ترجمة وتحرير نون بوست
عندما عدّلت السعودية قواعدها الخاصة بالواردات من دول الخليج المجاورة دون سابق إنذار، اندهش المدراء التنفيذيون في إحدى الشركات الإماراتية وطلبوا من شاحنات الشركة المحمّلة بالبضاعة بدءًا من عبوات الكرتون وصولا إلى ألواح الصلب العودة إلى دبي من الحدود السعودية. وقد سارع المسؤولون إلى الاتصال بالعملاء في المملكة ليسألوا عما إذا كانوا سيقبلون زيادة التكلفة بسبب التعريفات الجديدة بنسبة تتراوح بين 5 و15 بالمئة على المنتجات التي كانت لسنوات معفاة من الرسوم الجمركية.
يقول أحد المسؤولين التنفيذيين في الشركة الإماراتية: “انتابتنا حالة ذعر شديدة. لم نكن نملك أدنى فكرة عما يجب أن نفعله بالشحنة”. ويُذكر أن المعاملات التجارية عبر الحدود تعطلت لمدة أسبوع في شهر تموز/ يوليو قبل أن يوافق عملاء الشركة في السعودية على تحمل التكاليف الجديدة والمضي قدمًا. ولكن ما حصل كان بمثابة تحذير من أن العلاقات الودية التي تجمع بين الإمارات والسعودية – السوق الرئيسي للعديد من الشركات الخليجية – بدأت تتزعزع.
استفادت دولة الإمارات – الأصغر حجمًا والأكثر مرونة – لعقود من قربها من المملكة العربية السعودية والنمط الليبرالي الذي توفره للمديرين التنفيذيين الأجانب لكونها مركز التجارة والتمويل الأول في الخليج. بعث العديد من المصرفيين والمستشارين والمحامين والمصنعين السعوديين، أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وأكبر سوق استهلاكي في الخليج، مشاريعهم التجارية في الإمارات العربية المتحدة، وكانوا يسافرون ذهابًا وإيابًا إلى المملكة التي تتبع سياسات أكثر تحفظا عند الحاجة.
ولكن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، بخططه الطموحة لتحديث بلاده وتطوير صناعات جديدة وخلق مواطن شغل للشباب في المملكة، يبعث رسالة مفادها أن المعاملات التجارية في الرياض لن تكون كالمعتاد.
بدلا من ذلك، أوضح ولي العهد السعودي أنه إذا كانت الشركات ترغب في ممارسة الأعمال التجارية في بلاده، التي تمثل المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي في المنطقة، فيتعين عليها أن تنقل أنشطتها إلى المملكة وتوظف السعوديين وهو ما يعزز تطلعات بن سلمان لتحويل السعودية التي كانت خاملة في السابق إلى المركز الاقتصادي المهيمن في المنطقة.
كان مركز الملك عبد الله المالي في الرياض جزءًا من جهود السعوديين لجذب المستثمرين وطمأنتهم.
يراهن بن سلمان ومساعدوه على أنه حتى لو كانت المملكة العربية السعودية تفتقر إلى العديد من السمات التي توفر الراحة لرجال الأعمال المقيمين في دبي – بدءًا من المنظم المستقل الذي يشرف على مركز دبي المالي العالمي وصولا إلى جودة المدارس ومجموعة الحانات والمطاعم – فإن حجم اقتصادها يظل عاملا مهمًا أيضًا.
يقول مسؤول سعودي رفيع المستوى إن “العملاق يستيقظ. ومع أن هذه الإجراءات لن تكون لصالح الإمارات، فإن الأمر يبدو كما لو كنت نائمًا والغبار مستقر على جسمك. ثم تستيقظ وتنفضه عنه”.
دعوة الرياض
يتردد صدى هذه “الصحوة” في جميع أنحاء الإمارات ومجالس إدارة الشركات المحلية ومتعددة الجنسيات التي تتخذ من دولة الخليج مقرًا لها. وبأسلوبه الصارم المعهود، وجّه الأمير محمد في بداية السنة إنذارًا نهائيًا للشركات الأجنبية بنقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض بحلول سنة 2024 أو نسيان أمر العقود الحكومية المربحة التي تمثل الجائزة الكبرى بالنسبة للكثيرين.
