ترجمة وتحرير: نون بوست
يواجه المشير خليفة حفتر، القائد العسكري في شرق ليبيا، عددًا من الانتكاسات في علاقته بواشنطن، حيث تعطلت حملة العلاقات العامة التي يقوم بها في الولايات المتحدة، ومن المحتمل أن يصدر الكونغرس الأمريكي قرارا يعرقل طموحاته السياسية.
استعان حفتر بأحد كبار المساعدين السابقين للرئيس الأمريكي بيل كلينتون، ونائب جمهوري متقاعد، في خطوة يراها عدد من المراقبين تمهيدا لإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية المقرر إجراؤها أواخر هذه السنة.
لكن وفقًا لوثائق قُدّمت إلى وزارة العدل الأمريكية واطلعت عليها “ميدل إيست آي”، عُلّق في 30 أيلول/ سبتمبر العقد الذي أبرمه حفتر لمدة ستة أشهر مع المستشار الرئاسي السابق لاني ديفيس، وعضو الكونغرس المتقاعد روبرت ليفينغستون، وهي صفقة يُعتقد أن قيمتها بلغت حوالي مليون دولار.
الشهر الماضي، أقر مجلس النواب قانون تحقيق الاستقرار في ليبيا، الذي يسعى إلى فرض عقوبات على أولئك الذين ينتهكون حظر الأسلحة المفروض على ليبيا
كما علمت “ميدل إيست آي” أن مجموعة رولينغز الاستشارية الدولية، والتي قدمت حفتر إلى كبار الشخصيات في واشنطن، أنهت أيضًا اتفاقها مع القائد العسكري الليبي.
وتزامنت جهود الضغط التي يبذلها حفتر مع مجموعة من التشريعات التي تجري مناقشتها في الكونغرس، والتي يمكن أن تهدد القائد المنشق وطموحاته المستقبلية في ليبيا.
في الشهر الماضي، أقر مجلس النواب قانون تحقيق الاستقرار في ليبيا، الذي يسعى إلى فرض عقوبات على أولئك الذين ينتهكون حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، أو الذين يسعون إلى تقويض الاستقرار والأمن في البلاد.
وقدّم أعضاء مجلس الشيوخ كريس كونز وليندسي غراهام وكريس مورفي وماركو روبيو نسخة مماثلة من مشروع القانون صادرة عن الحزبين إلى مجلس الشيوخ.
وبحسب بيان صادر عن أعضاء مجلس الشيوخ، فإن مشروع القانون سيعاقب من يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان أو يدعمون التدخل العسكري الأجنبي في البلاد. ويتطلع القانون على وجه التحديد إلى معالجة قضية وجود المرتزقة الروس في ليبيا.
وقال مصدر مطلع في الكونغرس لموقع “ميدل إيست آي” إن دعم مشروع القانون من الحزبين يُظهر إجماعًا بين المشرعين الأمريكيين الذين يشعرون بالقلق من أن وجود مقاتلين أجانب قد يعرقل أول انتخابات في البلاد منذ وقف إطلاق النار بوساطة أممية في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “كل الأنظار تركز على كانون الأول/ ديسمبر وتحاول التأكد من إجراء الانتخابات في موعدها المحدد”.
ويهدف مشروع القانون الجديد إلى خلق بيئة ملائمة لإجراء الانتخابات، والتي تأتي على رأس أولويات الكونغرس.
نقطة تحوّل
ترى بعض الأطراف الليبية، بالإضافة إلى العديد من القوى الإقليمية، أنّ حفتر – الذي كان قائدا عسكريا في عهد معمر القذافي – يشكل أحد ضمانات تحقيق الاستقرار في البلاد.
لكن آخرين يتهمونه بالرغبة في إعادة الحكم الاستبدادي، وارتكاب جرائم حرب، فضلا عن تورطه في محاولة الإطاحة بالحكومة المعترف بها دوليًا.
