يعدّ البحث عن الأعراض والتشخيص الذاتي على الإنترنت نشاطًا شائعًا وأمرًا مثيرًا للجدل، كما أنه أمر مغري للغاية، فهو على بُعد نقرة واحدة، فقط تكتب الأعراض وتشخّص ذاتيًّا قبل أن تقرِّر ما إذا كنت ستستشير طبيبًا أم لا.
أنت لست الوحيد الذي يفعل ذلك، حيث يبحث ثلث البالغين عن تشخيص لحالتهم عبر الإنترنت.
يلجأ الملايين إلى الإنترنت لتشخيص كل شيء، من آلام المعدة إلى السعال الطفيف لتجنُّب الذهاب إلى المستشفيات، ومع ذلك بعد “البحث” البسيط عن الأعراض التي تعاني منها، يؤدّي هذا أحيانًا إلى الشعور بالارتباك والخوف.
يحدث هذا بسبب الطريقة التي نبحث بها على الإنترنت، إننا غالبًا نكتب السؤال باستخدام كلمات عامية لا يستطيع جوجل فهمها بشكل صحيح أحيانًا، معظمنا يفعل ذلك، إن لم يكن لأنفسنا فمن أجل شخص آخر نهتمّ به، لكن هناك مشكلة كبيرة في هذه الممارسات، فليست كل النتائج ذات مصداقية، ما قد يعقّد الأمور ويسبّب حالة من القلق دون سبب حقيقي.
رغم أن الإنترنت ممتاز للعديد من أنواع البحث، إلا أن استبدال التشخيص المهني ليس أحدها، فقد تتضخّم النتائج البسيطة ويصبح:
الصداع = ورم في المخ.
ألم حاد في جانب صدرك = رئة مثقوبة.
التهاب بالساقين بعد التمرين = تجلُّط الأوردة العميقة.
ورغم أن بعض الأطبّاء ينصحون في كثير من الأحيان بعدم اللجوء إلى الإنترنت قبل الذهاب إلى العيادة، تشير دراسة جديدة إلى أن استخدام الإنترنت للبحث عن الأعراض قد لا يكون ضارًّا على الإطلاق، بل ربما يؤدّي إلى تحسينات متواضعة في التشخيص.
يتمّ علاج معظم الحالات الصحية بسهولة أكبر إذا تمَّ تشخيصها في مرحلة مبكّرة، وفي الحالات الخطيرة، مثل السرطان، يمكن أن يكون التشخيص المبكّر منقذًا للحياة. كما قد يؤدّي التشخيص الخاطئ لنفسك عبر الإنترنت إلى خداعك بشعور زائف أنك بحالة جيدة، حيث يمكنك بسهولة ألّا تلاحظ الأعراض الهامة التي يعاينها طبيبك وأنت لم تنتبه إليها.
قالت أخصائية علم النفس الإكلينيكي شارون سالين: “من المرجّح أن يؤدّي استخدام الإنترنت لتشخيص أعراضك إلى زيادة قلقك ولن يوفِّر لك إجابات حقيقية لمشكلتك”. ووفقًا لإحدى الدراسات التي أُجريت عام 2017 على مرضى قسم الطوارئ، حصل 29% فقط من الأشخاص على تشخيص من جوجل موافق لتشخيص الطبيب.
من السهل القفز إلى استنتاج مفاده أنك تحتضر كلما شعرت بألم غير مألوف أو بعض الأعراض الطبية الجديدة الأخرى، لقد فعلت ذلك بالتأكيد أكثر من مرة، لكن هذا القلق الطبي يمكن أن يكون ذا فائدة أيضًا، ويشجّعنا على طلب المساعدة إذا احتجنا إليها.
6 أمور يجب أن تعرفها قبل البحث عن الأعراض الصحية على جوجل
1. يمكن لأي شخص نشر المحتوى عبر الإنترنت
هل من الصعب تحديد مصادر جديرة بالثقة؟ عندما تبحث في جوجل عن الأعراض، تبذل محركات البحث قصارى جهدها لإقران النتائج التي تتطابق مع مصطلحات البحث المستخدمة، لكن هناك مشكلة: إن محركات البحث لا تؤثّر على المصداقية والموثوقية الطبية.
قد تُظهر نتائج البحث الخاصة بك موقعًا طبيًّا حسن السمعة يوفّر معلومات قيّمة، ولكن يمكن أيضًا لجوجل عرض مقال على منتدى مفتوح أو مدوَّنة شخصية لشخص ما.
ربما تكون هذه المصادر غير دقيقة تمامًا (على الأرجح)، والقائم عليها ليس أخصائي طبي لديه اعتماد أو خبرة لتقديم المشورة بشأن الموضوع.
