ترجمة وتحرير: نون بوست
خلصت مراجعة دقيقة، أجرتها صحيفة وول ستريت جورنال، لمئات الوثائق الداخلية في شركة فيسبوك، بما في ذلك التقارير البحثية ومناقشات الموظفين عبر الإنترنت ومسودات العروض التقديمية للإدارة العليا، إلى أن فيسبوك تعرف بتفاصيل دقيقة أن منصاتها مليئة بالعيوب التي تسبب الضرر، غالبًا بطرق لا تفهمها سوى الشركة وحدها.
وبحسب سلسلة التقارير التي نشرتها “وول ستريت جورنال” ويترجمها “نون بوست“، فقد أظهرت الوثائق مرارًا وتكرارًا أن باحثي فيسبوك قد حددوا الآثار السيئة للمنصة. وعلى الرغم من جلسات الاستماع في الكونجرس، وتعهدات فيسبوك العديدة والمتكررة بإصلاحها، إلا أن الشركة -كما تظهر الوثائق- لم تتخذ خطوة بهذه الاتجاه.
أظهرت الوثائق الداخلية أن التغيير الكبير الذي حدث خلال سنة 2018 أثار السخط وأن الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك”، مارك زوكربيرغ، قاوم جميع الإصلاحات المقترحة.
في خريف 2018، أرسل الرئيس التنفيذي لشركة “بازفيد” جوناه بيريتي بريدا إلكترونيا إلى مسؤول كبير في شركة “فيسبوك“، قال فيه إن المحتوى الذي نُشر على المنصات، يعتبر من أكثر المحتويات إثارة للقلق مقارنة بما تم نشره سابقا، مما أدى إلى خلق حافز كبير لنشر المزيد من هذا المحتوى.
وأشار بيريتي إلى منشور على بازفيد بعنوان “21 شيئا يتورط بقوله كل البيض تقريبًا” حظي بـ13 ألف مشاركة و16 ألف تعليق على منصة فيسبوك، وقام كثيرون بانتقاد “بازفيد” على كتابته. وقال إن المحتوى الآخر والذي أنتجته الشركة، من مقاطع فيديو إخبارية ومقالات تتعلق بالرعاية الذاتية والحيوانات، واجهتها مشكلة في الاختراق.
ألقى بيريتي اللوم على الإصلاح الشامل الذي قامت به منصة فيسبوك على خوارزمية “نيو فيدز” في وقت سابق من تلك السنة للقيام “بتعزيز وتقوية العلاقات والتفاعلات الاجتماعية ذات المحتوى الهادف”، بين جميع العائلات والأصدقاء، وذلك وفقا لوثائق فيسبوك الداخلية والتي قامت صحيفة “وول ستريت جورنال” بالاطلاع عليها واقتباسها من البريد الإلكتروني.
قامت شركة “بازفيد” ببناء أعمالها على إنشاء محتوى من شأنه أن ينتشر على فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، لذلك كان لديها مصلحة خاصة في أي تغييرات خوارزمية تحدث أي خلل أو ضرر بتوزيعها. مع ذلك، أثر البريد الإلكتروني على السيد بيريتي و جعله في موقف حساس.
العديد من الأحزاب قلقة جداً بخصوص الآثار طويلة المدى على الديمقراطية
قال الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، مارك زوكربيرغ، أن الهدف الرئيسي من تغيير الخوارزمية هو تقوية الروابط بين المستخدمين والعمل على تحسين رفاهيتهم. والهدف من فيسبوك هو تشجيع الأشخاص على التفاعل بشكل أكبر مع الأصدقاء والعائلة، وبالتالي قضاء وقت قليل في الاستهلاك السلبي للمحتوى المنتج بشكل احترافي، والذي أشارت الأبحاث أنه يسبب ضررا على صحتهم العقلية.
أثبتت الوثائق أن الموظفين الذين يعملون لدى شركة فيسبوك قاموا بالتحذير والتنبيه من التغيرات التي حدثت لما لها من تأثيرات معاكسة. وأيضاً كانت السبب في جعل منصة فيسبوك تثير الغضب. اكتشف باحثو الشركة أن جميع الناشرين والأحزاب السياسية كانت جميع توجيهاتهم تدعو للمزيد من الإثارة. أنتج ذلك مستويات عالية من التعليقات وردود الفعل والتي تُرجمت كنجاح لفيسبوك. وكتب بيريتي في مذكرة لاحقة أن تأثير الخوارزمية الجديدة على المواد التي تمت إعادة مشاركتها ضمن موجز الأخبار الخاص بها، أدى إلى وجود نسبة كبيرة من الغاضبين والمنتقدين.
