في فبراير/شباط عام 2011 شهدت العاصمة وكل المحافظات اليمنية، انتفاضة شعبية ضد نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، شكل الطلاب الجامعيون والشباب أغلب مكونات الثورة التي تأتي امتدادًا لما يعرف بـ”ثورات الربيع العربي” وانتهت بتسوية سياسية عرفت بـ”المبادرة الخليجية” بموجبها سلم صالح مقاليد الحكم لنائبه حينها عبد ربه منصور هادي كرئيس توافقي (الرئيس الحاليّ).
ثورة الشباب في اليمن لا يمكن أن نقارنها بالثورات الأخرى أو نحملها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، نتيجة لطبيعة التعقيدات السياسية في البلد الذي كان يدافع بكل قوة عن محاولات الحوثيين إسقاط محافظة صعدة أقصى شمال اليمن، التي راح ضحيتها آلاف القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين حينها.
كان الشباب مفجرو الثورة، يطمحون بمزيد من الحرية والديمقراطية ويحلمون بوضع اقتصادي أفضل من الوضع الذي كان عليه اليمن، وانتقال سياسي سلمي بين المكونات السياسية، لا سيما بعد أن وصل الحال بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك (تحالف أحزب مكون من ستة أحزاب وهي: الإصلاح والاشتراكي والحق والناصري والبعث العربي والتنظيم السبتمبري واتحاد القوي الشعبية) إلى وضع أكثر تأزيمًا، وبسببه تأجلت الانتخابات البرلمانية عامين آخرين.
انتفاضة فبراير/شباط 2011، كانت تسعى لإيجاد فرص سياسية أو اقتصادية للمواطنين، لم يوفرها النظام السياسي نتيجة دورات العنف التي شهدتها البلاد منذ قيام الجمهوريتين اليمنيتين، شمال وجنوب البلاد، بأيديولوجيتين مختلفتين، وذلك كان رافدًا لإخفاق النظام السياسي لما بعد الوحدة في توفير المتطلبات الاقتصادية لرفاهية الشعب.
الأوضاع الاقتصادية العربية بشكل عام، وفي اليمن على وجه الخصوص، تؤكد أن أغلب النخب السياسية في هذه البلدان، كانت لا تستطيع إدراك أنها ستضطر إلى التوجه نحو الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي أو أن ترحل تاركة الساحة لمن يقدر على تحقيق أهداف الإصلاح لهذه الشعوب التي عانت طويلًا، فباغتها أمر الرحيل القسري بأمر من الشعب، لكنها أخفقت سريعًا في تنفيذ ما كان تطمح له الشعوب.
يبدو أن التجربة العربية لا تختلف كثيرًا عن تجربة بعض الدول اللاتينية في السبعينيات، فلا حرية بلا نزاع أو صراع ولا حقوق أو عدل اجتماعي من دون سعي وراء تحقيقها، فمن هنا بات واضحًا أن الإنسان إذا أراد حقوقه فعليه أن ينتزعها بقلبه أولًا، فإن لم يستطع فبلسانه كما حدث في ميادين مصر وتونس واليمن، فإن لم يستطع فبيده كما حدث في ليبيا وأخفقت في سوريا، غير أن الاختلاف بين الدول اللاتينية والعربية شاسعًا، ومرحلة النضج لدى العرب لم تصل بعد لمرحلة متقدمة في مثل هذه الأمور الحاسمة.
لم تستكمل ثورة الشباب بالطريقة التي يحلمون بها، فكان خطأهم هو حسن نيتهم التي سمحت للأحزاب السياسية بالدخول معهم في المظاهرات
نخص بالذكر في هذا الموضوع، الجمهورية اليمنية ومراحل الثورة ووأدها وتجييرها والقضاء عليها، التي تعاني من ظلم لا تستحقه واتهامات كبيرة أنها وراء ما يحدث في اليمن، إذ تغير المشهد بشكل تراجيدي وانقلب الوضع على الجميع، حالمين بغد أفضل ومدافعين عن استمرارية التعايش بالشكل الذي كان عليه قبل 2011، رغم الفساد والأخطاء المرافقة لذلك.
