ترجمة وتحرير: نون بوست
توصل قاضي في المحكمة العليا البريطانية إلى أن حاكم دبي اخترق هاتف زوجته السابقة الأميرة هيا، باستخدام برمجية بيغاسوس التي أنتجتها شركة “أن أس أو غروب” الإسرائيلية المثيرة للجدل، في تصرف يعتبر انتهاكا غير قانوني للسلطة والثقة.
وقد توصل رئيس قسم شؤون الأسرة في المحكمة العليا إلى أن العملاء الذين كانوا يشتغلون لفائدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي يشغل أيضا منصب رئيس وزراء الإمارات، مسؤولون عن اختراق هاتف هيا وخمسة من العاملين لفائدتها، بينما كان هذان الزوجان منهمكين في الإجراءات القضائية في لندن، للفوز بحق حضانة طفليهما.
وتضمنت قائمة ضحايا هذا الاختراق أيضا اثنين من محامي الأميرة هيا، إحداهما المحامية الشهيرة فيونا شاكلتون عضوة مجلس اللوردات، التي علمت بهذا الأمر من شيري بلير التي تعمل مع شركة “أن أس أو غروب” الإسرائيلية.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، كان تحقيق لصحيفة الغارديان قد كشف للمرة الأولى أن الأميرة هيا وعاملين لفائدتها كانوا ضمن قائمة بيانات، يعتقد أنها تشير إلى أشخاص ترغب حكومة من زبائن “أن أس أو غروب” في مراقبتهم، ويعتقد أنها دبي على سبيل التحديد.
يشار أيضا أن حكم الإدانة الذي أصدره السير أندرو ماكفرلين في الخامس من آيار/ مايو الماضي، ولم يتم نشره إلا الآن، يؤكد ما تم التوصل إليه سابقا في إطار التحقيق في مشروع بيغاسوس، ويضيف إليه بالقول أن هنالك عمليات مراقبة غير قانونية تم تنفيذها بالفعل.
وقد اكتشف أن هاتف الأميرة هيا تم اختراقه في 11 مناسبة بين تموز/ يوليو وأغسطس/ آب من العام الماضي، بتفويض صريح أو ضمني من الشيخ محمد بن راشد.
وقالت شرطة لندن إنها علمت بهذا الاختراق المزعوم خلال العام الماضي، وقام محققوها بأبحاث مكثفة على مدى خمسة أشهر، إلا أن هذه الأبحاث أغلقت في شباط/ فبراير بسبب عدم وجود المزيد من فرص التحقيق.
ورغم أن قرارات السير مكفرلين كانت مبنية على المعيار المدني للإثبات، الذي يعني الاعتماد على ميزان الاحتمالات على عكس المعيار الجنائي مثلا الذي يتطلب وجود أدلة لا يرقى إليها الشك، فإن المتحدث باسم شرطة لندن قال: “سوف نقوم بالطبع بمراجعة أي معلومات جديدة أو أدلة تظهر في علاقة بهذه الادعاءات”.
وفي حكم آخر أصدره السير مكفرلين، ضمن 11 حكما قضائيا اطلعت عليها الغارديان ووسائل إعلام أخرى يوم الأربعاء، تم الكشف عن وجود عملاء يشتغلون لصالح الشيخ، حاولوا شراء عقار بقيمة 30 مليون جنيه استرليني، يقع قبالة منزل الأميرة هيا في ريف بيركشير.
في إفادة له قدمها كشاهد، قال الشيخ محمد بن راشد، إنه لا يفهم كيف أن ادعاءات الاختراق تشكل فرقا جوهريا فيما يتعلق بتواصله مع أطفاله، إلا أن موقفه تم رفضه بشكل قطعي من طرف السير ماكفرلين.
وكرد فعل، فرض القاضي منطقة حماية لها بطول 100 متر حول بيتها، ومنطقة حظر طيران بارتفاع ألف قدم، وذلك من أجل حمايتها من الشيخ محمد بن راشد وعملائه.
وفي القرار المتعلق باختراق الهاتف، انتقد السير مكفرلان الشيخ محمد بن راشد بأشد العبارات، حيث قال:
“هذه المعلومات التي تم التوصل إليها تمثل انتهاكا كليا للثقة، وانتهاكا للسلطة. أود أن أوضح أنني أنظر إلى هذه المعلومات على أنها شديدة الخطورة في سياق الاهتمام بمصلحة الأطفال. كما أنها قد تكون لها تأثيرات عميقة على قدرة الأم والمحكمة على الوثوق به في أي شيء، حتى لو كان الترتيبات البسيطة والآمنة للتواصل مع أطفاله في المستقبل.”
وبحسب نص الحكم، فإن هاتف الأميرة هيا تعرض للاختراق في إحدى المناسبات، وسحبت منه 265 ميجا بايت من البيانات، أي ما يعادل 24 ساعة من التسجيلات الصوتية و500 صورة فوتوغرافية. وقد حدث هذا خلال فترة وصفها السير ماكفرلين بأنها كانت حافلة بالأحداث و الخلافات المالية خلال أطوار هذا النزاع، وبالتحديد خلال الفترة السابقة لجلسات الاستماع الرئيسية فيما يتعلق بالطلبات المالية للأم نيابة عن نفسها وأطفالها.”
