ترجمة حفصة جودة
كشف بحث جديد عن سماح الحكومة البريطانية بتصدير قنابل الغاز المسيل للدموع إلى عدة دول استبدادية في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، من بينها الإمارات والسعودية ومصر والبحرين والكويت والأردن وعُمان، رغم أن العديد من تلك الدول على قائمتها لحقوق الإنسان.
منذ 2008، وافقت الحكومة البريطانية على تراخيص بيع الغاز المسيل للدموع إلى 70 دولةً، وفقًا لبيانات جمعتها منظمة “Action On Armed Violence” (AOAV) البريطانية غير الحكومية، 6 من هذه الدول – بنغلاديش والبحرين ومصر والمالديف والسعودية وسيريلانكا – على قائمة “الدول ذات الأولوية لحقوق الإنسان” التي أصدرتها وزارة الخارجية البريطانية.
لكن تفاصيل هذه الصفقات نادرة، فنظام التصدير في المملكة المتحدة يقدم القليل من المعلومات عن قيمة كل عملية بيع، سواء تمت بالفعل أم متى يتم تسليمها.
تكشف البيانات أن الإمارات والبحرين والكويت والأردن وعُمان حصلوا على عدة موافقات لاستيراد الغاز المسيل للدموع رغم وجود أمثلة موثقة على استخدامها في قمع داخلي، بينما حصلت السعودية ومصر على موافقة واحدة لمثل هذه الشحنات.
تُظهر قضية هونغ كونغ أن لدى الحكومة البريطانية آليات بالفعل لمنع استخدام الأسلحة بريطانية الصنع في القمع الداخلي
يقول إيان أوفرتون المدير التنفيذي لمنظمة “AOAV”: “هناك الكثير من الحديث عن بريطانيا العالمية ما بعد البريكست، لكن هذه التجارة العالمية هي في مجال الأسلحة التي تُستخدم في قمع وتقويض الاحتجاجات الديمقراطية، لذا عندما نُحَث على إعادة بناء بريطانيا للأفضل فهل يجب أن يتضمن ذلك عدم بيع الأدوات الحربية التي يبدو أنها تزيد الأمور سوءًا فقط؟”.
خطر واضح
وصفت وزارة التجارة الدولية البريطانية نظام التراخص لديها بأنه واحد من أكثر أنظمة المراقبة الشاملة على الصادرات في العالم، وأضافت “تأخذ الحكومة مسؤولياتها عن التصدير بجدية وتقيم جميع تراخيص الصادرات بعناية وفقًا لمعايير ترخيص صارمة”، يتكرر هذا التصريح عند إثارة أي تساؤلات بشأن تأثير مبيعات الأسلحة على حقوق الإنسان.
وافقت مجموعة تُعرف باسم “الوحدة المشتركة لمراقبة صادرات المملكة المتحدة” – التي تشكل تقاريرها أساس أبحاث “AOAV”- على تصدير قنابل الغاز المسيل للدموع من شركات المملكة المتحدة، لكن هذه الرخص يجب أن لا تُمنح وفقًا لمعايير الموافقة التي تنص على “رفض الرخصة عند وجود خطر واضح من احتمالية استخدام تلك الأسلحة في القمع الداخلي”.
في 2019، عندما ثبت أن عبوات الغاز المصنوعة في المملكة المتحدة استُخدمت في قمع المظاهرات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ، أصدرت المملكة المتحدة حظرًا لتصدير معدات قمع الحشود إلى المنطقة الإدارية الصينية.
خلال فترة 12 شهرًا قُتل 13 شخصًا على الأقل كنتيجة مباشرة لاستخدام السلطات البحرينية لقنابل الغاز البريطانية
لكن عددًا من مستوردي قنابل الغاز البريطانية في الشرق الأوسط – الذي قد يسبب آثار جانبية صحية خطيرة من بينها العمى أو الموت – لديهم تاريخ من استخدام المواد الكيميائية لقمع الاحتجاجات بطريقة عنيفة، ونادرًا ما تُرفض طلبات التصدير تلك وفقًا للبيانات.
الأكثر من ذلك أن العديد من الموافقات على تصدير قنابل الغاز البريطانية، جاء بعد توثيق إساءة استخدام قنابل الغاز، يقول موراي جونز مؤلف التقرير: “تُظهر قضية هونغ كونغ أن لديهم آليات بالفعل لمنع استخدام الأسلحة بريطانية الصنع في القمع الداخلي، لذا فقد أصبح من الصعب الدفاع عن تقاعس الحكومة البريطانية عن اتخاذ إجراءات بشأن المبيعات للإمارات والبحرين والأردن والكويت وعمان”.
الإمارات العربية المتحدة
وفقًا للبيانات فإن أكبر عملية صادرات حصلت على ترخيص لدولة في الشرق الأوسط كانت صفقة 2014 لتصدير قنابل الغاز المسيل للدموع وذخيرة قمع الحشود للإمارات العربية المتحدة بقيمة 6124000 جنيه إسترليني، وهي واحدة من 5 تراخيص حصلت عليها الإمارات منذ 2012.
نادرًا ما تُوجد احتجاجات في الإمارات، لذا هناك القليل من الحالات المعروفة لاستخدام قنابل الغاز، لكن الإمارات تعتقل عدة شخصيات معارضة وتحتجز المعارضين بشكل متكرر، كما أنها متهمة بجرائم حرب في اليمن وليبيا وأماكن أخرى.
البحرين
في 2011، راجعت المملكة المتحدة تراخيصها للبحرين عندما اتضح أن قنابل الغاز البريطانية استُخدمت ضد الاحتجاجات السلمية في تلك الجزيرة الخليجية في أثناء اليوم الذي عُرف باسم “الخميس الدامي”.