في خطوة لاحقة، غيّرت الرياض لوائحها المنظمة لدخول الواردات من دول مجلس التعاون الخليجي – الإمارات والكويت وقطر وعمان والبحرين. وتضمنت هذه التغييرات التراجع عن الامتيازات الممنوحة لدول مجلس التعاون الخليجي على السلع المصنعة في المناطق الحرة المعفاة من الرسوم الجمركية، بما في ذلك الشركات المملوكة بالأغلبية من قبل مواطن سعودي أو الشركات التي يشكل الموظفون الخليجيون فيها أقل من 25 بالمئة من القوة العاملة.
علّقت الرياض السفر إلى الإمارات وعدة دول أخرى بسبب مخاوف من فيروس كورونا، لكن الإماراتيين فسّروا ذلك على أنه رسالة ضمنية أخرى. وقد رُفع الحظر الإماراتي بعد يومين من محادثة هاتفية بين الأمير محمد والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة في شهر أيلول/ سبتمبر.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
يؤكد المسؤولون التنفيذيون في دبي وأبو ظبي إن المسؤولين الإماراتيين ورجال الأعمال فوجئوا بهذه القرارات. ويفيد أحد كبار المستشارين إن “الصدمة في البداية كانت كبيرة، فقد طلب [المسؤولون] من الكثير من العملاء إنتاج السلع في المملكة العربية السعودية وتوظيف السعوديين أو “ستُفرض عليهم ضريبة أو تُحظر السلع الخاصة بهم”.
كانت الشركات الدولية تكافح لمعرفة ما إذا كانت ستستجيب لطلب الأمير محمد بنقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض وتعديل نمط حياة المديرين التنفيذيين المريح في دبي. تزايد الضغط على الشركات لتوقيع تراخيص تضفي الطابع الرسمي على خططها قبل منتدى الاستثمار السعودي الرائد الذي ينطلق يوم الثلاثاء، على الرغم من أن الإطار التنظيمي لهذا الإجراء لا يزال غير واضح، وذلك على حد تعبير أحد المسؤولين التنفيذيين.
في كانون الثاني/ يناير، وقّعت 24 شركة عالمية من بينها شركة “بيبسيكو” ومجموعة خدمات النفط “شلمبرجير” ومجموعة “بكتل” للهندسة والبناء وشركة “برايس ووترهاوس كوبرز “للاستشارات اتفاقيات مؤقتة لإنشاء مقر إقليمي في الرياض.
حسب مصرفي دولي آخر مقيم في دبي فإنه لو كان يبحث عن بلد لتأسيس مجموعته في المنطقة اليوم لربما كانت وجهته المملكة العربية السعودية. ويقول مسؤول تنفيذي في شركة متعددة الجنسيات إن مجموعته ستقلص نشاطها في دبي مقابل تعزيز عملياتها في الرياض بسبب حجم الأعمال في المملكة.
مع ذلك، تشتكي بعض الشركات من أنها مجبرة على نقل أعمالها إلى السعودية، معتبرة ذلك مثالا آخر على ميل الأمير محمد إلى اتباع استراتيجية الترهيب والترغيب. ويقول المصرفي: “نشعر في البداية أننا سنعاقب، ولكن الانتقال إلى الرياض سيصبح حتميًا”.
علقت الرياض في وقت سبق الرحلات إلى الإمارات ودول الخليج الأخرى بسبب مخاوف من فيروس كورونا.
المنافسون المحليون
يمتلك الحلفان القديمان المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تعتبران من أبرز القوى في دول مجلس التعاون الخليجي، تاريخا حافلا من العلاقات المتوترة. في سنة 2009، أبطلت الإمارات خطط البنك المركزي لصك عملة مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي عند انسحابها من المبادرة لأن هذه المؤسسة كانت ستتخذ من الرياض مقرا لها وليس أبو ظبي.
ازدهرت العلاقات بين البلدين بعد أن تولى الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، دور الحليف الداعم – أو بلأحرى المرشد – للأمير محمد الذي سرعان ما عُين وليا للعهد. ويشير المحللون إلى أن العلاقة عادت للفتور بعد مقتل جمال خاشقجي في سنة 2018، حيث شعر قادة الإمارات بالقلق من الإدانة الدولية واسعة النطاق التي طالت الأمير محمد بن سلمان بشأن دور الرياض المزعوم في عملية القتل.
