ترجمة حفصة جودة
يشعر الكثير من الناس بالقلق إزاء التطور المفاجئ في الإصابات بكوفيد-19 حول العالم خاصة في أماكن مثل الولايات المتحدة و”إسرائيل”، هذه العدوى الخارقة تحدث عندما يُصاب أحدهم بالفيروس بعد تلقيحه بالكامل بغض النظر عن الأعراض.
الخبر الجيد هنا أن معظم هذه الحالات تُصاب بأغراض خفيفة أو من دون أعراض تمامًا، ما يعني أن اللقاح يؤدي دوره المفترض القيام به، ألا وهو حمايتنا من الأعراض الشديدة والموت، فاللقاحات غير مصممة لحمايتنا من العدوى تمامًا (العملية المعروفة بتعقيم المناعة).
هؤلاء المصابون بالعدوى الخارقة قد ينقلون العدوى للآخرين، إذ تشير الأدلة الأولية إلى أن الأشخاص الملقحين قد يُصابون بمستوى عالٍ من الفيروس في الأنف ربما بنفس درجة الأشخاص غير الملقحين.
ومع ذلك، إذا كنت مُلقحًا فإنك ستتخلص من الفيروس سريعًا، إذ ستقل مدة الإصابة وتتجاوز الفيروس سريعًا، إليكم أسباب ظهور مثل هذه الحالات، ولماذا يجب أن لا نشعر بالقلق الشديد.
تضاءل المناعة
تقول دراستين من المملكة المتحدة إن المناعة التي نحصل عليها من لقاحات كورونا تتضاءل بمرور الوقت بعد نحو 4 إلى 6 أشهر، ومع استمرار انتشار حالات الإصابة بالمتحور دلتا، فإن تضاؤل المناعة سيؤدي إلى مزيد من العدوى الخارقة.
إدارة هذا الوضع بينما نحاول التعايش مع كوفيد-19 سيكون تحديًا مستمرًا لكل الدول
لكن هذا الانخفاض ليس كبيرًا في الوقت الحاليّ، ففعالية اللقاح تكون عالية جدًا في البداية، لذا فالانخفاض المتزايد نتيجة تضاؤل المناعة لن يكون له تأثير بارز في الحماية لبعض الوقت.
تُظهر البيانات الإسرائيلية أن بعض الأشخاص الملقحين أُصيبوا بالفيروس، لكن من المهم أن نضع في اعتبارنا أن عملية التلقيح في “إسرائيل” بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2020 وأصبح غالبية السكان ملقحين في بدايات 2021، أي أن معظمهم مرّ على تلقيحه بالكامل 6 أشهر.
ونظرًا لأن معظم السكان ملقحون بالكامل، فإن الكثير من الحالات بالمستشفيات ملقحة، ومع ذلك فغالبية الحالات بالمستشفيات (87% منهم) بعمر الـ60 أو أكبر، هذا الأمر يسلط الضوء على أن ما يُعرف بالمناعة التكيفية وحماية اللقاح يتناقص مع تقدم العمر.
لذا فإننا نتوقع أن تكون الجماعات الضعيفة مثل كبار السن من أول المعرضين لخطر الإصابة بسبب تضاؤل المناعة بالإضافة إلى الأشخاص ذوي الأجهزة المناعية الضعيفة، إدارة هذا الوضع بينما نحاول التعايش مع كوفيد-19 سيكون تحديًا مستمرًا لكل الدول.
الأمر المثير للقلق حقًا أن نشهد زيادة كبيرة في تقدم المرض والوفاة بين الأشخاص الملقحين بالكامل، وهو ما لم يحدث حتى الآن، فعالميًا معظم الأشخاص المصابين بعدوى شديدة غير ملقحين.
ربما سنحتاج لجرعات منشطة
تضاؤل المناعة يعني أننا سنحتاج على الأرجح إلى جرعات مُنشطة لرفع الحماية، على الأقل لعدة سنوات قادمة بينما يستمر الفيروس في الانتشار بنسبة عالية.
هذا التلقيح الثالث الخاص بدلتا سيعدل وينشط المناعة الحاليّة لتصل إلى نقطة بداية أعلى تدوم حمايتها لفترة أطول
إن اللقاحات المعتمدة حاليًّا مصممة من أجل السلالة الأصلية للفيروس في ووهان وليس المتحور دلتا الذي يسيطر حاليًّا على معظم أنحاء العالم، هذا التطابق غير التام بين اللقاح والفيروس يعني انخفاض مستوى الحماية ضد المتحور دلتا.
