تعاني المجتمعات العربية من حرج كبير في تناول موضوع الوسائل الصحيحة والسليمة لمنع أو تنظيم الحمل رغم تزايد رغبة الأجيال الجديدة في تنظيم النسل بطريقة سليمة ومنتظمة وذلك في ظل التغيرات السياسية والأمنية والاقتصادية الكبيرة التي شهدها العالم العربي الغارق بالحروب والأزمات الاقتصادية.
ويحول بين طرح هذه الموضوعات ونشرها على نطاق واسع الكثير من الأسباب والمحددات الدينية والاجتماعية والاقتصادية وهو ما يمنع في كثير من الأحيان وصول المعلومات الصحيحة والدقيقة إلى الباحثين عنها بطريقة سليمة باستثناء بعض حملات التوعية التي تبقى محدودة ولا تصل لكل فئات المجتمع والحملات الإعلامية إلى جانب المعلومات المتوافرة عبر الإنترنت التي يقول مختصون إنها غير كافية كونها عامةً ولا تراعي خصوصية كل حالة بشكل منفرد.
وتتباين وجهات النظر وردود الفعل في العالم العربي تجاه أسلوب منع أو تحديد الحمل وتتفاوت العقبات بين المحاذير الدينية، إذ يعتبر البعض هذه الأساليب تدخل في دائرة “تحديد النسل” وما يرافق ذلك من فتاوى دينية مختلفة، والمحاذير الاجتماعية وثقافات المجتمعات العربية التي ما زالت أغلبها تعتبرها أساليب “دخيلة وغير مقبولة”، ونقص التوعية الصحية والمخاوف المبنية على معلومات أغلبها غير دقيقة، لكنها تثير مخاوف اللجوء إليها، والصعوبات الاقتصادية التي تحد من القدرة على المتابعة الطبية وتوفير الوسائل اللازمة لذلك.
نتناول في هذا التقرير أهمية الصحة الإنجابية لخفض معدلات الوفيات بين الأمهات والأطفال وأبرز وسائل منع أو تحديد الحمل المتاحة والمطبقة.
الصحة الإنجابية لخفض معدلات الوفيات
وفق منظمة الصحة العالمية فإن الهدف من وسائل منع الحمل هو تنظيم النسل والمباعدة بين الأطفال وتأخير الحمل لدى الشابات المعرّضات بشكل كبير لمخاطر الإصابة بمشكلات صحية ومخاطر الوفاة جراء الحمل المبكر، وبإمكان هذا التنظيم أن يحول دون حدوث حالات حمل بين النساء الأكبر سنًا من المعرضات أيضًا لخطر حمل غير مرغوب به وما ينتج عنه من حالات تشويه الأجنة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن النساء اللاتي يزيد عدد أطفالهن على أربعة أطفال معرضات لخطر متزايد في أن يكن في عداد وفيات الأمهات.
تخصص منظمة الصحة العالمية الـ26 من سبتمبر/أيلول يومًا من كل عام للاحتفال بيوم “منع الحمل أو تنظيم النسل”، تقديرًا لجهودها المبذولة من أجل تنظيم الأسرة والحد من الفقر
دوافع تنظيم النسل
تخصص منظمة الصحة العالمية الـ26 من سبتمبر/أيلول يومًا من كل عام للاحتفال بيوم “منع الحمل أو تنظيم النسل”، تقديرًا لجهودها المبذولة من أجل تنظيم الأسرة والحد من الفقر ووفيات الأمهات ووفيات الأطفال والتعليم والمساواة بين الجنسين.
ومع مرور الوقت يزداد الوعي بين النساء العربيات من خلال متابعتهن للمؤسسات الصحية داخل بلادهن وتوعيتهن أكثر من قبل وتبني فكرة تنظيم الولادات المتباعدة بحيث تكون جاهزةً جسديًا واقتصاديًا عندما تنجب طفلًا. إذ تؤكد المنظمة أن للمرأة الحق بالصحة الجنسية والإنجابية وقرار الحمل والوصول في الوقت المناسب إلى طرق آمنة وفعّالة وميسورة التكلفة ومقبولة لتنظيم أسرتها، لذلك عند تحديد أي وسيلة سيكون من الأفضل اللجوء إلى استشارة طبية وتقديم هذه النقاط للطبيب لتقييم حياة الأزواج بطريقة صحية صحيحة وأن يكون مقبولًا نفسيًا للطرفين.
اختيار وسيلة منع الحمل تختلف بين جميع النساء، وأهم هذه الأسئلة التي تساعد الإجابة عنها في اختبار الطريقة المناسبة لكل حالة:
- هل أريد تأجيل الحمل الأول في السنوات الأولى من الزواج؟
- هل لديّ أطفال أم لا؟ وكم عددهم؟
- هل استخدمت وسيلة منع حمل وتسببت بمشكلة صحية أم لا؟
- إلى أي مدى أريد أن أستمر في منع الحمل وتنظيم الأسرة؟
- هل لديّ تاريخ مرض أو تاريخ وراثي، ما يجعلني لا أستخدم وسيلة معينة مثل سرطان الثدي أو أورام الكبد الذي تسببه بعض الوسائل الخاصة بمنع الحمل؟
أهم الوسائل المتبعة لتنظيم النسل
أولًا: الواقي أو العازل
وهو نوعان: بالنسبة للرجل عبارة عن غطاء رقيق يغطي العضو الذكري ويقي من الأمراض الجنسية وغير مكلف، أما الواقي الأنثوي فيتم إدخاله في المهبل والهدف من ارتدائه هو احتواء السائل المنوي الذي يقذفه الرجل في أثناء الجماع، وهناك عدد كبير من الرجال لا يفضلوه بحجة أنه يحجب النشوة الجنسية.