وأشار الباحثون في المذكرات الداخلية إلى أن “المعلومات المضللة وذات المحتوى العنيف والفاسد منتشرة بشكل كبير بين جميع عمليات إعادة المشاركة”. وقالت بعض الأحزاب السياسية في أوروبا لفيسبوك إن الخوارزمية كان لها تأثير كبير في تغيير مواقفهم السياسية، وكان لها صدى أكبر على المنصة.
ووفقا للوثائق، فإن “العديد من الأحزاب قلقة جداً بخصوص الآثار طويلة المدى على الديمقراطية”. وقام موظفو شركة فيسبوك بمناقشة الدوافع الأخرى للشركة والتي تعتبر أقل رغبة في إحداث أي تغيير: بدأ جميع المستخدمين بالتفاعل بشكل أقل مع النظام الأساسي، وهو ما أثار القلق، حسب ما أظهرته الوثائق.
ويعتبر البريد الإلكتروني والمذكرات من ضمن المجموعة الواسعة من اتصالات الشركة الداخلية، والتي قامت المجلة بمراجعتها. ويقدم الموظفون نظريات لا سابق أو مثيل لها بناء على ما يعرفه فيسبوك عن العيوب في أنظمته الأساسية والتي تحتاج إلى إرادة وقدرة لتتم معالجتها.
هذه هي المقالة الثالثة ضمن سلسلة المقالات المبنية على تلك المعلومات. في مقابلة مع نائب رئيس قسم الهندسة في فيسبوك لارس باكستروم، قال “إن أي خوارزمية تتعرض للخطر من خلال قيامها بالترويج لمحتوى مرفوض أو خطير يسبب ضررا للمستخدمين. ستكون هناك العديد من الطرق والتحسينات التي يتم من خلالها استغلالها والاستفادة منها، لذلك يوجد فريق النزاهة الذي يحاول جاهداً تعقب هؤلاء ومعرفة كيفية التخفيف من تأثيرهم بأكبر قدر ممكن من الكفاءة”.
عمل خبراء البيانات في فريق النزاهة – الذي تتمثل وظيفته في تحسين جودة المحتوى على النظام الأساسي – على عدد من التغييرات المحتملة للحد من ميل الخوارزمية التي تم إصلاحها للسماح بنشر الأكاذيب. وأظهرت الوثائق أن زوكربيرغ قاوم بعض الإصلاحات المقترحة لأنه كان قلقًا من أنها قد تضر بالهدف الآخر للشركة وهو جعل المستخدمين يتفاعلون أكثر مع فيسبوك.
قدمت آنا ستيبانوف، التي تقود فريقًا يعالج هذه المشكلات، للسيد زوكربيرغ عدة تغييرات مقترحة، الهدف منها هو معالجة انتشار المحتوى الخاطئ والمثير للانقسام على المنصة، وفقًا لمذكرة داخلية في نيسان/ أبريل سنة 2020. كان من الممكن أن يؤدي أحد هذه التغييرات إلى الحد من للمحتوى الذي يُرجح أن تتم إعادة مشاركته بواسطة سلاسل طويلة من المستخدمين.
تتحكم خوارزمية خاصة في ما يظهر في موجز الأخبار لكل مستخدم. يتم معرفة من هم المستخدمون إذا كانوا أصدقاء، ونوع المجموعات التي انضموا إليها
وكتبت إلى زملائها بعد الاجتماع: “لا يعتقد مارك أنه يمكننا التقدم في تنفيذ هذا التغيير. قال السيد زوكربيرغ إنه منفتح على اختبار النهج، ولكن لن نبدأ إذا كانت هناك نوع من المقايضة المادية مع تأثير التفاعلات الاجتماعية ذات المحتوى الهادف”.
