عندما اغتيل المعارض السعودي وكاتب العمود في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي على يد فريق من عملاء النظام السعودي في إسطنبول سنة 2018، اهتز العالم على خلفية هذه الجريمة البشعة وصُعق برسالة الرياض المروعة إلى معارضيها في جميع أنحاء العالم التي كان مفادها “سنسكتم أينما كنتم”.
في الوقت الذي كان فيه التركيز على القمع العابر للحدود يزداد – ويُقصد بذلك الجهود التي تبذلها مختلف دول العالم لقمع مواطنيها أينما كانوا – لم يكن أحد يهتم بالسياسة القمعية التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية لإسكات منتقديها.
ولعل الخطوة الأحدث وربما الأشهر في حملة قمع طويلة الأمد لإسكات منتقدي انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، تصنيف ست منظمات فلسطينية رائدة في مجال حقوق الإنسان ضمن القائمة السوداء. وقد اتخذ هذه الخطوة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في قرار نددت به الحكومات الأوروبية واحتفت به مؤخرًا وسائل الإعلام الإسرائيلية استنادًا إلى أدلة مريبة. وبالنظر إلى وجود نظام عالمي قوي لمكافحة تمويل الإرهاب، فإن هذا التصنيف من المرجح أن يؤثر على الدعم المالي الذي تتلقاه منظمات حقوق الإنسان في فلسطين ويُعيق نشاطها.
على مدى السنوات العشرين الماضية، ومع تواصل الاحتلال الإسرائيلي واستجابةً للتقارير الدؤوبة ودعوات مجموعات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية والدولية، بدأت المنظمات والمحاكم الدوليّة في اتخاذ خطوات غير مسبوقة نحو محاسبة المسؤولين الإسرائيليين.
في سنة 2004، قضت محكمة العدل الدولية بأن جدار العزل الإسرائيلي غير قانوني، ونظرت لجان تحقيق دولية مختلفة في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل خلال الحروب المتتالية في غزة، وبدأت المحكمة الجنائية الدولية النظر في تهم جرائم الحرب. وهذه السنة، أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بأن إسرائيل تمارس سياسة الفصل العنصري والاضطهاد، وكلاهما جرائم ضد الإنسانية. كما تضامنت العديد من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني العالمي، من النقابات العمالية والكنائس إلى المجموعات الطلابية، مع الفلسطينيين من خلال تبني حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.
في سنة 2015، قررت الحكومة الإسرائيلية منح وزارة بأكملها التفويض لتنسيق الجهود الدولية قمع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني على الصعيد الدولي
أدركت الحكومة الإسرائيلية، لا سيما أنصارها من اليمين، أن الانتقادات الدولية لما ترتكبه من انتهاكات يمثل تهديدًا لوجودها. خلال سنوات الألفين، بدأت الجماعات اليمينية في إسرائيل بمهاجمة منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية التي باتت أهادافًا واضحة لسياسات الحكومة مع وصول نتنياهو إلى السلطة في سنة 2009. كما خضعت المنظمات المُستهدفة للتمحيص واستُهدف ممولوها وواجهت حملات تشهير لا هوادة فيها من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية.
في سنة 2015، قررت الحكومة الإسرائيلية منح وزارة بأكملها التفويض لتنسيق الجهود الدولية قمع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني على الصعيد الدولي. هذه الوزارة، التي أطلق عليها اسم وزارة الشؤون الاستراتيجية والدبلوماسية العامة ووقع دمجها منذ ذلك الحين في وزارة الخارجية، ركزت على قمع وإسكات منتقدي إسرائيل في جميع أنحاء العالم.
من أجل دفع الحكومات الأخرى على اتخاذ إجراءات صارمة ضد منظمات الدفاع عن الحقوق الفلسطينية وحقوق الإنسان في أوروبا وأمريكا الشمالية، احتاجت الحكومة الإسرائيلية إلى شركاء. حسب الخطة التي وضعها مدير التعاون الدولي بوزارة الشؤون الإستراتيجية، جوناثان نوبيرغر، فإن أحد الأدوار الرئيسية لهذه الوزارة تنسيق وتمكين شبكات مختلفة من المنظمات المؤيدة لإسرائيل في شتى أنحاء العالم. وتشمل جهود التنسيق شبكة تتكون من حوالي 170 منظمة مؤيدة لإسرائيل ومنظمات يهودية في جميع أنحاء العالم، مع وجود شبكات عملها موجه نحو منصات التواصل الاجتماعي والمجال القانوني.