وجد التقرير الذي نُشر العام الذي يليه أنه خلال فترة 12 شهرًا قُتل 13 شخصًا على الأقل كنتيجة مباشرة لاستخدام السلطات البحرينية لقنابل الغاز، ووجد التقرير الذي كتبه طبيب من هيومن رايتس أن المنطقة التي شهدت استخدام قنابل الغاز بشكل منتظم ازدادات فيها حالات الإجهاض ومشاكل الجهاز التنفسي بشكل كبير.
كانت المملكة المتحدة قد وافقت على 5 تصاريح لتوريد قنابل الغاز إلى الكويت منذ 2013 ورفضت واحدًا فقط
رغم تلك المراجعة، وافقت بريطانيا على منح البحرين 4 تراخيص أخرى لقنابل الغاز في 2013 و2014 و2015 – عندما استخدمت السلطات الغاز المسيل للدموع مرة أخرى ضد المدنيين لقمع احتجاجات مناهضة الفساد – وفي 2018.
قال بيان مكتب الخارجية لحقوق الإنسان في البحرين الصادر العام الماضي: “استمرت التحديات بشأن حرية التعبير ونقص التنوع الإعلامي وثقافة المراقبة الذاتية، مع انخفاض مرتبة البحرين إلى 169 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمية عام 2020”.
الأردن
أُطلقت قنابل الغاز في أثناء المظاهرات المناهضة للحكومة بالأردن عام 2012 حين خرج الناس للشوارع في مشهد نادر لمعارضة الملك عبد الله، وفي 2020 استخدمت السلطات قنابل الغاز لفض مجموعة من 500 عامل مهاجر من سريلانكا – أغلبهم نساء – يطالبون بالعودة إلى بلادهم.
وفي مارس/آذار الماضي فضت الشرطة الأردنية احتجاجات ضد حظر التجول بقنابل الغاز، كانت المملكة المتحدة قد منحت 3 تراخيص للغاز المسيل للدموع لسلطات تنفيذ القانون الأردنية بين عامي 2015 و2018.
الكويت
في 2012 استُخدم الغاز المسيل للدموع في الكويت عندما اندلعت المظاهرات ضد الحكومة بعد أن غيّر الأمير قوانين الانتخابات لمساعدة المرشحين الموالين للحكومة، ثم استُخدم الغاز ثانية لفض احتجاجات ضد الفساد بعد عامين من ذلك، وقال تقرير أسوشيتد برس إن أحد النشطاء أُصيب جراء إصابة عبوة الغاز لرأسه.
في 2020 أطلقت الشرطة الكويتية قنابل الغاز على العمال المصريين الذين طالبوا بإعادتهم إلى بلادهم، كانت المملكة المتحدة قد وافقت على 5 تصاريح لتوريد قنابل الغاز إلى الكويت منذ 2013 ورفضت واحدًا فقط.
عُمان
أطلقت عُمان قنابل غاز تبدو بريطانية الصنع ضد المتظاهرين السلميين في مايو/أيار هذا العام، كانت المملكة المتحدة قد أصدرت 20 تصريحًا لعُمان منذ 2008، ما يجعلها في المرتبة الرابعة لأكثر المشترين بعد فرنسا وألمانيا وسنغافورة.
وفقًا لمنظمة “AOAV” فإن عُمان على قائمة الأسواق ذات الأولوية لحكومة المملكة المتحدة، فهي مشترٍ رئيسي للأسلحة البريطانية، على سبيل المثال كان أحد أكبر عقود الأسلحة البريطانية خلال العقد الماضي يبلغ 2.5 مليار جنيه إسترليني لشراء 12 طائرةً حربيةً مقاتلةً من طراز “Eurofighter Typhoon” سُلمت عام 2018.
كان هناك 6 دول على قائمة وزارة الخارجية ذات الأولوية لحقوق الإنسان، مدعوين للمعرض الدولي لمعدات الأمن والدفاع – أحد أكبر معارض الأسلحة في العالم – الذي يُقام كل عامين في لندن
تنتشر القوات البريطانية في 16 موقعًا بجميع أنحاء عُمان، تعير وزارة الدفاع البريطانية الآن 285 موظفًا لـ15 جيشًا مختلفًا حول العالم، ويتمركز ما يقارب ثلثهم في عُمان.
الأولويات
هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها المملكة المتحدة أسلحة لدول تعتبرها مثيرةً للقلق فيما يتعلق بحقوق الإنسان، في شهر سبتمبر/أيلول، كان هناك 6 دول على قائمة وزارة الخارجية ذات الأولوية لحقوق الإنسان، مدعوين للمعرض الدولي لمعدات الأمن والدفاع – أحد أكبر معارض الأسلحة في العالم – الذي يُقام كل عامين في لندن.
طالبت مجموعة “Control Arms” – وهي عدة منظمات تطالب بشفافية تجارة السلاح – لجنة الحكومة البريطانية لمراقبة صادرات السلاح بتوفير شرح مفصل لكيفية إدارة الحكومة لعملية الرقابة على الصادرات لعمليات تسليم الأسلحة الحاليّة والمستقبلية للدول التي تعتبرها ذات أولوية لحقوق الإنسان.
قال وزير الظل للسلام ونزع السلاح النائب فابيان هاملتون: “يجب على الحكومة البريطانية أن تضع في اعتبارها تأثير مبيعات تلك المعدات على حقوق الإنسان حول العالم، ويجب السماح للنواب في لجنة مراقبة صادرات السلاح بمباشرة الفحص المناسب”.
“من الضروري أن لا تمنح الحكومة تراخيص مبيعات السلاح للدول التي تتضمن مخاوف مشروعة بشأن استخدام تلك المعدات في القمع الداخلي أو في انتهاك القانون الدولي”.
المصدر: ميدل إيست آي