ترجمة وتحرير: نون بوست
بعد ظهر أحد أيام الجمعة في برلين، يلف فادي عبد النور سيجارته تحت شجرة في شارع خلفي في شونبيرغ. بين المكالمات الهاتفية ورشفات من الشاي الفاتر، يلوّح بيده ملقيا التحية على الشباب السوريين والمصريين وهم يشقون طريقهم عبر الشارع إلى خان الجنوب، وهي مكتبة عربية افتتحها مع اثنين من أصدقائه في شباط/ فبراير 2020.
تقع مكتبة خان الجنوب في شارع بوتسدامر، وهو طريق مهم يمر عبر برلين الغربية ويربط ساحة بوتسدام التاريخية بأحد أكبر الحقائق في ألمانيا، حديقة تيرغارتن. وعلى بعد أمتار قليلة من الطريق، يقع مطعم “ملكة”، أحد أشهر المطاعم السورية في برلين.
للدخول إلى المكتبة، يقرع العملاء جرس باب خشبي أزرق طويل، ثم يمرون بالمدخل الخلفي للمطعم المغربي المجاور قبل أن يستقبلهم عبد النور أو زميله محمد في الفناء.
داخل خان الجنوب، يوجد 3500 كتاب من جميع أنحاء العالم العربي، معظمها طُبعت في بيروت أو القاهرة، ويتم شحنها عن طريق الموزعين أو تسليمها يدويا من قبل الأصدقاء بعد سفرهم إلى الخارج. هناك كتب في الفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ والكلاسيكيات والروايات الحديثة والأدب العربي. الكتب الأكثر مبيعا حاليا هي “الموت في حيفا” للكاتب الفلسطيني مجد كيال، و”كيف تم اختراع اللغة الألمانية” لرشا عباس، و”تاريخ آلهة مصر” من تأليف محمد ربيع، المؤسس المشارك للمكتبة.
يقود الوافدون الجدد زيادة ملحوظة في تنظيم المناسبات العامة باللغة العربية في جميع أنحاء برلين، ويشمل ذلك المسرح وليالي الشعر والمؤتمرات الثقافية والسياسية والعروض الراقصة والمهرجانات السينمائية.
يستضيف أحد الزوايا قسما صغيرا للغتين الإنجليزية والألمانية، مع عدد قليل من الترجمات من العربية. يقول عبد النور إن قاعدة عملاء المكتبة تضم عدة مئات من الأشخاص وهي في زيادة مستمرة. حوالي 30 بالمئة من الزوار الأوفياء سمعوا عن المكتبة من خلال الحديث مع الأصدقاء العرب أو شبكات التواصل الاجتماعي باللغة العربية. معظم العملاء لم يولدوا في ألمانيا، وهم من العرب الذين هاجروا إلى برلين في العقد الماضي، وخاصة منذ سنة 2015.
يقود الوافدون الجدد زيادة ملحوظة في تنظيم المناسبات العامة باللغة العربية في جميع أنحاء برلين، ويشمل ذلك المسرح وليالي الشعر والمؤتمرات الثقافية والسياسية والعروض الراقصة والمهرجانات السينمائية.
أدى هذا النشاط إلى ما يمكن اعتباره المشهد الثقافي العربي الأكثر حيوية في أنحاء أوروبا. ورغم أن هذه الحركية أصبحت أوضح من أي وقت مضى، إلا أنها تتويج لحركة استمرت عقودا من الزمن، ولها جذور في المطاعم والجامعات وغيرها من الأماكن التي لم تكن بارزة للعيان.
في تموز/ يوليو الماضي، زارت الوزيرة السابقة عن حزب الخضر ريناته كوناست مكتبة خان الجنوب لإظهار دعمها للعرب، وقد حضر صحفيون لإجراء مقابلات مع عبد النور.
من الخاص إلى العام
يقول عبد النور: “عندما وصلت سنة 2002، كان هناك نشاط كبير، لكن لم يكن هناك أماكن محددة للاجتماعات. هناك 300 شخص، 50 منهم في كل مكان: أحداث سياسية ومحاضرات وموسيقى. البعض ينظم الاجتماعات بنفس الطريقة التي كان يقوم بها في لبنان، على سبيل المثال… دبكة وخطب سياسية. ثم المزيد من التجمعات الفكرية، مثل المحاضرات”.