تسعى هذه الشبكة من المنظمات إلى إسكات المعارضة بشتى الطرق، أولها إقناع الحكومات الأجنبية بتبني تشريعات تستهدف منتقدي إسرائيل. وخير مثال على ذلك قوانين مكافحة حركة المقاطعة في الولايات المتحدة، التي تنتهك حقوق الأمريكيين المذكورة في التعديل الأول للدستور، الذين يتعرضون للتمييز بسبب اتخاذهم موقفًا ضد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان. أصدرت محاكم مختلفة أحكامًا ضد هذه القوانين في الولايات المتحدة وتم الطعن فيها، ولكن هذه القوانين فيها مساس بالحق في التعبير المحمي دستوريًا.
لا يعد التشريع سوى إحدى الطرق التي تستخدمها شبكة القمع التابعة للحكومة الإسرائيلية. وتتمثل الطريقة الثانية في الحرب القانونية، حيث يتم رفع دعوى قانونية ضد منظمات المناصرة في محاولة لاستنزاف مواردها أو تجريمها. قامت وزارة الشؤون الاستراتيجية بتمويل منظمة تسمى “المنتدى القانوني الدولي” تعمل على دعم جهود الحرب القانونية الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال، قد تُرفع دعاوى قضائية ضد منظمات مناصرة للقضية الفلسطينية من خلال اتهامها بأن لها صلات بالإرهاب. ويمكن أن تستغرق الدعاوى شهورا وسنوات، وحتى عندما يقع رفضها يكون الضرر قد حدث بالفعل.
لا يهم ما إذا كانت هذه الادعاءات زائفة تمامًا ذلك أن الهدف الرئيسي هو وضع المدافعين عن حقوق الإنسان في موقف دفاعي وتشويه سمعتهم ومهاجمة أو ترهيب الجهات المانحة لهم واستنزاف وقتهم ومواردهم في الدفاع القانوني.
لا يخجل المسؤولون الإسرائيليون من الاعتراف بوجود شبكة رقابة
رُفعت دعاوى مضايقة ضد منظمات المجتمع المدني في السنوات الأخيرة شملت مجموعات مثل مركز كارتر وأوكسفام والصندوق الجديد لإسرائيل، وهي ترتبط مباشرةً بشبكة القمع المنسقة للحكومة الإسرائيلية. سيعمل أعضاء هذه الشبكات الآن على استخدام هذا التصنيف الإسرائيلي كأحدث أداة لدعم جهود إقناع الحكومات الأوروبية بإقصاء الحقوقيين المدافعين عن حقوق الفلسطينيين.
أما التكتيك الآخر فيتمثل في الاستعانة بالقوانين الحالية أو تعديلها. وعلى غرار قوانين مكافحة حملة المقاطعة، فإن الهدف من هذه الاستراتيجية هو تبرير استخدام القوة القسرية ضد المعارضين لإسرائيل، مع تجنب مزاعم المساس بحرية التعبير. خير مثال على ذلك الجهد المبذول لنشر تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية في جميع أنحاء العالم، الذي يصنف بعض الانتقادات الموجهة لإسرائيل ضمن خانة معاداة سامية. وبمجرد أن تتبنى الحكومة هذا التعريف، يمكن للجماعات الموالية لإسرائيل المطالبة بفرضه على منتقدي إسرائيل بغية إسكاتهم.
لا يخجل المسؤولون الإسرائيليون من الاعتراف بوجود شبكة رقابة. ففي سنة 2019، تفاخر وزير الشؤون الاستراتيجية أمام تجمع من قادة المنظمات المؤيدة لإسرائيل بأن القوانين القمعية في عشرات الولايات الأمريكية، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وأكثر من 50 دعوى قضائية كانت بفضل: “التزامكم وتفانيكم وجهودكم الدؤوبة مع وزارتي وجميع الهيئات ذات الصلة في الحكومة الإسرائيلية”.
من المفترض أن تكون ديناميكية المجتمع المدني في صلب أي دولة من بين العوامل التي تدعم المعايير الديمقراطية وتحد من انتهاكات الدولة وتضمن حكمًا أفضل. لكن من خلال شراكتها مع مجموعة من المنظمات غير الحكومية لأغراض غير ديمقراطية، تقلب الحكومة الإسرائيلية هذه الديناميكية رأسًا على عقب. وفي حين أن مثل هذه المخاوف تُثار عادةً حول القوى الاستبدادية – على غرار الجدل الذي أثاره مؤخرًا النفوذ القمعي العابر للحدود للصين – فإن إسرائيل تمثل أيضًا نموذجًا عن الأنظمة الاستبدادية التي تسعى إلى إسكات الخصوم بطرق تلقى قبولا في الغرب.
