“إن سوريا مع راية إيران، والنصر قادم بدم الشهداء، وهيهات منا الذلة”، قيلت هذه الكلمات على لسان أحمد حسون مفتي سوريا، ولطالما صرّح حسون بلسان إيراني أكثر مما هو سوري وهو الذي قال: “الخميني كسر القيود، وأطلق يد الشعب الإيراني الذي يحقق المنجزات ويسترخص الدماء لتحرير القدس”.
بالطبع لم تكن إيران لتحقق ما حققته في سوريا دون مساعدة شخصيات تفتح لها الأبواب فتمضي في مخططها الذي بدأته منذ عشرات السنوات، لكن في العقد الأخير بدأ رجال الخميني السوريين بالظهور أكثر فأكثر، وتراهم في المجال الأمني والعسكري والاقتصادي والديني والسياسي، وهم يهللون لإيران ومرشدها وتدخلها في بلادهم والتصريحات كثيرة عن أن “سوريا وإيران بلد واحد”.
يعتبر بشار الأسد وأخوه ماهر أبرز رجلين لإيران في سوريا، فهما اللذان فتحا البلاد على مصراعيها للتغلغل الإيراني الطائفي، ويعتبر المرسوم رقم 16 دليلًا واضحًا على فتح المؤسسات السورية لدخول إيران بشكل رسمي، وينص القرار على الموافقة على وجود شخصيات غير سورية ضمن المجلس العلمي الأعلى في وزارة الأوقاف، في تأكيد لمنهجية الأسد التي عبّر عنها بالقول: “سوريا لمن يدافع عنها”، أي ولو كان غير سوري، وهو بهذا أيضًا يحرم السوريين الذي يواجهون جبروته من مواطنتهم.
إضافة إلى الأخين من عائلة الأسد ثمة شخصيات كانت ركيزة أساسية بانتشار أذرع إيران في البلاد وثقافتها الطائفية، نسرد في هذا التقرير أهم الشخصيات التي امتطتها طهران لتحقيق أهدافها في سوريا.
مفتي سوريا.. عمامة سنيّة وهوى شيعي
لا يفوت أحمد حسون فرصة لكيل المدح لإيران وقيادتها وثورتها، حسون الذي يجلس على كرسي الإفتاء لدى نظام الأسد يحمل إجازة جامعية في اللغة العربية ودكتوراة بالفقه الشافعي من الأزهر الشريف، كما أنه مفتي لحلب قبل أن يصبح مفتيًا لسوريا خلفًا للراحل أحمد كفتارو.
عمل أحمد حسون منذ بداية الثورة السورية على التحريض ضد المتظاهرين والثائرين السوريين، وهو صاحب الفتوى التي طالب فيها قوات النظام بقصف أحياء المدنيين في حلب، بُعيد استهداف الأحياء المسيحية في المدينة الخاضعة لسيطرة قوات النظام عشية عيد الفصح عام 2013.
يعد نشاط أحمد حسون الحاليّ في العاصمة دمشق مثيرًا للجدل، إذ تثير تحركاته الاقتصادية مع أذرع إيران في المدينة الجدل وذلك بغية التسهيل لإيران بإحداث تغيير ديمغرافي ونشر التشيع، وصدرت تقارير توثق أن حسون “عمل شريكًا مع الملحق الثقافي الإيراني في حلب، آية الله عبد الصاحب الموسوي، في معظم الفعاليات الدينية والاقتصادية”.
وسهّل أحمد حسون للملحق الثقافي الإيراني إقامة نشاطاته، كما ساهم بتقوية دور إيران في حلب من خلال منصبه الرسمي، ويعمل مع الإيرانيين لتسهيل الأمور وزرع المقامات، وأبرز ما يدل على ذلك الفعاليات التي يقيمها الشيعة في مرقد “المشهد” ومدينتي نبل والزهراء، ومنذ سنوات بعيدة يُتهم أحمد حسون بأنه أصبح شيعيًا لكنه نفى هذه التهمة عنه.
وقدم حسون أوراق اعتماده الأولى سفيرًا للتشيع في سوريا بخطب شهيرة في جامع الروضة بحلب الذي كان إمامه وخطيبه، فأقرّ في تلك الخطب روايات وسرديات الشيعة الإثني عشرية وقرّع على فقهاء وعلماء المسلمين السنة رواياتهم.
عبد الستار السيد
يعتبر وزير الأوقاف في حكومة النظام السوري محمد عبد الستار السيد من أبرز رجالات إيران السوريين، إذ يسهل لإيران فتح معاهدها وجامعاتها على الأرض السورية، بمعنى أنه يعمل وكيلًا لأعمالها الثقافية والتعليمية والدينية، وكان السيد قد أعلن تأسيس كلية المذاهب الإسلامية في العاصمة دمشق بالتعاون مع المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الإيرانية، والمجمع العالمي هو هيئة علمية إيرانية أسسه “مرشد الثورة الإسلامية” في إيران، علي خامنئي.
يقول بحث لمركز حرمون للدراسات عن وزير الأوقاف لدى النظام: “رجل لا يخفي تشيعه مطلقًا، والرجل جاء به اللواء هشام بختيار خصيصًا لينجز مشروع التشيع في سوريا بأسرع وقت ممكن، وقد وضع له خطة محكمة، أخذ يتابعها بصورة شبه يومية من خلال مجموعة من القرارات، من أهمها إضعاف التعليم الشرعي السني من خلال منع إحداث أي ثانوية شرعية جديدة لأهل السنة”.
يضيف البحث أن من القرارات التي يتابعها السيد في إطار تشييع سوريا: “منع تمويل الثانويات الشرعية عن طريق الوزارة ومنع قبول الطلبة العرب والأجانب في مؤسسات التعليم الديني السني، إضافةً لمنع أي تمويل خارجي للتعليم الشرعي من الجاليات السورية أو العرب أو المسلمين، وفك الارتباط بين المعاهد والثانويات الشرعية والجمعيات الخيرية التي كانت تقوم بالتمويل ومنع منتسبي الأوقاف والمدرسين والعلماء من أن يكونوا أعضاء مجلس إدارة الجمعيات”.
كما أنه كان وراء الموافقة على تأسيس العديد من المعاهد الشرعية على المذهب الشيعي، وجامعة بلاد الشام التي تعد جامعة يتقاسمها السنة والشيعية، وتضم معهد الفتح الإسلامي ومعهد كفتارو ومعهد رقية الشيعي.
عبد الله نظام
يشغل عبد الله نظام منصب رئاسة الجمعية المحسنية في دمشق، وهو من المراجع الشيعية في حي الأمين بدمشق. كما تورد التقارير أنه المسؤول الأبرز عن المتشيعين في سوريا، ويعد راعيًا للجامعات والمراكز الشيعية في المناطق السورية المختلفة، وتطورت الحال بالمعمم نظام إلى أن يستخدم سلطته الدينية للوساطة العقارية مع رجال الأعمال الإيرانيين، فيعمل على إقناع سكان من العاصمة دمشق من أجل بيع ممتلكاتهم لمصالح إيرانية.
يعرف عبد الله نظام بأنه وكيل أعمال الخامنئي في سوريا وذلك قبل اندلاع الثورة السورية، ويعتبر مقربًا من نظام الأسد إلى حد كبير، فقد كان معينًا مستشارًا لوزير الأوقاف للشؤون الدينية، ويرأس نظام جمعية تضم شخصيات من السنة والشيعة في سوريا، وتأسست الجمعية عام 2006، كما أنه عضو في مجلس الأمناء في “جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية”، التي كانت تعرف باسم “معهد الشام”.
قام نظام ببناء “مجمع السيدة فاطمة” في حي الأمين بدمشق، ترك العمل في المجال الهندسي وذهب إلى إيران ليتفرغ للدراسة في الحوزات، وبعد سنوات عاد إلى دمشق معممًا ووكيلًا للخامنئي في سوريا، ووفقًا لصحيفة “زمان الوصل” فإن “إحدى الوثائق المخابراتية التي سربتها مواقع معارضة، قيام نظام بتشكيل هيئة شيعية سماها “هيئة علماء أهل البيت”، وضع عبد الله نظام على رئاستها بوصفه رئيسًا للطائفة في دمشق”.
أيمن زيتون
يعرف أيمن زيتون أنه إمام وخطيب مجمع الرسول الأعظم الذي أسسته إيران في سوريا، ويقع مقر هذا المجمع في مدينة اللاذقية، ويمتلك المجمّع ثانويات ومعاهد شرعية ومكتبات وإذاعة تبث عبر الإنترنت وعبر أثير المحافظة.
تتبع للمجمع “هيئة كفالة أبناء الشهداء” و”هيئات نسائية عليا” ومعهدًا “للتطوير والتأهيل” وكشّافة خاصة به تدعى “كشافة الولاء” ثم مكتبًا للطوارئ والجرحى.
