عند سماعك لكلمة “البومة” يربو إلى ذهنك فورًا “النحس الأسود” ذاك الشيء “الأبوم” بصيغة أفعل كما يقولها أبناء قريتنا رمزًا للبؤس والتشاؤم، وصراحة لم أجد ألفاظًا ألبق من ذلك اللفظ وهذا المصطلح للتدليل على الـ “أيام السودة” التي يعيشها المواطن المصري في فترة حكم الرئيس البومة، وللأسف فالمتضرر الوحيد ليس صاحب المرسيدس القاطن بمصر الجديدة بل ذاك المواطن القاطن بكوم الصفيح.
1: إنتو فين؟ أنا عايزكم في ضهري
استيقظ الشعب المصري ليس كعادته على حادثة فاجعة يإِن لها قلب كل مصري ألا وهي تفحم ما يقارب من 20 طالبًا أثناء ذهابهم إلى المدرسة، بينما يخرج سيادة المحافظ ليحدث الشعب أن سبب تلك الحادثة هو هطول الأمطار، وتخرج علينا قنوات سي بي سي وإعلام الانقلاب ليُبشر الشعب أن وراء تلك الحادثة هم “الإخوان الإرهابيون” لأنهم قامو بـ “خلخة الزجاج” أو طرق الأبواب مما تسبب في هذا الواقع الأليم، ولا أخفيكم سرًا فكل الكلمات النائية كلها لا يمكنها وصف هذا العُهر الإعلامي وهذا التدليس المحض وعدم الإنسانية في تناول مثل هذه الأخبار، لكن هذا درب الإعلام في عهد عبد الفتاح السيسي، فالرئيس الذي دعا الشباب للوقوف بجانبه للخروج من هذه الحقبة السوداء لم يوفر لهم وسيلة نقل إنسانية ولا طريق آدمي ليرحم أجسادهم من التفحم! وللأسف فالشباب الذي دعاه السيسي لإصلاح المدارس لن يجد من يذهب لها أصلاً بعد إصلاحها، فأي أب يشتري لابنه زيًا مدرسيًا ليتفحم الزي بالابن وأي أب يشترك لابنه في “باص المدرسة” ليتفحم ابنه بداخله؟!
2: وزير التعليم حالته النفسية سيئة ومحبتش أزودها!!
الكلام في حضرة الموت تطاول، هكذا كان حالي لساعات حتى ذلك التصريح الذي صرَّح به رئيس الوزراء وهو أن وزير التعليم للأسف نفسيته سيئة جدًا بينما الرجل لم يُرد إثقال هموم الوزير في نفس الوقت الذي ألقى فيه أحد عمال المستشفى رفات الأطفال في الشارع أمام أعين ذويهم في مشهد إهانة لأعظم شيء عرفته البشرية وهو الموت، ولم يتوقف الرجل عند هذا الحد من التصريحات البلهاء حيث صرّح بأنه سيجري معاقبة كل المتسببين في هذا الإهمال “الإرهابي” في مشهد لا يدعوك للنقد أبدًا أو بالأحرى لا يدعوك للنقد بأدب.
3: إحنا بنحارب الإرهاب، هنفضى لشوية حرايق؟
في نفس اليوم الذي ارتقى فيه ما يقارب من عشرين طفلاً، كانت الحوادث لم تنته حتى الساعات المتأخرة من تلك الليلة البائسة، ففي نفس الطريق الذي تفحم فيه الأطفال، لقي ثلاثة مواطنين مصرعهم نتيجة تصادم سيارتين، وفي نفس الليلة انفجرت قنبلة في محطة مترو المرج ليلقى 4 أشخاص حتفهم من بينهم شرطي نتيجة الانفجار، وفي نفس الليلة يشتعل قطار القاهرة – المنوفية ويصاب العديد من المواطنين، كل هذا في يوم واحد لم يتجاوز حتى الـ 24 ساعة كاملة، بينما حجة الوزارة “بنحارب الإرهاب”، أي إرهاب يتحدث عنه النظام؟ هل تعلم ما هو الإرهاب الحقيقي يا سيادة الرئيس؟ الإرهاب أن يموت مواطنوك وأن تتحجج بأشياء واهية، أسباب تافهة، لا مجال أصلاً لمناقشتها بينما يموت شعبك إما في المظاهرات المنددة بحكم سيادتك أو أثناء ذهابه لعمله أو العودة، حتى الأطفال لم ينجوا من فسادك وفساد دولتك – لا أطال الله لها عمرًا -.
4: خمستلاف جنيه يا كافر؟
أمّا إعلام النظام فلابد أن يغني كورالاً للحكومة، فالسادة الإعلاميون للأسف لم ينشغلوا بتفحم الأطفال، لكن ما شغلهم حقيقةً هو الطائرة التي أرسلها الجيش بعد تفحم الأطفال، ولا أدري هل رُدت روح الطلاب لهم بعد إرسال الطائرة، أم أنهم أكرموهم بعد دفنهم؟ بالتأكيد لا، فما يهمهم ليس أرواح، فعُض قلبي ولا تعض رغيفي.
أما عن حالة التبرير فحدث ولا حرج، فبعضهم من أودعها فساد مرسي، وبعضهم اكتفى بلبس زي الحيادية، أمّا الذين لا يرقبون في هذا الشعب إلَّاً ولا ذمة أكَّدوا أنهم الإخوان ويجب على الحكومة قتلهم وإعدامهم دون محاكمات أصلاً وكأنها “بلد أبوهم”، في رسالة واضحة مفادها “الكرباج على الكل”، في مشهد يعود بك لفترة حكم الرئيس مرسي حينما سبّ أحدهم الرجل ونعته بالكافر وأقامو الدنيا ولم يقعدوها بينما بدأ ذاك الإعلامي الفذ بجملته الشهيرة “طول ما الدم المصري رخيص يسقط يسقط أي رئيس” وسط سكوت مُقلق في الحقيقة.
وختامًا عزيزي القارئ فما قرأته هو يومٌ واحد لجمهورية يحكمها بومة بإعلامها وحكومتها وشعبها .. فيا سيادة الرئيس لو مش على مقاسك سيبها.