وفي إفادة له قدمها كشاهد، قال الشيخ محمد بن راشد الذي لم يحضر خلال كافة أطوار القضية، على عكس زوجته السابقة التي كانت تحضر باستمرار، إنه لا يفهم كيف أن ادعاءات الاختراق تشكل فرقا جوهريا فيما يتعلق بتواصله مع أطفاله، إلا أن موقفه تم رفضه بشكل قطعي من طرف السير ماكفرلين.
ويتوقع أن هذه الأحكام الأخيرة ستزيد من الضغوط على العلاقات بين بريطانيا والإمارات العربية المتحدة، وهي تأتي إثر حكم سابق أصدره السير ماكفرلين في كانون الأول/ ديسمبر 2019، يقضي بأن الشيخ محمد بن راشد نظم عمليات اختطاف اثنتين من بناته، هما الأميرة لطيفة والأميرة شمسة التي اختطفت من شوارع مقاطعة كامبريدج، كما أنه أخضع الأميرة هيا لحملة ترهيب.
واغتنم السير ماكفرلين الحكم الصادر بشأن عملية اختراق الهاتف، لانتقاد ادعاءات الشيخ محمد بن راشد الذي قال على إثر الحكم القضائي الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 2019: “كرئيس حكومة لم تتسن لي المشاركة في عملية تقصي الحقائق في المحكمة.” وأكد السير ماكفرلين أن هذا الكلام مجانب للحقيقة، حيث أن الشيخ قدم إفادته كشاهد في مناسبتين في تلك المحاكمة وكان له فريق قانوني ضخم من المحامين إلا أنه أمرهم بالانسحاب من قاعة المحكمة عوضا عن المشاركة.
وقد حاول هذا الفريق القانوني الذي صرف الشيخ مبالغ كبيرة في سبيل تجميعه، تجنب صدور قرار السير ماكفرلين بخصوص عملية اختراق الهاتف، من خلال ادعاء أن المحكمة لا اختصاص لها للنظر في عمل قامت به دولة أجنبية، في إشارة إلى استخدام دبي أو الإمارات لبرمجية التجسس المزعومة. إلا أن هذا الدفع القانوني تم رفضه من طرف المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف، ورفضت المحكمة العليا السماح بتقديم طعون إضافية.
وكانت الأميرة هيا قد فرت إلى لندن في نيسان/ أبريل 2019 رفقة الطفلين اللذين أنجبتهما من الشيخ محمد بن راشد، وهو ما أطلق نزاعا قضائيا لا يزال متواصلا، حول حضانة الطفلين وحق مقابلتهما والنفقة.
أصدر محمد بن راشد بيانا واصل فيه نفي كل الادعاءات المتعلقة بالاختطاف: “هذه المسائل تتعلق بعمليات مفترضة لأمن الدولة. وكرئيس حكومة معني بإجراءات عائلية خاصة، لم يكن مناسبا بالنسبة لي تقديم أدلة حول هذه المسائل الحساسة”
وفي إفادة شاهد دعمت بها طلبها بفرض منطقة محظورة حول منزلها في منطقة كاسلوود الذي كان في السابق يسكن فيه الأمير أندرو وسارة فيرغسون، قالت الأميرة هيا: “أشعر بأنني أتعرض للترصد، وأنه لا يوجد أي مكان أذهب إليه لأشعر بالأمان منه ومن أولئك الذين يعملون لصالحه. إن ما أتعرض له يعتبر ظلما، وأنا أشعر بأنني لا أستطيع التنفس، أشعر كأنني أختنق. لا أريد أن يعيش الأطفال في هذا النوع من الخوف الذي يعتري وجودي في كل الأوقات. إنهم لا يستحقون ذلك.”
وفي التاسع من كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، خلال موافقته على طلبها، قال السير ماكفرلين إنه” خلال عملية اختطافه لاثنين من بناته البالغات لسن الرشد، أظهر الشيخ محمد بن راشد قدرته على التصرف والقيام بذلك بقطع النظر عن القانون الجنائي المحلي”، في إشارة صريحة إلى حقيقة أن الأميرة شمسة أخذت من كامبريدج إلى دبي بواسطة هليكوبتر.”
وقال القاضي إن الأم محقة في اعتبار أن شراء عقار كبير متاخم لمنزلها يمثل تهديدا أمنيا لها، يمكن استخدامه للقيام بمراقبتها على مدار الساعة، واستخدامه كمنصة قريبة للنقل عبر الهليكوبتر.
وبعد نشر هذه المعلومات التي توصلت إليها المحكمة، أصدر الشيخ محمد بن راشد بيانا واصل فيه نفي كل الادعاءات المتعلقة بالاختطاف.
وجاء في هذا البيان: “هذه المسائل تتعلق بعمليات مفترضة لأمن الدولة. وكرئيس حكومة معني بإجراءات عائلية خاصة، لم يكن مناسبا بالنسبة لي تقديم أدلة حول هذه المسائل الحساسة، إن إمارة دبي ودولة الإمارات ليستا أطرافا في هذه الإجراءات، ولم تشاركا في جلسات الاستماع، وبالتالي فإن هذه الخلاصة التي تم التوصل إليها مبنية بلا شك على صورة غير مكتملة الأركان.”
المصدر: الغارديان البريطانية