مع سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابل، ودخول المدن الكبرى في أفغانستان لاستعادة السيطرة العسكرية والسياسية بعد تراجع الجيش الأفغاني وانسحاب القوات الأميركية، تسلّلَ القلق والخوف إلى نفوس المواطنين والمقيمين من عودة الحكم المتشدِّد الذي فرضته الحركة في أواخر التسعينيات.
رغم أن طالبان وعدت بحكم أكثر اعتدالًا، واحترام حقوق المرأة، والتسامح مع أولئك الذين حاربوها، إلا أن العديد من الأفغان ما زالوا متشكّكين، ويتساءلون عمّا يخبئه المستقبل، وهرع الآلاف إلى المطار للفرار من البلاد، خاصة النساء اللاتي يخشين فقدان الحريات الأساسية المكتسَبة خلال العقدَين الماضيَين.
هناك العديد من الكتب التي ترصد التحولات السياسية في أفغانستان، لكن نادرًا ما يُسلَّط الضوء على الروايات والشعر في البلاد. توفِّرُ قائمة القراءة هذه نظرة ثاقبة حول النضال المعقّد لحصول المرأة على حقوقها، والتقاليد الشعرية في هذه المنطقة، ومذكرات المهاجرين الأفغان في الولايات المتحدة، وتأثير تجارة الأفيون على الناس العاديين.
“خياطة خير خانة”.. 5 شقيقات في مواجهة الممنوع
يستند كتاب “خياطة خير خانة” (The Dressmaker of Khair Khana) للكاتبة الصحفية جايل تسيماش ليمون إلى قصة حقيقية، ويحكي قصة كاميلا صدِّيقي، سيدة أعمال تزاول أعمالها رغم منع النساء من العمل خارج المنزل أو الذهاب إلى المدرسة خلال سنوات حكم طالبان، حيث بدأت في صنع الفساتين سرًّا لإعالة أسرتها المكوَّنة من 5 شقيقات بعدما أُجبر والدها وشقيقها على الفرار من المدينة.
بدأت ليمون في كتابة قصص عن النساء من مناطق النزاع عام 2004، أثناء دراستها للحصول على ماجستير إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، وسافرت إلى أفغانستان عام 2005، وفي كابل كانت تهدف إلى الكتابة عن جيل جديد من سيدات الأعمال، ففي دولة مزّقتها الحرب، بينما كان الرجال مسجونين أو على الخطوط الأمامية للحرب، تحولت النساء إلى دور المعيل.
التقت ليمون بصدِّيقي في خير خانة، إحدى الضواحي الشمالية للعاصمة كابل، وأوضحت في مقدمة كتابها مخاطر قيامها بأول عملية بيع، حيث حاولت هي وشقيقها (بصفته مرافقها) أن يسلكا طريقًا رئيسيًّا إلى متجر في أحد أسواق كابل، لكنهما واجها نقاط تفتيش تديرها طالبان طوال الطريق، حيث وصلت أخيرًا إلى المتجر عن طريق الطرق الخلفية، وأظهرت لصاحب المتجر بضاعتها.
لاحظ صاحب المتجر، الذي سُرّ بما رآه، مدى صعوبة استيراد سلع بأسعار معقولة من باكستان في ذلك الوقت، وطلبَ من صدِّيقي قطعًا أخرى، وسألها عمّا إذا كان بإمكانها أيضًا صنع بدلات لبيعها في متجره، ورغم أنها لم يكن لديها أي فكرة عن كيفية صنعها، قالت له: “نعم، نعم، سنكون سعداء بصنعها لك”. وهكذا نما مشروع صدِّيقي من خياطة الفساتين في غرفة معيشتها إلى توظيف أكثر من 100 امرأة.
“تحميل القصائد مثل البنادق”.. شِعر نسائي من هرات
هذه المجموعة من القصائد لـ 8 شاعرات من مدينة هرات، بالقرب من الحدود الإيرانية، وقد كُتبت بعد عام 2001. أشهر شاعرات هذه المجموعة هي نادية أنجومان، التي يُحتذى بها لتقديمها أسلوبًا حديثًا، بينما معظم الشاعرات الأخريات في المجموعة إما تلميذات لها وإما متأثّرات بأسلوبها في الكتابة.
تتبّع الفيلم حياة زوجَين، رجلَين وامرأتَين، يبحثان عن معنى لحياتهم، في حكاية هشّة ومقتضبة تقوم فيها الثقافة الأصولية القاسية بقمع الحرية الفردية وإيذاء مواطنيها بإيجاز.
