ترجمة حفصة جودة
لأول مرة منذ استيلاء المستوطنين عليها، يتمكن مئات الفلسطينيين من سكان القرية المحاصرة من وصول أراضيهم المصادرة، فمع بداية موسم حصاد الزيتون في فلسطين، توجه سكان وملاك أراضي قرية بيتا إلى قمة جبل صبيح يوم الأحد لجمع المحاصيل، متوقعين منع جنود الاحتلال الإسرائيلي لهم.
كانت المنطقة موقعًا للبؤرة الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية “إيفياتار”، حيث قام عشرات المستوطنين مبكرًا هذا العام بتأسيس منازلهم المتنقلة تحت حماية الجيش الإسرائيلي.
تقول عائشة خضير – 62 عامًا – التي تملك عائلتها قطع أرض في جبل صبيح: “كنا خائفين من عدم قدرتنا على الوصول إلى أراضينا، لم أتمكن من النوم الليلة الماضية من الخوف، كنا قلقين، وكنت أشعر بالخوف على أبنائي وأطفالهم وأخشى هجوم المستوطنين عليهم أو إطلاق الجيش لقنابل الغاز”.
تمكنت العائلات الفلسطينية من الوصول إلى أطراف أراضيها التي تبعد نحو 60 مترًا عن البؤرة الاستيطانية، حيث كان الجنود الإسرائيليون يقفون لحمايتها.
أرض تحت التهديد
كان جبل صبيح في بيتا – وهي قرية فلسطينية تقع على الأطراف الجنوبية لنابلس في شمال الضفة الغربية المحتلة – موقعًا لمواجهات شديدة هذا العام بعد محاولات عديدة من المستوطنين الإسرائيليين للاستيلاء على مناطق فلسطينية.
في مايو/أيار 2021 انتقلت نحو 50 عائلة من المستوطنين الإسرائيليين إلى المنطقة بعد وضع منازلهم المتنقلة في جبل صبيح التي امتدت على مساحة 35 دونمًا (3.5 هكتار)، هذا التوجه بحماية الجيش الإسرائيلي يعني عدم قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى مناطقهم.
بعد الاحتجاجات اليومية في بيتا والمواجهات وأنشطة المقاومة من الإرباك الليلي الذي بدأ في مارس/آذار، رحل المستوطنون في بداية يوليو/تموز، لكن الجيش ظل متمركزًا هناك يحرس المنازل المتنقلة ويمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم.
قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 7 فلسطينيين بالرصاص الحي منذ بداية المواجهات في بيتا وآخرهم في 24 من سبتمبر/أيلول، كما جُرح مئات الفلسطينيين أيضًا بسبب الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
تقع المنطقة تحت تهديد المصادرة الرسمية من الجيش الإسرائيلي، الذي قد يعلنها أراضٍ للدولة أو يحولها إلى قاعدة عسكرية، لكن مع بداية موسم حصاد الزيتون، قرر سكان بيتا الذهاب إلى أراضيهم بشكل جماعي والعمل فيها رغم وجود جيش الاحتلال في أراضيهم.
تقول خضير: “لا يمكننا أن نتخلى عن أي من هذه الأشجار، إنها مثل أرواحنا وأكثر، لا يمكن للمزارع الفلسطيني أن يعيش دون زيت الزيتون، إننا نعتمد عليه في كل نواحي الحياة”.
تقول لينا معزوز الدير – 30 عامًا – من بيتا إنها ذهبت إلى جبل صبيح مع عائلة عمها لحصاد أشجار الزيتون رغم الخوف من هجمات محتملة من الجيش الإسرائيلي.
تقول الدير: “يوم حصاد الزيتون جميل وخاص ومرهق، لكن يشوبه الخوف من الاحتلال الإسرائيلي، لا يمكننا أن نتخلى عن أراضينا، لقد ورث أبي وعمي هذه الأرض من جدي وعملوا فيها بجد، كما استشهد الكثير من الشباب على هذه الأرض، أتمنى أن تدوم لنا للأبد”.
يقول هلال أحمد خضير بدير – مزارع آخر يبلغ من العمر 72 عامًا – إنه يملك أرضًا مساحتها 4 دونمات (0.5 هكتار) في جبل صبيح التي زرع فيها نحو 65 شجرة زيتون، يضيف بدير “كنا خائفين من القدوم لأننا نعلم أن هذا العدو بلا رحمة، لكننا كنا نأمل أن يتنحى الجيش جانبًا”.
يقول المعلم المتقاعد إنه ورث هذه الأرض من أبيه وجده، ويضيف “هذه الأرض شكلتها دماء الشهداء وعرق ودموع عائلاتهم، فكيف نتخلى عنها إذًا؟ لقد اعتدنا القدوم هنا ولا يجب أن نخشى الإسرائيليين في المنطقة بأكملها، هذا ترابنا وزيتوننا وهذه أرضنا، إننا الورثة الشرعيون لهذه الأرض”.
يقول بدير إن أشجار الزيتون مصدرًا أساسيًا لمعيشة المزارعين الفلسطينيين بشكل عام، وسكان بيتا بشكل خاص، ويضيف “لا يوجد سنتيمتر واحد في بيتا غير مزروع بأشجار الزيتون، لا نزرع أي أشجار أخرى هنا لأنها منطقة جبلية، وفي الماضي كان من الصعب الوصول إلى تلك المنطقة ونقل المياه هناك، لذا كنا نعتمد بشكل أساسي على هذه الشجرة المباركة، فهي لا تتطلب رعاية كثيرة مثل بقية الأشجار”.
تعهد سكان بيتا بمواصلة احتجاجاتهم حتى يرحل الجيش الإسرائيلي عن البؤرة، يقول منير محمد خضير إنه جاء لمساعدة الناس في جمع الزيتون ولدعم وجودهم في الأرض، فهو يرى أن وجود الكثير من الفلسطينيين أمر مهم للغاية في هذا اليوم، ويضيف “لقد جاء الجميع اليوم للمشاركة في حصاد الزيتون، يشير ذلك إلى قيمة هذه الأرض التي لا تُقدّر بثمن”.
المصدر: الجزيرة الإنجليزية