ويجب تجنُّب المواقع التي تروِّج “العلاجات المعجزة”، فمن المحتمل أن يكون محتواها متحيّزًا ويروِّج لمنتج من أجل المال، وهناك بعض المواقع التي تقدِّم نصائح غريبة، ويعتقدون أن تناول بعض شاي الأعشاب سوف يعالج الأمراض الخطيرة
أيضًا لمجرد أنه يبدو موثوقًا لا يعني أنه صحيح أو محدَّث، لأن مقالات المجلّات العلمية المحكّمة مكتوبة أيضًا للمتخصِّصين الطبيين وليس للمرضى، لذا يمكن إساءة تفسيرها إذا لم يكن لدى قارئها خلفية طبية.
2. ويكيبيديا ليست مصدرًا موثوقًا به
ويكيبيديا هي سادس أشهر موقع إلكتروني للمعلومات الطبية، وهذه حقيقة مرعبة.
يمكن لأي شخص كتابة وتحرير مقالات ويكيبيديا، ورغم أن لديها سياسات وإرشادات مطبَّقة لتحسين النشر، إلا أنها لا تطلب من المساهمين الالتزام بها، لا يتطلب الأمر حتى من المساهمين تقديم أسمائهم الحقيقية، ما يعني عدم وجود أي مساءلة عمّا يتمُّ تعديله أو نشره.
ويكيبيديا خطرة على صحّتك، حيث يتم نشر جميع أنواع المعلومات الخاطئة عليها، وهذا مثير للقلق بشكل خاصّ من وجهة نظر طبية.
تفيد دراسة حديثة أن 9 من أصل 10 مقالات تتعلق بأعلى الحالات الطبية تكلفة في الولايات المتحدة (مرض الشريان التاجي، سرطان الرئة، الاكتئاب، هشاشة العظام، ارتفاع ضغط الدم، السكّري وآلام الظهر) لم تكن مواكبة لأحدث ابحاث، وتحتوي معلومات غير دقيقة وبيانات قديمة.
3. تشخيص الأعراض عبر جوجل يسبِّب القلق الصحي
إن القلق الصحي والوساوس المرضية يغذّيها البحث عن المعلومات الطبية عبر الإنترنت، حيث غالبًا ما تسرد مواقع الويب جميع الأسباب المحتملة للأعراض، ومن السهل التركيز على سيناريو الحالة الأسوأ؛ مثلًا قد يشير صداعك إلى ورم في المخ بدلًا من أن يكون له سبب أكثر شيوعًا، مثل التعب أو إجهاد العين.
عند تشخيص أي حالة عبر جوجل، تكون هناك نتائج تشير إلى إجراء جراحة أو ربط الأعراض بالأورام والسرطان، يمكن أن تسبّب هذه الاستنتاجات المتطرِّفة قلقًا خطيرًا، خاصة للأشخاص الذين يخافون بالفعل من المشاكل الصحّية، كما أن هذا القلق منتشر كثيرًا واسمه Cyberchondria، ووفقًا لمصدر الأخبار البريطاني”ديلي ميل” يعاني الملايين منه.
يلجأ الناس إلى الإنترنت للبحث عن حلٍّ لمشكلاتهم الصحّية بدلًا من الاختصاصي الصحي، وإن مقدار الوقت الذي يقضونه في التحقُّق من الإنترنت للحصول على المعلومات، يمكن أن يمتدَّ ويتداخل مع حياتهم اليومية ويسبّب لهم القلق.
ونظرًا إلى أن مقالات الإنترنت تغطّي كل شيء من الحالات الأقل خطورة إلى الحالات الصحية الشديدة، يصبح من السهل على هؤلاء الأشخاص المبالغة في تقدير أعراضهم وإقناع أنفسهم بأن وضعهم أسوأ بكثير ممّا هو عليه في الواقع.
إن كانت لديك مخاوف صحية، فتحدّث إلى طبيبك ولا تعتمد على الإنترنت.
إذا وجدت معلومات مبالغ فيها عن حالتك، فقد يتسبّب ذلك في قلق لا داعي له، كذلك إذا وجدت معلومات تقلِّل من شأن حالتك، فقد تفشل في منحها الاهتمام الذي تتطلّبه، ما قد يؤدّي إلى حالة أكثر خطورة.
4. يكلف البحث والتشخيص عبر جوجل المرضى المزيد من المال
كما هو موضَّح أعلاه، البحث عن تشخيص على جوجل يمكن أن يحوِّل المرضى إلى نوع جديد من القلق، إنهم لا يتظاهرون بقلقهم ولا يسعون للحصول على الاهتمام، إنهم خائفون حقًّا أو حزينون بشأن حالتهم الطبية حتى لو كانت مخاوفهم غير معقولة ومنطقية.
