عقب حرب 1967 وقع مئات المقاومين الفلسطينيين في قبضة القوات الإسرائيلية، فزجّتهم في المعتقلات التي كانت تحوي السجناء الجنائيين اليهود آنذاك، وهي المقرات التي كانت تشرف عليها مصلحة السجون التابعة للشرطة، وعقب نهاية السبعينيات لم تعد تحتمل تلك السجون المقاومين الفلسطينيين، لا سيما أن قائمة المطلوبين باتت تطول، ما استدعى “إسرائيل” للبحث عن أماكن تصلح أن تكون سجنًا فوجدت سجون الانتداب البريطاني ورثة لها وسخّرتها في خدمتها.
ومن أبرز العوامل التي اقتضت حاجة “إسرائيل” إلى بناء عدة سجون جديدة هو الازدحام في المعتقلات وما يترتّب عليه من إشكالات أمنية، بالإضافة إلى ازدياد عدد الأسرى ذوي الأحكام العالية، وهم بحاجة إلى سجون خاصة، وكذلك قوة البناء التنظيمي للأسرى، وهو ما كان يشكّل عبئًا على إدارة مصلحة السجون، إلى جانب التطورات الأمنية لـ”إسرائيل” كدخولها حرب 1982 في لبنان، ما خلق حاجة ماسّة إلى سجون جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك سجونًا ومعتقلات كانت قائمة، ثم أغلقت بعد اتفاقية أوسلو بين “إسرائيل” ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، حيث انسحبت بمقتضاها القوات الإسرائيلية من بعض المناطق الفلسطينية، عندما قامت السلطة الوطنية الفلسطينية في مايو/ أيار 1994.
ووفق الدراسات الحقوقية والإنسانية حول مواصفات المعتقلات الإسرائيلية، فإن جميع مرافقها يملؤها العفن والرطوبة، ويتعرض الأسرى داخلها إلى استفزاز وقمع يومي وتفتيش مستمر وإهمال صحّي.
تلك المعتقلات التي عاش فيها الآلاف من الأسرى الفلسطينيين الأبطال، جرى اختيار أماكنها بعناية من قبل السلطات الإسرائيلية لضمان عدم هروبهم أو الوصول إليهم من الخارج لتحريرهم، فكان لكلِّ سجن حكاية يسردها “نون بوست”، ومن أبرزها:
سجن غزة المركزي
أنشئ في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، وكان يقع في إطار مقرّ القيادة العسكرية البريطانية صاحبة الانتداب على فلسطين آنذاك، وقد جعلت جزءًا من المبنى سجنًا مركزيًّا للثوار الفلسطينيين، وبعد نكبة عام 1948 ووضع قطاع غزة تحت وصاية الإدارة المصرية، استُخدم هذا المقرّ كمجمّع للدوائر الحكومية، وخُصِّص جزء منه كسجن للقاطنين في قطاع غزة. وبعد هزيمة يونيو/ حزيران عام 1967 استخدمته “إسرائيل” كسجن ومركز تحقيق للفدائيين والمنتمين لفصائل الثورة الفلسطينية.
وقع الهروب الكبير بعد قصّ قضبان نافذة المرحاض، وكان العقل المدبِّر الشهيد والأسير السابق مصباح الصوري، الذي سبق وحاول الهروب من سجن بئر السبع أكثر من مرة.
أُغلق سجن غزة المركزي مع عودة السلطة الوطنية إلى قطاع غزة عام 1994، حيث تحرر عدد كبير من السجناء على خلفية الاتفاق، ورُحِل عدد آخر إلى السجون الواقعة داخل “إسرائيل”.
ومن أبرز الأحداث التي شهدها سجن غزة المركزي أنه في 17 مايو/أيار 1987، وقع الهروب الكبير بعد قصّ قضبان نافذة المرحاض، وكان العقل المدبِّر الشهيد والأسير السابق مصباح الصوري، والذي سبق وحاول الهروب من سجن بئر السبع أكثر من مرة. إلى جانب الصوري كان أيضًا هناك صالح اشتيوي، وسامي الشيخ خليل، ومحمد الجمل، وعماد الصفطاوي، وخالد صالح.
وتمكّن الصوري من الاختفاء لمدة 4 أشهر، لكنه استشهد في اشتباك مع قوات الاحتلال، ثم استشهد الجمل والشيخ خليل بعد أشهر، واعتُقل اشتيوي بعد 7 أيام من الهرب، في حين تمكّن عماد الصفطاوي وصالح من مغادرة غزة.