كانت هذه الأحداث محصورة في أماكن غير معروفة يصعب العثور عليها، لكنها الآن في العلن، مدعومة بشكل أكبر من المؤسسات الأكاديمية والثقافية الألمانية. ترعى إدارة “مجلس الشيوخ للثقافة وأوروبا” في برلين، ومؤسسة روزا لوكسمبورغ غير الربحية، مهرجانات الأفلام العربية وفعاليات الموسيقى والأدب والمؤتمرات السياسية حول قضايا الشرق الأوسط.
تم تحليل هذا النشاط في أطروحات ومؤتمرات وأفلام وثائقية في برلين وخارجها، بما في ذلك من قبل عالم الاجتماع المصري الأسترالي عمرو علي، الذي كتب سنة 2019 مقالا “حول الحاجة إلى تشكيل هيئة المنفى العربي في برلين”.
يقول علي لموقع ميدل إيست آي عبر الهاتف: “الأرقام كبيرة وتؤشر إلى تحوّل مهم. يتمتع المهاجرون العرب هنا بدعم مؤسسي أكبر مما قد يحصلون عليه في لندن أو نيويورك على سبيل المثال. بغض النظر عن أجندتهم أو نواياهم أو عنصريتهم، يمكنك بسهولة الحصول على تمويل. هناك حكومة مؤيدة للفنون والعلوم الاجتماعية”.
نفس الميزات – الإيجارات المنخفضة والانفتاح على الإبداع – التي جذبت الفنانين والموسيقيين والكتاب والمفكرين من مختلف أنحاء العالم إلى برلين خلال العقود الماضية، هي التي جذبت أيضًا عشرات الآلاف من العرب؛ يشمل ذلك المهاجرين الذين جاؤوا في البداية إلى مدن ألمانية أخرى، لكنهم شقوا طريقهم في النهاية إلى العاصمة.
تقول الكاتبة المسرحية السورية لواء يازجي في مقابلة مع مجلة “إكسبيرلينر”: “تاريخيا، كانت باريس قبلة للسوريين. لكن الآن أشعر أن جيل الشباب قادم إلى برلين”.
في النسخة الأولى من مهرجان “البرلين” الموسيقي، تم تنظيم حفلات للمطربين المصريين مريم صالح وتامر أبو غزالة وموريس لوقا في “يام”، وهو ناد على ضفاف النهر يشتهر بالريغي والهيب هوب. ونظم “البرلين” تسعة أحداث أخرى على مدار تلك السنة، و28 حفلا بحضور 1800 مشارك.
وقد كتب عمرو علي أن العديد من الوافدين الجدد إلى ألمانيا يجلبون معهم حبهم للموسيقى والأدب، وفي النهاية يقيمون فعاليات أو مبادرات خاصة بهم. من بين تلك المبادرات، معهد الموسيقى العربية، وهو مدرسة موسيقى تدرس الآلات الشرق أوسطية مثل العود والدربوكة، بالإضافة إلى نظريات الموسيقى العربية والأداء الكورالي. وقام ثلاثة من النشطاء والموسيقيين من سوريا والأردن سنة 2016 بتأسيس “بيناتنا”، وهي مكتبة عربية ومركز ثقافي.
وهناك مقهى “البرلين” بمنطقة كروزبيرغ، والذي أسسه محمد الجبالي، وهو فلسطيني من حيفا انتقل إلى برلين قبل ثلاث سنوات عندما حصلت زوجته على وظيفة أكاديمية في إحدى الجامعات. بدأ محمد خطواته في المدينة بتأسيس مبادرة استقطبت موسيقيين عرب.
سنة 2019، في النسخة الأولى من مهرجان “البرلين” الموسيقي، تم تنظيم حفلات للمطربين المصريين مريم صالح وتامر أبو غزالة وموريس لوقا في “يام”، وهو ناد على ضفاف النهر يشتهر بالريغي والهيب هوب. ونظم “البرلين” تسعة أحداث أخرى على مدار تلك السنة، و28 حفلا بحضور 1800 مشارك.
