يوجد في عالمنا مليارات من أجهزة الحوسبة التي تستهلك كمية هائلة من الطاقة الكهربائية، والتي تؤثر سلبًا على البيئة منذ مرحلة تصنيعها إلى استخدامها وحتى التخلص منها، فإذا لم تتخلص منها بشكل صحيح أو تعيد تدويرها، فإنها تسبِّب التلوث، حيث تحتوي نفايات أجهزة الكمبيوتر والنفايات الإلكترونية والبلاستيك ونفايات الطعام على مواد كيميائية خطرة تلوث الهواء والتربة ومياه الأنهار ومياه البحر والمياه الجوفية.
إذ حوالي 15% فقط من إجمالي الطاقة التي تغذّي الحواسيب تُصرَف على الاستخدام الفعلي، بينما الباقي يُهدَر في وضعية الاستعداد (أي أن الحواسيب تعمل لكن لا يتم استخدامها)، ولتقليل هذه التكاليف البيئية والحدّ من آثار التكنولوجيا الضارة، ظهرت الحوسبة الخضراء.
الحوسبة الخضراء
تُعرَف “الحوسبة الخضراء” أيضًا باسم تقنية المعلومات الخضراء (تكنولوجيا المعلومات الخضراء)، وهي تدابير تعمل على تحسين تكنولوجيا المعلومات من خلال “ممارسات الإنتاج المستدامة بيئيًّا، وأجهزة الكمبيوتر الموفِّرة للطاقة وإجراءات التخلص وإعادة التدوير المحسّنة، لتقليل المخاطر البيئية والتلوث”.
وتهدف الى الحد الأدنى من استخدام المنتجات الإلكترونية التي لا تؤثر على البيئة المحيطة، وتقليل استخدام المواد الخطرة، وزيادة كفاءة الطاقة وإدارتها خلال عمر المُنتَج، وإعادة التدوير المواد.
تواجه الحوسبة الخضراء العديد من التحديات، أهمها قلة الاهتمام والمنافسة الهائلة في السوق والتكلفة الأولية لتنفيذ الحوسبة الخضراء مرتفعة، ومع ذلك لا بدّ أن تبذل الشركات المزيد من الجهد في جمع البيانات وتحليلها واستنتاج أن الطريقة التي يستخدمونها صديقة للبيئة ولكنها مربحة لأعمالهم.
النفايات الإلكترونية
تعرّف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية النفايات الإلكترونية بأنها أي جهاز يعمل بالطاقة الكهربائية وصل إلى نهاية عمره التشغيلي، وهذا يشمل أي جهاز منزلي أو تجاري يحتوي على دوائر إلكترونية أو مكوِّنات كهربائية يتخلص منه المالك من دون الرغبة في إعادة استخدامه.
قفزَ إنتاج الشخص من النفايات الإلكترونية سنويًّا من 5.8 كيلوغرامات عام 2014 إلى 6.1 كيلوغرامات عام 2016، أما حجم المخلفات الإلكترونية عام 2021 يفوق وزن سور الصين العظيم، ووفقًا لمعدلات الزيادة السنوية الحالية، يتوقع تقرير الأمم المتحدة أن تصل كمية النفايات الإلكترونية إلى 120 مليون طن عام 2050.
وتسجّل الدول الغنية والمتقدمة أعلى نسب توليد للنفايات الإلكترونية، حيث يتجاوز إنتاج الفرد فيها 20 كيلوغرامًا سنويًّا، وأكثر النفايات الإلكترونية تُنتَج من دول مثل النرويج، بريطانيا، هولندا، أستراليا والولايات المتحدة.
أما في العالم العربي، فتبلغ كمية النفايات الإلكترونية المتولدة سنويًّا 3 ملايين طن، أكثر من نصفها ينتج عن 3 دول، هي مصر والسعودية والجزائر.
تطبيقات الحوسبة الخضراء
بالإمكان تطبيق الحوسبة الخضراء على العديد من المجالات والشركات والأعمال، ومنها التدفئة والإضاءة المتصلتان، والمركبات الكهربائية، ومراكز البيانات، وموارد الطاقة البديلة، وإعادة تدوير أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية الأخرى التي تحتوي على مواد كيميائية ضارة ومعادن نادرة وما إلى ذلك.
