يرى محللون أن ذكر تدخل حلف الناتو كنموذج يقتدى به لإقناع العالم بضرورة توجيه ضربة عسكرية في سوريا كان سينجح لو أنه وقع قبل أقل من سنتين عندما، كانت حكومات دول عديدة حول العالم من بينها بريطانيا تحث رجال أعمالها على التوجه إلى ليبيا لإعادة إعمارها وللاستفادة من الطفرة المتوقعة في الموارد الطبيعية الكامنة في الأراضي الليبية.
وربما كان ذلك ممكنا طيلة السنتين الماضيتين حيث استمر تدفق الاستثمارات الخارجية على ليبيا، فتوافد المستثمرون من كل أرجاء العالم ساعين إلى حجز موطئ قدم في ليبيا متحدين بذلك الاضطرابات ومستعدين لتحمل الخسائر المادية والمخاطر الأمنية المتزايدة في البلاد.
ولكن لا يمكن لتدخل الناتو أن يكون نموذجا حسنا في ظل التطورات التي شهدت ليبيا في الشهر الأخير حيث بلغت الاضطرابات الأمنية أشدها فسيطرت مجموعات مسلحة على الموانئ المائية المصدرة للنفط بالكامل مانعة بذلك تصدير النفط إلى الطرف الآخر من البحر الأبيض المتوسط، وفاتحة الباب على مصرعيه للصدام مع الحكومة التي قال رئيس وزرائها علي زيدان أن قوات الأمن قد تلجئ إلى تدمير أي ناقلة نفط تقدم على اقتناء النفط من عند المسلحين المسيطرين على الموانئ دون إذن الحكومة.
وحسب صحفي الاندبندنت باتريك كوكبرن، فإنه في الوقت الذي انشغل فيه العالم بالانقلاب في مصر وبالضربة العسكرية المحتملة ضد نظام بشار الأسد في سوريا، دخلت ليبيا في أسوأ أزمة سياسية واقتصادية تعيشها البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي، مستنكرا بذلك تقديم السياسيين الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين لتدخل حلف الناتو في ليبيا قبل قرابة السنتين على أنه “نموذج ناجح لتدخل عسكري محدود”.
حيث يشير متابعوا الوضع الأمني والوضع العام في في ليبيا إلى أن تدخل حلف الناتو رغم أنه كان محدودا واقتصر على ضربات جوية فإنه أدى إلى تفكيك الدولة وجعل مجموعات مدججة بكميات ضخمة من السلاح تحتل مكانة الدولة وتملي شروطها وإرادتها على القيادة السياسية المنتخبة، الأمر الذي يهدم مفهوم الدولة والديمقراطية على حد سواء.
وحسب الأرقام الرسمية للحكومة الليبية فإن ليبيا كانت تنتج قرابة 1.4 مليون برميل من النفط عالي الجودة يوميا قبل أن يبدأ تمرد المجموعات المسلحة المكلفة بحراسة موانئ تصدير النفط لينخفض معدل الانتاج اليومي إلى160 ألف برميل يوميا، في ظل استمرار عجز الحكومة في طرابلس عن السيطرة على الموانئ وترددها في استخدام القوة لإعادة الموانئ إلى نشاطها الطبيعي.