بسقوط الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي الذي كان ندًّا قويًّا للمعسكر الرأسمالي وتفكّكه في عام 1991، وجدت روسيا نفسها في عزلة وتخبُّط بين مشاكل داخلية كثيرة وأخرى خارجية شديدة التعقيد، وذلك في ظل تغيُّر الأوضاع على الساحة العالمية الناتجة عن التحولات في بنية العلاقات الدولية التي أصبحت أكثر ترابطًا وتعقيدًا بفعل تداخُل السياقات والمجالات (سياسي واقتصادي وثقافي)، وظهور العولمة كأساس للنظام الجديد، وسقوط استراتيجيات تقليدية وبروز أخرى أكثر ديناميكية.
لكن مع صعود بوتين إلى الحكم، سعت روسيا التي استحوذت على إرث الدولة السوفيتية، خاصة في المجال العسكري، إلى استعادة أمجادها ومكانتها في مربّع الدول الفاعلة على الصعيدَين الإقليمي والدولي خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وهي مرشّحة مستقبلًا للعب دور أساسي في إرساء نظام عالمي متعدِّد القوى قادر على تعديل العلاقات الدولية، ووضع حدّ لما يُعرف بنظام القطب الواحد الذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية.
عودة الروس
مخطئ من يقرن عودة الروس إلى ساحة الفعل الدولي، خاصة في البحر الأبيض المتوسط، بالعشرية الأخيرة أو بالأزمة السورية، فقرار موسكو بالعودة إلى التنافس في المنطقة ليس ابن ساعته أو ناتجًا عن استثمار التحولات التي شهدتها المنطقة خاصة بعد الربيع العربي، بل يرجع إلى المقاربة الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها منذ وصول بوتين إلى السلطة.
قبل ذلك التاريخ، أعلنت روسيا في أكثر من مناسبة، في حقبة بوريس يلتسن، أن للبحر الأبيض المتوسط أهمية استثنائية، حيث أشار وزير الخارجية الأسبق يفغيني بريماكوف عام 1996، عندما كان في طريقه إلى جولة دبلوماسية في الدول العربية في المنطقة، إلى أن البحر الأبيض المتوسط وفّر لروسيا منفذًا مباشرًا إلى الشرق الأوسط، وهي منطقة تعتبرها موسكو استراتيجية.
في عام 1999، أعلن فلاديمير بوتين، الذي كان رئيسًا للوزراء، أن بلاده لديها اهتمام متزايد بالبحر الأبيض المتوسط ورغبة في اتخاذ جميع التدابير اللازمة حتى تتمكّن من الحفاظ على وجود بحريّ طويل الأمد في هذا المجال الجغرافي.
أما الرغبة الحقيقية في الانخراط مجددًا في المنطقة تشكّلت ملامحها عام 2001، حيث أكّدت العقيدة البحرية الجديدة لموسكو بعد وصول بوتين إلى السلطة على اعتبار المتوسط منطقة استراتيجية هامة لمصالحها، على غرار بحر البلطيق والبحر الأسود وبحر آزوف، كما كشفت رغبة الروس في إقامة منطقة استقرار سياسي-عسكري وحسن جوار في هذا الفضاء.
على الصعيد ذاته، تزايدَ نشاط البحرية الروسية في المجال المتوسطي خلال العشرية الأخيرة، فمنذ عام 2008 دأب الكرملين في كل عام على إرسال أسطول عسكري بحري تتصدّره حاملة الطائرات Admiral Kouznetsov.
برّر المسؤولون الروس القرار، بحسب يومية Rossiiyskaya Gazeta، بأنّ موسكو لا تُخطط للتدخل العسكري، ولكنها خطوة لإعلان عودتها رسميًّا إلى هذه المنطقة على اعتبار أن هذا التواجد سيسمح لها باستعادة دورها كقوة بحرية عظمى تمتلك أسطولًا عسكريًّا مهمًّا، مشيرين إلى أن بلادهم ستواصل زيادة وجودها البحري في المتوسط وكذلك في المحيط العالمي، للدفاع عن مصالحها الاستراتيجية ولضمان وجود أسطولها كأحد العناصر الحاسمة للقوات المسلحة الروسية في المنطقة، فيما ستمكّنها المناورات في البحر الأبيض المتوسط من التحقُّق من قدراتها على الردّ في حالة الحرب.
على جانب آخر، مثّلت الأزمة السورية حافزًا قويًّا لإعادة استثمار المشهد البحري المتوسطي، وهو استثمار كان من الممكن أن يحدث على أي حال حتى من دون هذه الأزمة، ولكن رياح الربيع العربي التي هبّت على دمشق سرّعت من خطوات موسكو في هذا الاتجاه.