كيف تبدأ مع الحوسبة الخضراء؟
عندما يتعلق الأمر بالحوسبة الخضراء، هناك 4 مجالات رئيسية يمكن أن تساعدك في إجراء تغييرات كبيرة أو صغيرة لعملك، إذ تعتبر بمثابة مناهج الحوسبة الخضراء:
الاستخدام الأخضر: تقليل استهلاك الكهرباء لأجهزة الكمبيوتر ومعدات تكنولوجيا المعلومات.
التخلُّص الأخضر: إعادة تدوير المعدات غير المرغوب فيها أو إعادة استخدامها أو التخلُّص منها بشكل مناسب.
التصميم الأخضر: تحسين تصميم الأجهزة لجعلها أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
التصنيع الأخضر: التقليل من نفايات التصنيع لتقليل تأثيرها على البيئة.
كيفية الانتقال إلى السحابة الخضراء
كما هو الحال مع أي قصة تحول كبير، يتعلق الأمر باتخاذ الخطوات الصحيحة التالية قبل جني فوائد استراتيجية السحابة الخضراء:
الخطوة 1: تقييم مزودي السحابة الخضراء
جزء كبير من الحساب الأخضر يتم تشغيله وفقًا لجدول الأرصاد الجوية للموقع. تعتمد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على الشمس والرياح، وبناءً على أنماط الطقس المختلفة، سيكون مقدِّمو الخدمات في مختلف البلدان مقيَّدين فيما يتعلق بالجداول الخضراء التي يُمكنهم استيعابها.
الخطوة الثانية: إيجاد الشريك المناسب
يتواجد موفِّرو السحابة الخضراء المحتملون لديك عبر الحدود، ويقدمون مجموعة متنوعة من الحلول بمزايا وعيوب وقيود فريدة متأصِّلة في خدماتهم.
مسلحًا بقائمة من عروض الموردين المحتملين لديك، سوف تكون قادرًا على فهم كيف يمكن لكل واحد أن يحقق قيمة. سيساعدك هذا على اختيار ما هو أكثر ملاءمةً لمقترحات القيمة الخاصة بك.
الخطوة 3: معرفة طبيعة التطبيق الخاص بك
يتمثل أحد الأخطاء الرئيسية والمتكررة في معظم عمليات الانتقال السحابية في أنها تبدأ بنظرة عامة انتقائية لعمليات المؤسسة، بشكل عام البناء على فهم غير مكتمل لا يخدم طموحاتك جيدًا.
من الضروري أن تبدأ بفهم التطبيقات والخوادم وأعباء العمل الموجودة لديك، نظرًا إلى أن الاستراتيجيات المستدامة تتطلّب منك استيعاب المتغيرات الخارجية مثل جداول الطاقة الخضراء والمواقع والاختلافات الزمنية لمراكز البيانات المستدامة، وأن يكون المشهد الخاص بك مرنًا.
كيف تنفّذ الشركات الحوسبة الخضراء؟
هناك 6 خطوات لتنفيذ الحوسبة الخضراء في الشركات، وهي إعلان النوايا الخضراء، وتعيين مجموعة عمل لضمان الامتثال لتكنولوجيا المعلومات الخضراء، وقياس بصمات الكربون الحالية التي تنتجها مكونات تكنولوجيا المعلومات، والتخطيط لمزيد من عمليات تكنولوجيا المعلومات المركزية، واستخدام تطبيقات حاسوبية أكثر كفاءة، واستخدام أنظمة تبريد أكثر كفاءة.
رغم أن العالم أدرك الحاجة إلى الحوسبة الخضراء في وقت متأخر، لكن لم يفت الأوان بعد لتبنّيها، ولا يقتصر الأمر على المؤسسات الكبيرة فحسب، بل يمكن لعامة الناس أيضًا المساعدة في تحقيق الهدف النهائي للحوسبة الخضراء، في العمل أو في المنزل، من خلال استخدام وضع السكون أو السُّبات في الكمبيوتر الفردي، وشراء موفر للطاقة، واستخدام الأجهزة المحمولة بدل المكتبية.