ترجمة وتحرير: نون بوست
ينتقل الزوار من الشمس الحارقة في الخارج إلى الأجواء المعتمة في الداخل لتعترضهم الشعارات في كل مكان. تقول لافتة عُلقت على جدران الجناح السوري في معرض إكسبو 2020 دبي “نعتقد أن كل إنسان جزء من الضمير الجماعي”. لكن الحكومة السورية لم تقدم إلى الآن ما يفسر سبب إلقاء القنابل منذ سنوات على رؤوس الكثير من هؤلاء البشر.
المعرض الذي بلغت قيمته 7 مليارات دولار هو أول “إكسبو” يتم تنظيمه في منطقة الشرق الأوسط. وتسعى دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال المعرض إلى جذب الزوار لإنعاش اقتصادها وإخفاء أزماتها السياسية في آن واحد، بينما يحاول العارضون الظهور بأفضل صورة أمام المستثمرين والسياح.
تعكس العديد من الأجنحة -عن قصد أو دون قصد- شيئا من طبيعة كل دولة. تضع الولايات المتحدة الأمريكية الضيوف على ممر متحرك، وتستقبلهم الصين بفيديو للرئيس شي جين بينغ، بينما يقضي زوار الجناح البريطاني معظم وقتهم في طابور منظم.
تم توظيف جزء كبير من الجناح المصري لإظهار مصر على أنها قوة اقتصادية، وهي صورة تتعارض مع الركود الذي تعيشه الشركات الخاصة في البلاد.
بالنسبة لدول الشرق الأوسط، هناك الكثير مما تحاول الأجنحة إخفاءه. يبدو جناح لبنان أقرب للإعلان السياحي، حيث تعرض الشاشات الكبيرة لقطات ساحرة للبلاد. مثل هذا المعرض سيكون من المستحيل إقامته في لبنان، حيث انقطعت الكهرباء لمدة 24 ساعة في وقت سابق من هذا الشهر. بعض الدول لم تعرض أي شيء حتى الآن. جناح ليبيا شبه فارغ، وتنبعث من الجدران رائحة الطلاء الجديد، وتعرض الشاشة رسوما متحركة، والجناح العراقي فاته الافتتاح أيضا.
في الجناح المصري، هناك القليل من الإشارات إلى تاريخ البلاد، مثل الكتابة الهيروغليفية ونسخة من نعش الملك توت. تم توظيف جزء كبير من الجناح لإظهار مصر على أنها قوة اقتصادية، وهي صورة تتعارض مع الركود الذي تعيشه الشركات الخاصة في البلاد. على شاشة فيديو عملاقة، تظهر امرأة بزي فرعوني تتحدث عن مناطق صناعية يتم تشييدها على طول قناة السويس. إذا كان عبد الفتاح السيسي هو فرعون مصر الجديد، فإن مزرعة الأسماك بالقرب من السويس هي معبد الكرنك.
يؤكد المشرفون على الجناح السوري أنهم حاولوا الوصول إلى أكبر عينة تمثل الشتات السوري في العالم. لكن لا يبدو أن أحدا ممن شاركوا في تصميم تلك اللوحات عبّر عن أمله في أن تكون حكومة بلاده أقل إجراما.
لا أحد يتحدث عن السياسة، ولا حتى جناح فلسطين المحتلة، الذي يمنح زواره فرصة لمس قطعة من قبة الصخرة وشم رائحة الصابون المصنوع في نابلس. تركز دول أخرى على الصفقات التجارية، مثل جناح إيران غير المكتمل، الذي تم تخصيص جزء منه لإقامة ما يشبه البازار، حيث تقوم الشركات الإيرانية بالترويج للسيراميك والسجاد.
بالعودة إلى الجناح السوري، توجد أكشاك للشركات التي تبيع الكابلات وزيت الزيتون، وكشك لشركة شام القابضة، وهي شركة تخضع للعقوبات الأمريكية والأوروبية.
ويضم الجناح مساحة أخرى عُلّقت بها 1500 لوحة خشبية شارك في تصميمها سوريون من مختلف أنحاء العالم، تتضمن تطلعاتهم للمستقبل، بعضها طُليت بعلم النظام، وأخرى بصور لبشار الأسد. ويؤكد المشرفون على الجناح أنهم حاولوا الوصول إلى أكبر عينة تمثل الشتات السوري في العالم. لكن لا يبدو أن أحدا ممن شاركوا في تصميم تلك اللوحات عبّر عن أمله في أن تكون حكومة بلاده أقل إجراما، أو تطلعه إلى مساءلة عادلة عن حرب أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من السوريين. بالقرب من الجناح السوري، لافتة مضيئة كُتب عليها “ما تراه ليس كل الحقيقة”، وهو شعار مناسب يعبّر عن المعرض بأكمله.
المصدر: الإيكونوميست