يؤدّي هذا غالبًا إلى الذهاب بشكل متكرِّر وغير ضروري في بعض الأحيان إلى غرفة الطوارئ أو الرعاية العاجلة أو الطبيب، وينتهي الأمر بتكبُّد المرضى والنظام الصحي المزيد من المال كل عام في اختبارات وعلاجات طبية غير ضرورية.
– راحة البال لا تقدَّر بثمن، وأفضل راحة بال يمكنك الحصول عليها هي من خلال الرعاية الطبية التي تدار باحتراف.
– ثقّف نفسك فيما يتعلق بصحتك، ولكن افعل ذلك من خلال استشارة المصادر الموثوقة ذات السمعة الطيّبة، بما في ذلك طبيبك وأي نشرات أو كتيّبات.
– إن الشعور بأن طبيبك لا يستمع إليك أو لا يأخذ أعراضك على محمل الجد، أو لا يمنحك تشخيصًا واضحًا، قد يدفعك أيضًا إلى البحث عن إجابات عبر الإنترنت.
ولا تزال بعض الحالات، مثل التعب المزمن ومتلازمة القولون العصبي، غير مفهومة جيدًا، لذلك قد يكون السعي الدائم من أجل الحصول على التشخيص محبطًا للغاية.
لطالما كان الإحراج من أعراضك سببًا شائعًا يدفعك لاستشارة جوجل بدلًا من الذهاب إلى الطبيب العام. عليك التذكر أن طبيبك قد رأى المشكلة ذاتها من قبل مرّات لا تحصى.
ويمكن أن يؤدي البحث في جوجل عن الأعراض أيضًا إلى قلق لا داعي له، حيث قال 22% من المشاركين في استطلاع إنه كان له تأثير سلبي على صحّتهم العقلية.
5. تحقق من التاريخ
إن العلم، وخاصة التغذية والعلوم الطبية، يتطور بسرعة، لذلك ابحث عن الدراسات التي لا يزيد عمرها عن 5 سنوات إذا كنت تبحث عن إجابات حول حالة أو أعراض لديك حاليًّا.
6. استخدم مواقع متخصِّصة بتقديم خدمة الرعاية الصحية
إن المرضى غير القادرين جسديًّا على الوصول إلى المستشفيات، قادرون على إجراء مكالمة فيديو عبر خدمة الرعاية الصحية عبر الإنترنت بأحد الأطباء.
خلال هذه المكالمة، سيقوم الطبيب بتقييم جميع الشكاوى الطبية والتقارير الطبية ذات الصلة مسبقًا، ونظرًا إلى عدم إمكانية إجراء الفحص البدني، يكتفي الأطباء بتقديم وصفات أدوية OTC التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، كأدوية الرشح والصداع ومسكّنات الألم الخفيف والمليّنات ومضادّات الحموضة.
وفقًا لنتائج الاستشارة، فإن الأطباء يكتفون بتقديم الاقتراحات والتعبير عن آرائهم، ربما تجري العملية من خلال تطبيق واتساب أو تطبيقات مشابهة، بعد ذلك سيشارك الطبيب في خطة علاج مفصّلة لضمان التعافي السريع، أو يطلب حضور المريض للمشفى لإتمام العلاج.
تتوفّر مواقع مشهورة كموقع الطبي أو Mayo Clinic، حيث يستطيع المستخدم طرح السؤال من أي مكان وفي أي وقت ويتلقّى الإجابة من أطباء متخصصين.
بالمحصلة، يقضي الأطباء سنوات في الكلية لسبب ما، هل تعرف أي طبيب؟ هل تعرف كم من الوقت ذهب إلى الكلية؟ إن دراسة الطب أمر معقّد! الأمر كله يتعلق بتقييم المريض ومعرفة الاحتمالات التي يجب مراعاتها، وأيها يجب حذفه وأيها يجب ترجيحه لتحديد التشخيص الصحيح، ومع ذلك لا يزال الناس يصرّون على أخذ تشخيص طبّي من اختبارات من مواقع غير اختصاصية أو موثوقة.
يمكن لطبيبك الوصول إلى سجلّاتك الطبية، ولديه الخبرة المهنية لطرح الأسئلة الصحيحة، إنه قادر على تقييم حالتك بشكل أفضل بكثير من خوارزمية الكمبيوتر، يمكنه أيضًا طلب الاختبارات لتأكيد التشخيص والتأكُّد من حصولك على العلاج المناسب.
كما يوضِّح هذا الطبيب في هذه الأغنية ويقدِّم بطريقة مرحة بعض الأسباب الوجيهة لعدم وجوب البحث عن الأعراض التي تعاني منها على الإنترنت: