قد يكون البعض على دراية كاملة بما يحدث في أفغانستان في الوقت الحاليّ، لكن بالنسبة لمن ليسوا كذلك أو يرغبون في معرفة المزيد من المعلومات عما أدَّى إلى الأحداث الأخيرة في أفغانستان، نقدم لكم قائمة بأفضل الكتب التي توضح بالتفصيل بعض الأحداث التي شكلت البلد إلى ما هو عليه اليوم، التي تحكي قصة الماضي والتاريخ الحديث المضطرب لأفغانستان والتدخلات الغربية في المنطقة، وما قد ينتظر الأفغان في المستقبل.
الاستشراق الأمريكي: الولايات المتحدة والشرق الأوسط منذ عام 1945
يستكشف المؤرخ الأمريكي دوغلاس ليتل في كتابه “الاستشراق الأمريكي: الولايات المتحدة والشرق الأوسط منذ عام 1945” (American Orientalism: The United States and the Middle East since 1945) العلاقات الأمريكية المضطربة مع الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الحرب في العراق، مع التركيز بشكل خاص على المواقف والمصالح المعقدة والمتضاربة في كثير من الأحيان، التي ساعدت على وضع الولايات المتحدة في مسار تصادمي مع التطرف المنسوب للإسلام في وقت مبكر من الألفية الجديدة.
بعد توثيق استمرار الصور النمطية في الثقافة الشعبية الأمريكية، يتطرق ليتل إلى النفط و”إسرائيل” وجوانب أخرى من السياسة الأمريكية، ويخلص إلى أن مزيجًا غريبًا من الغطرسة والجهل دفع المسؤولين الأمريكيين إلى المبالغة في تقدير قدرتهم على تشكيل الأحداث في الشرق الأوسط منذ عام 1945 حتى يومنا هذا، وأنها كانت قوة دافعة وراء حرب العراق.
حرب حميمة: تاريخ شفوي لنزاع هلمند
في هذا الكتاب “حرب حميمة: تاريخ شفوي لنزاع هلمند” (An Intimate War: An Oral History of the Helmand Conflict) يجمع مارك مارتن، الضابط السابق في الجيش البريطاني، بين خبرته العسكرية ومجموعة من المقابلات لتقديم التاريخ الحديث لإقليم هلمند في جنوب أفغانستان، ويقدم قصة آخر ثلاثة عقود من الصراع في هلمند من خلال ما تراه أعين السكان، وهي الفترة التي غالبًا ما تُعرف في الغرب من خلال التدخل السوفيتي والحرب الأهلية وطالبان وعصر بناء الأمة بعد عام 2001.
يقدم هذا الكتاب – الذي يستند إلى الخبرة العسكرية والبحثية في هلمند و150 مقابلة – وجهة نظر مختلفة تمامًا عن تلك الموجودة في وسائل الإعلام، ويوضح كيف أساء الغرباء في أغلب الأحيان فهم النضال المستمر في هلمند، وكيف أدى ذلك إلى تفاقم الصراع واستمراره وجعله أكثر عنفًا، وهو بالضبط عكس ما كان مقصودًا عند بدء تدخلاتهم.
ويجادل مارتن بأن فشل الغرباء في فهم “الطبيعة المحلية والشخصية وأيديولوجية النزاع الداخلي” في المنطقة، أدى في كثير من الأحيان إلى تقويض أهداف الغرب لحفظ السلام وبناء الدولة، ومع ذلك، وكما عانى السكان المحليون، فإن صراع هلمند هو نزاع دائم، يشارك فيه نفس الأفراد والأسر والجماعات، ومدفوع بنفس الحجج عن الأرض والمياه والطاقة.
طالبان: الإسلام المتشدد والنفط والأصولية في آسيا الوسطى
عندما صعدت طالبان إلى السلطة لأول مرة، كان يُنظر إليها على أنها النموذج المثالي الذي يطهر أفغانستان من الحرب، فقد نشأ معظم الرجال في طالبان كـ”أيتام حرب”، في مخيمات اللاجئين، وتعلموا في المدارس الباكستانية.