في الشهر الماضي، بعد ما يقارب من عام ونصف من تأكيد ستيبانوف بأن زوكربيرغ رفض فكرة تنفيذ الإصلاحات على نطاق واسع، أعلن فيسبوك أنه “يوسع تدريجياً بعض الاختبارات للتركيز بشكل أقل على إشارات مثل مدى احتمالية تعليق شخص ما أو مشاركته للمحتوى السياسي“. هذه الخطوة هي جزء من دفعة أوسع، حفزتها استطلاعات رأي المستخدمين، لتقليل كمية المحتوى السياسي على فيسبوك بعد أن تعرضت الشركة لانتقادات بسبب الطريقة التي استخدم بها أنصار ترامب المنصة للتشكيك في النتائج وتنظيم الاحتجاجات التي أدت إلى أعمال شغب في مبنى الكابيتول بواشنطن من 3 إلى 6 يناير.
وقال السيد باكستروم، الذي يشرف على ترتيب المحتوى في “نيو فيدز”، إن فيسبوك قام بإجراء التغيير الأخير لأنه أحس أن الجوانب السلبية للاعتماد على المقاييس القائمة على المشاركة لفئات المحتوى الحساسة مثل السياسة تفوق الفوائد.
أدى تغيير الخوارزمية سنة 2018 إلى التأثير على الميزة المركزية لفيسبوك، أي موجز الأخبار، وهو عبارة عن موجز يتم تحديثه باستمرار مخصص لصور الأصدقاء وروابط للقصص الإخبارية. وهي تمثل غالبية الوقت الذي يقضيه ما يقارب من ثلاثة مليارات مستخدم لموقع فيسبوك على النظام الأساسي. وتقوم الشركة ببيع اهتمامات المستخدمين للمعلنين، سواء على فيسبوك أو على منصتها الأخرى إنستغرام، وهو ما يمثل ما يقرب من 86 مليار دولار من الإيرادات السنوية.
تتحكم خوارزمية خاصة في ما يظهر في موجز الأخبار لكل مستخدم. يتم معرفة من هم المستخدمون إذا كانوا أصدقاء، ونوع المجموعات التي انضموا إليها، والصفحات التي أعجبتهم، وأي المعلنين دفعوا لاستهدافهم وأنواع القصص الشائعة أو التي تقود للمحادثة بينهم. تتحكم خوارزمية خاصة في ما يظهر في موجز الأخبار لكل مستخدم. يتم معرفة من هم المستخدمون إذا كانوا أصدقاء، ونوع المجموعات التي انضموا إليها، والصفحات التي أعجبتهم، وأي المعلنين دفعوا لاستهدافهم وأنواع القصص التي تقود للمحادثة بينهم.
يمكن أن يكون للتغييرات المهمة في الخوارزمية آثار كبيرة على الشركة والمعلنين والناشرين. فقد قام فيسبوك بإجراء العديد من التعديلات الخوارزمية خلال السنوات الماضية. كانت التغييرات التي تهدف لتعزيز التفاعلات الاجتماعية ذات المحتوى الهادف ، لكن هل أدت تلك التعديلات إلى تعزيز الانقسامات في العالم. يقول أندي ستون المتحدث باسم فيسبوك في بيان مكتوب “لا”.
ويضيف “أظهرت الأبحاث أنه يوجد بعض الانقسامات الحزبية في مجتمعنا قد تطورت لعدة عقود، قبل ظهور منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك”.
“الشيء الصحيح”
في شهر كانون الثاني/ يناير سنة 2018، كان فيسبوك في مرحلة صعبة. كانت الشركة في موقف دفاعي في واشنطن عندما أكد مسؤولو المخابرات الأمريكية أن روسيا قامت باستخدام المنصة للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.
أعلن زوكربيرغ أنه كان يغير هدف منتجات فيسبوك من أجل مساعدة الأشخاص في العثور على محتوى ذي صلة إلى مساعدتهم على التفاعل بشكل أكبر مع الأصدقاء والعائلة.
وقال إن التحول كان مقروناً بالبحث الذي أظهر أن الاستهلاك السلبي للوسائط على فيسبوك – مثل مقاطع الفيديو التي تحدث ضجة على المنصة – لم يكن يعزز الرفاهية مثل التفاعل مع الآخرين.
صاغ زوكربيرغ التغيير على أنه تضحية، وكتب على فيسبوك: “الآن، أريد أن أكون واضحًا: بإجراء هذه التغييرات، أتوقع أن الوقت الذي يقضيه الأشخاص على فيسبوك سينخفض. لكنني أتوقع أيضًا أن الوقت الذي يتم قضاؤه على فيسبوك سيكون أكثر قيمة. وإذا فعلنا الشيء الصحيح، أعتقد أن ذلك سيكون مفيدًا لمجتمعنا ولأعمالنا على المدى البعيد”.