ورغم الخسائر المالية الكبيرة بسبب جائحة كورونا، تمكن “البرلين” من الصمود، وسيستضيف النسخة الثانية من المهرجان في وقت لاحق من هذه السنة.
عدد كبير من الزوار
في أمسية سبت نموذجية، يتبادل الطاقم قصصا عن حفلة الليلة السابقة، والتي امتدت إلى ما بعد منتصف الليل، بينما يمتلئ المكان ببطء بالضيوف الذين يتحدثون مزيجا من الألمانية والإنجليزية والعربية، وتتراوح أعمارهم في الغالب من أوائل العشرينات إلى منتصف الأربعينيات.
في “البرلين”، يندمج الشباب السوري مع التونسي، ويلتقي المصريون بالفلسطينيين، وهو ما يعبر عنه الألمان “بالاختلاط”. ومع مساحة تتسع لحوالي 70 شخصا، لا يتطلب “البرلين” وقتا طويلا لكي يصبح مزدحما.
العرض الموسيقي عميق ورائع، وهو مزيج من موسيقى الجاز والإيقاعات الأخرى، تقدمه منسقة الأغاني إيونا. وفي المساء التالي، استضاف المقهى طباخا تونسيا يقدم “البريك”، وهو طبق معجنات مقلي.
في أيام الأحد، قبل الإغلاق جراء فيروس كورونا، كانت هناك دروس في اللغة العربية للأطفال، معظمهم من أبناء مؤسسي المقهى وأصدقائهم. يقول الجبالي مبتسما: “هي واحدة من فصول اللغة العربية العلمانية الوحيدة للأطفال في برلين”.
ألّف الجبالي العديد من كتب الأطفال، كما قدم الكثير من الحفلات الموسيقية لسنوات عديدة في حيفا. ومثل عبد النور، صاحب مكتبة خان الجنوب، فهو متأكد من أن ما يقوم به امتداد لجهود بدأت منذ سنوات، وأن مدنًا مثل بروكسل وأمستردام تشهد أيضًا ارتفاعًا في عدد التظاهرات والأحداث باللغة العربية.
ويقول الجبالي: “يوجد ببساطة عدد أكبر من العرب في برلين حاليا، لذا فإن النشاط العربي أكبر وأكثر وضوحًا، لكن ليس من الصواب أن نقول إن ما نقوم به جديد، وإن وما كان يحدث من قبل لم يكن نشاطا ثقافيًا”.
قبلة المضطهدين
كانت الأحداث والتظاهرات باللغة العربية في برلين بعيدة عن الأنظار لسنوات، وأكثرها وضوحًا كان في المنطقة المحيطة بشارع زونينالي.
شهدت ميرفت عدوان، وهي سورية ساهمت في تأسيس أول مدرسة عربية خاصة في برلين -مدرسة “كالامون”-، هذا التغيير. بدأت الطفرة العربية في برلين منذ سنة 2007، وبلغت أوجها سنة 2015.
تقول عدوان في هذا السياق: “في الماضي، كانت اللغة العربية تُستخدم في المسجد وداخل الأوساط الدينية فقط، ولم تحاول السلطات أن تفعل الكثير للمجتمع العربي هنا، ولهذا السبب بدأ المتحدثون باللغة العربية في تنظيم الأحداث بأنفسهم”.
ورغم أن سلطات برلين لا تنشر إحصائيات مفصلة عن اللغة العربية، إلا أن عدد المتحدثين بها قد يكون أعلى من 150 ألفا. هناك ما لا يقل عن 40 ألف برليني يحملون الجنسية السورية، وهم يشكلون ثالث أكبر جالية مهاجرة في المدينة بعد الأتراك والبولنديين.
قدّم أكثر من مليون عربي، معظمهم من سوريا، طلبات لجوء إلى ألمانيا سنة 2015، واستقر 80 ألفا في ألمانيا بين سنتي 2011 و2014، جزء كبير منهم في برلين. خلال تلك السنوات، ركزت الحكومة الألمانية على استقطاب المضطهدين، بما في ذلك العديد من الكتاب والصحفيين والفنانين، ونشطاء عرب بارزين، مثل السعودي علي الدبيسي، والسوريين وفاء مصطفى وأنور البني، إلى جانب عدد كبير من الفلسطينيين والمصريين الذين أقاموا في برلين.