لأن مستوى الفعالية مرتفع للغاية في البداية، فهذا التناقص الصغير يكون غير ملحوظ على المدى القصير، لكن تأثير تضاؤل المناعة بمرور الوقت قد يتسبب في ظهور العدوى الخارقة بشكل كبير قريبًا.
من الممكن تطوير اللقاحات القائمة على “الحمض النووي الريبوزي” تحديدًا مثل لقاح فايزر ولقاح موديرنا لتستهدف المتحورات الشائعة مثل دلتا، هذا التلقيح الثالث الخاص بدلتا سيعدل وينشط المناعة الحاليّة لتصل إلى نقطة بداية أعلى تدوم حمايتها لفترة أطول.
يمكننا أن نرى بعض السلالات المتحولة التي أصبحت متوطنة في دول مختلفة، فعلى سبيل المثال يسيطر متحول “مو” على كولومبيا، ربما نتمكن من تعديل اللقاح ليتوافق مع أي متحول ينتشر في أماكن معينة.
الجرعة تصنع السم
يُعد مستوى تعرضك للفيروس أيضًا من أسباب انتشار العدوى الخارقة، إذا كنت ملقحًا بالكامل وتتصل بشكل عابر بحالات إيجابية، فإنك لن تتنفس الكثير من الفيروس وبالتالي من غير المرجح أن تُصاب بعدوى ذات أعراض.
لكن إذا كنت في نفس الغرفة مع حالة إيجابية لفترة طويلة، فربما تتنفس كمية كبيرة من الفيروس، ما يجعل من الصعب على جهاز المناعة مقاومته، لهذا السبب نرى الكثير من العدوى الخارقة بين العاملين في الرعاية الصحية نتيجة تعرضهم لمستويات عالية من الفيروس، وعليه فمن الضروري أن يكونوا أولوية عند إطلاق الجرعة التنشيطية.
هل يلعب الأطفال غير الملقحين دورًا في ذلك؟
ليس واضحًا حتى الآن مدى مساهمة الأطفال في تلك العدوى الخارقة، ولأن اللقاحات غير مسموحة للأطفال أقل من 12 عامًا، فإننا نرى زيادة في الحالات بين الأطفال مقارنة بكبار السن، تشير الدراسات الأولية – قبل ظهور متحور دلتا – إلى أن الأطفال لا يساهمون بشكل بارز في نقل المرض.
لأن كوفيد-19 أصبح مرضًا متوطنًا (أي مستقر بين البشر) فإننا بحاجة لمراقبة التفاعل بين اللقاحات والفيروس بشكل مستمر
لكن الدراسات الحديثة في المجتمعات ذات نسبة التلقيح العالية بين البالغين التي ينتشر فيها متحور دلتا، تقول إن الأطفال قد يلعبون دورًا في نقل المرض، يتطلب الأمر تحقيقًا أكبر، لكن من المحتمل في حال معيشتك مع طفل غير ملقح ومُصاب بالفيروس أن تتعرض لنسبة منه عدة ساعات في اليوم، ما يعني استنشاقك لكمية كبيرة من الفيروس، وكلما زادت الجرعة الفيروسية زدات احتمالية إصابتك بالعدوى.
لذا للحد من تلك الحالات الخارقة تتجه بعض الدول لتلقيح الأطفال بين 12 وحتى 15 عامًا، مع الاتجاه لتلقيح الأطفال الأصغر سنًا حال اتضح فعالية اللقاح وأمانه لتلك الفئة العمرية، وكذلك لحماية الأطفال أنفسهم والاقتراب من مناعة القطيع (إذا كان ممكنًا).
بارقة أمل
هذه العدوى الخارقة ستمنح حماية إضافية للأشخاص الملقحين بالكامل، كأنها جرعة منشطة، ربما لا نملك الآن بيانات متماسكة من الواقع، لكن ليس غريبًا أن تكون هذه طريقة عمل جهازنا المناعي، فالعدوى ستعني إعادة تعرض جهاز المناعة لبروتين الفيروس، ما يعزز الأجسام المضادة لهذا البروتين.
ومع ذلك لا يُنصح بالتعرض لكوفيد-19 لأنه قد يسبب المرض الشديد والموت، هذه الحماية الإضافية مجرد بريق أمل إذا أصبت بالعدوى الخارقة، ولأن كوفيد-19 أصبح مرضًا متوطنًا (أي مستقر بين البشر) فإننا بحاجة لمراقبة التفاعل بين اللقاحات والفيروس بشكل مستمر.
ربما يبدأ الفيروس في التلاشي، وربما يستمر في التطور والتفوق على اللقاح مثل لقاح الإنفلونزا.
المصدر: ذي كونفرسايشن