من المحتمل أن يتوقف الأشخاص عن استخدام التطبيق إذا كان يشكل تجربة سيئة لهم
كانت مقاطع الفيديو التدريبية والمذكرات الداخلية على فيسبوك سببًا آخر لحدوث تغيير – كانت الشركة في حالة من التوتر والقلق المتزايد بشأن انخفاض تفاعل ومشاركة المستخدمين، والذي يؤدي عادةً إلى إجراءات مثل التعليق على المنشورات أو مشاركتها. تعتبر المشاركات العالية داخل الشركة علامة إيجابية.
في سنة 2017 انخفضت التعليقات والإعجابات وإعادة المشاركة، واستمرت منشورات “البث الأصلي” – الفقرة والصورة التي قد ينشرها شخص ما عند موت كلب – في التراجع لمدة عام ولم يبد أن أي تدخل يمكن أن يوقف النزيف، وفقًا للمذكرات الداخلية. كان الخوف من توقف المستخدمين في النهاية عن استخدام فيسبوك تمامًا.
في مذكرة عام 2020، قال أحد خبراء البيانات إن فرق فيسبوك درست المشكلة و”لم تكتشف أبدًا سبب تراجع التفاعلات”. استنتج أعضاء الفريق في النهاية أن انتشار الفيديو والمحتويات الأخرى التي أُنتجت بشكل احترافي، كانت على الأغلب جزءًا من المشكلة.
كان الهدف من تغيير الخوارزمية هو معرفة أسباب التراجع في التعليقات وأساليب المشاركة الأخرى، وتشجيع المنشورات الأصلية. تُظهر الوثائق أن الهدف هو مكافأة المشاركات التي حصلت على المزيد من التعليقات والرموز التعبيرية العاطفية، والتي اعتُبرت ذات مغزى أكثر من الإعجابات.
في فيديو تدريبي داخلي، أشار أحد موظفي فيسبوك أنه بالإضافة إلى “الواجب الأخلاقي” للشركة بعدم تهميش المستخدمين مع وجود الكثير من مقاطع الفيديو، فإن لها أسبابًا تجارية للتدخل. وقال الموظف: “من المحتمل أن يتوقف الأشخاص عن استخدام التطبيق إذا كان يشكل تجربة سيئة لهم”.
صيغة جديدة
كان حل فيسبوك هو إنشاء صيغة تقيس مقدار التفاعل “الهادف” الذي أحدثته إحدى المشاركات، ثم تنظيم موجز الأخبار لتشجيع أكبر قدر ممكن من ذلك. في ظل نظام النقاط الداخلي المستخدم لقياس نجاحه، كان “الإعجاب” يستحق نقطة واحدة؛ رد فعل أو إعادة مشاركة بدون نص أو الرد على دعوة كان يستحق خمس نقاط؛ وتعليق مهم أو رسالة أو إعادة مشاركة أو الرد على الدعوة 30 نقطة. تمت إضافة نقاط إضافية اعتمادًا على ما إذا كان التفاعل بين أعضاء مجموعة أو أصدقاء أو غرباء.
من زاوية تجارية، نجح الأمر. انخفض الوقت الذي يقضيه المستخدم على المنصة، لكن الجهود المبذولة لزيادة التفاعل بين المستخدمين أدت إلى زيادة التعليقات، وحسنت في الغالب المقياس الأكثر أهمية لـ”الأشخاص النشطين يوميًا” باستخدام فيسبوك، وفقًا للاختبارات التي أجريت في أغسطس 2018.
كان لتغيير الخوارزميات آثار إيجابية، حيث أن المحتوى الذي تشاركه جهات اتصال موثوقة أصبح أجدر بالثقة، ووجد المستخدمون أنه أكثر أهمية من المواد الواردة من المعارف البعيدين، وفقًا لإحدى المذكرات. لكن هذه الفوائد أثرت على إجراءات المستخدم مثل إعادة المشاركة والتعليقات.