حدود وضغوط
تقول مروة فطافطة عبر الهاتف من هامبورغ إنها لا ترى أن برلين ملاذ آمن للمضطهدين.
انتقلت الصحفية والناشطة الفلسطينية إلى مدينة هابورسايد الألمانية قبل بضعة أشهر بعد سبع سنوات من العيش في برلين. تعمل فطافطة حاليا مديرة سياسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز “أكسس ناو” للحقوق الرقمية، وقد هاجرت إلى العاصمة الألمانية من رام الله خلال حرب غزة سنة 2014، وأصبحت منذ ذلك الحين من النشطاء المعروفين على الإنترنت. لكن حتى في برلين، المدينة التي يُطلق عليها عاصمة أوروبا للثقافة العربية، هناك حدود.
تقول فطافطة: “من الصعب جدًا العثور على مساحة آمنة لمناقشة القضايا التي تؤثر على حاضرنا ومستقبلنا بشكل علني، سواء كنت تعيش في إسرائيل، أو كمهاجر عربي يعاني العنصرية وكراهية الإسلام في ألمانيا. غالبًا ما تكون هناك عراقيل، مثل الضغط على المنظمين لقطع التمويلات، أو إلغاء مكبرات الصوت”.
في السياق ذاته، يقول فادي عبد النور ردا على صحفي سأله عن موقفه من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أنه لا يمكنك فتح مكتبة في برلين دون التدقيق في مواقفك السياسية.
عبد النور: “كان الكثير من المحتوى في ذلك الوقت مستشرقًا للغاية، أو كان يركز على الواقعية الاجتماعية، ولم يريدوا أن يروا على سبيل المثال، قصة حب مصرية، لأنها بالنسبة لهم ليست حقيقية. بسبب غياب التنوع، أطلقنا مهرجانا خاصا بنا”.
لا تشمل هذه “الحدود” الكتب والمؤتمرات السياسية حول الشرق الأوسط فحسب، بل تطال أيضا المهرجانات السينمائية العربية، وغالبًا ما تكون الأولوية لتلك الأفلام التي تناسب وجهة النظر الرسمية الأوروبية، والتي تعالج موضوعات مثل الحرب واضطهاد المرأة.
ساعد عبد النور لعدة سنوات في رعاية مهرجان “الفيلم” العربي، وهو مهرجان سينمائي عربي يقام سنويًا منذ سنة 2009. استضاف الفيلم نسخته الثانية عشرة في نيسان/ أبريل الماضي على الإنترنت، كما نظم عدة عروض للفيلم الفلسطيني “200 متر” والفيلم التونسي “الرجل الذي باع ظهره” في مسارح مفتوحة.
وأطلق عبد النور مهرجان “الفيلم” مع أصدقائه كوسيلة لتقديم بديل سينمائي للنظرة الأوروبية للعرب، لكنه تخلى عن منصبه كمنظم واكتفى بالمشاركة في تصميم المنشورات.
ويقول عبد النور: “كان الكثير من المحتوى في ذلك الوقت مستشرقًا للغاية، أو كان يركز على الواقعية الاجتماعية، ولم يريدوا أن يروا على سبيل المثال، قصة حب مصرية، لأنها بالنسبة لهم ليست حقيقية. بسبب غياب التنوع، أطلقنا مهرجانا خاصا بنا”.
نقطة التقاء
يعرض المهرجان أفلاماً باللغة العربية مترجمة إلى الإنجليزية أو الألمانية، ولكن مكتبة خان الجنوب ليست كذلك، حيث أن جميع الاتصالات عبر الإنترنت تتم باللغة العربية. إذا لم تكن تتحدث باللغة العربية، فليس هناك الكثير من الخدمات التي يقدمها لك خان الجنوب.