خبرة اقتصادية فقيرة
لم تستكمل ثورة الشباب بالطريقة التي يحلمون بها، فكان خطأهم هو حسن نيتهم التي سمحت للأحزاب السياسية بالدخول معهم في المظاهرات، إضافة إلى وفد مسلح من الحوثيين الذين نصبوا خيامًا في ساحة الجامعة بجوار الخيام الخاصة بالشباب، فسرعان ما سيطروا على تنسيقية شباب الثورة مع أحزاب اللقاء المشترك، وبات الآخيرون هم الثورة وهم أصحاب الحق.
تعرض الكثير من شباب الثورة إلى السجن والضرب والإخفاء القسري، وتم تصعيد مكانهم شباب ينتمون إلى الأحزاب السياسية والحوثيين، وأطلقوا عليهم شباب الثورة، ومن هنا بدأت الثورة الشبابية تخرج من مسارها.
حتى حينما أعلنت السعودية في أبريل/نيسان 2011، عن مبادرة خليجية لحل الأزمة اليمنية، لتفادي مسألة انزلاق اليمن لحرب أهلية، سارعت أحزاب اللقاء المشترك بالقبول شريطة أن يتنحى علي عبد الله صالح من الحكم بطريقة توافقية، لكن ذلك رفضه الحوثيون، وهذه كانت البداية التي تشكل خطرًا على الثورة، حتى بعد أن سيطرة عليها أحزاب اللقاء المشترك.
رغم ما عانته البلاد من أزمة اقتصادية خلال ثورة الربيع العربي التي استمرت حتى فبراير/شباط 2012، فإن ذلك بدأ يتعافى تدريجيًا واستقرت عملة البلاد وهبط التضخم واستأنف بعض رجال الأعمال استثماراتهم.
ورغم عودة رجال الأعمال واستئناف أعمالهم، فإن الوضع الإنساني لم يتحسن، بل كانت هناك مؤشرات لتفاقم الأوضاع لأن أسس التحسن الاقتصادي لا تزال هشة، نتيجة زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي لاعتماد الحكومة خلال تلك الفترة على الاقتراض من سوق المال المحلية.
في أثناء التظاهرات، كان الشباب الذين حاصرهم الحوثيون والمكونات السياسية الأخرى، ومنعوهم من الصعود إلى منصة الساحة للحديث، يتحدثون عن خطط ما بعد صالح في إدارة السياسة والاقتصاد والتوزيع العادل للثروة وإعادة النظر في عقود بيع النفط والغاز والاتفاقيات الدولية بما يخدم الشعب، فكانت أحلامًا تناقش داخل الخيام.
بينما هم كذلك، كانت المكونات السياسية مع الحوثيين تعد العدة للسيطرة الكاملة على الفترة الانتقالية وفقًا لتفاهمات سياسية ظاهرية، غير أن الحوثيين كانوا يعدون لخطط التهام الجميع.
ما إن دعا علي عبد الله صالح إلى انتخابات رئاسية مبكرة وفقًا للمبادرة الخليجية، وتزكية عبد ربه منصور هادي رئيسًا انتقاليًا، قدمت الأحزاب السياسية والحوثيون قائمة أسماء تابعة لهم، للسيطرة على البلاد، وغالبيتهم يفتقرون للإدارة السياسية والاقتصادية، وكان الجميع يسعى للسيطرة على الدولة ومقدراتها، وانتهت تلك الشعارات التي كانوا ينادوا بها (حرية وعيش وكرامة) سريعًا.
هناك افتقار كامل إلى قيادة أو رؤية داخل الحكومة الانتقالية فيما يتعلق بصنع السياسة الاقتصادية
كان هناك تعافٍ اقتصادي بطيء نتيجة عودة رجال الأعمال والمصانع التجارية للعمل مرة أخرى، لكن لا تزال الإصلاحات الاقتصادية التي تستطيع دعم التعافي وتجعله مستدامًا وتوزع ثروة البلاد على نطاق أوسع متوقفة ولم توجد دلالات على وجود إرادة سياسية لإحياء تلك الإصلاحات.