أظهرت الوثائق خلال صيف 2018، أن خبراء بيانات فيسبوك قاموا باستطلاع آراء المستخدمين بشكل متكرر ووجدوا أن الكثيرين شعروا أن جودة تعليقاتهم قد انخفضت.
كما حذر موقع فيسبوك أنه من المحتمل أن التغيير سبب ضررا للعديد من الناشرين عبر الإنترنت. في النصف الأول من عام 2018، عانت “بازفيد” من انخفاض بنسبة 13 بالمئة في حركة المرور مقارنة بالأشهر الستة السابقة، وخسرت “بريتبارت 46 بالمئة، وخسرت “إي بي سي نيوز” 12 بالمئة.
الخوارزمية الجديدة بدت وكأنها تكافئ الانقسام، بناءً على ما رآه من خلال أرقامه وملاحظاته حول منشورات الناشرين الآخرين
وقال كريس توليس، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “توبيكس”: “كان فيسبوك هو المحرك الرئيسي لحركة المرور لدينا في هذا الوقت. كان ذلك بالتأكيد مشكلة بالنسبة لنا”. سنة 2019، استحوذت “بابليشر كليرنغ هاوس” على “توبيكس”.
في المقابلات، وصف أكثر من اثني عشر مديرًا تنفيذيًا للنشر تحول تحول فيسبوك بأنه القشة الأخيرة بعد عدة سنوات من التغيير المستمر للسياسات التي أقنعتهم بعدم قدرتهم على الاعتماد على المنصة.
صعدت بازفيد إلى الصدارة على مر السنين من خلال نشراتها الإخبارية ومقاطع الفيديو، ولطالما كان فيسبوك مصدرًا رئيسيًا للوصول إلى الموقع، رغم محاولات التنويع في السنوات الأخيرة.
كتب بيريتي في بريده الإلكتروني أن الخوارزمية الجديدة بدت وكأنها تكافئ الانقسام، بناءً على ما رآه من خلال أرقامه وملاحظاته حول منشورات الناشرين الآخرين.
كتب بيريتي إلى مسؤول فيسبوك أن “تصنيف MSI لا يكافئ المحتوى الذي يؤدي إلى تفاعلات اجتماعية ذات هدف”، مضيفًا أن فريقه شعر “بالضغط لتقديم محتوى سيء أو أداء ضعيف”.
التأثير السياسي
في بولندا، جعلت التغييرات الجدل السياسي على المنصة أكثر سوءًا، حسبما أفادت الأحزاب السياسية البولندية للشركة، وفقًا للوثائق.
كتب باحثان على موقع فيسبوك في نيسان/ أبريل سنة 2019: “يقدر فريق إدارة وسائل التواصل الاجتماعي في أحد المنصات أنهم حوّلوا نسبة مشاركاتهم من 50/5 إيجابي/سلبي، إلى 80 بالمئة سلبي، كدالة صريحة للتغيير في الخوارزمية”.
وقالت نينا يانكوفيتش، الباحثة التي تدرس وسائل التواصل الاجتماعي والديمقراطية في وسط وشرق أوروبا في مركز وودرو ويلسون بواشنطن، إنها سمعت شكاوى من العديد من الأحزاب السياسية في تلك المنطقة من أن تغيير الخوارزمية جعل التواصل المباشر مع مؤيديهم من خلال صفحات الفيسبوك أكثر صعوبة. وقالت إن لديهم الآن حافزا لإنشاء منشورات تجمع التعليقات والمشاركات – غالبا عن طريق استغلال الغضب – للحصول على عرض في مواجز أخبار المستخدمين.
كتب باحثو فيسبوك في تقريرهم أن الأحزاب السياسية في إسبانيا تدير عمليات معقدة لجعل منشورات فيسبوك تسافر إلى أبعد مسافة وأسرع ما يمكن. وكتبوا “لقد تعلموا أن الهجمات القاسية على خصومهم تؤدي إلى أعلى مستوى من الاشتباك. يزعمون أنهم يحاولون ألا يفعلوا ذلك، لكن في النهاية أنت تستخدم ما يفيدك”.
في الأشهر الخمسة عشر التي أعقبت اشتباكات خريف 2017 في إسبانيا بسبب الاحتجاجات الانفصالية الكاتالونية، زادت نسبة الإهانات والتهديدات على صفحات فيسبوك العامة المتعلقة بالنقاش الاجتماعي والسياسي في إسبانيا بنسبة 43 بالمئة، وفقا لبحث أجرته “كونستيلا إنتلجنس”، وهي شركة حماية من المخاطر الرقمية. كما كتب باحثو فيسبوك في تقريرهم الداخلي أنهم سمعوا شكاوى مماثلة من أطراف في تايوان والهند.