تسببت الإمارات في زعزعة استقرار الرياض من خلال سحب قواتها من اليمن في سنة 2019، حيث قادت السعودية تحالفا عربيا ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران. وفي الآونة الأخيرة، اختلف الحلفاء لفترة وجيزة حول حصص إنتاج أوبك + من النفط.
يرى العديد من المراقبين أن كلا من ولي العهد السعودي والإماراتي متفقان على القضايا الأساسية مثل تهديد إيران والحركات الإسلامية، ولكن كان من الواضح أن الأمير محمد لا يريد أن تكون المملكة شريكًا صغيرًا في العلاقة مع أبو ظبي. ويصر المسؤولون في الرياض على أنهم لا يستهدفون الإمارات، بل يحاولون فقط تحقيق أهداف خاصة.
على حد تعبير أحد المسؤولين السعوديين، فإن “هذا الأمر لا يتعلق بمواجهة بين المملكة والإمارات بل إن طموحاتنا أكبر من ذلك، وستظل دبي محط اهتمام، ولكن النمو في المنطقة سوف يسير على هذا النحو [ميرا بيده إلى السقف]، ونريد أن نستحوذ على معظمه”، مضيفًا أن “نمونا سيترجم إلى نمو وازدهار للمنطقة بأكملها”.
سواء كان ذلك مقصودًا أم لا، باتت الإمارات في مرمى نيران المملكة. في شهر تموز/ يوليو، الشهر الأول بعد فرض السعودية التعريفات الجمركية الجديدة، تراجع حجم الواردات السعودية من الإمارات بنحو الثلث. وصل حجم المبادلات التجارية بين البلدين في سنة 2019 إلى 24 مليار دولار بفائض 2.8 مليار دولار في الميزان التجاري للمملكة وذلك وفقًا لإحصاءاتها الرسمية. وتشير بيانات الإمارات إلى أن إجمالي قيمة المبادلات التجارية، بما في ذلك إعادة التصدير، بلغ 30 مليار دولار في تلك السنة مع فائض في الميزان التجاري الإماراتي بحوالي 17 مليار دولار.
زعزعت الإمارات استقرار الرياض بسحب قواتها من اليمن في سنة 2019، حيث قادت المملكة العربية السعودية تحالفا عربيا ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران.
إن حجم اقتصاد الإمارات البالغ 421 مليار دولار لا يضاهي حجم اقتصاد المملكة العربية السعودية البالغ 700 مليار دولار. كما أن عدد سكان السعودية الذي يناهز 33 مليون نسمة يعادل ثلاثة أضعاف عدد سكان الإمارات الذي يتكون في أغلبه (90 في المائة) من المغتربين.
للمملكة العربية السعودية شريطان ساحليان هائلان على أحد الممرات البحرية الرئيسية في العالم. ووفقًا لمصرفي كبير فإنه “بالنظر إلى الخريطة الاقتصادية، يتضح أن الرياض هي مركز كل شيء. لطالما اعتمدت الإمارات على السعودية [دون تنفيذ سياسة أو مشاريع أبدًا]، والآن هناك فرصة لتستجمع السعودية قوتها. هناك الكثير من المجالات التي تتخلف فيها المملكة بسنوات ضوئية – إنها حنكة [الإمارات] مقابل الناقلة العملاقة”.
إقبال محدود
تعززت القوة الاقتصادية السعودية، التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم، بفضل فورة الإنفاق على المشاريع العملاقة المصممة لتحديث المملكة. كما تعهد صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي الذي تبلغ قيمته 450 مليار دولار، باستثمار 40 مليار دولار على الأقل سنويًا في الاقتصاد حتى سنة 2030.
مع ذلك، يتساءل بعض المحللين عن خطة المملكة لتمويل مشاريعها العملاقة والمتعددة، وما إذا كانت قوتها المالية وحدها كافية لجذب شركات جديدة إلى البلاد. أظهر المستثمرون الأجانب المباشرون إلى الآن إقبالا محدودا على خطط الأمير محمد. ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر كان محتشمًا منذ أن أطلق ولي العهد برنامجه لرؤية 2030 في سنة 2016، ليتراجع من 7.45 مليار دولار في سنة 2016 إلى 1.42 مليار دولار في سنة 2017.
