بعيدًا عن المعسكرين الحلبي – الحموي اللذان سيطرا على انتخابات المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا لسنوات مضت، يبدو أن رياح الربيع العربي قد تسللت بعض الشيء إلى انتخابات المراقب من هذا العام بمعسكرين آخرين بين الشيوخ والشباب.
فالمرشح الشاب، والذي يشغل منصب رئيس مكتب الشباب في الجماعة “حسام الغضبان” لم ينجح في الوصول إلى سدة المراقب، بعد تراجعه بفارق صوتين عن مرشح “الشيوخ” القيادي، ونائب المراقب السابق، ورئيس حزب وعد – والذي كان يعدّ ليكون الجناح السياسي للجماعة – “محمد حكمت وليد” .
“محمد حكمت وليد”، طبيب العيون انتخب مراقبًا عامًا للجماعة البعيدة عن سوريا منذ الثمانينات، خلفًا للمراقب الحالي “محمد رياض الشقفة”، جاء ذلك عبر مجلس شورى الجماعة الذي انتخب مؤخرًا – وهو أعلى هيئة إدارية بالجماعة -، ليصبح بذلك المراقب الثاني عشر لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا.
المراقب الجديد للإخوان، والذي يحمل الجنسية البريطانية من مواليد مدينة اللاذقية عام 1944، أكمل تعليمه الثانوي في مدينة اللاذقية، ثم حصل على الدكتوراة في الطب البشري من جامعة دمشق عام 1968، ليسافر إلى بريطانيا للتخصص في طب العيون، فحصل على الدبلوم عام 1973، ثم على زمالة كلية الجراحين الملكية الأيرلندية لطب العيون وجراحتها عام 1980، ثم زمالة كلية أطباء العيون البريطانية عام 1990.
عمل أستاذًا مساعدًا في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة حتى عام 1988، ثم استشاريًا لأمراض العيون في مستشفى بخش بجدة.
كما أنّ للمراقب العام الجديد، اهتمامات أدبية منوعة، فهو عضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية منذ عام 1989، ونشر العديد من قصائده ومقالاته في الصحف والمجلات، مثل المسلمون، الندوة، الفيصل، المجتمع، الإصلاح، البيان، والمشكاة، كما أنّ له بعض الدواوين الشعرية، مثل أشواق الغرباء.
وفي بيان نُشر على الموقع الرسمي للجماعة في سوريا في وقت من مساء الخميس، أعلنت الجماعة تقدّم “محمد وليد” على منافسه “حسام الغضبان” بفارق صوتين في الانتخابات التي جرت البارحة بمدينة إسطنبول، كما أفاد البيان بأنه تم بالإجماع، انتخاب حسام غضبان، نائبًا للمراقب العام.
وكانت الجماعة قد انتخبت “علي صدر الدين البيانوني” رئيسًا لمجلس الشورى، وهو الذي كان مراقبًا عامًا للجماعة حتى عام 2010، كما اختير “موسى الإبراهيم” ليكون نائبه، و”حسان الصفدي” أمينًا لسر المجلس.
انتخابات المراقب العام، والتي تجري مرة كل 4 سنوات، شهدت تغيّرًا في التقليد الذي اُعتيد في الجماعة بتناوب المراقبين ما بين حلبي (من مدينة حلب) وحمويّ (من مدينة حماة) ، إلا أن معسكر “الشيوخ” – كبار السن – وجد نفسه أمام مرشح قوي من الشباب (حسام الغضبان – 44 عامًا)، ليتخلى بذلك عن التقليد العام ويدفع بمرشح وحيد من اللاذقية.
وعلى أن عدم انتخاب الغضبان قد يثير حفيظة الشباب باستمرار مسلسل الشيوخ في سدة القيادة، والذي جاء مغايرًا لتوقعات الشباب الذي صوّتوا بشكل كبير للغضبان في الانتخابات الشكلية التي كانت في أروقة موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، إلا أن تعيينه نائبًا للمراقب العام قد يخفف من حدة التوتر تلك، والتي عادة لا يتكلم بها شباب الإخوان أمام العامة، “حفاظًا على وحدة الصف الداخلي”، حسب وصفهم.