فجّر مجهولون في وقت مبكر من صباح اليوم اليوم الجمعة، أجزاء من عدة منازل قيادات في حركة فتح إضافة إلى منصة الاحتفال بذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني “ياسر عرفات” بعبوات ناسفة، دون أن يسفر ذلك عن وقوع إصابات.
وتأتي هذه التفجيرات قبل أيام من إحياء الذكرى العاشرة لرحيل الرئيس عرفات -زعيم فتح-، والتي من المقرر أن تقيمها الحركة في ساحة “الكتيبة” غربي مدينة غزة، وهي المرة الأولى التي يحيي فيها الفلسطينيون في القطاع هذه المناسبة منذ سبع سنوات.
وكالة الأناضول نقلت عن شهود عيان قولهم أن “التفجيرات التي استهدفت منازل بعض قيادات فتح، ومنصة الاحتفال بذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني عرفات، جاءت بوقت متزامن”.
“محمد النحّال” عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وهو أحد قيادات الحركة الذين تم استهداف منازلهم، أكدّ على أن تلك التفجيرات لن تثنيهم عن المشاركة في الاحتفال الذي سيُقام في الحادي عشر من الشهر الجاري، تخليداً لذكرى الرئيس الراحل “عرفات”.
وشدد النحّال على أنه من المخطط مشاركة الآلاف من الغزيين، في الاحتفال بذكرى الرئيس “عرفات”، محمّلا حكومة التوافق الفلسطينية، وعناصر الأجهزة الأمنية بقطاع غزة، المسئولية عن حدوث هذه التفجيرات.
وتابع النحّال:” نحمل حكومة التوافق والأجهزة الأمنية بغزة المسئولية عن هذا الحادث، إذ أنه من غير المعقول أن يحدث (12) تفجيراً لمنازل قيادات حركة فتح في وقت متزامن”.
في السياق ذاته قال “فايز أبو عيطة” المتحدث باسم حركة “فتح” وأحد المستهدفين:” إن هذه التفجيرات، تمثّل اعتداءً على المواطن الفلسطيني بغزة”، واصفاً سلسلة التفجيرات بـ”غير المبررة”.
وكانت سلسلة من التفجيرات المتزامنة قد استهدفت بعض منازل قيادات حركة فتح بغزة، وهم:” محافظ غزة وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح السابق “عبدالله الافرنجي”، وعضو المجلس الثوري للحركة “محمد النحال”، والمتحدث باسم الحركة “فايز أبو عيطة” وعضو الهئية القيادية للحركة “عبد الرحمن حمد” ووزير شؤون الأسرى الأسبق “هشام عبد الرازق” وعضو المجلس التشريعي “فيصل ابوشهلا”.
كما استهدفت التفجيرات، منازل كل من “جمال عبيد”، “شريف وطفة”، “زياد مطر”، و”عبد الجواد زيادة”، وجميعهم قيادات في حركة فتح.
وفي بيان صحفي قال حركة فتح أن “هذه التفجيرات تنسف ركائز عملية إنهاء الانقسام والمصالحة وتعتبر عملية اغتيال ثانية لروح الرئيس القائد الشهيد ياسر عرفات وللفكر والمنهج الوطني التحرري”.
كما دعت الحركة وزير الداخلية وحكومة التوافق الوطني، بتوفير الأمن للمواطنين في قطاع غزة، والكشف عمن قاموا بالاعتداء على قيادات وكوادر الحركة، ومحاسبتهم ووضع حد للعبث بأمن المواطنين ومقدراته.
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح “جمال محيسن” حمّل حركة حماس المسؤولية عن التفجيرات بصفتها المسؤولة عن أمن القطاع حتى الساعة، على حد قوله.
وأضاف محيسن أن على حركة حماس أن تعلن عن مرتكبي الجرائم، وتقديمهم للعدالة، وقال ” الكل يعلم أن بيوت قيادات حركة فتح في غزة تخضع لرقابة من قبل أجهزة حماس، وبالتالي حماس عليها أن تعلن من قام بهذا العمل”.
ولم يتهم محيسن حماس قائلا ” لن نستبق الأمور ولن نتهم أحدا”، وقال ” لا يوجد ما يسمى داعش في غزة ولا فلسطين وهذه بيانات تهدف إلى ضرب النسيج الاجتماعي الفلسطيني”.