ففي نهاية كانون الثاني/ يناير 2013، اختارت موسكو شرق البحر الأبيض المتوسط لتنظيم “أهم التدريبات بين الأساطيل” التي أجرتها روسيا على الإطلاق في هذه المنطقة من العالم، وهي خطوة أرادت من خلالها التمهيد لنشر سرب دائم مكوَّن من 10 قطع يتمّ نقلها من البحر الأسود وتكون مهمّتها حماية المصالح الروسيّة في حوض المتوسط وكذلك في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، كما أعلن وزير الدفاع سيرغي شويغو في وقت لاحق.
في الظاهر لا تنتمي أراضي روسيا الشاسعة من قريب أو بعيد إلى الفضاء المتوسطي، لكن هذا الفضاء كان مدار اهتمام موسكو منذ عهد القياصرة بهدف الوصول إلى المياه الدافئة ولصلته بالمجال الحيوي الروسي جغرافيًّا وتاريخيًّا ودينيًّا، أما في الوقت الراهن فهو شريان العالم لما يمثّله من أهمية على صعيد التجارة الدولية وموارد الطاقة الاستثنائية، ولكونه مركزًا مستقبليًّا للمنافسة الدولية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين وبعض الأوروبيين.
المتوسط والأبعاد الثلاث
بات من الواضح أن البحر الأبيض المتوسط يمثّل البوابة الوحيدة للروس من أجل تحقيق سلسلة من المصالح الحيوية، وهي بالأساس تنقسم إلى 3 فئات: القضايا المرتبطة بوضع القوة العظمى التي تطالب بها موسكو لمنافسة الولايات المتحدة، واستعادة المكانة والمركز في القرار الدولي، إضافة إلى المصالح الأمنية والاقتصادية الجيوستراتيجية.
استعادة المكانة: بعد العزلة الدولية التي عاشتها موسكو عقب انهيار المعسكر الاشتراكي، إضافة إلى حالة الحصار المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، لم تجد روسيا مخرجًا لكسر هذا الطوق سوى الولوج إلى المتوسط، فهو مجال استراتيجي يعطيها حيزًا من المناورة خارج حدودها.
المصالح الأمنية الحيوية: تعتبر السلطات الروسية الآن أن أي شكل من أشكال زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط من المرجّح أن يمتدَّ إلى “البطن الناعمة” لروسيا، لذلك هي تنظر إلى الثورات الشعبية التي هزّت الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط منذ عام 2010 (تونس وليبيا ومصر) وامتدت إلى سوريا بعين الريبة وكثير من التوجُّس.
يعتقد الروس أن الربيع العربي سيساهم في صعود أنظمة إسلامية راديكالية، وذلك في حال انتشر المدّ الثوري في الشرق الأوسط من خلال سوريا، وقد يغذي هذا التحوّل حالة عدم الاستقرار في المناطق القريبة منها كالقوقاز، وتدعم الحركات الانفصالية التي تدّعي موسكو أنها حاربتها في الشيشان.
قراءة الوضع بالمفهوم الأمني الروسي، دفع موسكو إلى النزول بكل ثقلها في المنطقة، حيث عملت على تعديل خارطة التأثير في موازين قوى الشرق الأوسط باستدعاء دبلوماسيتها للصراع التاريخي بين الهلالَين الشيعي والسنّي، لفرض المنطقة العازلة وتطويق مجالها الجيوستراتيجي الحيوي.
البُعد الاقتصادي: وجدَ الاقتصاد الروسي متنفّسًا في المجال المتوسطي بعد أن تطورت صادراته إلى الشرق الأوسط من 3.9% عام 1995 إلى 6.6% عام 2004، كما عزّزت الجولة التي قام بها فلاديمير بوتين إلى المنطقة في العام الذي يليه (أبريل/ نيسان 2005) الانفتاحَ التجاري، خاصة في مجال التصنيع العسكري.
بعد عامَين فقط، قامَ بوتين بجولة جديدة إلى المنطقة، ولكن هذه المرة رافق الرئيس الروسي وفد كبير من رجال الأعمال ومسؤولين كبار يمثلون شركات روساتوم النووية وروسال والشركة المالية سيستيما، بالإضافة إلى روسوبورون إكسبورت ولوكويل وغازبروم.
خلال زيارته لمصر في يونيو/ حزيران 2009، رافق دميتري ميدفيديف وفد من حوالي 400 رجل أعمال من بينهم بوريس إيفانوف، مدير شركة غازبروم الدولية، وسيرجي كيرينكو، رئيس شركة روس آتوم (الطاقة النووية)، ومنذ عام 1991 كانت صناعة الأسلحة وقطاع الطاقة من الدعائم الأساسية للجانب الاقتصادي للسياسة الخارجية الروسية.
