ترجمة حفصة جودة
كتب كارولين لوجان وجوزفين ساني
خلال العقدين الماضيين، توسعت الصين وإفريقيا بشكل كبير في علاقتهما السياسية والاقتصادية، أثار دور الصين الرائد في تمويل التطور قلق بعض المراقبين بشأن التأثير السياسي والسلطة الاقتصادية والديون.
منحت مؤسسة “Freedom House” الفكرية ومقرها واشنطن درجة 9 من 100 للصين في مؤشر الحرية العالمي مقارنة بـ83 للولايات المتحدة و90 للقوى الاستعمارية السابقة فرنسا و93 للمملكة المتحدة، بخلاف الجهات المانحة الغربية، فإن الصين لا تضع شروطًا لمساعدتها وفق أجندة سياسية مثل تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان.
يخشى دعاة الديمقراطية من أن قدرة الحكومات الديمقراطية الوليدة في إفريقيا على اللجوء إلى موارد الصين الخالية من الشروط، قد يجعل من الصعب تعزيز الحكم الديمقراطي الخاضع للمساءلة عبر القارة.
في الأسبوع الماضي، علمنا في أول جزء من السلسلة المؤدية إلى قمة ديسمبر للديمقراطية، أن الأفارقة يرغبون في مزيد من الديمقراطية أكثر مما يحصلون عليه الآن، هذا الأسبوع بحثنا إذا ما كانت سلطة الصين على القارة الإفريقية مرتبطة بإضعاف الالتزام الديمقراطي أو تضخيم تقييم الأفارقة لكم الديمقراطية التي توفرها حكوماتهم.
أنهت شبكة البحث الإفريقية “Afrobarometer” جولتها الثامنة من الاستطلاعات (2019-2021) التي تضم 48084 مقابلةً وجهًا لوجه في 34 دولة، وهذا ما اكتشفوه.
الموقف من الصين لا يؤثر على المطالبة بالديمقراطية
عند البحث في تأثير الصين، بدأت شبكة “Afrobarometer” بسؤال المشاركين عن أي دولة تقدم أفضل نموذج للتنمية المستقبلية لبلادهم، 1 من كل 3 مشاركين (33%) قالوا إن الولايات المتحدة نموذجهم المفضل، بينما يفضل 22% الصين، اختار 12% جنوب إفريقيا، و11% للقوى الاستعمارية السابقة لبلادهم، بينما اختار 7% نموذج بلادهم.
بالنظر إلى المشاركين الذين قالوا إنهم يفضلون الديمقراطية على أي أنظمة سياسية أخرى، فإن 35% منهم يفضلون النموذج الأمريكي لتنمية بلادهم، بينما اختار 23% الصين.
هؤلاء الأفارقة الذين يفضلون الصين كنموذج تنموي لا يفكرون بالضرورة في الحكم، فهم غالبًا مثل هؤلاء الذين يفضلون النموذج الأمريكي للتعبير عن دعم الديمقراطية والانتخابات والمنافسة المتعددة والحكومات الخاضعة للمساءلة، كما يرفضون البدائل الاستبدادية مثل حكم الحزب الواحد أو الحكم العسكري.
سألت الشبكة أيضًا المشاركين عن مدى تأثير الأنشطة الاقتصادية الصينية على اقتصاد بلادهم، قال 61% منهم إن هناك بعض التأثير، وهي نسبة أقل 12% عن عامي 2014 و2015، وعند سؤالهم إذا ما كان التأثير الصيني إيجابيًا أم سلبيًا، قال 63% إنه إيجابي إلى حد ما أو إيجابي جدًا، بينما قال 60% نفس الأمر عن الولايات المتحدة.
وهكذا مرة أخرى فإن نسبة المشاركين الذين قالوا إن التأثير الصيني إيجابي جدًا، هي نفس نسبة المشاركين الذين يعتقدون أن تأثير الولايات المتحدة إيجابي جدًا في دعم المؤسسات القواعد الديمقراطية.
عندما قارنّا دعم الديمقراطية بين هؤلاء الذين قالوا إن تأثير الصين سلبي جدًا ومن قالوا إنه إيجابي جدًا، فبعكس مخاوف دعاة الديمقراطية، هؤلاء الذين يعتقدون أن تأثير الصين إيجابي قالوا إنهم يفضلون الديمقراطية (71% مقابل 63% ممن يرون أن تأثير الصين سلبي) ويدعمون الانتخابات (77% مقابل 69%).
بخلاف ذلك فإن الاختلافات طفيفة، باختصار يبدو أن المواقف الإيجابية تجاه الصين لا تقوض التزام الأفارقة بالديمقراطية.
تأثير الصين على تقييم العرض الديمقراطي
عندما يتعلق الأمر بمقدار الديمقراطية التي يحصل عليها الأفارقة، فإننا نرى أدلة بسيطة على تأثير الصين: عندما يُعجب المواطنون بالصين كنموذج تنموي فإن شعورهم يتحسن تجاه الحكم الديمقراطي لبلادهم.
عند تقييم حجم الديمقراطية في بلادهم، فإن المشاركين الذين يفضلون النموذج الصيني لا يختلفون عن الذين يفضلون النموذج الأمريكي، لكن فيما يتعلق بمقاييس الرضا عن الديمقراطية وجودة الانتخابات وخضوع الرؤساء للمساءلة أمام البرلمان والمحاكم، فإن الأفارقة الذين يفضلون النموذج الصيني قيّموا الظروف الديمقراطية في بلادهم بشكل أكثر إيجابية.
قد يشير ذلك إلى أن الأفارقة الداعمين للصين يتمسكون بمعايير أقل ديمقراطية لحكومات بلادهم، لكن الاختلافات ليست كبيرة بشكلٍ كاف للقول بأن الحضور الصيني غيّر بشكل ملحوظ من تصورات الأفارقة عن الأنظمة السياسية لبلادهم.
لا حاجة للقيود
بينما يشعر المحللون في الغرب بالقلق بشأن قلة الشروط السياسة التي تفرضها الصين على قروضها ومساعدتها التنموية، فإن الأفارقة يرون أنها ميزة جذابة وليست أمرًا سيئًا، عندما سألت الشبكة المشاركين إذا كان واجبًا على الدول المانحة أن تفرض شروطًا حاسمة بشأن كيفية إنفاق الأموال، فإن 55% قالوا لا.
وبالمثل، رفض 51% الشروط المصممة لضمان تعزيز الحكومات المستقبلة للأموال للديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، يرغب الناس في أن تقوم حكوماتهم نفسها – وليس الصين ولا الولايات المتحدة ولا غيرهم من الدول – بوضع المعايير الاقتصادية والسياسية للبلاد، ربما يساعد ذلك في تفسير عدم تأثير النفوذ الاقتصادي الصيني بشكل جوهري على الموقف تجاه الديمقراطية أو تقييمها سواء سلبيًا أم إيجابيًا.
الحضور الصيني اقتصادي أكثر منه سياسي
باختصار، يبدو أن النفوذ الاقتصادي الصيني عبر القارة لا يؤثر على آراء المواطنين بشأن المشروع الديمقراطي، تقول الأدلة إن الأفارقة ينظرون إلى الصين كوجود اقتصادي وليس سياسيًا، ورغم بعض المخاوف الغربية يبدو أن المساعدة التنموية الصينية لا تعزز الاستبداد أو تقوض الديمقراطية، على الأقل ليس من وجهة نظر المواطنين الأفارقة.
المصدر: واشنطن بوست