ترجمة أحمد بدوي
وسع باراك أوباما بشكل دراماتيكي من فكرة “متى يحق للرؤساء استخدام القوة دون إذن”، وترك ميراثًا استثنائيًا من استخدام سلطة الحرب، سوف يعزي التاريخ أهمية أكبر بكثير لتلك السوابق مما سنفعل، فهى سوف تسهل كثيرًا على الرؤساء شن الحروب بإرادة منفردة.
قد يبدو هذا كلام صادر عن ناشط من النشطاء المعارضين للحرب، لكن في الحقيقة فهذه المقولة تعود لـ “جاك جولد سميث” مدير مكتب المشورة القانونية لفترة من ولاية إدارة جورج دبليو بوش، وهو ليس شخصًا ضيق الأفق فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية، ولكنه حدد – في خطاب حديث له – ثلاثة طرق وسع بها أوباما من سلطته في شن الحرب أكثر من أي محاولة لإدارة بوش.
- أولا: الفقرة الثانية في المادة الثانية من الدستور تنص على أن “يكون الرئيس قائدًا أعلى لجيش وبحرية الولايات المتحدة، ولمليشيات مختلف الولايات عندما تدعى إلى الخدمة الفعلية لدى الولايات المتحدة”، ويتفق الجميع تقريبًا على أن هذه المادة تعطي الرئيس سلطة صد الهجوم على أمريكا، وفسرها الرئيس بوش على أنها تعطيه الصلاحية لاستباق التهديدات الوشيكة.
لكن الرئيس أوباما أخد خطوة زائدة لقد استند لسلطاته المنصوص عليها في الفقرة الثانية لتبرير شن الحرب على ليبيا، “تدخل إنساني صرف” بدون “أي منطق دفاعي معقول”، وبينما لم يقصف سوريا بعد استخدام نظامها للأسلحة الكيماوية، فقد جادل في ذلك الوقت بأن الفقرة الثانية تعطيه صلاحية التصرف بشكل منفرد “لحماية الاستقرار الإقليمي” و”فرض المعايير الدولية” وهو المبدأ الذي سوف يفتح الباب لتشكيلة واسعة من الحروب التي تبدأ بإرادة منفردة، وكما يشرح جولد سميث “فصل استخدام القوة بهذه الطريقة الواضحة عن الدفاع عن النفس يعد تغييرًا كاسحًا”.
- ثانيا: قرار سلطات الحرب هو قانون صدر بعد نهاية حرب فيتنام ويحدد المدى الزمني الذي يحق للرئيس فيه شن الحرب بدون قانون من الكونجرس، وهناك جدل بشأن عدم دستورية بعض أقسامه، ولكن إدارة أوباما أصرت دائمًا على أنه قانون ملزم، ينص القانون على وقف الرئيس للقتال بعد 60 يومًا إن لم يحصل على موافقة الكونجرس، في ليبيا شن أوباما القتال لمدة تتجاوز مهلة الشهرين، فما هى النظرية القانونية التي بررت هذا الاعتداء الواضح على القانون؟
ببساطة قال الرئيس إن الحرب الجوية لسبعة أشهر والتي دمرت القوات الليبية وقتلت المئات من الناس وخلعت زعيم من السلطة لا تعد “قتالاً”، وبهذا فإن قانون قرار سلطات الحرب لا يسري على هذه الحالة” جولد سميث، وبهذا المنطق يمكن للرؤساء في المستقبل الأمر بشن غارات جوية لشهور وقتل المئات وتغيير الأنظمة بدون حتى الذهاب للكونجرس، طالما كانت الحرب من بعيد دون “بيادات على الأرض”.
- ثالثا: وما يعرف للعامة بالحرب على الإرهاب تُشَن تحت السلطة القانونية للإذن باستخدام القوة العسكرية المعروف اختصارًا بـ AUMF، والذي أصدره الكونجرس في 2011، وينص على “الرئيس يحق له استخدام كل القوة المطلوبة والمناسبة ضد تلك الأمم أو المنظمات أو الأشخاص الذين يجدهم خططوا أو وافقوا أو ارتكبوا أو ساعدوا الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 أو آووا مثل تلك المنظمات أو الأشخاص”.
وبرغم أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لم يكن يوجد في 11 سبتمبر 2001 ولم يتم ربطه بالقاعدة، فإن أوباما شن الحرب على تلك الجماعة تحت الترخيص القانوني لإذن AUMF.
القليل من الأمريكيين يفهمون الطرق التي جعل بها أوباما شن الحرب أمرًا أسهل على الرؤساء المستقبليين، وهذا يعود في جزء منه للطريقة الغريبة التي اتخذ بها أوباما هذه الخطوات، حيث اتخذها وهو يدعي أنه رافض للتوسع في صلاحيات السلطة التنفيذية.
ليس فقط هالة كونه أستاذ قانون دستوري وتحرري مدني، ولكنه أيضًا قال بالنص “لا يمتلك الرئيس السلطة الدستورية للأمر بهجوم عسكري في موقف لا يتضمن وقف خطر فعلي أو متوقع على الأمة”، وصرح بشكل قاطع “التاريخ يرينا أن التحرك العسكري يكون في قمة نجاحه عندما يأذن به ويدعمه الجناح التشريعي، من الأفضل دائمًا الحصول على موافقة الكونجرس مسبقًا على أي عمل عسكري”.
وكما يوضح جولد سميث فإن هذه الكلمات تتناقض بشدة مع تصرفاته، يتبقى سنتان في رئاسته، وإن لم يغير من الطريق الذي يسلكه فإنه سوف يترك الرئاسة وقد سن سننًا سوف ترفع المكابح عن ماكينة الحرب، الرؤساء في المستقبل سوف يقدرون على شن الحرب بدون موافقة الكونجرس في كل مكان عمليًا، هنا .. في هذا الأسبوع تظهر بارقة أمل في طلبه أخيرًا الموافقة التشريعية لمواصلة قتال تنظيم الدولة الإسلامية، “سوف أتقدم للكونجرس بطلب إذن باستخدام القوة المسلحة” أوباما.
هل يقول الحقيقة هذه المرة؟ فلننتظر ونرى!
المصدر: ديفنس وان