ويقول حافظ الغويل، الباحث في معهد السياسة الخارجية بكلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، لموقع “ميدل إيست آي” إن المصادقة على قانون استقرار ليبيا في مجلس النواب ربما يعني على الأرجح أن حفتر لم يعد الرجل المناسب بالنسبة للأمريكيين.
ويضيف: “لا أعتقد أن أيا من أعضاء جماعات الضغط الكبيرة يعتبره الشخص المناسب في هذه المرحلة”.
في نهاية المطاف، تم صد هجوم حفتر بعد تدخل تركيا، حيث نشرت أنقرة مقاتلين سوريين وطائرات بدون طيار ومعدات عسكرية لدعم الحكومة في طرابلس.
عاد حفتر -الذي عاش في الولايات المتحدة وتعاون مع وكالة المخابرات المركزية- إلى ليبيا بعد ثورة 2011 وشارك في الحكومة المعترف بها دوليًا حتى سنة 2014، قبل أن تتعمق الانقسامات في البلاد.
سنة 2019، شن حفتر هجومًا استمر 14 شهرًا على العاصمة طرابلس للإطاحة بالحكومة المعترف بها دوليًا. وسرعان ما تحول القتال إلى صراع بالوكالة، حيث كان “الجيش الوطني الليبي” الذي يقوده حفتر، يتلقى دعمًا من روسيا والإمارات العربية المتحدة ومصر وتشاد والسودان، بالإضافة إلى مرتزقة “فاغنر”.
في نهاية المطاف، تم صد هجوم حفتر بعد تدخل تركيا، حيث نشرت أنقرة مقاتلين سوريين وطائرات بدون طيار ومعدات عسكرية لدعم الحكومة في طرابلس.
ويؤكد الغويل أن فشل حفتر في الاستيلاء على طرابلس مثّل نقطة تحول في الدعم الدولي الذي كان يحظى به. ويضيف: “مازال لديه بعض الدعم من الإماراتيين والسعوديين والمصريين، لكن حملته العسكرية فشلت. إنه يبلغ من العمر 77 عامًا، ولا أعتقد أن أي شخص مازال ينظر إليه على أنه الرجل المناسب”.
علاقة متدهورة مع واشنطن
رُفعت ضد حفتر -وهو مواطن أمريكي عاش في ولاية فرجينيا الشمالية قرابة العقدين- العديد من الدعاوى القضائية في المحاكم الأمريكية بسبب الانتهاكات التي ارتكبتها قواته، بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء والتعذيب وجرائم حرب أخرى.
لا يُعتبر حفتر غريباً عن اللوبيات وجماعات الضغط في واشنطن. ففي ذروة هجومه على طرابلس، تعامل مع مؤسسات ضغط كبيرة، بما في ذلك “ليندن ستراتيجيز”، لحشد الدعم لحملته داخل إدارة ترامب.
وأثارت مكالمة هاتفية في نيسان/ أبريل 2019 بين حفتر وترامب مزاعم بأن واشنطن تلقي بثقلها خلفه، واعتبره البعض الرجل المناسب في مواجهة الإسلاميين وتنظيم الدولة.
لكن مصدرًا مطلعًا أكد لموقع “ميدل إيست آي” بشرط عدم الكشف عن هويته، أن العلاقات بين البيت الأبيض وحفتر توترت بعد المكالمة بوقت قصير. وحسب هذا المصدر، بدأ التوتر في أيار/ مايو 2019 بعد أن أسرت قوات حفتر مواطنًا أمريكيًا يعمل طيارًا مع الحكومة المعترف بها دوليًا.
أُطلق سراح جيمي سبونوغل، وهو من قدامى المحاربين في القوات الجوية الأمريكية، بعد احتجازه لمدة ستة أسابيع، وقد مُنع من التحدث إلى وزارة الخارجية أثناء وجوده في الأسر.
وقال المصدر إن “احتجاز الطيار كلف حفتر الكثير في علاقته مع إدارة ترامب، ودمر كل رصيده في واشنطن في ذلك الوقت، حيث تم تجاهله بعد ذلك”.