إن تصنيف إسرائيل لست منظمات فلسطينية على أنها منظمات إرهابية أحدث خطوة اتخذتها الحكومة الإسرائيلية مؤخرا للقضاء على المعارضة التي تمثلها جماعات حقوق الإنسان. فلطالما كانت هذه المجموعات في طليعة الداعين إلى المطالبة بمحاسبة القادة الإسرائيليين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. ربما يكون غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي الذي أعلن أن المنظمات الست تمثل واجهة منظمات إرهابية، قد لجأ إلى هذه الخطوة خشية أن تؤدي دعواتها أمام المحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب أثناء حملة قصف غزة التي قادها بنفسه.
كان بإمكان الحكومة الإسرائيلية إغلاق هذه المنظمات في أي وقت نظرا لأن مقراتها تقع في الأراضي المحتلة التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. لكن الهدف هو القضاء على هذه المنظمات دون الاضطرار إلى التعامل مع التقارير الصحفية التي تدعو إلى اعتقال قادتهم ووضعهم في السجن. في البداية، سلكت الحكومة الإسرائيلية طريقا مختلفًا. بالتنسيق مع شركائها، حاولت إسرائيل استخدام مزاعم كاذبة عن وجود صلات إرهابية للمنظمات المناصرة للفلسطينيين لثني الحكومات الأوروبية والممولين عن مواصلة تمويل الجهات الفاعلة في المجتمع المدني الفلسطيني، غير أنها جهودا فشلت.
في أيار/ مايو الماضي، قادت الحكومة الإسرائيلية جبهة دفاع شرسة أمام الحكومات الأوروبية من خلال توجيه تهمة مؤامرة شائنة ضد جميع المنظمات الست، داعية الأوروبيين إلى التوقف بشكل أساسي عن تمويل معظم منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الرئيسية. وفي هذا الإطار، قدمت الحكومة الإسرائيلية ما يسمى بالأدلة السرية على مزاعمها لكن الأوروبيين رفضوها.
أن الإسرائيليين “فشلوا في تقديم أي وثائق تدين بشكل مباشر أو غير مباشر المنظمات الست”
بعد مراجعة الملف الذي قدمه الإسرائيليون، أعلن وزير الخارجية الهولندي أنه لم يتم تقديم أي “أدلة ملموسة على الروابط” المزعومة لهذه المنظمات مع الإرهاب. وفي تموز/ يوليو، أجرى البلجيكيون مراجعة لنفس الادعاءات التي قدمها الإسرائيليين وتوصلوا إلى أن الملف لا يحتوي على “دليل مادي ملموس يؤكد وجود احتيال محتمل”. وبعد أن أرسل الإسرائيليون أدلتهم المزعومة بشأن تحويل الجماعات الفلسطينية الأموال إلى منظمات محظورة، قالت المفوضية الأوروبية في مناسبتين إنها لم تجد “أي دليل موثق لسوء الاستخدام أو الانحراف المزعوم”.
يُظهر تحقيق كبير في الملفات الإسرائيلية المسربة المقدمة إلى الحكومات الأوروبية سبب عدم تصديقها لهذه المزاعم. وقد وجد العديد من الصحفيين المقيمين في إسرائيل من منافذ إعلامية على غرار “مجلة +972″ و”إنترسبت” و”هاآرتز” و”لوكال كول”، بعد الإطلاع على الوثائق التي قدمتها وزارة الخارجية الإسرائيلية ووكالة المخابرات الإسرائيلية (الشاباك) إلى الأوروبيين، أن الإسرائيليين “فشلوا في تقديم أي وثائق تدين بشكل مباشر أو غير مباشر المنظمات الست”؛ وأن الادعاءات استندت إلى إشاعات تم تحريرها بشكل انتقائي وتهمة قائمة على ادعاءات واهية. وهذا ما أكده المدير العام لوزارة الشؤون الاستراتيجية ذات مرة عندما اعترف قائلا: “نحن لا نحارب الحقائق. نحن لا نقاتل بقول الحقيقة”.
بعد الفشل في إقناع الأوروبيين، قرّر الإسرائيليون أخيرًا تصنيف هذه المنظمات بأنفسهم ضمن خانة “الإرهاب”. والآن، يأمل الإسرائيليون في العمل مع المنظمات الحليفة لهم من أجل ترسيخ هذا التصنيف وحمل الأوروبيين على قطع التمويل عن المنظمات الفلسطينية. ونقلت صحيفة “هآرتس” هذا الأسبوع أن مصدرًا أمنيًا أقر بأن “الهدف الرئيسي من تصنيف هذه المنظمات إرهابيةً هو عرقلة تمويلها” من خلال إقناع الحكومات الأوروبية التي ترفض الإقرار بهذه المزاعم. ويأمل الإسرائيليون أن يكون إقناع واشنطن بهذه المزاعم أكثر سهولة من خلال تقديم ما لديهم من أدلة بعد ما قوبلت به مزاعهم من رفض في أوروبا.