وعن مشاركة وفد من فتح في إحياء ذكرى وفاة عرفات قال عضو اللجنة المركزية لفتح ” لن يثنينا أمر عن زيارة غزة ولا يوجد تردد لزيارتها، هي جزء من الوطن”.
في السياق ذاته، أعلنت حكومة التوافق الوطني عن تأجيل زيارة رئيسها “رامي الحمد الله” التي كانت مقررة غداً السبت، لقطاع غزة إلى إشعار آخر في أعقاب استهداف منازل وممتلكات قيادات في حركة فتح بالقطاع.
وفي بيان صادر عنها قالت حكومة التوافق إنها ستقوم بـ”تأجيل ذهاب رئيس الوزراء، وعدد من وزرائه، إلى قطاع غزة، والذي كان مقرراً غداً السبت، إلى إشعار آخر، وذلك عقب قيام مجموعات بتفجير منازل وممتلكات عدد من قياديي حركة فتح، في القطاع، بعبوات ناسفة”.
ووصفت الحكومة هذه التفجيرات بـ”العمل الإجرامي”، قائلة، إنه “عمل إجرامي بعيد عن أصالة مجتمعنا الفلسطيني، وعن مفاهيمنا الوطنية، وخطير جداً على صورة القضية الفلسطينية”.
وأضافت أن هذا العمل “يتعارض بشكل مطلق مع جهود القيادة الفلسطينية، وحكومة الوفاق الوطني في إعادة اعمار غزة، ودمج المؤسسات الوطنية ضمن خطوات حثيثة تم اتخاذها لإنهاء الانقسام، وإزالة آثاره الكارثية على مجتمعنا وقضيتنا”.
حركة حماس بدورها أدانت التفجيرات التي استهدفت عدد من منازل قيادات في حركة “فتح بقطاع غزة فجر اليوم الجمعة، واصفةً ذلك بالحادث “الإجرامي”.
وقالت الحركة، في بيان صادر عنها “ندين بشدة الحادث الإجرامي الذي استهدف بعض منازل قيادات حركة فتح بغزة” داعية الأجهزة الأمنية بالقطاع، للتحقيق وملاحقة المتورطين بتلك التفجيرات، وتقديمهم للعدالة.
وزارة الداخلية والأمن الوطني الفلسطينية في قطاع غزة قال اليوم الجمعة إنه تم تشكيل لجنة تحقيق من كافة الأجهزة الأمنية المختصّة للوقوف على حيثيات التفجيرات التي استهدفت بعض منازل قيادات حركة “فتح”، فجر اليوم، وللكشف عن المتورطين.
وأوضح “إياد البزم” الناطق باسم وزارة الداخلية أنه منذ اللحظة الأولى من وقوع التفجيرات، زارت فرق التحقيق الأمنية الأماكن المستهدفة لجمع الأدلّة، ولأخذ إفادات الشهود.
وأدانت وزارة الداخلية التفجيرات التي وقعت، فجر الجمعة، واستهدفت عدداً من منازل قادة حركة “فتح”، معتبرة سلسلة التفجيرات التي نفّذها مجهولون “جريمةّ نكراء تهدف لضرب الاستقرار الداخلي”.
وأكد البزم أن وزارة الداخلية بقطاع غزة “لن تسمح بعودة الصراعات الداخلية والفوضى والفلتان الأمنيّ، للقطاع”، مشدداً على أنها ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لذلك، وتابع قائلاً: ” سنلاحق في الأجهزة الأمنية كل من تورط في هذه الأعمال الإجرامية حتى يتم تقديمهم للمحاكمة”.
وفي 11 نوفمبر 2004، توفي عرفات في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، خلال تلقيه العلاج بعد تدهور صحته خلال حصار الجيش الإسرائيلي له لعدة شهور في مقر الرئاسة برام الله المعروف باسم “المقاطعة”، ويتهم الفسطينيون إسرائيل بأنّها هي”المتهم الوحيد والأساسي” في عملية اغتيال عرفات.
وعقب قرابة 7 سنوات من الانقسام، كانت حركتا فتح وحماس قد وقعتا في 23 أبريل 2014، على اتفاق للمصالحة، يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة توافق لمدة 6 شهور ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
وفي الثاني من يونيو الماضي، أُعلن عن تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية، حيث أدى الوزراء اليمين الدستورية أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة في رام الله بالضفة الغربية.
