد عائلته بلقائه؛ الأمر الذي فتح الباب أمام التأويلات التي ذهب معظمها إلى أن اعتقال العريفي جاء بسبب تغريدة انتقد فيها أداء قطار الحرم المكي في موسم الحج قائلاً: “قطار المشاعر السنة أسوأ من العام .. شكاوي الحجاج كثرت .. عدم انضباط مواعيد .. توقف متكرر بلا سبب .. إهمال لترتيب الحشود .. تعطل المصاعد والسلالم الكهربائية”.
وبعد أيام من اعتقال العريفي، حصل نون بوست عبر مصادره الخاصة على معلومات أكدت أن لا علاقة لاعتقال العريفي بالتغريدة التي كتبها حول قطار مكة، مضيفة: “تلقى العريفي دعوة من السلطات السعودية للمشاركة في جبهة للدعاة والعلماء والإعلاميين تسعى المملكة إلى تشكيلها بهدف تأطير الشباب ووقف انتشار الفكر المتطرف وإنقاذ الشباب السعوديين الذين ذهبوا للقتال في صفوف داعش في سوريا والعراق”.
وقال المصدر: “الشيخ العريفي استحسن الدعوة، وأخبر الجهات التي اتصلت به بأنه مستعد للتعاون معهم وأنه سعيد لتواصل السلطات السعودية معه رغم ما يوجهه من انتقادات لبعض سياسات الحكومة”، مضيفًا: “بعد قبول الشيخ العريفي للفكرة، طُلب منه السفر إلى تركيا برفقة عدد من المشايخ والدعاة حتى يبدأوا في وضع الخطوات الأولى للتعامل مع التيارات المتطرفة في سوريا عبر التواصل مع المنظرين لها .. وفي تركيا كانت المفاجأة”.
تأكد نون بوست من مصدر آخر أن محمد العريفي زار تركيا قبل أيام قليلة من اعتقاله، وهو ما أعطى مزيدًا من المصداقية على رواية المصدر الأول الذي أكد أن الوضع انقلب رأسًا على عقب عندما اكتشف العريفي أن الهدف من الجبهة التي عرض عليه أن يشارك في تأسيسها يختلف عما أُخبر به في البداية، وأن الوظيفة الأولى التي كُلف بها برفقة عدد من الأسماء الأخرى تتمثل في مساعدة الأجهزة الأمنية على التواصل مع الزعامات الدينية للمجموعات المسلحة في سوريا وإقناعها بموالات الأجهزة الأمنية السعودية وبالانخراط في الخطة السعودية للوضع في سوريا.
ومع اكتشافه إلى أن الهدف من تشريكه في الجبهة هو استغلال اسمه وعلاقاته لتطويع مجموعات جهادية في سوريا لصالح الاستخبارات السعودية، وفور عودته إلى المملكة، اعتذر العريفي عن المشاركة في الجبهة وطلب إعفاءه من المهمة التي كلف بها؛ وهو ما أدى إلى اعتقاله.
وتحفظ نون بوست عن نشر هذه الأنباء إلى حين ظهور أدلة تؤكدها، وهو ما حدث اليوم الثلاثاء، حيث نشرت وكالة رويترز للأنباء خبرًا مطولًا تحت عنوان “السعودية تستعين بعلماء الدين ورجال الإعلام للتوعية بشأن تجنيد جهاديين” قالت فيه: “تستخدم الحكومة السعودية وسائل الإعلام والمساجد لتوصيل رسالة مفادها أن السعوديين الذين ينضمون للجماعات الراديكالية مثل تنظيم الدولة الإسلامية سيجدون أنفسهم وقد سقطوا في براثن تجربة جهادية بغيضة وعقيمة”.
وتضيف وكالة رويترز في تغطيتها: “استنادًا إلى خبراتها السابقة وإضافة للإعلام تستعين السعودية أيضًا بمجموعة من الآليات لمكافحة تجنيد جهاديين”، مشيرة إلى أنه بالإضافة إلى الاستعانة بالشيوخ والدعاة تستعين السعودية بعدد من الإعلاميين، وإلى أن السعودية تبحث هذه المشكلة مع حكومات عربية أخرى ومع دول غربية.
وبعد تغطية وكالة رويترز لهذا الخبر عاد نون بوست لمصدره الذي أكد أن التفاصيل التي قدمتها الوكالة حول أهداف الجبهة تمثل نفس الأهداف التي قُدمت للعريفي والتي تبين أنها ليست سوى واجهة لأهداف أخرى، مشيرًا إلى أن السعودية تهدف بالأساس إلى ضمان ولاء أكبر عدد من المجموعات المسلحة الفاعلة في سوريا حتى تكون ذراعها في الحرب على تنظيم داعش وحتى تساعدها في فرض أجندتها فيما يتعلق بالوضع في سوريا.
وفيما يتعلق بالاعتقالات الأخرى التي عرفتها السعودية في الأيام الماضية، والتي طالت “خالد الغامدي” مذيع وصال، والشيخ “حسن فرحان المالكي”، وبالتضييقات التي يتعرض لها عدد من الدعاة، قال مصدرنا إن مشروع الجبهة لا يتعلق بالملف السوري فقط، وإنما بقرار بتصدير جبهة موحدة من الدعاة والمشايخ والإعلاميين موالية للنظام وتتحرك حسب الخطوط التي ترسم لهم، وكذلك بإسكات أي صوت خليجي يخالف توجهات هذه الجبهة.
وفي هذا الإطار قال نفس المصدر إنه ليس من المستبعد غلق بعض الوسائل الإعلامية التي لا تخضع بشكل كامل للنظام السعودي وعلى رأسها قناة “وصال” التي حققت نجاحًا كبيرًا في الدول الخليجية وباتت من أكثر القنوات مشاهدة في المملكة.