ارتفع هذا الرقم إلى 5.5 مليار دولار السنة الماضية، ويقول المسؤولون إن أكثر من 400 ترخيص أصدرت للمستثمرين الأجانب في الربع الأول من سنة 2021. ولكن هذا الرقم لا يمثل سوى ربع الاستثمار الأجنبي المباشر الذي حصلت عليه الإمارات، وأقل بكثير من هدف الـ 100 مليار دولار الذي تطمح له رؤية 2030 والذي وضعته الرياض في تشرين الأول/ أكتوبر كجزء من استراتيجية الاستثمار الأخيرة.
يفسر المحللون تردد المستثمرين بالمخاوف المتعلقة بالبيئة التنظيمية والنمو الضعيف المسجل في السنوات الأخيرة، إلى جانب الأضرار التي لحقت بسمعة المملكة في ظل حكم الأمير محمد. كما يستشهد بعضهم بمقتل خاشقجي والحملة القمعية في سنة 2017 التي انطوت على احتجاز مئات الأمراء ورجال الأعمال – بمن فيهم الشركاء المحليين للمستثمرين الأجانب – في فندق ريتز كارلتون وإجبارهم على نقل نسبة من أصولهم إلى الدولة لتأمين حريتهم. وفي الأثناء، تستمر حملة الاعتقالات لشخصيات غير معروفة كجزء مما يصفه المسؤولون السعوديون على أنه حملة تطهير ضد الفساد.
أدت حملة ضد الفساد في سنة 2017 إلى اعتقال مئات الأمراء ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون في الرياض.
يقول مستشار بارز “لا تزال مخاطر السمعة تمثل مصدر قلق لبعض المستثمرين الأجانب. وعلى الرغم من وجود حماسة بشأن مستوى الأعمال وسعي البعض وراء المال، إلا أن البعض الآخر لديهم مخاوف ذات طبيعة اجتماعية أو لديهم مساهمون قلقون”.
“ببساطة انظر إلى الخريطة”
يتخذ المسؤولون السعوديون العديد من الإجراءات للحد من مخاوف المستثمرين، من بينها جذب المدارس الدولية إلى المملكة – وخير مثال على ذلك موافقة كلية كينغز البريطانية على فتح فرع لها في الرياض، وافتتاح المجموعة التعليمية الإسبانية “إس إي كيه” فرعًا لها في مركز الملك عبد الله المالي.
يعتبر مركز الملك عبد الله المالي الذي تم الإعلان عنه لأول مرة منذ 15 عامًا – والذي قارب على الاكتمال – من المشاريع الكبرى التي ساهمت في تطوير الرياض. ومن المفترض أن يكون “منطقة استثمار خاصة” لجذب المجموعات الأجنبية ومركزًا دوليًا من منظور ضريبي. لا تزال السلطات تعمل على الإطار التنظيمي. كما يجري العمل على بناء شبكة نقل بقيمة 27 مليار دولار للرياض بما في ذلك سكة مترو من ستة خطوط على وشك الانتهاء، على الرغم من تباطؤ الأشغال بسبب نزاع حول المدفوعات بين المقاولين والسلطات السعودية، وذلك وفقا لما أفاد مطلعون على المشروع.
إن التحدي الأكبر الذي تواجهه الرياض هو جذب الشركات المصنعة التي تريدها إلى المملكة، بما في ذلك شركات السيارات والطيران والسلع الاستهلاكية والتكنولوجيا الحيوية والأدوية وشركات الطاقة الخضراء.
تقدم دبي نموذجًا للحداثة تحرص المملكة العربية السعودية على محاكاته.
يصر وزير الاستثمار خالد الفالح على أن المملكة تمتلك العديد من المزايا مثل الأراضي الشاسعة، والطاقة الرخيصة، والموانئ المطلة على البحر الأحمر التي تمكن الشحنات من تجنب المرور عبر مضيق هرمز، وصناعة بتروكيماويات ضخمة.