واتفقت حركتا حماس وفتح، مطلع الشهر الماضي، عقب لقاءات وفدين من الحركتين بالقاهرة على تنفيذ كافة بنود اتفاق المصالحة الأخير الذي وقع عليه في أبريل/ الماضي، وتجاوز جميع العقبات التي اعترضت تطبيق بنوده، وتمكين حكومة التوافق الوطني من بسط سيطرتها على قطاع غزة.
من الفاعل؟
وفي ذلك رأى مراقبون فلسطينيون، أنه من الصعب التكهن بهوية المسؤول عن التفجيرات، إلا أنهم اتفقوا أنها “تحمل الكثير من الضبّابية، ولا يمكن بسهولة تحديد هوية فاعلها، لتشابك الظروف السياسية والميدانية، وأن أكثر من جهة، وطرف قد يكون هو المتهم”.
إلا أن الكاتب والمحلل السياسي “عبد الستار قاسم” رأى بدوره :”في الواجهة يطل صراع القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس”، مضيفاً:” هذه التفجيرات، يصعب الجزّم، بهوية فاعلها والمسؤول عنها، ما لم يتم تحديد ذلك من قبل الأجهزة الأمنية، والجهات المختصة، في قطاع غزة، ولكن ما جرى من استهداف لمنصة الاحتفال بذكرى عرفات، وعدد من قيادات فتح، يعيدنا إلى واجهة صراع دحلان-عباس من جديـد”.
ويرى قاسم أنّ “الخصومة بين الرجلين، وحالة الاستقطاب الحادة بين أنصار كل طرف منهما في قطاع غزة، قد تؤدي إلى مثل هذه التفجيرات، وأن يتحول الصراع السياسي إلى ميداني”.
وكان دحلان، قد شنَّ في مارس الماضي، هجوماً لاذعاً وعنيفاً، على الرئيس عباس عبر مقابلة تلفزيونية، عقب اتهام الأخير له بالتورط في أعمال “قتل وسرقة”.
وسبق أن اتهم عباس، دحلان في اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح، بـ”التخابر مع إسرائيل، والوقوف وراء اغتيال قيادات فلسطينية”، كما اتهمه بالمشاركة في “اغتيال الراحل ياسر عرفات”، وهو ما ينفيه دحلان.
غير أن قاسم، “لا يستبعد دعم بعض عناصر من حركة حماس لهذه التفجيرات، لإيصال رسالة لحركة فتح وزعيمها محمود عباس، أنّ الفوضى هي البديل عن عدم تلبية احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة”.
وفي هذا الصدد، يقول “هناك تيارات داخل حركة حماس ترفض المصالحة مع فتح، وترفض إقامة مهرجان للحركة التي تتهمها بعدم تطبيق شروط المصالحة، لهذا فإن سيناريو الفوضى والفلتان الأمني وارد”.
وكان المتحدث باسم حركة فتح بالضفة الغربية “أسامة القواسمي” قد اتهم حركة حماس “بتفجير منازل قيادات حركة فتح في قطاع غزة”، واصفاً التفجيرات بـ”الجبانة الدنيئة”، ومنفذيه بـ”خفافيش الليل”، الأمر الذي نفته حماس على لسان المتحدث باسمها.
من جهته، يرى “حسام الدجني” المحلل السياسي والكاتب في عدد من الصحف الفلسطينية، أن “تزامن التفجيرات، في وقت واحد، ودقة الأهداف، وخليط الأسماء ما بين تيار دحلان، وعباس، من شأنها أن تُسقط خيار الصراع الفتحاوي”.
ويقول :”لهذا من حق البعض أن يشير بأصابع الاتهام لحركة حماس كون بعض عناصرها والمحسوبين عليها أطلقوا حملة لمنع مهرجان عرفات”.
غير أن الدجني، يتفق مع قاسم في صعوبة تحديد هوية الفاعل، في ظل الظروف السياسية التي وصفّها بـ”المُعقدّة”.
وكان أنصار من حركة حماس أطلقوا حملة، على مواقع التواصل الاجتماعي، تهدف إلى منع توافد أنصار حركة فتح إلى مهرجان إحياء الذكرى العاشرة لرحيل عرفات، المقررة في 11 الشهر الجاري، واستنكر البعض تأمين وزارة الداخلية بغزة للمهرجان في ظل ما وصفوه بـ”تنكر الرئيس عباس،، وحكومة الوفاق للموظفين العسكريين التابعين لحكومة حماس السابقة”.