السبب في ذلك، أن هناك افتقارًا كاملًا إلى قيادة أو رؤية داخل الحكومة الانتقالية فيما يتعلق بصنع السياسة الاقتصادية وهذا كان له تكلفته الباهظة، لم يكن على الاقتصاد، بل تسبب في التدهور السياسي، واستغلال ذلك من جماعة الحوثيين التي كانت تسبب قلقًا أمنيًا متواصلًا من خلال المظاهرات التي تدعو أنصارها لها احتجاجًا على الوضع الاقتصادي كما كانت تزعم، إضافة إلى عوامل أخرى ساهمت في الإنهيار الاقتصادي.
بروز مراكز قوى جديدة
يرى الخبير الاقتصادي عبد الحميد المساجدي، أن عوامل انهيار الاقتصاد منذ 2011 تتمثل في الضريبة التي دفعها اليمن لمراكز القوى الجديدة التي برزت في النظام الجديد الناتج عن أحداث 2011 التي كانت بمثابة الحصول على مشاريع وعقود سواء لتسويق النفط الخام أم لبناء وتنفيذ مقاولات حكومية بالتكليف المباشر ودون مناقصات، فكانت عبارة عن رد الجميل لدعم احتجاجات 2011.
وأوضح في حديث لـ”نون بوست” أن أهم تلك العوامل تتمثل في التضخم الكبير في الهيكل الوظيفي للجهاز الإداري المدني والعسكري للدولة، ناهيك بغياب الرقابة والمحاسبة وتهميش دور البرلمان وبالتالي كان الجهاز التنفيذي للدولة يعمل دون أي اعتبارات للرقابة والمحاسبة، وهذا كان بمثابة خلل كبير.
الباحث الاقتصادي فارس النجار، يعتبر أن الانهيار الاقتصادي الذي حدث لما بعد 2011، ناتج عن عدم الاستقرار السياسي، ويلقي اللوم على ثورة 2011، على اعتبار أنها أثرت كثيرًا على المستوى الاقتصادي، لكونها عطلت حركة الاستثمار في البلاد ورفعت نسبة مخاطر للاستثمار.
وقال إن الحكومة الانتقالية لم تكن ذات كفاءة وعملت على رفع فاتورة الإنفاق نتيجة الصراعات التي حدثت آنذاك، ومن ضمنها سيطرة القاعدة على محافظة أبين، ناهيك بالأعمال التخريبية التي طالت كثيرًا من مؤسسات الدولة وعطلت أعمالها، الأمر الذي أثر أيضًا على المستوى العام للاقتصاد وعلى مستوى الإيرادات العامة، نتيجة استهداف المنشآت الحكومية، في إشارة منه إلى أن ثورة الشباب سببت فراغًا أمنيًا كبيرًا، كانت نتائجه على المستوى الاقتصادي والسياسي كارثية.
تأسيس للفوضى
يعتبر المساجدي أن ثورة 2011 وما أعقبها من “ركوب موجها” أسست للفوضى واستهداف البنى التحتية، فزادت نسبة التأمين البحري على الملاحة على السفن الواصلة إلى اليمن، إضافة إلى تقليص الشركات النفطية أعمالها خلال الفترة التي أعقبت الاحتجاجات وإيقاف كثير من الشركات الاستثمارية مشاريعها في اليمن، كـ”تلال الريان القطرية” وغيرها من المشاريع التي كانت على وشك البدء فيها.
وأوضح أن نسبة الاستثمارات الخارجية تراجعت في اليمن إلى أدنى مستوياتها، فضلًا عن هجرة رؤوس المال الوطنية خارج اليمن، وتوقف الاستثمارات الداخلية بفعل حالة عدم اليقين من النظام السياسي في البلاد وما شهده اليمن حينها من تفجيرات واغتيالات، وحالة استقطاب سياسي حاد، ناهيك بتأزم الخطاب الإعلامي الذي كان يتسم بالشحن والكراهية.
ويتفق معه في هذا الطرح، فارس النجار، الذي اعتبر أن عدم الاستقرار السياسي يدفع الأفراد والمنشآت إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي وهذا يؤثر على مستوى العملة، خاصة مع تعثر الإنتاج وزيادة أعمال التخريب والتقطع، وهي أعمال تؤدي إلى زيادة التكلفة الاقتصادية سواء كانت للمشاريع الحكومية أم مشاريع القطاع الخاص.
