ترجمة وتحرير: نون بوست
عندما أرى البذخ والإسراف في معرض إكسبو 2020 دبي، أفكر على الفور في اليمن، أفقر دولة عربية التي تبعد حوالي 1000 كيلومتر، والمعاناة التي لا توصف التي كان للإمارات العربية المتحدة مسؤولية فيها. كيف سيبدو جناح معرض إكسبو اليمني لو صممه المدنيون الذين يعانون في البلاد؟
قد يكون الدور الذي لعبته الإمارات في حرب اليمن غامضًا بالنسبة للبعض، لكن جماعات حقوق الإنسان والمراقبين الدوليين وثّقوا بشق الأنفس الانتهاكات العديدة التي ارتكبتها الإمارات على مدار الحرب، حتى عندما حاولت الاختباء خلف تحالف من الدول.
كما هو الحال مع سائر الفعاليات الترفيهية والثقافية والرياضية والتعليمية باهظة الثمن التي تستضيفها عادة الإمارات العربية المتحدة، صُمم معرض إكسبو 2020 لتعزيز صورة العلاقات العامة للدولة وإظهارها على أنها منفتحة وتقدمية ومتسامحة، بينما تمنع سلطاتها في الواقع أي شكل للمعارضة السلمية أو حتى النقد. إن هذا الحدث هو جزء من استراتيجية “القوة الناعمة” لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تهدف إلى تبييض انتهاكات الدولة، بما في ذلك ما ارتكبته في اليمن.
في الآونة الأخيرة، وكجزء من استراتيجيتها لتبييض ما فعلته في حرب اليمن، سعت الإمارات إلى خلق رواية مفادها أنها أنهت مشاركتها في اليمن في سنة 2019 بسحب قواتها من مدينة عدن الجنوبية. ولكن الإمارات في الحقيقة لا تزال عضوا بارزا في تحالف الدول المشاركة في العمليات العسكرية، التي تسبب العديد منها في إلحاق خسائر فادحة مادية وبشرية. ولا تزال عملياتها الجوية ودعمها للقوات البرية اليمنية المحلية المسيئة مستمرًا.
لم تتوقف الأنشطة العسكرية الإماراتية داخل اليمن حقًا. فبعد أسابيع فقط من إعلان الإمارات عن سحب قواتها خلال سنة 2019، انتقد المندوب اليمني الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي علنا تورطها في الصراع. وفي نفس الشهر، ألقت السلطات اليمنية باللوم على الإمارات في الضربات الجوية التي قتلت ما لا يقل عن 30 جنديا يمنيا بالقرب من عدن.
دعم الجماعات المسلحة
مع استمرار الصراع، تواصل الإمارات دعم عدد متزايد من الجماعات المسلحة التي تنشط خارج سيطرة الحكومة اليمنية بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو مجموعة سياسية توحدت في سنة 2017 للمطالبة بإنشاء “دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة” في جنوب اليمن.
كما أكد خبراء الأمم المتحدة دعم الإمارات لقائمة تبييض للجماعات المسلحة المحلية التي ارتكبت انتهاكات بما في ذلك الوحدة العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الشبوانية والوحدات العسكرية بقيادة طارق صالح وهيثم قاسم طاهر على الساحل الغربي لليمن والكتائب العملاقة. ولا تقتصر مشاركة الإمارات في حرب اليمن على قواتها بالوكالة فقط، وإنما أصدر قائد عسكري إماراتي مقره في البلاد أوامر بشأن عمليات عسكرية محددة، وذلك وفقا لخبراء الأمم المتحدة.
ارتكبت الجماعات المسلحة المحلية التي تدعمها الإمارات في اليمن انتهاكات متعددة. وقد وثّقت هيومن رايتس ووتش وجماعات حقوقية أخرى عمليات اعتقال تعسفي واختفاء قسري في سجون سرية تسيطر عليها القوات اليمنية المدعومة من الإمارات في جنوب اليمن.
في بعض الحالات التي تورطت فيها القوات المسلحة اليمنية المدعومة من الإمارات، تعرّض المعتقلون للتعذيب حتى الموت. في السنة الماضية، أبلغت منظمة هيومن رايتس ووتش عن الاحتجاز المؤسف لصحفي يمني تعرض للتهديد لأول مرة من قبل مسؤول إماراتي، ثم وقع احتجازه وإساءة معاملته من قبل القوات المدعومة من الإمارات.
سحق التحقيق
وقع توثيق مسؤولية الإمارات عن الانتهاكات في اليمن إلى حد كبير من قبل فريق خبراء الأمم المتحدة البارز المعني باليمن، وهو هيئة تحقيق مستقلة أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سنة 2017. ونتيجة لتوثيقهم الدقيق ودعواتهم إلى العدالة، ضغطت الإمارات وشركاؤها في التحالف على أعضاء مجلس حقوق الإنسان، وفي نهاية المطاف أغلِق التحقيق هذا الشهر.
رغم جميع الانتهاكات في الداخل والخارج، انتُخبت الإمارات العربية المتحدة لعضوية مجلس حقوق الإنسان لمدة ثلاث سنوات بعد أيام قليلة من إنهاء مهام الخبراء. ولو أتيحت الفرصة لضحايا لكل هذه الانتهاكات اليمنيين لإنشاء جناحهم في إكسبو 2020 دبي، لكانوا بالتأكيد قد طالبوا بالعدالة لما ارتكبته الجماعات المسلحة التي تدعمها الإمارات في اليمن من انتهاكات، وقدموا عروضًا حول الانتهاكات التي عانوا منها. لكن هذا لن يحدث أبدا ما دامت الإمارات قادرة على التستر على انتهاكاتها من خلال فعاليات مثل إكسبو 2020 وكتم الانتقادات في المحافل الدولية، مما يجعل العدالة بعيدة عن متناول ضحاياها.
المصدر: ميدل إيست آي