يتحدث رشيد عن أشكال الدعم المختلفة التي تلقتها طالبان من عصابات المخدرات إلى الأحزاب السياسية، ويوضح كيف أصبحت أفغانستان واحدة من أكثر البلدان عزلة في العالم
يكتب أحمد رشيد، أحد أشهر المراسلين الباكستانيين، عن تأثير طالبان في آسيا الوسطى، ويستكشف في كتابه المعنون “طالبان: الإسلام المتشدد والنفط والأصولية في آسيا الوسطى” (Taliban: Militant Islam, Oil and Fundamentalism in Central) لماذا أصبحت أفغانستان مركزًا للإرهاب الدولي، ودور طالبان في تجارة النفط، وموقف العالم من طالبان.
يتحدث رشيد عن أشكال الدعم المختلفة التي تلقتها طالبان من عصابات المخدرات إلى الأحزاب السياسية، ويوضح كيف أصبحت أفغانستان واحدة من أكثر البلدان عزلة في العالم، فقد سافر عبر أفغانستان في مخاطرة شخصية كبيرة لتغطية الاضطرابات في واحدة من أكثر البلدان أهمية من الناحية الإستراتيجية، التي تمزقها الحروب.
هذا ما سندافع عنه: محارب قديم في الحرب وبعدها
مع انخفاض حجم ومعدل انتشار الجنود المقاتلين في الفترة الزمنية بين حرب فيتنام وهجمات الـ11 من سبتمبر/أيلول، واجه الكثير من أفراد القوات الأمريكية احتمالية أن يلتحقوا بالخدمة العسكرية نحو 20 عامًا كاملة أو أكثر دون رؤية الحرب.
في يونيو/حزيران عام 1990، أُرسل بول كرينشو لتلقي تدريب أساسي داخل صفوف الحرس الوطني، وبحلول أغسطس/آب، غزا صدام حسين الكويت، ومنذ ذلك الحين، كانت الأخبار تصله كل يوم عن تعبئة القوات، ولأسابيع طويلة، قيل لكرينشو إنه ذاهب للحرب، لكن بعد انتهاء خدمته، عاد إلى منزله في ولاية أركنساس.
في وقت لاحق، بعد خروج كرينشو من الجيش، بدأ يتساءل عن أسباب الحروب التي تخوضها بلاده.
مجموعة المقالات التي كتبها كرينشو في هذا كتاب “هذا ما سندافع عنه: محارب قديم في الحرب وبعدها” (This We’ll Defend: A Noncombat Veteran on War and Its Aftermath) تتتبع الوقت الذي قضاه في الخدمة، من التدريب الأساسي إلى تدريبات الحرس الوطني في نهاية الأسبوع والسنوات التي تلت ذلك، وينتقل كرينشو من مجند متحمس إلى أب يخشى تجنيد أبنائه. يشاهد الطائرات تضرب برجي التجارة العالمية، ويرى حربين جديدتين تشتعلان من رماد الحرب القديمة.
يكتب كرينشو كجندي لم يشاهد القتال، لكنه يتساءل عما يمكن أن يفعله القتال المستمر للجنود الأمريكيين، وكيف يؤثر عليهم، وكيف تؤثر الحروب على المواطنين جميعًا، وتعكس هذه المقالات بعمق الثقافة الأمريكية والحياة العسكرية.
حروب الشبح: التاريخ السري لوكالة المخابرات المركزية وأفغانستان وابن لادن
في كتاب “حروب الشبح” (Ghost Wars) الحائز على جائزة “بوليتزر” للأدب الواقعي عام 2005، يتتبع ستيف كول، عميد كلية الدراسات العليا للصحافة في جامعة كولومبيا، كيف أدت مناورات وكالة المخابرات المركزية ضد القوات السوفيتية في أفغانستان في الثمانينيات عن غير قصد إلى صعود أسامة بن لادن، وكيف ساعد التمويل السري لوكالة المخابرات المركزية المجاهدين المتحالفين مع الولايات المتحدة قبل تأسيس تنظيم القاعدة عام 1988.
في هذا الكتاب، يختتم جوستوزي العشرين عامًا التي قضاها في دراسة طالبان بموقف موثوق يشرح بالتفصيل تطور آليتها العسكرية الهائلة.