سجن الدامون
أُعيد افتتاحه خلال انتفاضة الأقصى، ويقع شمال فلسطين المحتلة في أحراش الكرمل بحيفا، وأقيم في عهد الانتداب البريطاني كمستودع للدخان، حيث في بنائه جرى مراعاة توفير الرطوبة لحفظ أوراق الدخان، وبعد عام 1948 وضع الكيان الإسرائيلي يده عليه وحوّله إلى سجن، حيث يتّسع لـ 300 معتقل فقط، في حين تضع سلطات الاحتلال أعدادًا أكبر من ذلك فيه.
جميع مرافق السجن قديمة جدًّا ويملؤها العفن والرطوبة، والمياه المخصَّصة للشرب غير نظيفة نظرًا إلى قدم التمديدات حيث إن لون الماء أصفر ولا يصلح للشرب، الأمر الذي يعرّض الأسرى للإصابة بعدة أمراض.
وكان هناك أمر بإغلاقه لأنه لا يصلح للعيش، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى وازدياد أعداد المعتقلين الفلسطينيين، أعادت “إسرائيل” فتحه حيث يستوعب حاليًّا 500 أسير أغلبهم معتقلين على خلفية الدخول لأراضي الداخل المحتل بطريقة غير قانونية، وهناك قسم للأسيرات يضمّ حوالي 38.
في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 ضم الاحتلال الأسيرات اللواتي يقبعن في سجن الشارون إلى أسيرات الدامون، ليصبح معتقل الدامون يضمّ جميع الأسيرات السياسيات.
سجن نفحة الصحراوي
افتُتح هذا السجن في الأول من مايو/ أيار 1980، ويقع في جنوب شرق فلسطين المحتلة، ويتضمّن سجنَي رامون (الحديث) ونفحة (القديم)، فهو يبعد 100 كيلومتر عن مدينة بئر السبع، و200 كيلومتر عن مدينة القدس المحتلة.
ويعدّ نفحة الصحراوي من أشد السجون الصهيونية وأقساها، وخُصِّص للقيادات الفلسطينية من المعتقلين في مختلف السجون لإخضاعهم للموت التدريجي، وعزلهم عن بقية السجون الأخرى.
وأشرف على التخطيط الهندسي لسجن نفحة معهد الهندسة التطبيقية، فهو يتكون من بناءين: أحدهما بناء قديم، والآخر جديد صُمِّم على الطراز الأميركي المخصَّص للمعتقلين الجنائيين وتجّار المخدرات، ويحاط هذا السجن بتحصينات أمنية شديدة للغاية، وهو سجن صحراوي بارد جدًّا شتاءً حار جدًّا صيفًا.
وصلَ الحرص الأمني لحراسة هذا السجن إلى أعلى درجة في التصنيف الأمني الإسرائيلي، وهو غير موجود في أي سجن آخر. ورغم تحصينه الشديد إلا أنه في عام 1987 نجحَ الأسير خليل الراعي من حيّ الزيتون بغزة، مع رفيقَيه شوقي أبو نصيرة وكمال عبد النبي، في الهروب من سجن نفحة، لكن أعيد اعتقالهم بعد 8 أيام خلال محاولتهم المغادرة إلى مصر.
سجن عسقلان
أنشئ في عهد الانتداب البريطاني كمقرٍّ لقيادة الجيش البريطاني في عسقلان ومحيطها، وكسرايا لاستقبال الوفود البريطانية الرسمية، وخُصِّص جناح منه كمركز تحقيق وتوقيف للثوار بعد هزيمة عام 1967 وتصاعُد المقاومة ضد الاحتلال.
يتألّفُ السجن من 4 أقسام في كل قسم 5 غرف، كل منها يطل على ساحة مربعة الشكل.
يقع وسط مدينة المجدل، ويبعد قرابة 25 كيلومترًا إلى الشمال من قطاع غزة المحاصر، وفيه 585 أسيرًا، حيث افتُتح سجن عسقلان المركزي لاستقبال الأسرى الفلسطينيين في بداية عام 1970 وكان الافتتاح الأكثر دموية، من خلال ما عرف بعد ذلك بتسمية “التشريفة”، حيث أن الأسرى كانوا يمرون من وسط طابورين لدرك السجون من البوابة وصولًا إلى غرف وزنازين السجن، بينما الهراوات تنهال على كامل أجزاء أجسادهم.