وتلقى موظفو حكومة حماس، نهاية الشهر الماضي، دفعات مالية من رواتبهم المتأخرة، تقدر بـ1200 دولار أمريكي، تبرعت بها دولة قطر.
واقتصرت الدفعات المالية على موظفي الوزارات المدنية ( نحو 24 ألف موظف مدني)، واُستثني منها أفراد الشرطة، وقوات الأمن الوطني، التابعة لوزارة الداخلية.
وكانت حكومة الوفاق، شكلت مطلع يونيو الماضي، لجنة قانونية لدراسة أوضاع الموظفين المهنية، للتوصل إلى مدى احتياج الحكومة لهم، على أن يتم البت في أمرهم بعد أربعة شهور من تشكيلها.
ويقدر عدد الموظفين الذين عينتهم حكومة حماس، بعد الانقسام الذي حصل عام 2007، بنحو 40 ألف موظف عسكري ومدني، وتبلغ فاتورة رواتبهم الشهرية قرابة 40 مليون دولار.
بدوره، لا يستبعد هاني البسوس، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، أن تكون هناك أيادٍ وصفها بـ”الخفية”، تعمل لصالح “زعزعة الداخل الفلسطيني، وإشغال الساحة بدوامة الفوضى والعنف”.
ويقول البسوس:”من المستبعد قبل أن تنتهي التحقيقات، وملابسات الحادثة، الكشف عن هوية الفاعل، ولكن من الوراد جداً أن يقف وراء مثل هذه التفجيرات، أطراف تريد لقطاع غزة، أن ينشغل في الفوضى، والصراعات الداخلية، بعيداً عن الإعمار وتحقيق الوفاق”.
ويضيف “هذه الأطراف تخدّم إسرائيل، فهي تزيد من عزلة قطاع غزة، وحرف المسار عن معاناة قرابة مليوني مواطن، وخلّط الأوراق في الساحة الفلسطينية”، غير أنه يرى أن أهم اختبار أمام حركة حماس والأجهزة الأمنية في غزة، هو “تأمين مهرجان عرفات، والتأكيد على رسالة الوحدة الوطنية، حتى يبقى القطاع في منأى عن الفوضى”.
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي كتب البعض حول التفجيرات:
"سلسلة تفجيرات تستهدف منازل قيادات من فتح في غزة". حرب بين دحلان وعباس .. فتح (غزة) لا تزال دحلانية الهوى!!..https://t.co/XMjqokHgrx
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) November 7, 2014
#تفجيرات_غزة
من قاد معركة كاملة ضد الاحتلال الاسرائيلي على كافة الأصعدة لم يتبقى له شيئ الا أن يقوم بتفجيرات تضر مصلحتهم قبل مصلحة فتح ؟؟؟؟— إِحْمَدْ. (@ahmad_ashour_1) November 7, 2014
حصلت الليلة في #غزة عدة تفجيرات أمام منازل لقيادات من #فتح ناتجة عن خلافات كبيرة بين أنصار #دحلان وأنصار #عباس على خلفية تنظيم مهرجان !!
— محمد المدهون (@mohamed_mdn) November 7, 2014
بيان المؤتمر الصحفي الصادر عن وزارة الداخلية والأمن الوطني بخصوص تفجيرات اليوم #غزة pic.twitter.com/PcPfbLTgD7
— Mohammed Safadi (@Mohammed_Safadi) November 7, 2014
وكان بيان نشر على شبكة الانترنت نسب إلى “الدولة الإسلامية” في غزة، والتي قيل أنها تتبع تنظيم داعش تبنّى هذه التفجيرات، الأمر الذي نباه أتباع التنظيم على تويتر بقولهم:
من يصدق أن الدولة الإسلامية هي من قامت ب #تفجيرات_غزة فقد فاق الحمار إستحماراً ليست تنظيم يقوم بالتشغيب هنا وهناك بل دولة تفتح مدن وقرى.
— ضرغام السراه (@Is1Li) November 7, 2014
لو أرادت الدولة الإسلامية التفجير في دولة ما لبدأت بالسعودية فهو حق مشروع لها بسبب القصف المتكرر والدعم المالي للتحالف وليس ب #تفجيرات_غزة
— ضرغام السراه (@Is1Li) November 7, 2014