قضت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية مستقلة في ليبيا)، بعدم دستورية مقترحات “لجنة فبراير” وبعدم دستورية “الفقرة 11 من المادة 30 من الإعلان الدستوري المعدلة بموجب التعديل الدستوري السابع الصادر بتاريخ 11 مارس 2014 وكافة الآثار المترتبة عنه”؛ ما يعني حل مجلس النواب المنبثق عن هذا الإعلان الدستوري وكذلك إلغاء كل القرارات الصادرة عنه وكل المؤسسات المنبثقة عنه.
وكان برلمان طبرق يحظى باعتراف دولي كونه جاء بعد انتخابات لم يشكك فيها، غير أن استحواذ عدد من النواب الموالين للجنرال خليفة حفتر على البرلمان ونقل مكان انعقاده إلى مدينة طبرق حيث تتمركز قوات الجنرال حفتر أدى إلى امتناع البرلمان السابق عن الاعتراف بشرعية البرلمان الجديد إلى حين انعقاده في العاصمة طرابلس أو في مجينة بنغازي.
وقبل انعقاد المحكمة، قال مصدر قضائي ليبي لقناة العربية إن القضاة اتصلوا منذ فترة بجهات دولية وبمبعوثية الأمم المتحدة بليبيا لتكون قريبة من كواليس المحكمة لضمان سلامة الحكم، وأن المحكمة العليا بذلت وسعها لترك المجال للجهود السياسية لإنهاء الخلاف، حيث إن حكم المحكمة العليا لا يمكن استئنافه، وبذلك ربما يزيد الحكم المنتظر من حدة الموقف المتوتر بين الطرفين.
ويعتبر قرار المحكمة انتصارًا هامًا لقوات فجر ليبيا المكونة من كتائب الجيش الليبي ومن كتائب الثوار الليبيين، الذين قبلوا الاحتكام للمحكمة الدستورية للفصل في شرعية برلمان طبرق من عدمها، كما يخوضون معاركًا ضارية مع قوات الجنرال حفتر الذي أصدر برلمان طبرق قرارات عدة لإعطائه الشرعية القانونية لمواصلة عملياته العسكرية الهادفة للسيطرة على ليبيا ولتمكينه من الحصول على دعم دولي لمحاربة الكتائب المسلحة التي كانت حجر الأساس في الثورة الليبية وفي الجيش الليبي بعد سقوط معمر القذافي.
ويُسقط هذا القرار الشرعية عن عدد من القرارات الهامة التي قام البرلمانيون المتواجدون في مدينة طبرق بإصدارها قبل انعقاد المحكمة، ومن بينها قرار بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي “الصديق الكبير” وتكليف نائبه “علي الحبري” بمهام المحافظ، بعدد غير معروف من الأصوات الموافقة على قرار الإقالة أو تلك الحاضرة في الجلسة التي صدر فيها القرار، وذلك بعد أن ألغى محافظ البنك المركزي قرارًا أصدره بالمخالفة نائبه علي الحبري يقضي بتحويل ما قيمته ثمانون مليون دينار من حساب المؤتمر الوطني العام إلى حساب مجلس النواب بطبرق، بالمخالفة للقوانين القاضية بضرورة أن يكون لهذا القرار محاضر تسليم واستلام بين المؤتمر والمجلس.
ومن القرارات الأخرى التي اتخذها برلمان طبرق قبل حله والتي سقطت الآن، قرار بحل جميع التشكيلات العسكرية التي تشكلت في أيام الثورة والتي بات جزء كبير منها منطويًا ضمن الجيش الليبي، وقيام البرلمان في المقابل بتمويل ميليشيات الجنرال حفتر وميليشيات أخرى معروفة بولائها لنظام القذافي.
ولا يمتلك برلمان طبرق والحكومة المنبثقة منه ثقلاً حقيقيًا داخل ليبيا بالمقارنة مع المؤتمر الوطني المجتمع في العاصمة طرابلس – السلطة التشريعية الشرعية الوحيدة في البلاد – الذي تواليه معظم كتائب الثوار وخاصة قوات فجر ليبيا ومجلس شورى بنغازي وعدد من التشكيلات الأخرى التي تسيطر على حوالي 90 بالمائة من التراب الليبي.
ومن جانبه تعهد المؤتمر الوطني الليبي على لسان النائب الثاني لرئيس المؤتمر “صالح المخزوم” بتحمل المسئولية إلى أن يصل الجميع إلى حل مرضي تتفق عليه جميع الاطراف في ليبيا، مؤكدا أن “المسار الديمقراطي لا حياد عنه”، وأن “بناء دولة المؤسسات والقانون قد بدأ وتحقق منذ أن أصبح الليبيون ينتظرون حكم القضاء في كل مايحدث من اشكالات وخصومات”.