تمّت مباشرة العمل على تهيئته من مركز شرطة “إسرائيل” بالمدينة إلى سجن، وبالفعل تمّ افتتاحه يوم 11 فبراير/ شباط 1969، بإرسال أول دفعة من الأسرى إليه مكوَّنة من 85 أسيرًا.
يتكون سجن عسقلان من عدة أبنية، كل منها في طابقَين، ويسمّى قسمًا، ويتألف السجن من 4 أقسام في كل قسم 5 غرف، كل منها يطلّ على ساحة مربعة الشكل، إضافة إلى بناية للخدمات وأخرى لإدارة السجن.
وفي عام 1979، تمّ إنشاء قسم العار الذي يقع في الشمال الغربي من السجن، وكان يوضع في هذا القسم الأسرى المتعاونين مع الشاباك وإدارات السجون.
ومن أشهر الأحداث في سجن عسقلان، أنه في سبتمبر/ أيلول 1985 شنّت إدارة السجن مدعومة بالفرقة الخاصة لقمع السجون، هجومًا وحشيًّا على السجن بهدف مصادرة إنجازات الحركة الوطنية الأسيرة، خاصة بعد عملية تبادل الأسرى، والتي طالت العديد من قيادات وكوادر الحركة الوطنية الأسيرة، وحدثت اشتباكات عنيفة بين الأسرى ودرك السجون، وقد قام الأسرى بإشعال النيران بالبطانيات والفرشات الإسفنجية، وقاموا برشق درك السجون بكل ما يقع تحت أيديهم.
سجن الرملة
يقع هذا السجن على الطريق الفاصل بين مدينتَي اللد والرملة، ويعود إنشاؤه إلى عام 1934 عندما شيّدته شركة “سوليل بونيه” الإسرائيلية لصالح الانتداب البريطاني كسرايا. وفي عام 1948 استولى الجيش الإسرائيلي عليه وأقام فيه مركز تحكُّم وسيطرة، وما لبث أن حوّلته الاستخبارات العسكرية عام 1953 إلى مركز تحقيق وتوقيف لمن يُلقى القبض عليهم من رجال المقاومة التابعين للقائد مصطفى حافظ.
تميّز هذا السجن بعدد الزنازين الكبير، وظروف الحياة فيها قاسية جدًّا، إذ لا يدخلها نور الشمس وحرارتها مرتفعة، ويعدّ المعبر الرئيسي للحركة بين السجون، حيث إنه عادة ما يتمّ وضع الأسرى المنقولين من سجن إلى آخر في هذا السجن قبل إرسالهم إلى السجون الأخرى.
وأنشئ مستشفى داخل السجن تابع لمديرية السجون الإسرائيلية بهدف معالجة الأسرى، كما أُلحق به معتقل للنساء (نفي تريتسا) خُصِّص للأسيرات الفلسطينيات والجنائيات الإسرائيليات.
ويعتبر سجن الرملة سبّاقًا في خوض الإضراب عن الطعام، حيث أعلن الأسرى في مطلع عام 1968 إضرابًا مفتوحًا عن الطعام وكان مطلبهم الرئيسي وقف الاعتداء الجسدي ونقلهم من البركسات التي كانت عرضة لمياه الأمطار وطفو المجاري المستمر.
سجن النقب الصحراوي
افتُتح هذا السجن المعروف باسم “أنصار 3” أول مرة عام 1988، حيث زاره أكثر من 50 ألف معتقل فلسطيني إلى أن أُغلق عام 1995، ثم أعيد افتتاحه مع اندلاع أحداث انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث يقع على بعد نحو 180 كيلومترًا جنوب مدينة القدس المحتلة وعلى 10 كيلومترات شرق الحدود المصرية.
يتصدّر المعتقلون في سجن النقب دومًا الأحداث، فمعروف عنهم التمرُّد على السجّان حتى نيل مطالبهم، لذا دومًا الأحداث فيه مشتعلة.