أمضى الصحفي الحائز على الجائزة سنوات في إعداد التقارير من الشرق الأوسط والوصول إلى ملفات حكومية سرية وإجراء مقابلات مع كبار المسؤولين الأمريكيين ومسؤولي التجسس الأجانب وتتبع الجهود الأمريكية في أعقاب هجمات 11 سبتمبر لهزيمة القاعدة وطالبان والدور الغامض لأجهزة المخابرات الباكستانية، وفوق كل شيء، كشف فشل المخابرات الأمريكية المستمر في فهم التهديد المتزايد للإرهاب في السنوات التي أدت إلى 11 من سبتمبر/أيلول وعواقبه المدمرة.
أشباح أفغانستان: ساحة المعركة المسكونة
“أشباح أفغانستان” (Ghosts of Afghanistan) هو عنوان جيد للتاريخ الحديث الذي كتبه الصحفي البريطاني جوناثان ستيل، ليس فقط بسبب العديد من الأشخاص الذين لقوا حتفهم في حروبها، لكن لأن “شبح أخطاء الماضي” أدى إلى تعقيد عملية صنع القرار من قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان (إيساف)، وهي مهمة حفظ سلام متعددة الجنسيات.
في مقال بصحيفة “الجارديان”، توقع فرانسيسك فيندريل، وهو دبلوماسي سابق بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، سيناريو كئيب: “بعد أن فشلنا بشكل ذريع في جعل الشعب الأفغاني حليفًا لنا، سوف نتخلى عنهم حتمًا لصالح طالبان في الجنوب وأمراء الحرب في الشمال، وبعد إعادة تعريف النجاح بطريقة ما، سنعود إلى الوطن ونحن مقتنعون بأن الشعب الأفغاني هو الذي خذلنا”.
طالبان في الحرب: 2001-2018
كيف تشن طالبان الحرب؟ وكيف تغيرت حربها مع مرور الوقت؟ تعتمد العملية العسكرية الاستثنائية للحركة على الدعم المالي. هذا الكتاب “طالبان في الحرب” (The Taliban at War) يحلل مثل هذا التمويل، وتشمل مصادر الدعم الخارجية لطالبان الحكومات الأجنبية والجماعات غير الحكومية، وكلتاهما أثرت على الحملات العسكرية لحركة طالبان والسياسة الداخلية.
أجرى الخبير الأفغاني أنطونيو جوستوزي مئات المقابلات مع أعضاء طالبان على جميع مستويات المنظمة لتغطية الفترة بين عامي 2002 عندما بدأ المقاتلون في إعادة تنظيم أنفسهم، و2015 عندما استولوا مؤقتًا على مدينة قندوز في شمال أفغانستان، ولخصت معركة قندوز التي استمرت 5 أشهر الانتقال المستمر لطالبان من جماعة متمردة إلى قوة عسكرية تقليدية عازمة على خوض حرب أهلية طويلة الأمد.
بودنار يتحرى كيف أصبح الشرف والوحشية والصدمة والمعاناة موضع نزاع شديد في الاحتفالات ومراسلات الكونغرس والأفلام ومذكرات الجنود والأعمال الفنية
في هذا الكتاب، يختتم جوستوزي العشرين عامًا التي قضاها في دراسة طالبان بموقف موثوق يشرح بالتفصيل تطور آليتها العسكرية الهائلة، وقدم في النهاية دراسة كاملة عن طالبان تعترف وتناقش بالتفصيل الطابع متعدد المراكز للحركة.
مقسم بسبب الإرهاب: الوطنية الأمريكية بعد 11 سبتمبر
ينقل التاريخ المقنع لأستاذ التاريخ في جامعة إنديانا جون بودنار التركيز على حرب أمريكا على الإرهاب من ساحة المعركة إلى ساحة الصراع السياسي والثقافي، ويكشف عبر صفحات كتابه “مقسم بسبب الإرهاب: الوطنية الأمريكية بعد 11 سبتمبر” (Divided by Terror : American Patriotism after 9/11) كيف أن النقاشات الشرسة عن الحرب لا تنفصل عن النقاشات عن معنى الوطنية نفسها.
بودنار يتحرى كيف أصبح الشرف والوحشية والصدمة والمعاناة موضع نزاع شديد في الاحتفالات ومراسلات الكونغرس والأفلام ومذكرات الجنود والأعمال الفنية، ويخلص إلى أن الأمريكيين ما زالوا منقسمين بشدة بخصوص الحرب على الإرهاب، وهو الشق الذي تعمق عندما أصبحت السياسة الأمريكية مستقطبة بشكل خطير خلال العقدين الأولين من هذا القرن الجديد.