حتى لا تجذب المكتبة الكثير من أفراد الجالية العربية التي جاءت إلى برلين قبل فترة طويلة، ومعظمهم لبنانيون وفلسطينيون، وقد مثلوا جزءًا من نسيج المدينة لعقود. يعزو عبد النور هذا الأمر إلى عدة أسباب، بما في ذلك أن هؤلاء المهاجرين وأطفالهم يتحدثون الألمانية بطلاقة، ولا يبحثون عادةً عن الكتب باللغة العربية. وإذا ما كانوا مهتمين بالأدب العربي، فمن المحتمل أن يبحثوا عن نوعية لا يقدمها خان الجنوب. ويقول عبد النور: “معظم كتبنا لا تهم الناس الذين جاؤوا إلى هنا قبل عقود، إنهم يطلبون كتبًا لم تُطبع منذ 50 سنة”.
تمتلئ برلين بالوافدين الجدد الذين يجلبون قضاياهم وموسيقاهم من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن في غضون 5 أو 10 أو 20 سنة، سيتحدث أطفال هؤلاء النشطاء والكتاب والموسيقيين والأكاديميين اللغة الألمانية بطلاقة، وقد يصبحون من عشاق موسيقى الهيب هوب أو التكنو، ولن يهتموا بالموسيقى العربية.
ووفقًا لعالم الاجتماع عمرو علي الذي يتطلع لإرساء ثقافة طويلة الأمد: “تبدو الأنشطة في الوقت الحالي مجرد أحداث عابرة. بقدر ما أحب المعارض الفنية والمؤتمرات، فإنها لا تدوم، لذلك نحن بحاجة إلى مساحة مادية أو نقطة ارتكاز. إذا كنت تريد أن تكون جزءًا من هذه الحركة، يجب تأتي إلى برلين”.
في السنوات المقبلة، مع نمو المشهد الثقافي باللغة العربية، سيتسلل تأثيره إلى الحياة الألمانية، سواء كان ذلك من خلال الأفلام والموسيقى العربية، أو القضايا السياسية التي تشغل حيزا أكبر في المؤتمرات والندوات السنوية. ستنشر مكتبة خان الجنوب قريبًا كتابًا سياسيًا لا يمكن أن يُطبع في مصر، الموطن الأصلي للمؤلف.
مع مرور الوقت، سيتم افتتاح المزيد من المكتبات، ومدارس الموسيقى واللغات، مما يزيد من ترسيخ الحضور العربي الذي كان موجودًا منذ وصول الموجة الأولى من المهاجرين الفلسطينيين إلى برلين في السبعينيات.
العديد من الطلاب في المدرسة العربية “كالامون” هم من الألمان الذي لا صلة لهم بالعالم العربي، ومثل قاعدة العملاء في خان الجنوب، فإن عددهم يزداد شيئا فشيئا.
وتشير معلمة اللغة العربية ميرفت عدوان إلى التقدير المتزايد للثقافة العربية من السلطات الألمانية، والذي يظهر من خلال العدد المتزايد من المدارس الابتدائية التي تقدم دروسًا في اللغة العربية للأطفال، والتي بلغ عددها الآن 12 في جميع أنحاء المدينة.
وتقول عدوان: “إذا تعلم الأطفال لمدة 10 سنوات، فيجب أن تكون لغتهم العربية جيدة جدًا. وبما أن هذه الحركة ستستمر، فلن يتوقف تعليم اللغة العربية”.
مازالت مروة فطافطة، الناشطة الفلسطينية في مجال الحقوق الرقمية، تزور برلين باستمرار. ورغم كل القيود، فإنها تشعر بالارتياح عندما ترى تطور الجالية العربية في المدينة، وتحديدا المشهد الثقافي. وتقول: “لا يمكنك رؤية هذا الأمر في أي مكان آخر في ألمانيا. إنه نشاط قريب من الناس، حيث ينظمه أشخاص من المنطقة، وليست مؤسسات كبيرة”.
مع مرور الوقت، سيتم افتتاح المزيد من المكتبات، ومدارس الموسيقى واللغات، مما يزيد من ترسيخ الحضور العربي الذي كان موجودًا منذ وصول الموجة الأولى من المهاجرين الفلسطينيين إلى برلين في السبعينيات.
وتضيف فطافطة: “لا أمتلك رفاهية الانتقال بسهولة إلى الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة. مادمت تعيش هنا، عليك أن تجعله مكانا أفضل. قد يكون الأمر صعبا، لكن نستطيع تغيير الأمور للأفضل”.
المصدر: ميدل إيست آي