ثانيًا: مبيد النطاف
يتوافر مبيد النطاف في عدة أشكال، بما في ذلك الجل والرغوة والكريم والأقراص والإسفنج، ويتم إدخاله في المهبل قبل عملية الجماع للتخلص من السائل المنوي وقتله.
ثالثًا: اللولب الرحمي (IUD)
تقوم فكرته من خلال جهاز صغير يغرسه الطبيب النسائي داخل رحم المرأة وذلك لمنع الحمل وهو أنواع أبرزها:
- اللولب الهرموني: صلاحيته ثلاث سنوات ويحتوي على هرمون قد لا يلائم جميع أجساد النساء.
- اللولب النحاسي حرف T: هناك أنواع صلاحيتها من ثلاث لخمس سنوات أو عشر سنوات ولا يحتوي على أي هورمون وهو أنسب الوسائل لأنه لا يقلل نسبة الخصوبة ولا يحتوي على أي نوع من الهرمونات.
- السلسلة النحاسية: وصلاحيتها خمس سنوات وتتكون من أربع أو ست حلقات من النحاس، يختار طبيب النساء الحجم المناسب لرحم المرأة وتشبه السلسلة النحاسية اللولب النحاسي من حيث درجة الأمان في منع الحمل.
جميع هذه الوسائل قد تحدث أكثر من نزيف في غير الموعد المعتاد لدورة الحيض وفي بعض الأحيان تطول فترة الدورة للمرأة أو قد تشعر بألم في أسفل البطن في غير فترة الحيض، ويجب مراجعة طبيبك الخاص كل ستة أشهر للاطمئنان خوفًا من تحرك اللولب أو انزلاقه داخل الرحم.
رابعًا: حبوب منع الحمل
يتم تناول حبوب منع الحمل يوميًا وتحتوي على هرمون الأستروجين الأنثوي وهرمون الحمل البروجسترون من أجل منع جسم المرأة من إطلاق بويضة كل شهر، يجب أن يستعمل كل يوم بنفس الساعة ويوجد هنالك نسب له ذات 21 و28 يومًا، وتوجد العديد من العبوات المختلفة: متباينة الألوان ومربعة ومستديرة.
أثبتت الدراسات الطبية أن حبوب منع الحمل تقلل من حدوث خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطانات بالنسبة للمرأة، لكن من عيوبها أن المرأة قد تنسى تناول حبة في أي يوم، ولا تتحمل أعراضها كل النساء، فهي تصيب بعضهن بالصداع أو الغثيان أو الاكتئاب أو آلام الثدي، أو بعض المشكلات الصحية الأخرى.
وتعد وسيلة حبوب منع الحمل أكثر الوسائل شيوعًا في أوروبا وأستراليا ونيوزيلندا، وثاني أكثر الوسائل شيوعًا في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية، وثالث أكثر الوسائل شيوعًا في آسيا.
خامسًا: الحقن الهرموني للمرأة
يتم تطبيق الحقن التي تحتوي فقط على هرمون البروجسترون مرة كل ثلاثة أشهر والتي تحتوي على هرمون الأستروجين وعلى البروجسترون مرة كل شهر، وتوفر حماية فعالة ويمكن أن يؤدي استخدامها إلى أكثر من عام إلى الحد من الطمث أو انقطاعه.
للحقن تأثير جانبي مثل الزيادة في الوزن ويمكن أن تؤدي إلى التوتر وسرعة الغضب، كما أن أكثر سبب لترك الوسيلة هو النزيف الذي يحدث بين فترات الطمث في أول الاستخدام أو عدم حدوث الطمث لمدة طويلة.
سادسًا: وسائل هرمونية غير موصى بها
وضعت إدارة الغذاء والدواء (FDA) قيودًا على وسيلتين لتحديد النسل وهي:
- تعقيم الرجال: وهي عبارة عن عملية جراحية لقطع القناة الدافقة، جراحة يتم فيها قطع الأنابيب التي تحمل السائل من الخصيتين.
- تعقيم النساء: وهي عبارة عن عملية جراحية لسد أو قطع أنابيب فالوب بالكامل عند السيدات.
سابعًا: الطرق الطبيعية
يتبع بعض الزوجين طرقًا مختلفةً للتعرف على أيام الخصوبة للمرأة، ومعظم هذه الطرق غير موثوق بها، فيما عدا طريقة الأعراض والحرارة التي تعتبر آمنة، في هذه الطريقة تقوم المرأة بقياس درجة الحرارة في كل صباح قبل النهوض من الفراش، وتراقب كيفية تغير المخاط في المهبل، وتقوم بتسجيل هذه البيانات يوميًا.
- طريقة الانسحاب: يقوم بها الرجل مباشرة قبل بلوغه النشوة الجنسية أي قبل القذف بالانسحاب والقذف خارج مهبل المرأة، لكنها غير مضمونة لمنع الحمل، فربما يتم القذف دون دراية.
- الرضاعة الطبيعية: عند رضاعة الطفل تنقطع الدورة الشهرية للمرأة ولا يحدث حمل في أثناء الرضاعة وهذه الطريقة غير مضمونة لمنع الحمل، ووفق الدراسات تتبع هذه الطريقة فقط في الستة شهور الأولى للطفل، على أن يتم إرضاعه ست مرات خلال الـ24 ساعة، بحيث تكون مدة الرضاعة الطبيعية 80 دقيقة على الأقل يوميًا.
طريقة عد أيام التبويض: تقوم المرأة في هذه الوسيلة بتتبع أيام التخصيب، ولا يتم الجماع مع زوجها إلا في الأيام التي لن يحدث فيها حمل، غير أن هذه الوسيلة تعد صعبة للسيدات اللاتي يعانين من دورات شهرية غير منتظمة أو قد يحدث خلل في العد.