درست أنجومان الأدب سرًّا أثناء حكم طالبان، وكتبت عن الصمت السياسي المفروض في ظل نظامٍ قاسٍ أصبحت فيه النساء بلا صوت، حيث كانت تجتمع سرًّا مع النساء، يحكنَ السلال لإخفاء طموحهن الحقيقي في إحياء التراث الأدبي لهرات، المركز القديم للأدب والفنون، لكن لم يدعم زوج أنجومان وعائلته طموحاتها الأدبية، وقُتلت في قضية اعتداء منزلي.
حرّرَت هذه المجموعة وترجمتها الشاعرة فرزانا ماري، التي حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة أريزونا في أدب الشرق الأوسط، وعملت ضابطة في الخدمة الفعلية لأكثر من 6 سنوات في أفغانستان، واستخدمت الشعر كاحتجاج على الظلم، وهذه المجموعة تعملُ على إضفاء فارق بسيط على قضايا النوع الاجتماعي، حيث يتم التعامل مع النساء الأفغانيات كموضوع للشفقة.
“سنونوات كابل”.. حكاية قمع الحرية الفردية
تدور أحداث رواية “سنونوات كابل” (Swallows of Kabul)، التي تحولت إلى فيلم رسوم متحركة، حول 4 أشخاص يحاولون جاهدين التمسُّك بإنسانيتهم بينما تقبع مدينتهم تحت العنف والتشدد، ويصبح الموت أمرًا روتينيًّا، ويتتبّع الفيلم حياة زوجَين، رجلَين وامرأتَين، يبحثان عن معنى لحياتهم، في حكاية هشّة ومقتضبة تقوم فيها الثقافة الأصولية القاسية بقمع الحرية الفردية وإيذاء مواطنيها بإيجاز.
تريلر فيلم “سنونوات كابول”
محسن وزنيرا رامات زوجان من طبقة متميّزة تنتمي إلى حقبة ما قبل طالبان. قبل وصول طالبان إلى السلطة، أراد محسن أن يكون دبلوماسيًّا، لكن الآن وقد أصبح حلمه بلا هدف، يتجول في شوارع كابل الممزَّقة، ويصادف رجم امرأة يُدَّعى أنها عاهرة لارتكابها الزنا، ليجد نفسه واحدًا من الحشد المحموم، وفي وقت لاحق انقلبت حياته الأسرية رأسًا على عقب، حيث بدأ يشك في زوجته.
زوجان آخران، عتيق يعمل كسجّان يحرس المحكوم عليهم بالإعدام، تسرّبت ظلمة السجن وبؤس وظيفته إلى روحه، بينما تعاني مسرات زوجته من مرض لم يجد الأطباء له علاجًا، ومع ذلك فإن حياة هؤلاء الأشخاص الأربعة على وشك أن تصبح مترابطة بشكل غير مفهوم، من خلال الموت والسجن والتضحية غير العادية بالنفس.
مؤلِّف الكتاب هو ياسمينة خضرة، الاسم المستعار للكاتب الجزائري محمد مول سهول، وقد استخدم اسم امرأة لتجنُّب الرقابة عندما التحق بالجيش الجزائري، وقال في مقابلة مع راديو SWR1 الألماني عام 2006: “تمنح روايتي القرّاء في الغرب فرصة لفهم جوهر المشكلة التي عادة ما يلامسونها فقط من السطح”.
“شِعر طالبان”.. إنهم يكتبون القصائد أيضًا!
تعطي الأعمال الأدبية المجمّعة لطالبان في كتاب “شِعر طالبان” (Poetry of the Taliban)، لمحة نادرة عن النظرة الثقافية لحركة طالبان، حيث قام الباحثان والكاتبان المقيمان في قندهار، أليكس ستريك وفيليكس كوهن، بترجمة وتحرير أكثر من 200 قصيدة مأخوذة أساسًا من وسائل الإعلام المعاصرة، وتحديدًا موقع طالبان الرسمي على الإنترنت.
تتخطّى القصائد، التي تعرض مجموعة متنوَّعة من المشاعر، الأجندة العسكرية. تستخدم طالبان التقاليد الشعرية القديمة لأفغانستان للكتابة عن الرثاء والدين والمعارك، وحتى الرغبة في اللاعنف، من خلال تقديم صورة معقّدة لطالبان، كما تتضمن المجموعة عيّنات من الأعمال الشعرية القديمة التي تعود إلى الثمانينيات والتسعينيات.
أراد المحرِّران تحويل التركيز بعيدًا عن التدخل الأجنبي في أفغانستان، والنظر عن كثب إلى البلد نفسه، وقالوا في مقابلة مع صحيفة “ذا أتلانتيك” إنهم قسّموا هذه القصائد إلى 5 أقسام فردية تتجاوز الدعاية السياسية والعسكرية، وتعكسُ مجموعة متنوِّعة من المشاعر التي تتحدث عن الحب والدين والسياسة والسخط الاجتماعي وتكاليف الحرب من الناحية الإنسانية.
