ترجمة حفصة جودة
في 2010 عندما استقبل الرئيس باراك أوباما نظيره الصيني في مؤتمر بالعاصمة واشنطن، حيّاه بمصافحة وانحناءة سريعة صغيرة لرأسه، كانت صورة الرئيس الأمريكي وهو ينحني أمام الصين غلافًا ملفتًا لكتاب “Eclipse” الذي نُشر العام الذي يليه.
يتنبأ الكتاب الذي كتبه آرفيند سبرامانيان من معهد بيترسون للاقتصادات الدولية – مؤسسة فكرية مقرها واشنطن – بأن الصين ستهيمن قريبًا على الاقتصاد العالمي وأن أمريكا لن تفعل شيئًا ذا قيمة حيال ذلك.
لقياس الهيمنة الاقتصادية لبلد ما، يجمع سبرامانيان بين نصيب الدولة في التجارة العالمية وصافي رأس مال الصادرات وإجمالي الناتج المحلي العالمي (الذي يُقاس بمعدل سعر الصرف في السوق ومعادلة قيمة القوة الشرائية الذي يحاول تصحيح الفروق الدولية في أسعار السلع المتماثلة).
منح سبرامانيان وزنًا حرًا لكل عامل استنادًا إلى صيغة صندوق النقد الدولي في تخصيص الأصوات لأعضائه، تمكن مؤشره بنجاح من التقاط هيمنة الاقتصاد البريطاني في 1870 ثم تنافسه مع ألمانيا في 1913 وأخيرًا خسوفه على يد أمريكا في العقد الذي يليه.
وفقًا لهذا المقياس، تنبأ سبرامانيان أن الصين ستصبح الاقتصاد الأكثر هيمنة على العالم بحلول عام 2020، خلال 10 سنوات منذ هذه النبوءة واجهت الصين حربًا تجارية مع أمريكا وتباطأ نموها وعانت عملتها من نوبات تقلبية ألزمتها بتشديد رقابتها على تدفق رأس المال للخارج.
ومع ذلك تحققت النبوءة الأساسية لسبرامانيان، فاستنادًا إلى صيغة الكتاب الأصلية، أصبحت الصين الاقتصاد الأكثر هيمنة العام الماضي، فلم يكن تباطؤ نموها أسوأ مما توقعه سبرامانيان بينما ساهمت جائحة كورونا في زيادة حصتها في التجارة العالمية.
يبدو أن بعض الصادرات الأمريكية من التكنولوجيا الحديثة تمنحها قبضة أكثر إحكامًا على الصين التي تستحق أكثر من قيمتها السوقية
تنبأ سبرامانيان بنجاح بكيفية تطور مؤشره، لكن هل تمكن مؤشره بنجاح من التقاط الهيمنة الاقتصادية؟ ضمّن المؤلفون الآخرون عوامل أخرى مثل الثروة وإجمالي الناتج المحلي لكل فرد وعوامل أخرى للتطور الاقتصادي بالإضافة إلى الحجم.
المؤشر الذي نفضله لتحديد النفوذ العالمي لدولة ما وضعه فرانسيس بول من جامعة نافارا، الذي يحتسب عدد المرات التي ظهرت فيها الدولة في الرسوم البيانية لمجلة إيكونومست، هذه المقاييس تمنح أمريكا هامشًا أكبر.
من أجل القابلية للتتبع، يمنح مقياس سبرامانيان لكل دولار من الصادارات وزنًا مماثلًا، لكن يبدو أن بعض الصادرات الأمريكية من التكنولوجيا الحديثة تمنحها قبضة أكثر إحكامًا على الصين التي تستحق أكثر من قيمتها السوقية.
اعتقد سبرامانيان أن نمو حصة الصين من إجمالي الناتج المحلي والتجارة العالمية سيعمل على رفع عملتها لتصبح منافسة للدولار، لكن اليوان الصيني حقق تقدمًا صغيرًا، يرجع ذلك جزئيًا إلى إحكام الصين سيطرتها على رأس المال وهي احتمالية اعترف بها سبرامانيان.
لكنه اعتقد أن تمسُك الصين بمثل هذه السيطرة هدفه الإبقاء على سعر اليوان زهيدًا (بمنع تدفق رأس المال للداخل) وليس لرفع سعر اليوان (بمنع تدفع رأس المال للخارج)، ومع ذلك، نظرًا للسجل المؤسف لمعظم التنبؤات الاقتصادية، فإن مؤلف الكتاب يستحق مصافحة وانحناءة.
المصدر: ذي إيكونوميست