كيف أدار بوتين اللعبة؟
ما يُحسب لضابط المخابرات السوفيتي السابق فلاديمير بوتين هو نجاحه في إعادة طرح روسيا كقوة أوروبية ذات عمق آسيوي وأفريقي، والانتقال بالسياسة الخارجية والدبلوماسية الروسية من مقاربة المواجهة مع الغرب أو المهادنة إلى الواقعية والبراغماتية التي تنطلق من إدراك حقيقي لحدود القدرات الروسية وطبيعة المتغيرات الدولية.
العودة إلى المشهد الدولي ومربع القوى المؤثرة في العالم، لم تكن باستدعاء موسكو الصراع الأيديولوجي القديم مع الولايات المتحدة، بل كانت عبر ميكانزمات شديدة التعقيد والتداخل بدأت من المجال الإقليمي ثم توسّعت إلى الفضاءات البعيدة عن مجالها الجغرافي.
في مرحلة أولى، عزّز بوتين ما يُسمّى بقوس عدم الاستقرار في المحيط القريب من روسيا، كنوع من تحصين ضدّ الغرب وتحديدًا الاتحاد الأوروبي، ينطلق من أوكرانيا وبيلاروسيا ومولدوفا في الغرب وصولًا إلى الجنوب في القوقاز، حيث يساعد هذا القوس على إدامة الأسطورة التقليدية لروسيا بأنها “قلعة محاصرة”.
على الضفة الجنوبية من هذا القوس، استخدم بوتين الملف السوري، وهو المحيط الاستراتيجي الجديد والبعيد نسبيًّا عن مجال روسيا الجيوسياسي لكسر الطوق الأمريكي والأوروبي، ونجح إلى حدّ بعيد في إطالة الصراع وتجميده، وهي خطوة مكّنت موسكو من نزع الاعتراف الدولي بكونها قوة عظمى ذات مجال نفوذ “متميز”، والأمر ذاته تكرّر أيضًا في الأزمة الليبية.
أما المرحلة الثانية، اعتمدت موسكو استراتيجية التمدُّد والتدخل في الأزمات العالمية من أجل استعادة نفوذها التاريخي، فخيّرت التواجد بقوة في المناطق الساخنة من البحر الأبيض ولم تكتفِ بترسيخ وجودها في سوريا شرق المتوسط، بل نجحت في التمركز على الساحل الليبي جنوب البحر الأبيض المتوسط مرورًا بمصر ووصولًا إلى قبرص.
دبلوماسية التشابك هي أيضًا جزء من السياسة الخارجية لروسيا في العهد الراهن، وتقوم أساسًا على التحرك على رقعة شطرنج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مجالات نفوذ أوروبا وأمريكا، عبر استغلال التحولات التي تعيشها المنطقة، فربطت علاقات مركّبة وشديدة التعقيد.
رغم التنافس بين روسيا وتركيا ووجودهما في معسكرَين متقابلَين في أكثر من منطقة (سوريا وليبيا)، إلا أن موسكو خيّرت عدم التصادم مع أنقرة، ومن الواضح أيضًا أن درجة التنسيق بينهما أنتجت صلة خاصة لم تتزعزع بإسقاط الأتراك لمقاتلة روسية أو بتحويل متحف آيا صوفيا (الكنيسة الأرثوذكسية سابقًا) إلى مسجد، حيث اعتبرته شأنًا داخليًّا.
عملت روسيا على توطيد علاقاتها بتركيا لأهمية الأخيرة ووزنها في المنطقة، وذلك لخلخلة الاتحاد الأوروبي وإضعافه وفكّ الطوق الذي يضربه حلف شمال الأطلسي “الناتو” على موسكو، كما استغلَّ الروس تذبذب العلاقات بين أنقرة وواشنطن فيما يتعلق بتنظيم غولن الإرهابي وحزب العمال الكردستاني (PKK) ورفض تزويدها بمقاتلات إف-16 لاستمالتها إلى مدارها، وتوقيع صفقة صواريخ إس-400، إضافة إلى تعاونهما في مشروع Turkish stream النووي.
(Sputniknews): Les députés turcs saluent le lancement du gazoduc #Turkish #Stream : Le gazoduc Turkish Stream a été officiellement mis en exploitation mercredi 8 janvier à Istanbul en présence de Vladimir Poutine et de Recep.. https://t.co/4Z9UE62nos pic.twitter.com/dq10zsfUqw
— Titrespresse.com (@titrespresse) January 8, 2020
إلى جانب تركيا، عززت روسيا علاقاتها مع إيران، ما مكّنها من توسيع دائرة حلفائها وشراكتها الاستراتيجية في المنطقة، والتي شملت أيضًا بدرجة أقل كل من الاحتلال الإسرائيلي ومصر خاصة بعد الانقلاب العسكري ووصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، كما دعمت علاقاتها مع دول شمال أفريقيا وعززتها بجملة من الاتفاقات الاقتصادية والصفقات العسكرية.