يتكوّن السجن من 3 أقسام كبيرة، وهي “أ” يتكون من 8 أقسام داخلية ويتّسع كل قسم إلى 120 أسيرًا، ويتكون كل قسم من 6 خيام؛ وقسم “ب” هو قسم الكرافانات (غرف شبه متنقلة) حيث تمّ بناؤه عام 2008 بعد حريق السجن، والذي استشهد على إثره الأسير محمد الأشقر، حيث يتكون من 4 أقسام بينما الجانب الآخر منه يتكوّن أيضًا من 4 أقسام ولكن يحتوي على خيام؛ وقسم “ج” أو يسمّى بقسم “الغرف”، وتمّ بناؤه عام 2007، ويتّسع السجن بكافة أقسامه إلى قرابة 3500 أسير.
وكان هذا السجن يُدار من قبل الجيش الإسرائيلي حتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2006، إلى أن تمّ نقل الإدارة إلى مصلحة السجون الإسرائيلية المعروفة بالشاباص.
وفي كل مواجهة بين الأسرى ومصلحة السجون، يتصدّر المعتقلون في سجن النقب دومًا الأحداث، فمعروف عنهم التمرُّد على السجّان حتى نيل مطالبهم، لذا دومًا الأحداث فيه مشتعلة.
سجن جلبوع
يقعُ في شمال فلسطين المحتلة (الناصرة)، أُنشئ حديثًا بإشراف خبراء أيرلنديين وافتُتح عام 2004 بالقرب من سجن شطة في منطقة بيسان، ويعدّ السجن ذا طبيعة أمنية مشدَّدة جدًّا، ويوصف بأنه السجن الأشد حراسة، ويحتجزُ الاحتلال فيه أسرى فلسطينيين يتهمهم الاحتلال بالمسؤولية عن تنفيذ عمليات داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948.
يتبع لمصلحة السجون الإسرائيلية، يقع تحديدًا في منطقة وادي جالود عند سفح جبل جلبوع، ويُعتبَر واحد من 5 سجون تابعة لمصلحة السجون يتمّ منحها أعلى مستوى من الأمن والسجناء على مستوى عالٍ من الخطر، واشتهر السجن بعد حادثة انتزاع 6 من الأسرى الفلسطينيين حريتهم.
سجن بئر السبع
أنشئ في بداية عام 1970، وهو سجن كبير يتضمّن 4 سجون كل واحد منها منفصل عن الآخر، وهي “اوهلي كيدار” و”ايشيل” للسجناء الأمنيين، وسجن “ديكل” وآخر للسجناء الجنائيين، وهذه السجون الـ 4 تتّسع لمئات المعتقلين.
كذلك تأسس مع إنشاء السجن قسم زنازين انفرادية في الجزء الغربي منه، ثم جرى توسيعه، حيث تمّ بناء عدة أقسام داخل السجن: ب، ج، والقسم الجديد.
لم تختلف إدارة سجن بئر السبع عن باقي الإدارات الصهيونية من حيث فاشيتها، لكن الشيء اللافت للنظر أن إدارة سجن بئر السبع حاولت إجراء جملة من التجارب على الأسرى، من خلال طرح برامج حوارية مع بعض الأدباء الصهاينة، أمثال ساسون تسوميخ، لكن الأسرى بحسّهم الوطني والأمني أفشلوا الأهداف الدنيئة لتلك الحوارات، ما دفع مديرية السجون لوقفها.
رحل كافة السجناء الأمنيين عام 1984 إلى باقي السجون والمعتقلات وبقيَ السجن للجنائيين فقط، وبعد عام 1987 تمّ إنشاء قسم عزل بئر السبع من خلال تحويل قسمَي 7 + 8 إلى قسم العزل.
يتواجد الأسرى الفلسطينيون الآن فقط في قسم العزل، وباقي أقسام السجن تستخدَم للسجناء الجنائيين اليهود والعرب، ويوجد الآن في سجن السبع ما يربو على 100 أسير.
سجن عوفر
مُقام على أراضي بلدة بيتونيا غرب مدينة رام الله، أنشئ هذا السجن في فترة الانتداب البريطاني ويطلق عليه السجناء اسم “غوانتانامو” نظرًا إلى سوء الأحوال فيه، حيث يعيش في كل خيمة من خيامه 30 أسيرًا يعانون من نقص الطعام والملابس وسوء الرعاية الصحية، إضافة إلى انقطاع السجناء تمامًا عن العالم الخارجي.