وأثار إقرار قانون استقرار ليبيا في مجلس النواب الأمريكي، والنهاية المفاجئة لاتفاق حفتر مع ديفيس وليفينغستون، تكهنات بشأن حظوظ حفتر في الترشح للانتخابات التي ستُجرى تحت إشراف الأمم المتحدة في 24 كانون الأول/ ديسمبر.
وقال ديفيس و ليفينغستون لموقع “ميدل إيست آي” في بيان مشترك: “نقدم للمشير أطيب تمنياتنا بأن يتمكن من الوفاء بالالتزام الذي قطعه لنا، مما دفعنا إلى تمثيله بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، وكما ورد في بيان مهمتنا في العقد: بأنه سيواصل دعم الانتخابات الحرة والنزيهة التي تشرف عليها الأمم المتحدة كما هو مقرر في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021”.
وقالت آنا ماسوغليا، الباحثة الاستقصائية بمركز “أوبن سيكرتس”، إنه ليس من الواضح من هو الطرف الذي أنهى العقد، أو إن كان الأمر قد تم بالتراضي، لكن التوقيت يعتبر مؤشرا واضحا.
وأضافت لموقع ميدل إيست آي: “إن صدور تشريع لا يخدم مصالح موكلهم، يمكن أن يكون سببًا كافيًا لعدم رضا حفتر عن النتيجة”.
“لا ننوي السماح لهم بالطيران”
يقول عماد الدين منتصر، الناشط الليبي الأمريكي الذي يعمل على دعم إصدار التشريع الجديد في الكابيتول هيل، إن قانون تحقيق الاستقرار في ليبيا قد نجح في جذب معارضي حفتر، إلا أنه لا يزال يواجه عراقيل ليصبح قانونا نافذا.
وبعد اعتماد القانون دون صعوبات في مجلس النواب، يتوقع منتصر أن يواجه بعض المقاومة في مجلس الشيوخ.
ويقول في هذا السياق: “ستكون المرحلة المقبلة أكثر صعوبة، حيث سيكون هناك مزيد من المداولات”، مضيفا أنه حتى في حال صدوره، من المرجح أن يستغرق عاما لتنفيذه.
وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لحفتر، تعديلان متوقعان في مشروع قانون الإنفاق الدفاعي الذي قدمه عضو الكونغرس الديمقراطي توم مالينوفسكي. وإذا قرر مجلس الشيوخ إدراج التعديلين في النسخة النهائية من مشروع القانون في الأسابيع المقبلة، سيمثل ذلك انتصارا مهما لخصوم حفتر.
محكمة أمريكية تصدر قرارا نهائيا يمنح خليفة #حفتر ـ كمواطن أمريكي ـ فرصة أخيرة 14 يوما ، تنتهي في 28 أكتوبر ،للمثول أمامها ، متهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، وفي حالة عدم امتثاله سيتم فرض غرامات باهظة على ممتلكاته وإصدار مذكرة اعتقال بحقه ، نهاية المغامرة الإماراتية
— جمال سلطان (@GamalSultan1) October 18, 2021
وينص أحد التعديلين على مراجعة قائمة المخالفين لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، والنظر في فرض عقوبات عليهم. ويُنظر إلى التعديل الثاني على أنه تهديد مباشر لحفتر، حيث يطلب من وزارة الخارجية الإبلاغ عن جرائم الحرب والتعذيب المرتكبة ضد المواطنين الأمريكيين في ليبيا.
وقال مصدر في الكونغرس لموقع ميدل إيست آي: “إن صياغة التعديل توضح من هو الطرف المعني، ونحن نطلب من وزارة العدل بشكل أساسي النظر في مزاعم ارتكاب جرائم حرب ضد كل مواطن أمريكي”. ودون أن يذكر حفتر على وجه التحديد، أضاف المصدر أن “هناك مزاعم واضحة وخطيرة بشأن شخص محدد، ولا ننوي السماح له بالإفلات من العقاب”.
المصدر: ميدل إيست آي