ويرفض نشطاء من ثورة 2011، تحميل ثورة الشباب الأخطاء التي تلت تلك الانتفاضة، إذ يؤكدون أن ثورتهم لم تكتمل، وأن الأحزاب السياسية وأدت الثورة وساعدت الحوثيين للانقلاب على الدولة، نتيجة ضعفها في إدارة الفترة الانتقالية، والفشل الناتج عن ذلك أمر اعتيادي، كما تحدث عن ذلك الكاتب الصحفي وضاح اليمن عبد القادر.
وقال لـ”نون بوست”، إنه لا يمكن تحميل الشباب إخفاقات القوى التآمرية على ثورة الشباب، لكونهم يدعون إلى دولة مدنية ذات كفاءة اقتصادية وسياسية، وكان لديهم مشروع دولة تخدم المواطن لا أفراد ومسؤولين، لكن الأحزاب السياسية دفنت ذلك في أول حوار سياسي مع السلطة، وحين رأت أنها ستصل إلى الكرسي دون عناء، رمت كل تلك الشعارات والوعود خلف ظهرها، وهذا نتيجة أنهم لم يكونوا يملكون مشروعًا وطنيًا حقيقيًا.
لكن المساجدي، أعاد التأكيد بالأرقام حجم الأضرار التي لحقت بالاقتصاد اليمني نتيجة ثورة 2011، وقال إن اليمن كان يشهد حالة من تصاعد النمو الاقتصادي بلغت ذروتها في 2010 بمعدل 8.7%، مقابل -20% في العام 2011، كما تراجع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي بما لا يقل عن 21% مقارنة بمعدل تراجع لا يتجاوز 2.0% عام 2010.
ناهيك بارتفاع معدل التضخم لأسعار المستهلك إلى 20% (على الأقل مقارنة بمعدل 6.12%) عام 2010، كما ارتفعت نسبة عجز ميزان المدفوعات في العام 2011 إلى 5% مقارنة بما كانت عليه عام 2010، مشيرًا إلى أن ذلك مؤشرات تعكس حجم الضرر الذي أصاب الاقتصاد منذ 2011 حتى الآن.
القضاء على الثورة
رغم مالها من نتائج سلبية أو إيجابية، فإن ثورة الشباب لم تستمر، نتيجة التعقيدات السياسية في البلاد، فالأحزاب السياسية لم يكن همها إصلاح الوضع الاقتصادي في البلاد، بقدر ما يهمها القضاء على النظام السياسي السابق (نظام علي عبد الله صالح)، حتى الجيش اليمني الذي كان حينها ضمن أقوى 5 جيوش في الوطن العربي، فنالت مرادها، وهيكلت الجيش رغم التحذيرات من الإقدام على مثل هكذا خطوة، لا سيما أن الحوثيين تخلفوا عن الحوار الوطني ورفضوا التوقيع على المبادرة الخليجية، وفي نفس الوقت سيطروا على مناطق ما بعد محافظة صعدة واقتربوا من صنعاء.
عدم الحفاظ على الجيش والأمن في اليمن، مهد الطريق لإسقاط ثورة الشباب 2011، ومن ثم الدولة بيد الحوثيين في 21 من سبتمبر بعد مظاهرات استعراضية وخادعة، بحجة زيادة الأسعار ومواصلة التدهور الاقتصادي دون أن تتدخل الحكومة اليمنية لإنقاذ ذلك الوضع.
لا يمكن أن تنجح ثورة شبابية سلمية أو عسكرية في بلاد ما، وهناك عدو يتربص بالجميع وينتظر فرصة لاستغلال تحركات الشباب أو المعارضة والاندساس بينهم بهدف الوصول إلى مآربه، لا سيما إن كان هذا العدو يتمتع بدعم أجنبي لا محدود، وحارب الدولة مرات عدة، بهدف السيطرة عليها لتغيير هوية الشعب ونظام الحكم في الدولة.
