ترجمة حفصة جودة
كتب: بيانكا لي وروث آمي بورسيل
حقق العلماء مكاسب مثيرة في فن إنتاج المنتجات الحيوانية دون حيوانات، والآن يتخذ مجال زراعة الخلايا خطوة نحو تحديه الأكبر: حليب الأم، يعد حليب الأم مادةً معقدةً والرضاعة الطبيعية أمر أكثر تعقيدًا، ونحن بعيدون كل البعد عن صناعته بالكامل.
إنتاج قطعة دجاج أو حتى شريحة لحم كاملة عبر الزراعة الخلوية أمر واحد، أما تزويد الطفل الناشئ بكل العناصر الغذائية التي يحتاجها في عامه الأول من الحياة أمر آخر، لكن حليب الأم بالخلايا المستنبتة قد يساعد قريبًا الوالدين اللذين لا يملكان خيار الرضاعة الطبيعية بالحصول على خيار أفضل من الحليب الاصطناعي المعتمد على حليب الأبقار.
كيف نصنع حليب الأم؟
تتشابه عملية زراعة حليب الأم مع العديد من خطوات إنتاج اللحوم المستنبتة، والخطوات الأساسية كالتالي: أولًا نحتاج إلى بعض الخلايا المنتجة للحليب التي تبطن قنوات الثدي، هذه الخلايا الطلائية الثديية يمكن استنباتها من الحليب المُتبَرع به، بعد ذلك تُزرع هذه الخلايا في قوارير ممتلئة بالمغذيات لتسمح للخلايا بالتكاثر.
بمجرد أن يصبح عدد الخلايا كافيًا للعمل كأنسجة ثدي صحيحة، ننقلها إلى مفاعل حيوي (وعاء أكبر يمتلئ بالعناصر المغذية) بهيكل يشبه قنوات الثدي، ثم نضيف هرمون البرولاكتين إلى هذا المفاعل، الذي يعطي الضوء الأخضر للخلايا لإفراز الحليب من جهة وامتصاص المواد الغذائية من الجهة الأخرى.
وأخيرًا، يتم مراقبة الجودة وفحص السلامة، وفي النهاية يمكننا إضافة المزيد من المواد الموجودة بشكل طبيعي في لبن الأم، مثل الأجسام المضادة والبكتيريا المفيدة وحتى الخلايا المناعية والخلايا الجذعية.
ليكن الطعام دواءك، والدواء طعامك
يجهز حليب الأم المخ والجهاز المناعي والتمثيل الغذائي لدورة حياة طويلة من تحسين وظائف الإدراك المعرفي والحد من العدوى والأمراض المزمنة، بالنسبة للأطفال المولودين قبل أوانهم أو المرضى فإن قيمة حليب الأم تبدو أكثر وضوحًا.
يضم حليب الأم توازنًا مثاليًا من المياه والكربوهيدرات والدهون والبروتين والمغذيات الدقيقة بالإضافة إلى مزيج من خلايا الأم المناعية والخلاية الجذعية والأجسام المضادة والبكتيريا المفيدة التي تزرع الميكروبيوم في أمعاء الطفل.
يتغير حليب الأم بمرور الوقت كذلك لتلبية الاحتياجات المتغيرة للطفل الناشئ، وقد يساعد حتى في حالات العدوى المباشرة، فعندما تدخل مسببات العدوى من الجهاز التنفسي العلوي للطفل إلى القناة الثديية، تمكن الأم من تكوين استجابة مناعية وتغذية الطفل بتلك الخلايا المناعية والأجسام المضادة للمرض.
سلبيات بدائل حليب الأم الحاليّة
نظرًا لعدة أسباب فإن الرضاعة الطبيعية ليست خيارًا متاحًا للكثير من الأمهات اليوم، فوفقًا لآخر تقرير متاح من مكتب الإحصاءات الأسترالي فإن 29% من الأطفال بعمر 6 شهور حصلوا على رضاعة طبيعية فقط، لكن 53% من الأطفال لم يتناولوا أطعمة صلبة، هذا يعني أن نحو ربع الأطفال حصلوا على حليب اصطناعي، قد يكون حليب الرضع مقبول من الناحية الغذائية، لكنه لا يضاهي مطلقًا التعقيدات الموجود في حليب الأم.
تظهر الحسابات الحديثة أن تغذية الأطفال بالحليب الاصطناعي يولد المزيد من الانبعاثات الكربونية عن حليب الأم
يُصنع معظم حليب الأطفال الاصطناعي من حليب الأبقار، الذي يعد مثاليًا للعجول وليس للطفل البشري، فهو يفتقر للكثير من العوامل الدقيقة المعززة للصحة مثل الأجسام المضادة والبكتيريا المفيدة الخاصة بالأم.
إضافة إلى ذلك، تظهر الحسابات الحديثة أن تغذية الأطفال بالحليب الاصطناعي يولد المزيد من الانبعاثات الكربونية عن حليب الأم، يتضمن ذلك 500 سعر حراري إضافي تحتاج الأم المرضعة إلى تناوله حتى لو كانت تتناول أطعمة لمنتجات حيوانية.
يعد الحليب المُتَبرع به بديلًا آخر للرضاعة الطبيعية، لكن من الصعب الحصول عليه، كما أن بنوك الحليب تعطي الأولوية للأطفال المرضى والمولودين قبل أوانهم، هناك أيضًا أسواق إلكترونية لبيع حليب الأم على مواقع مثل فيسبوك وكريغلست، لكنها غير منظمة وتعد مصدرًا محتملًا للأمراض المعدية وتجعل الأمهات المحتاجين عرضة للاستغلال.
العديد من الشركات الناشئة
رغم أن حليب الأم بالخلايا المستنبتة ليس متاحًا تجاريًا حتى الآن، فإن الكثير من الشركات تعمل عليه، وبعضهم اقترب من إطلاق منتجاته مثل معمل “BIOMILQ” الأمريكي ومعمل “TurtleTree” السنغافوري الأمريكي، وفي أستراليا اكتشف عالم الخلايا الجذعية ورائد الأعمال لويس مالافير أورتيجا شركة “Me& Food Tech” التي تعمل على إنتاج حليب الأم باستخدام تقنيات زراعة الخلايا الحديثة.
لكن متى تصبح كل هذه المنتجات متاحة؟ من الصعب أن نحدد ذلك، فهناك العديد من العقبات الحقيقية في البحث الأساسي والتنظيم التي يجب أن نتغلب عليها قبل تصنيع الشركات لحليب الأم بالخلايا المستنبتة على نطاق واسع، لكن الاستثمار الخاص في تلك الصناعة يزداد سريعًا كما يحظى باهتمام الباحثين الجامعيين.
المصدر: ذي كونفرسايشن