قاد زيتون حركة التشيع التي بدأت منذ سنوات في محافظة اللاذقية بعد قدومه من مدينة قم الإيرانية، وينحدر زيتون من مدينة الفوعة في ريف مدينة إدلب وهذه القرية غالب أهلها من الطائفة الشيعية، درس في الحوزات الإيرانية، يعتبر زيتون سفيرًا دينيًا لإيران في الخارج لما له من مكانة بين شيوخ مدينة قم.
نبيل الحلباوي
هو إمام مسجد السيدة رقية، ويعد من أهم الشخصيات الشيعية البارزة في سوريا، وتربطه مصاهرة بعائلة الأسد، ويعد الحلباوي، عضوًا مهمًا في الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت، وهي مؤسسة دينية إيرانية، ولها نشاطات في محافظات عدة في نشر المذاهب الشيعية، والتنسيق مع رجال أعمال من أجل إحداث تغييرات ديمغرافية، من خلال إقناع المواطنين ببيع العقارات إلى الإيرانيين.
يتولى الحلباوي إمامة وخطابة مسجد رقية في دمشق منذ 1992 ويشرف الحلباوي سنويًا على إدارة مهرجان تقيمه المستشارية الثقافية الإيرانية بالذكرى السنوية لما يسمى “انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية”.
يعتبر الحلباوي أن تدخل إيران إلى جانب النظام السوري، زاد من إقبال حشود الشيعة إلى “مقام السيدة رقية” بعد ما سماها “سنوات طويلة من المعاناة”.
محمود عكام
يعدّ محمود عكام خطيب مسجد التوحيد في حلب وأستاذ في جامعتها، يقول عنه الشيخ معين البطين في كتابه “الاحتلال الإيراني لسوريا”: “يختلف الكثير في حقيقة انتمائه وهل تشيّع فعلًا أم لا، لكن مساهمته الكبرى في دعم مخطط إيران كانت بقيامه بأداء صلاة الغائب على الإمام الخميني بعد وفاته في حلب، ويعد هذا الفعل إشادة واضحة بمنزلة الخميني وترويجًا له ولمخططه”.
يذكر أن عكام من أهم شيوخ السلطة الذين حاربوا الثورة السورية وتحالفوا مع ميليشيات النظام، ويُعرف بمطالبته شباب المدينة بالالتحاق “بخدمة العلم والتطوع في الجيش السوري”، مشيًرا إلى أنه “تكليف وواجب ديني ووطني واجتماعي وأخلاقي”، داعيًا جميع المكلفين إلى تلبية نداء الواجب لحماية الوطن.
إضافة إلى هذه الشخصيات آنفة الذكر يوجد أيضًا رجال في النظام السوري تابعين بشكل مباشر لإيران نسردهم سريعًا وفقًا لما جاء في بحث أجراه مركز “حرمون“:
علي حسين مكي، يعتبر زعيم الطائفة الشيعية في سورية، إضافة إلى هشام آل قطيط، الذي تشيّع في بيروت في أثناء خدمته الإلزامية في لبنان في الوقت الذي كانت القوات السورية هناك، إضافة إلى الدكتور هاني مرتضى الذي كان رئيس جامعة دمشق، ثم وزيرًا للتعليم العالي، وحامل مفاتيح مسجد السيدة زينب، وهو من الشخصيات الشيعية وعمل على تشيّع الوزارة في عهده، حتى سميت بوزارة العمائم الشيعية.
في قائمة الشخصيات يوجد حسين الرجا مؤلف كتاب “دفاع من وحي الشريعة ضمن السنة والشيعة”، بالإضافة إلى عبد الرزاق عيسى، أمين جامعة دمشق، الذي أصبح معاونًا لوزير التعليم العالي.
يعد عباس صندوق من أخطر رجالات إيران في سوريا فقد تدرج بعدّة مناصب منها الأمين العام لجامعة دمشق وعضو مجلس الشعب 2016، وممثل “مجمع السيدة رقية” لدى جامعة بلاد الشام والعلوم الشرعية، وعضو مجلس الأمناء في الجامعة ذاتها، ووفقًا للبحث “عرف صندوق بسلوكه الطائفي الشيعي في عمله الإداري في جامعة دمشق، وقد كانت له الكلمة الأولى والأخيرة في الجامعة، وهو الرئيس الفعلي لجامعة دمشق قبل حصوله على الدكتوراة، إذ حصل على الدكتوراة في الهندسة، وهو في هذا الموقع”.