في بودكاست للمنتدى القانوني الدولي، أقر ممثل عن منظمة “إن جي أو مونيتور” – وهي مجموعة كانت محركًا رئيسيًا للمعلومات المضللة التي تستهدف مجموعات حقوقية فلسطينية – بأن قطع التمويل عن هذه المنظمات “أمر ثانوي تقريبًا. والأهم من ذلك هو حرمان المجتمع المدني الفلسطيني من “الوصول إلى صناع القرار … في البرلمانات في جميع أنحاء أوروبا والعالم، حيث يتم الاستشهاد بتقاريرهم واستخدامها كمراجع لصياغة السياسات والتشريعات وتحديد كيفية تدخل الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية الأخرى في الشرق الأوسط”.
لطالما كان الهدف الشامل لشبكة القمع هو الحد من التقارير التي تصل إلى صناع القرار في أوروبا وأمريكا الشمالية بشأن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان. بعبارة أخرى، إن التهديد الحقيقي الذي تشكله هذه المنظمات لإسرائيل هو كشفها عن المعاملة المروعة للفلسطينيين أمام العالم والمطالبة بمحاسبة الجناة.
لقد حان الوقت لتسليط الضوء على هذه الجهود والممارسات غير الديمقراطية. وفي الآونة الأخيرة، دعت منظمة “مقاتلون من أجل السلام” – وهي منظمة إسرائيلية فلسطينية استهدفها اليمين الإسرائيلي بانتظام – الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى استخدام عقوبات ماغنيتسكي ضد غانتس بسبب مساعيه لحظر جماعات حقوق الإنسان الفلسطينية.
كما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية هذه السنة عن تبني سياسة عقوبات جديدة تهدف إلى فرض قيود على الأفراد الذين “يُعتقد أنهم شاركوا بشكل مباشر في أنشطة خارج الحدود الإقليمية تستهدف المعارضين، بما في ذلك قمع الصحفيين أو مضايقتهم أو مراقبتهم أو تهديدهم أو إيذائهم، أو غيرهم من ناشطي المجتمع المدني الذين يُنظر إليهم على أنهم معارضون بسبب عملهم”. وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة “ستواصل تسليط الضوء على أي حكومة تستهدف الأفراد، إما محليًا أو خارج الحدود الإقليمية، لمجرد دفاعهم عن حقوق الإنسان وممارسة الحريات الأساسية”.
يسعى المستبدون في جميع أنحاء العالم إلى إسكات أصوات المعارضين خارج حدودهم بطرق مختلفة، إذ يختار بعضهم مناشير العظام أو قطرات البولونيوم في الشاي.
لطالما سعت إسرائيل إلى تصوير نفسها على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، لكن سياسات الفصل العنصري في الداخل تسخر من هذه الديمقراطية، وجهودها القمعية التي تستهدف مجموعات المجتمع المدني ومموليها الأجانب تجعلها تنضم إلى مصافي الأنظمة الاستبدادية – وهذا الأمر يوفر لواشنطن ما يكفي من أسباب لاستبعادها من قمة بايدن القادمة من أجل الديمقراطية.
تدرك بعض دوائر الحكومة الأمريكية أن إسرائيل تضع نفسها بشكل متزايد ضمن مجموعة الدول التي تمارس القمع العابر للحدود. وهذا الأسبوع، أعلنت وزارة التجارة الأمريكية إدراج شركتين إسرائيليتين – مجموعة “إن إس أو” و”كانديرو” – ضمن قائمة الكيانات التي “تنخرط في أنشطة تتعارض مع مصالح الأمن القومي أو مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة”.
استفادت هذه الشركات من خبرات وحدات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية التي صقلت مهاراتها في مراقبة الفلسطينيين، وحصلت على تصريح من وزارة الدفاع الإسرائيلية لبيع منتجاتها في دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمجر والبحرين وأذربيجان والهند ورواندا. وأشارت وزارة التجارة الأمريكية إلى أن هاتين الشركتين “مكّنتا الحكومات الأجنبية من ممارسة القمع العابر للحدود، وأن مثل هذه الممارسات تهدد النظام الدولي القائم على العديد من القواعد”.
يسعى المستبدون في جميع أنحاء العالم إلى إسكات أصوات المعارضين خارج حدودهم بطرق مختلفة، إذ يختار بعضهم مناشير العظام أو قطرات البولونيوم في الشاي. أما شبكة القمع الإسرائيلية فتسعى إلى تحقيق نتائج مماثلة لكن بطرق أكثر تعقيدًا مصممة على إنجاز هذه المهمة دون إلحاق ضرر كبير بسمعة إسرائيل. ولا ينبغي للمسؤولين الأمريكيين والأوروبيين السماح لأي حليف بتنفيذ مثل هذه السياسات القمعية دون عواقب.
المصدر: فورين بوليسي