هناك خطط لتطوير المناطق الحرة في جميع أنحاء المملكة، وهو نموذج تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من إرسائه بنجاح. وقد وافقت شركة لوسيد للسيارات الكهربائية على بدء الإنتاج في المملكة بداية من سنة 2024، مع العلم أن أكثر من نصف أسهمها يملكه صندوق الاستثمارات العامة.
وفي إحدى الندوات الصحفية في الرياض، قال الفالح إن “شراء شركة وإحضارها إلى هنا كان خيارًا”، مشرا إلى ضرورة التركيز على تقديم مجموعة من الحوافز للشركات. ويضيف الفالح: “سنقنع الشركات بعرض القيمة الجذابة للمملكة. إننا لا نطمح لتعويض الواردات فقط، بل نريد من الناس أن ينظروا إلى المملكة كجزء من سلاسل التوريد العالمية”. عندما سُئل عن منافسة المملكة للإمارات التي لها الأفضلية منذ عقود، أجاب الفالح: “إن موقعنا المتميز يمكننا من النمو جنبًا إلى جنب مع الإمارات. ما عليك سوى إلقاء نظرة على الخريطة”.
يعتقد مسؤول تنفيذي غربي أنه كان من الممكن للمملكة أن تجذب قدرًا أكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر لو وفّرت حوافز كافية وسمحت بـ “توظيف العمالة الأجنبية الرخيصة إلى جانب الضرائب المنخفضة والمرافق المدعومة، لكن الكثير من هذه الامتيازات لم يعد لها وجود”، مشيرًا إلى تراجع الدعم والضغط على الشركات لاستبدال العمال الأجانب بالعمالة المحلية التي تكون أحيانًا أكثر تكلفة وأقل مهارة. ويضيف أنه غالبًا ما يكون هناك ارتباك بين الوزارات المختلفة التي تم تحديد أهدافها كجزء من خطط الأمير محمد، والتي تتعارض مع بعضها البعض.
ينبه المسؤول التنفيذي إلى “عدم الاتساق، فعندما تتحدث إلى وزارة الاستثمار تبدو البلاد كجنة للمستثمر؛ ولكن عند الحديث إلى الشركات تبدو مثل الجحيم”. ويوضح أن بعض الجوانب مشرقة ويوجد بعض الإصلاحات الرائعة، حيث أن هناك خططا جدية لإلغاء القيود والخصخصة. ولكن لا يمكن غض الطرف عن الكثير من العادات القديمة [مثل تأخر المدفوعات والبيروقراطية].
سيارة كهربائية بالكامل من صنع لوسيد موتورز معروضة في مؤتمر مبادرة الاستثمار المستقبلي في فندق ريتز كارلتون في الرياض.
لم تنتظر الإمارات لاكتشاف خطط الرياض، إذ اتخذ المسؤولون بالفعل تدابير لمواجهة المنافسة الجديدة بما في ذلك تقديم تأشيرات طويلة الأجل للوافدين والسماح للأجانب بامتلاك الشركات بالكامل. وفي حين تكثر الشائعات بأن السعودية قد تضفي الشرعية على استهلاك الكحول في مناطق معينة مثل مركز الملك عبدالله المالي والمرافق السياحية في البحر الأحمر، توجد تكهنات بأن الإمارات يمكن أن تلغي تجريم المثلية الجنسية وتغيّر أيام العمل الأسبوعية – اعتماد “الإثنين إلى الجمعة” بدلا من “الأحد إلى الخميس”.
حسب دبلوماسي غربي سابق: “سيتعين على جيران المملكة التكيف. وبالنظر إلى موقعها الاقتصادي والسياسي في الخليج، سيشارك الجميع في إنجاح برنامج ولي العهد”. ولكنهم سيراقبون بحذر الخطوة التالية للأمير محمد.
وتقول كريستين سميث ديوان، باحثة مقيمة في معهد دول الخليج العربي: “اعتاد جيران المملكة العربية السعودية على القلق بشأن ما يمكن أن يحدث إذا انهارت المملكة، وحاليا هناك قلق بشأن ما سيحدث إذا بدأت في تحريك ثقلها. كما أن قيادة المملكة لا تخشى اللعب بقوة عندما يتعلق الأمر بالمنافسة الاقتصادية”.
المصدر: فايننشال تايمز