ما يُحسَب لروسيا البوتينية هو قدرتها في إقامة علاقات مع دول مختلفة في الأجندات والأيديولوجيات بل هي متصارعة فيما بينها أحيانًا، وهو ما يعني أن موسكو نجحت إلى حدّ ما في امتلاك دبلوماسية مرنة بما فيه الكفاية لفرض نفسها كقوة دولية مؤثرة ووازنة.
هذه الدبلوماسية المرنة والمتدنّية التكلفة، بما أن التدخل الروسي في المنطقة لم يكلّف موسكو موازنات ضخمة وليس له انعكاسات وارتدادات سلبية على الاقتصاد المحلي، أعطتها القدرة على التحرك والمناورة في منطقة سريعة التحوّل، وغالبًا ما نرى روسيا تقحم نفسها في أكثر من أزمة وغايتها من ذلك تقويض النظام العالم القديم (القطب الواحد) الذي تقوده الولايات المتحدة وتسجيل نقاط دبلوماسية على حساب الأوروبيين، إضافة إلى تحقيق مكاسب مادّية.
حدود النفوذ
مع ما سبق ذكره، يمكن القول إنه رغم أن روسيا جعلت نفسها لاعبًا لا غنى عنه في الجغرافيا السياسية الإقليمية والدولية، بامتلاكها الكثير من نقاط القوة والأدوات الدبلوماسية غير التقليدية، إلا أن نفوذها في المتوسط لا يزال يواجه العديد من التحديات التي تتنوع بين ما هو داخلي وخارجي، نسوق من بينها الآتي:
– رغم الإنجازات الاقتصادية الكبرى التي حققتها روسيا منذ عام 2000، إلا أنه ما زال الكثير من المعضلات التي تواجه النمو الاقتصادي والاندماج في السوق العالمية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم بنِسَب كبيرة، والتبعية للخامات ومخاطر تراجع أسعارها في الأسواق العالمية ومخاوف ضعف تدفق رأس المال.
– ضعف الاقتصاد الروسي سيلقي بظلاله على الصناعة الحربية وخاصة في عملية تجديد الأسطول البحري القديم، وسيحول دون لحاق روسيا بالولايات المتحدة الأمريكية والصين الصاعدة في المتوسط أو بعض الدول الأوروبية الأخرى.
– في الجانب الأمني تعاني روسيا من عدم الاستقرار في محيطها الإقليمي، وهو ناتج عن سياستها مع الجوار خاصة بعد ضمّ جزيرة القرم والأزمة الأوكرانية، بالإضافة إلى أزمة القوقاز، وهي تحت حصار الوجود الأمريكي في آسيا الوسطى والقوقاز بعد توسيع مجال الناتو وإقامة الدرع المضادة للصواريخ في شرق أوروبا.
– خارجيًّا، ورغم مساندتها لنظام الأسد في سوريا عسكريًّا ودبلوماسيًّا، فإن موسكو عجزت عن إدارة الملف لوحدها ما دفعها إلى تجميد الأزمة لعدم توفر الحل، وذلك بالإضافة إلى أنها عجزت عن أن تكون اللاعب الوحيد في ظل التواجد الأمريكي والتركي والإيراني.
– فشلت روسيا فشلًا ذريعًا في ليبيا بعد هزيمة حليفها اللواء خليفة حفتر الذي دعمته بمرتزقة “فاغنر”، وعجزت عن منافسة الأتراك الذين قلبوا موازين القوى لفائدة الحكومة المعترَف بها دوليًّا، لذلك نرى أن موسكو تتحرك بحذر في سوريا ولا تريد إعادة السيناريو الليبي مرة أخرى، ما يعني أن الدبلوماسية الروسية لم تجد إلى الآن المقاربة الصحيحة لاستعادة النفوذ.
– الأدوات الاقتصادية التي تلجأ إليها روسيا للتغلغل في المنطقة محدودة جدًّا، فهي تركّز غالبًا على مجموعة ضيّقة من المجالات، مثل بيع بعض أنواع الأسلحة المتقدّمة والبدائية، واقتناص الفرص المتاحة في مشاريع البنى التحتية والطاقة، أي أنها لم تصل بعد إلى ما تقدّمه أمريكا والصين والاتحاد الأوروبي، ما يعني ضعف قدرتها التنافسية.
في دراسة التجربة الروسية الجديدة في المتوسط، ثمة واقع مُلفت، وهو أن جزءًا هامًّا من الأهداف الأساسية التي وضعتها موسكو لاستعادة نفوذها في المتوسط قد تحقّقت، وهي في مجملها التواجد في هذه الجغرافيا الاستراتيجية، لكن الحقيقة الأبرز هي أن روسيا لا تزال غير مستعدّة للاستثمار في الموارد العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية وفي التحولات الجيوستراتيجية لقلب الموازين في الاتجاه الذي تخطّط له.