ترجمة حفصة جودة
تقرير حسام هزبر ويوسف سلمان
نُقل إسماعيل الحسن إلى مدينة الريحانية في تركيا يوم 2 من أغسطس/آب لإزالة كتلة غريبة من غدته النخامية، يعد الحسن – 26 عامًا من ريف حلب شرق سوريا – واحدًا من آلاف النازحين السوريين الذين سافروا إلى تركيا للعلاج بعد الانهيار الوشيك لنظام الرعاية الصحية في سوريا بعد عقد من الحرب.
يقول الحسن: “قبل أن أذهب إلى تركيا حاولت إجراء العملية في شمال سوريا، لكن الأطباء أخبروني أنها عملية باهظة الثمن وأن المستشفيات هنا غير معدة لمثل تلك العمليات”، ومع ذلك، حدثت تغيرات إدارية في الوثائق المطلوبة للاجئين السوريين لتلقي العلاج، ما تركه – مع آخرين – عالقًا في تركيا.
يضيف الحسن “عندما وصلت إلى مدينة الريحانية نُقلت إلى عدة مستشفيات، وجميعها لم تعترف بي كمريض بسبب الوثائق الجديدة، كانت المستشفيات تخبرني أنها لم تُخطر بعد بالوثائق الجديدة وأنهم لن يستطيعوا قبولي الآن”.
ظلّ حسن في دار للرعاية الطبية بمدينة الريحانية تابعة لمنظمة سورية غير حكومية لمدة 22 يومًا، أملًا في السماح له بدخول مستشفى وتلقي المساعدة لتخفيف الصداع الشديد الذي تسببت به حالته، لكن دون جدوى.
منحت تركيا السوريين وثيقة حماية مؤقتة تسمح للمرضى بدخول تركيا وتلقي العلاج مجانًا في المستشفيات، ومع ذلك تغير الوضع في بداية سبتمبر/أيلول عندما استُبدلت بالوثيقة أخرى تُسمى “تصريح سياحة طبية”
يقول الحسن: “لم أعد أتحمل تكلفة الإقامة في تركيا ولا أملك المال الكافي لإجراء الجراحة في مستشفيات تركيا الخاصة، لذا قررت العودة إلى سوريا”.
ارتباك داخل المستشفيات
في يوم 11 من سبتمبر/أيلول أصدر مكتب التنسيقات الطبية في معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا – الذي يربط بين محافظة إدلب ومحافظة هاتاي – بيانًا يقول فيه إن الإحالات الطبية للمستشفيات التركية توقفت بانتظار تقديم الوثائق الجديدة.
يُنقل عشرات المرضى السوريين إلى المستشفيات التركية يوميًا عبر مكتب التنسيقات الطبية في معبر باب الهوى لتلقي العلاج الحيوي، يقول بشير إسماعيل مدير المكتب: “خلال هذا العام دخل ما يقرب من 6 آلاف مريض من شمال سوريا إلى تركيا لتلقي العلاج في المستشفيات، من بينهم 1350 مريضًا بالسرطان”.
في البداية، منحت تركيا السوريين وثيقة حماية مؤقتة تسمح للمرضى بدخول تركيا وتلقي العلاج مجانًا في المستشفيات، ومع ذلك تغير الوضع في بداية سبتمبر/أيلول عندما استُبدلت بالوثيقة أخرى تُسمى “تصريح سياحة طبية”، الذي لم تعترف به العديد من المستشفيات التركية بعد.
يقول إسماعيل إن مكتب التنسيقات الطبية يواصل السماح للحالات الخطيرة الطارئة بدخول المستشفيات الطبية مثل المصابين بجروح حرب أو حالات الحروق أو الرضع الخديج.
تُستقبل هذه الحالات في المستشفيات التركية بالتنسيق مع دائرة الهجرة حيث يبقى المريض في وحدة الرعاية المركزة ويحتاج لرعاية طبية طويلة المدى، لكن نقل الحالات غير الطارئة – مثل مرضى القلب والسرطان وجراحات الأعصاب ونقل الكبد والكلى – إلى تركيا توقف لأن المستشفيات لم تعترف بتصريح السياحة الطبية.
يقول إسماعيل: “أبلغنا الجانب التركي بالصعوبات التي يواجهها المرضى السوريون في المستشفيات التركية بسبب الوثيقة الجديدة ووعدوا بحل المشكلة، لكن لم يتغير أي شيء”.
قيود جديدة على السوريين
وفقًا لمكتب التنسيقات الطبية، فإن 400 مريض ممن أُحيلوا إلى المستشفيات التركية ما زالوا بانتظار العلاج في الريحانية، إضافة إلى ذلك هناك 600 مريض ما زالوا ينتظرون في شمال سوريا لقبول المستشفيات التركية الوثائق الجديدة حتى يتمكنوا من العلاج بها، ومع ذلك عارض المسؤولون الحكوميون في تركيا مزاعم السوريين في إدلب.
هناك نحو 3.6 مليون سوري يعيشون الآن في تركيا ممن فروا من العنف الشديد الذي اجتاح البلاد منذ 2011
قال مصدر من وزارة الداخلية التركية في المديرية العامة لإدارة الهجرة إن وزارة الداخلية التركية لم تتخذ هذا القرار، وأضاف “على النقيض من ذلك نحن نسهل وصول المرضى المحتاجين إلى العلاج في تركيا نظرًا لظروف العجز في المستشفيات السورية، لدينا أيضًا مستشفى في مدينة أعزاز (بحلب) يديره أطباء سوريون وأتراك ويقررون أي المرضى بحاجة للعلاج في المستشفيات التركية”.
“عندما يأتي المرضى إلى المستشفيات التركية فإننا نسمح لهم بالبقاء حتى انتهاء علاجهم، بعد ذلك يعود المرضى إلى منازلهم في سوريا، ولا يدفعون أي رسوم مقابل هذا العلاج، إننا نمنحهم رقمًا يبدأ بـ99، هذا الرقم هو هويتهم ويسمح لهم بتلقي العلاج الطبي مجانًا، ومع ذلك في الحالات الاستثنائية ربما تطلب المستشفيات بعض المال للجراحات شديدة الصعوبة”.
جاء هذا التغيير وسط مجموعة من القيود الجديدة على اللاجئين السوريين في تركيا، هناك نحو 3.6 مليون سوري يعيشون الآن في تركيا ممن فروا من العنف الشديد الذي اجتاح البلاد منذ 2011.
ورغم الإشادة بالحكومة التركية لجهودها في تسكين اللاجئين، فإن العديد من الأتراك أصبحوا يعادون السوريين بشكل متزايد، ويلومونهم على البطالة وانخفاض الرواتب، وينظرون إليهم كأشخاص مختلفين ثقافيًا.
وهكذا، تبذل الحكومة والمسؤولون المحليون جهودًا متزايدةً لتشجيع السوريين على العودة إلى بلادهم رغم التحذيرات التي يواجهونها من الجماعات الحقوقية، يقول إسماعيل: “عاد نحو 120 مريضًا من تركيا إلى شمال سوريا دون تلقي العلاج هذا الشهر”.
المصدر: ميدل إيست آي