“الرقص في المسجد”.. رسالة أم أفغانية إلى ابنها
في الأيام التي سبقت ولادة هوميرا قادري ابنها سياوش، كان الطريق إلى المستشفى في كابل غالبًا محصّنًا بسبب التفجيرات الانتحارية المتكرِّرة. ومع التوتُّرات التي شهدتها المدينة، كان من المألوف أن يوجّه جندي مسلح بندقيته نحو بطن المرأة الحامل المنتفخ خوفًا من أنها تُخفي قنبلة.
تروي هوميرا في مذكراتها “الرقص في المسجد” (Dancing in the Mosque) أنها كانت خائفة، وأُجبرت ذات مرة على أن تسلك طريقها سيرًا على الأقدام. مدفوعة بالحب الذي كانت تحمله لطفلها الذي سيولد قريبًا، سارت هوميرا عبر الحطام للوصول إلى أبواب المستشفى، لكن فرحة ولادة ابنها الجميل سرعان ما طغت عليها مخاطر أخرى من شأنها أن تهدد حياتها.
لم تكن هوميرا امرأة أفغانية عادية، فقد رفضت الانصياع لقيود نظام اجتماعي كارهٍ للنساء. وفي تحدٍّ للقانون، خاطرت بحرّيتها في تعليم الأطفال القراءة والكتابة وناضلت من أجل حقوق المرأة في مجتمعها الثيوقراطي والأبوي.
“أمة الأفيون”.. العرائس الأطفال وأباطرة المخدرات
فاربيا ناوا صحفية أفغانية أميركية نشأت في مدينة هرات، وهربت إلى الولايات المتحدة خلال الغزو السوفيتي في الثمانينيات. في عام 2000 تسلّلت عبر إيران إلى أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان لتتحرّى التقدُّم المحرَز في إعادة الإعمار، وفي كتابها “أمة الأفيون” (Opium Nation) تتحدث إلى أولئك الذين يشكّلون جزءًا من إنتاج الأفيون في أفغانستان، وتبحث في كيفية تأثيره على حياة النساء.
تشكّل تجارة الأفيون حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان، وتجدُ الكثير من النساء العاديات في هذه التجارة سبيلًا للعيش، فعادةً ما يتم تسوية ديون الأفيون عن طريق الإتجار، وهذا أدى إلى إنشاء ما يُعرَف بـ”عرائس الأفيون”، حيث تتزوج الفتيات في سنِّ الـ 12 عامًا من رجال أكبر منهنّ بعقود لتسوية الديون.
يتتبّع الكتاب حياة واحدة من هؤلاء الفتيات، داريا، التي كانت محنتها سببًا في سفر ناوا إلى جميع أنحاء أفغانستان، لفهم الظروف التي أدّت إلى العلاقة الوثيقة بين فقراء الريف وصناعة الأفيون. ومع ذلك، في الوقت نفسه، أدّت تجارة الأفيون إلى ازدهار العديد من الأسر وإيجاد مصدر دخل للنساء.
“غرب كابل، شرق نيويورك”.. قصة أميركي أفغاني
تميم أنصاري، كاتب أطفال وُلد في كابل، كتب بريدًا إلكترونيًّا إلى أصدقائه يوضِّح وجهة نظره كأفغاني في هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. تمَّ إرسال بريده الإلكتروني إلى ملايين الأشخاص، وسرعان ما أصبح صوتًا للشعب الأفغاني.
وُلد أنصاري لأبٍ أفغاني وأمّ أميركية، وانتقلَ إلى الولايات المتحدة عام 1964 للدراسة. وجد نفسه في وسط نشأته الإسلامية التقليدية وحياة علمانية وغربية جديدة. وتذكر مذكّراته كيف تغيرت حياته بعد الهجمات الإرهابية.
عندما سُئل عن مذكراته “غرب كابل، شرق نيويورك” (West of Kabul, east of New York) من قبل جمعية آسيا، قال أنصاري: “أفكر في الأمر على أنه سرد للقصص -وليس تحليلًا- يدور حول أوقات في حياتي تتضمّن خسارة، أو حبًّا، أو مغامرة، أو التعامل مع التغيير، أو النشأة، أو الموت”.
يتناول الكتاب تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة من خلال استكشاف عميق للإسلام، مؤكدًا أن بن لادن وطالبان ليسا أفغانستان في الحقيقة. ينقسم كتاب أنصاري إلى 3 أقسام، ويركّز على تاريخ عائلته وطفولته، ورحلاته عبر الشرق الأوسط مع شقيقه الأصغر، وهويته المزدوجة كأفغاني وأميركي. رسالته النهائية في الكتاب هي رسالة إنسانية مشتركة.