ترجمة حفصة جودة
يواجه اللاجئون العائدون إلى سوريا مخاطر جسيمة تتضمن التعذيب والقتل خارج القانون والاختطاف على يد قوات النظام السوري ومليشياته، وفقًا لتقرير جديد نشرته هيومن رايتس ووتش يوم الأربعاء.
يأتي التقرير بعد أيام من لقاء المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي بوزير الخارجية السوري فيصل مقداد ووزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، ناقش الثلاثة يوم الأحد قضايا تتعلق بعودة اللاجئين للبلاد بعد ما يقرب من 11 عامًا منذ بداية الحرب.
قال جراندي: “هؤلاء مواطنون سوريون ومن مسؤولية حكومتهم ضمان أمانهم، إننا نتواصل مع الحكومة لتسليط الضوء على مخاوف اللاجئين مثل أمانهم وحقوق الملكية وسبل المعيشة، نحتاج أيضًا لمساعدة المجتمع الدولي لتوفير الموارد التي تشتد الحاجة إليها حتى يستطيع الناس إصلاح منازلهم المدمرة والحصول على مياه جارية ورعاية صحية وإرسال أطفالهم إلى المدرسة، تتطلب العودة المناسبة تعاونًا من جميع الأطراف المعنية”.
تناقش هيومن رايتس ووتش في تقريرها – الذي تبلغ عدد صفحاته 70 صفحةً – بعنوان “حياة أشبه بالموت” ضرورة عدم إجبار اللاجئين على العودة إلى سوريا ضد رغبتهم ومواجهة اضطهاد محتمل يهدد الحياة، تعتمد هذه النتيجة على 65 مقابلةً مع سوريين عادوا إلى البلاد بين عامي 2017 و2021 بعد لجوئهم إلى الأردن ولبنان.
تسبب الصراع في نزوح 13 مليون سوري، سعى نحو 6.3 مليون منهم إلى طلب اللجوء في 127 دولة أخرى
تعرضت الاحتجاجات الواسعة في البلاد ضد الرئيس بشار الأسد في مارس/آذار 2011 إلى قمع وحشي تطور إلى حرب أهلية دموية قتلت ما يقارب 350 ألف شخص وفقًا للأمم المتحدة التي اعترفت أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، وأكثر من نصف مليون وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة.
تسبب الصراع في نزوح 13 مليون سوري، سعى نحو 6.3 مليون منهم إلى طلب اللجوء في 127 دولة أخرى، وفقًا لهيومن رايتس ووتش.
بينما استعادت قوات الأسد وحلفاؤها السيطرة على معظم البلاد، فإن الصراع المسلح ما زال مستمرًا في كل مكان، ولا يزال القمع الحكومي ضد المعارضة المتصوَرة مستمرًا دون انقطاع.
في يوم الأربعاء أدى القصف الحكومي على مدينة أريحا في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، إلى قتل 10 أشخاص على الأقل بينهم 4 أطفال وإصابة العشرات بجروح.
التعذيب والسجن والموت
تقدر هيومن رايتس ووتش أن نحو 282283 لاجئًا سوريًا عادوا إلى البلاد من مصر والعراق والأردن ولبنان وتركيا فيما يُسمى بـ”العودة الذاتية” بين عامي 2016 و2021، تحدث بعض هؤلاء العائدين وأقاربهم إلى هيومن رايتس ووتش باستخدام أسماء مستعارة خوفًا من المخاطر التي واجهوها عند عودتهم إلى سوريا.
قال عدد من العائدين الذين تعرضوا للاعتقال إنهم ضُربوا بقضبان معدنية أو عصي خشبية وصُعقوا بالكهرباء
تحدث سلام عن عودة شقيقه كريم إلى سوريا من الأردن في أبريل/نيسان 2020 بعد أن حصل على شهادة أمنية من مكتب الأمن الوطني السوري تفيد بأنه غير مطلوب من الوكالات الأمنية، لكنه اعتقل بعد شهر من عودته.
دفع سلام 8 آلاف دولار لمسؤول كبير لتحديد مكان شقيقه، ليُعلمه أن كريم مات خلال احتجازه في قاعدة مخابرات عسكرية بدمشق.
قالت منى لهيومن رايتس ووتش إن المخابرات العسكرية السورية اعتقلت زوجها عند عودة الأسرة من لبنان في 2018، استمر اعتقاله 9 أشهر حتى وافق على الخدمة في الجيش مقابل إطلاق سراحه.
قال عدد من العائدين الذين تعرضوا للاعتقال إنهم ضُربوا بقضبان معدنية أو عصي خشبية وصُعقوا بالكهرباء وأجُبروا على توقيع وثائق وهم معصوبو الأعين.
تقول إحدى السيدات: “أصابنا المرض والقمل في المعتقل، كنت حاملًا طوال الوقت الذي قضيته في السجن، كانت تهمتي الوحيدة صنع الطعام للجيش السوري الحر، بعض السيدات اتُهمن باختطاف ضباط في الجيش وتعرضن لمعاناة كثيرة، كانت إحدى الشابات تُقيد وتُغتصب كل يوم”.
ما يقرب من نصف سكان سوريا بحاجة ماسة للمساعدة الصحية، بينما يعاني نصف مليون طفل من سوء التغذية
قالت ناديا هاردمان – باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش ومعدة التقرير – في بيان مصاحب للتقرير: “الشهادات المروعة للتعذيب والإخفاء القسري والانتهاك الذي تعرض له اللاجئون العائدون إلى سوريا يوضح تمامًا أن سوريا ليست آمنة للعودة”، “كما أن الانتهاكات الواسعة لحقوق الملكية والصعوبات الاقتصادية الأخرى تجعل العودة الدائمة مستحيلة للكثيرين”.
انهار الاقتصاد السوري بعد عقد من الصراع والعقوبات الدولية، إذ يقدّر البنك الدولي أنه تقلص بنسبة أكثر من 60% منذ 2010، ففي أغسطس/آب أعلن برنامج الغذاء العالمي “WFP” تعرض 12.4 مليون سوري على الأقل لانعدام الأمن الغذائي بزيادة 4.5 مليون في العام الماضي وحده.
قدرت منظمة الصحة العالمية أن ما يقرب من نصف سكان سوريا بحاجة ماسة للمساعدة الصحية، وأن نصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية في سوريا.
تقول هاردمان: “لا يجب أن تجبر أي دولة اللاجئين على العودة إلى سوريا طالما أن النظام السوري يرتكب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، بعد عقد من الزمان لا يزال اللاجئون العائدون عرضة لخطر الاضطهاد من نفس الحكومة التي فرّوا منها”.
المصدر: ميدل إيست آي