أسقط الحوثيون الدولة اليمنية وأسقطوا ثورة الشباب، واستبدلوها بثورة ما يطلقون عليها “المسيرة القرآنية” التي تكرس العنصرية والطائفية، وتعمل جاهدة على تغيير الهوية العربية اليمنية، بهوية أثنا عشرية إيرانية لم يعرفها اليمنيون من قبل، في ظل عجز حكومي عن استعادة البلاد والدفاع عن شعبها منذ سبع سنوات، ولهذا تنال ثورة الشباب في اليمن الكثير من الذم الشعبي على اعتبار أنها كانت سبب في ما آل إليه الوضع في البلاد.
استمرار في الفشل
بعد عشر سنوات من ثورة الشباب، لا يزال الرئيس التوافقي هو من يدير المشهد بوزراء لا يختلفون كثيرًا عن وزراء الفترة الانتقالية، وهم مستمرون بنفس الآلية التي عملت بها حكومة الوفاق في صنعاء قبيل انقلاب الحوثيين، من حيث استغلال مؤسسات الدولة لتحقيق الإثراء الشخصي، بعيدًا عن أي رقابة أو محاسبة لا من البرلمان ولا مؤسسات الدولة المعنية بمكافحة الفساد، أو حتى المجتمع المدني والإعلام في ظل الخطاب الإعلامي الذي يتبنى سياسة يمر من بين ثناياها المفسدون، وفقًا لحديث الخبير الاقتصادي عبد الحميد المساجدي.
فبالنظر إلى البنك المركزي تم صرف أكثر من ملياري دولار وهي الوديعة السعودية، من دون أي إجراءات شفافة وواضحة، وحتى الشركاء الدوليين لا يعلمون شيئًا عن مصير الأموال الناتجة عن صرف الوديعة السعودية، كما تم طباعة نحو تريليوني ريال يمني، ناهيك بأن استمرار عدم انتظام الحسابات الحكومية ورفع كفاءة تحصيل الموارد وحشدها يؤكد استمرار الفوضى والعبث والضرر الذي أصاب الاقتصاد اليمني.
سيكون التحدي الأكبر الذي يواجه التحولات السياسية والاقتصادية، هو توافر درجة الوعي بأهمية التعاون الاقتصادي الحقيقي
ومنذ العام 2014، تفاقمت الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في البلد، خصوصًا بعد إجراءات الحوثيين التي خلقت نظامين جمركيين ونقديين مختلفين، ولم يعد لثورة الشباب سببًا في ذلك الأمر كون العدو المتربص باليمن، خدع الجميع وسيطر على الدولة وشرد أبناءها.
الخلاصة
وفي ضوء ما سبق، تبقى احتمالات نمو اقتصادات دول “الربيع العربي” قوية، إذا علمنا أن هذه الدول لديها طاقات بشرية شابة، تمكنها من تحقيق أهداف التنمية الشاملة والتغلب على التحديات التي تراكمت قبل الثورات أو كنتيجة لها.
لكن ذلك لن يحدث في اليمن، ما لم يتم إعادة الأمور إلى ما قبل 2014 على أقل تقدير، بهدف تحرير اقتصادات “الربيع العربي” وإطلاق روح المبادرات الفردية لدى الشباب وتوفير التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية.
في اليمن أوقف الحوثيون كل الأحلام التي كان يحلم بها الشاب والسياسي والاقتصادي، وحولوا البلاد إلى إقطاعية إيرانية، وغابة ممتلئة بالوحوش، البقاء فيها للأقوى، ولن يعود اليمن إلا بالقضاء على الحوثيين، والعودة إلى أهداف ثورة الشباب لن تكون إلا بزوال المتسبب في فشل ثورة الربيع، الحوثي والمكونات السياسية التي ركبت موج ثورتهم.
بعد ذلك سيكون التحدي الأكبر الذي يواجه التحولات السياسية والاقتصادية، هو توافر درجة الوعي بأهمية التعاون الاقتصادي الحقيقي واستهداف البناء الديمقراطي الحقيقي وتحقيق العدالة الاجتماعية، لأن العنصر البشري في كل المجتمعات يمثل عصب التنمية والنهوض، فإذا صلح صلحت الأمم، وصلاح الأمم لا يأتي إلا بالعدل الاقتصادي والاجتماعي والقضاء على كل مظاهر الفساد.