فيسبوك كانت تأمل في أن يؤدي إعطاء الأولوية لمشاركة المستخدم في موجز الأخبار إلى تقريب الناس من بعضهم البعض
قال براد بارسكال، الذي كان قائد الإستراتيجية الرقمية لحملة دونالد ترامب الرئاسية لسنة 2016، والذي تفاخر بأن فيسبوك هو المكان الذي فاز فيه ترامب بالانتخابات، إنه بدأ يلاحظ التغييرات في الخوارزمية في وقت مبكر من منتصف سنة 2017، عندما بدأ أداء الفيديوهات السياسية في التراجع. وقال في مقابلة مع وول ستريت جورنال: “صحي، هي كلمة تعني باختصار أننا نحتاج إلى تقليل انتشار فيديوهات المحافظين وترامب”.
التقت رئيس اللجنة الوطنية الجمهورية رونا مكدانيل، وزعيم الأغلبية في مجلس النواب آنذاك كيفن مكارثي وبارسكال بمديرين تنفيذيين في شركة فيسبوك في حزيران/ يونيو 2018 لتسجيل شكاواهم. في ذلك الاجتماع، الذي ضم رئيس السياسة العامة العالمية في فيسبوك جويل كابلان، تم إخبار الجمهوريين بأن التغييرات الخوارزمية تهدف إلى مواجهة انتشار ما تعتبره الشركة معلومات خاطئة، وفقا بارسكال.
الإصلاحات المقترحة
في نيسان/أبريل 2019، اقترح أحد علماء بيانات فيسبوك الحد من انتشار “إعادة المشاركة العميقة”، مما يعني أن المشاهد ليس صديقا أو تابعا للمنشور الأصلي، وفقا لمذكرة داخلية. وكتب: “بينما توفر منصة فيسبوك للناس فرصة للتواصل والمشاركة، إلا أن أحد الآثار الجانبية المؤسفة هو أن المحتوى الضار والمضلل يمكن أن ينتشر، غالبا قبل أن نتمكن من اكتشافه والتخفيف من آثاره. يخبرنا الناشرون والناشطون السياسيون أنهم يعتمدون أكثر على السلبية والإثاريّة للتوزيع بسبب التغييرات الخوارزمية الأخيرة التي تفضل إعادة المشاركة”.
في وقت لاحق، ركز خبراء بيانات فيسبوك على جانب من جوانب الخوارزمية التي وقع تجديدها والتي تسمى “downstream MSI”، مما يزيد من احتمالية ظهور المنشور في موجز الأخبار الخاص بالمستخدم إذا كان من المحتمل أن يشارك الأشخاص الخوارزمية المحسوبة أو يعلقون عليها أثناء تمريرها في سلسلة عمليات إعادة المشاركة. وقد أظهرت الاختبارات المبكرة كيف أن تقليل هذا الجانب من خوارزمية المعلومات المدنية والصحية ساعد في تقليل انتشار المحتوى الخاطئ. أجرت فيسبوك التغيير لهذه الفئات في ربيع سنة 2020.
عندما قدمت ستيبانوف لزوكربيرغ اقتراح فريق النزاهة لتوسيع هذا التغيير ليتجاوز المحتوى المدني والصحي – وينطبق على عدد من البلدان مثل إثيوبيا وميانمار التي شهدت تغييرات بالفعل – قال زوكربيرغ إنه لا يريد تطبيقه إذا قلل من تفاعل المستخدمين، وفقا للوثائق.
قال جيمس بارنز، الموظف السابق في شركة فيسبوك، والذي غادر الشركة سنة 2019، إن فيسبوك كانت تأمل في أن يؤدي إعطاء الأولوية لمشاركة المستخدم في موجز الأخبار إلى تقريب الناس من بعضهم البعض. لكن النظام الأساسي أصبح معقدا لدرجة أن الشركة لم تفهم كيف يمكن للتغيير أن يأتي بنتائج عكسية. وقال: “لا يوجد شيء سهل”.
المصدر: وول ستريت جورنال