الوضع المعيشي للأسرى في السجون الإسرائيلية
ما بين السجون ومراكز التوقيف الإسرائيلية يقبع حوالي 4850 أسيرًا فلسطينيًّا وسط معاناة كبيرة جرّاء الانتهاكات التي يتعرّضون لها، لا سيما أن هناك أكثر من 500 أسير وأسيرة يعانون من أمراض مختلفة، بينهم العشرات من ذوي الإعاقة ومرضى السرطان.
تبدأ رحلة الأسير داخل السجون الإسرائيلية حين يُعطى رقم لكل منهم مجرد دخوله ويتعامل معه على أنه رقم وليس اسمًا، ففي ساعات الصباح وحوالي الساعة السادسة تبدأ رحلة القلق والمعاناة اليومية حين يبدأ “العدّ” الذي يقوم به السجّانون، ويتكرر الأمر حوالي 3 مرات في الوضع الطبيعي.
وفي حال كان الأسير لحظة العدّ نائمًا أو يجلس على سريره دون الوقوف للسجّان، يتم معاقبته كأن يُحرَم من الخروج لـ”الفورة” (ساحة السجن).
في حال كانت الأحداث مشتعلة في السجون تُلغى الزيارات.
أما بالنسبة إلى “الفورة”، فهي تختلف من سجن لآخر حسب إدارته أو الأحداث، فأحيانًا تكون مدتها ساعتَين ومرّتَين في اليوم، وأحيانًا أخرى ساعة واحدة طوال النهار، وفي حال كان هناك اشتباكات مع مصلحة السجن يُعاقَب الأسرى ويحرَمون “الفورة” لأيام، رغم أنه دومًا هناك في مختلف السجون احتجاجات على ساعات “الفورة”.
ولا بد من الإشارة إلى أن في كل سجن أو قسم هناك “دوبير”، أي مسؤول من الأسرى مهمّته الحديث مع إدارة السجن لتلبية بعض الاحتياجات التي يريدها زملاؤه، كما يمكنه التنقل من غرفة لغرفة.
ومن أكثر الأمور التي تستفز الأسرى هي سياسة التنقلات المتعمَّدة التي تنتهجها مصلحة السجون، فدومًا ودون تحديد المدة الزمنية تعمل على نقل الأسير من معتقل إلى آخر كي لا يشعر بالاستقرار، وغالبًا تلك الإجراءات تتمّ بحجّة أنها تندرج تحت دواعٍ أمنية.
وتبدأ رحلة عذاب الأسير وهو يتنقّل بالبوسطة (وسيلة لنقل الأسرى متعِبة جدًّا) لساعات طويلة تصل إلى 24 ساعة، وحين يصل للمعتقل الجديد عليه أن يتأقلم مع الأسرى وبيئة سجنه الجديدة، وبمجرد أن يعتاد على ذلك ينقل مرة أخرى وهكذا.
أما فيما يتعلق بالزيارات فهي مرة كل أسبوعَين وفق القانون الدولي، وهذا ينطبق على أسرى الضفة والقدس المحتلتَين دون قطاع غزة المحاصر، لكن في حال كانت الأحداث مشتعلة في السجون تلغى الزيارات.
يذكر أنه منذ مارس/ آذار 2020 مُنعت الزيارات عن أسرى غزة بسبب جائحة كورونا، وقبلها بعدما كانت الزيارات منقطعة لسنوات وعادت عام 2017.
بقيَ أكثر من 130 أسيرًا محسوبًا على حركتَي حماس والجهاد الإسلامي وعدد من كوادر حركة فتح محرومين من الزيارة، بالإضافة إلى أن الزيارات كانت تتمّ بالتنسيق مع الصليب الأحمر وفي فترات غير محدَّدة، فتارة كل شهر وأخرى شهرَين وأكثر.
كما أن أسرى قطاع غزة الموزّعين على مختلف المعتقلات الإسرائيلية، يتمّ تجميعهم عند الزيارة غالبًا في سجن نفحة، كونه قريبًا على قطاع غزة المحاصر، لكن الأمر مرهق على الأسرى بسبب نقلهم بالبوسطة، ومن يُسمَح له بالزيارة هم الأقارب من الدرجة الأولى: الأب والأم والزوجة والابن دون سن 14 عامًا.
تفاصيل الحياة المعيشية داخل السجون الإسرائيلية لا يمكن وصفها، كون ما ينصت إليه من تجارب الأسرى المحرَّرين بالكاد يلامس الواقع الذي يُعتبَر أشد مرارة من التخيُّل.